إسرائيل تصعّد «حرب استنزاف» الفصائل التابعة لإيران في سوريا

26 غارة شنتها هذا العام ومقتل 206 من قوات النظام والمسلحين الموالين لطهران

جنود إسرائيليون يقفون أمس إلى جانب دبابتهم في مرتفعات الجولان قرب الحدود مع سوريا (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون يقفون أمس إلى جانب دبابتهم في مرتفعات الجولان قرب الحدود مع سوريا (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تصعّد «حرب استنزاف» الفصائل التابعة لإيران في سوريا

جنود إسرائيليون يقفون أمس إلى جانب دبابتهم في مرتفعات الجولان قرب الحدود مع سوريا (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون يقفون أمس إلى جانب دبابتهم في مرتفعات الجولان قرب الحدود مع سوريا (أ.ف.ب)

أكد النظام السوري صباح أمس (الأربعاء)، أن غارات جوية إسرائيلية استهدفت منطقة في الضواحي الجنوبية لدمشق يقول منشقون عن الجيش إن هناك تواجداً عسكرياً إيرانياً قوياً فيها، وهذا هو الهجوم الثاني على مواقع لفصائل إيرانية أو حليفة لإيران خلال أسبوع.
وقال بيان الجيش السوري، إن إسرائيل نفذت القصف من هضبة الجولان المحتلة، وإن الخسائر اقتصرت على الماديات.
وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أن ثمانية مقاتلين موالين لإيران قُتلوا جراء القصف الإسرائيلي الذي استهدف ليلاً مواقع عسكرية في سوريا.
وقالت مصادر دبلوماسية متابعة للغارات الإسرائيلية المتكررة على المواقع الإيرانية في سوريا، إنها تدخل في إطار «حرب الاستنزاف» بين إسرائيل وإيران على الأرض السورية، وذكرت أن الغارات مرشحة للتصعيد خلال الأسابيع الأخيرة من ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
واستهدفت غارات أمس مركزاً ومخزن أسلحة تابعاً للقوات الإيرانية و«حزب الله» اللبناني في منطقة جبل المانع في ريف دمشق الجنوبي. كما طالت مركزاً لمجموعة «المقاومة السورية لتحرير الجولان» في القنيطرة (جنوب) عند الحدود السورية مع الجولان المحتل.
وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن، إن القصف قرب دمشق أوقع ثمانية قتلى غير سوريين، لم يتمكّن من تحديد جنسياتهم، بالإضافة إلى عدد من الجرحى. كذلك تسبب في دمار مستودع صواريخ. وفي القنيطرة، أدى القصف إلى إعطاب آليات، من دون تسجيل خسائر بشرية.
ويتكرر في الأيام الأخيرة القصف الإسرائيلي على سوريا، بحسب «المرصد»، آخره السبت الماضي وأدى إلى مقتل 14 مسلحاً موالياً لإيران، غالبيتهم عراقيون في شرق سوريا.
وأعلن الجيش الإسرائيلي قبل أسبوع، أن مقاتلاته قصفت «أهدافاً عسكرية لـ(فيلق القدس) وللجيش السوري»، في حين اعتبره «رداً» بعد العثور على عبوات ناسفة على طول الحدود الشمالية. وأوقع القصف وفق «المرصد»، عشرة قتلى، بينهم جنود سوريون ومقاتلون موالون لإيران.
وقال منشقون عن الجيش، إن الضربة الأخيرة استهدفت قاعدة عسكرية في جبل مانع قرب بلدة الكسوة، حيث يتدرب «الحرس الثوري» الإيراني منذ فترة طويلة في منطقة وعرة على بعد 15 كيلومتراً جنوبي وسط دمشق.
وقالت مصادر عسكرية، إن المنطقة التي تعرضت للغارات فيها صواريخ مضادة للطائرات، واستهدفت الغارات منطقة تقع في مساحة تمتد من ريف دمشق الجنوبي إلى هضبة الجولان، حيث تعتبر إسرائيل الوجود الإيراني المتنامي تهديداً استراتيجياً.
وشنّت إسرائيل غارات جوية على ما وصفتها بأنها مجموعة واسعة من الأهداف السورية والإيرانية في سوريا يوم الأربعاء الماضي، في مؤشر على أنها ستواصل سياسة القصف عبر الحدود.
وتقول مصادر استخبارات غربية، إن الغارات الإسرائيلية المتصاعدة على سوريا في الأشهر القليلة الماضية هي جزء من «حرب الظل» التي وافقت عليها واشنطن، وجزء من سياسة مناهضة لإيران قوضت في العامين الماضيين القوة العسكرية الواسعة لطهران دون أن تؤدي لتفجر الأعمال القتالية.
وقال مسؤولو دفاع إسرائيليون في الأشهر الأخيرة، إن إسرائيل ستكثّف حملتها ضد إيران في سوريا، حيث وسّعت طهران وجودها بمساعدة الفصائل التي تعمل بالوكالة عنها.
وكما في غالبية الحالات، امتنعت إسرائيل هذه المرة أيضاً عن التعليق على أنباء هذا القصف واعتمدت وسائل إعلامها نشر تقارير عربية وأجنبية عنه. لكن مصادر عسكرية أكدت، أن الجيش أغلق، منذ صباح أمس، المجال الجوي في هضبة الجولان أمام الطيران المدني، وأمام الرحلات الجوية التي يزيد ارتفاعها على 5000 قدم؛ وذلك تحسباً من إمكانية إطلاق قذائف من الأراضي السورية، انتقاماً من هذه الغارات.
وقالت إن هذا الإغلاق، يأتي كإجراء وقائي. إذ إن القصف استهدف هذه المرة مواقع في الجولان، يتواجد فيها «حزب الله» والميليشيات الإيرانية، على مقربة من قرية رويحينة جنوب القنيطرة، وفي محيط جبل المانع بريف دمشق. وهي مناطق يمكن لصواريخها أن تصيب طائرات إسرائيلية.
وأشارت معلومات صحافية إلى أنه ومع الغارات الجديدة، تكون إسرائيل قد استهدفت الأراضي السورية 36 مرة منذ بداية عام 2020، وتسببت ضرباتها الجوية في مقتل 206 من قوات النظام والمسلحين الموالين لها والقوات الإيرانية و«حزب الله» والميليشيات التابعة لها، بينهم 41 من الجنسية السورية، والبقية أي 165 من جنسيات غير سورية.
وفي السياق، بعث سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، غلعاد إردان، رسالة شكوى رسمية إلى مجلس الأمن يطالب فيها باتخاذ إجراءات فورية ضد «الوجود الإيراني في سوريا»، وطالب بإدانة الأحداث الأخيرة التي تم فيها وضع عبوات ناسفة بالقرب من خط وقف إطلاق النار في الجولان المحتل. وقال إردان في رسالته، إن «البنية التحتية العسكرية تزعزع استقرار المنطقة، وتعتبر إسرائيل النظام السوري مسؤولا عن أي نشاط إرهابي إيراني يخرج من أراضيها»، وهدد بالرد «بكل الوسائل لحماية سكان إسرائيل». ودعا مجلس الأمن إلى أن يدين هذه الأحداث ويطالب إيران بالانسحاب الفوري من سوريا.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.