جدل في تونس حول توقعات نمو «بعيدة عن الواقع»

«فيتش» تخفض نظرتها إلى «سلبية»

أثارت توقعات اقتصادية حكومية تونسية جدلاً واسعاً بعد اعتبارها «غير واقعية» (رويترز)
أثارت توقعات اقتصادية حكومية تونسية جدلاً واسعاً بعد اعتبارها «غير واقعية» (رويترز)
TT

جدل في تونس حول توقعات نمو «بعيدة عن الواقع»

أثارت توقعات اقتصادية حكومية تونسية جدلاً واسعاً بعد اعتبارها «غير واقعية» (رويترز)
أثارت توقعات اقتصادية حكومية تونسية جدلاً واسعاً بعد اعتبارها «غير واقعية» (رويترز)

خلف تصريح علي الكعلي، وزير الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار في تونس، وتأكيده أن البلاد تتوقع تحقيق نسبة نمو في حدود 4 في المائة سنة 2021 جدلا واسعا بين خبراء الاقتصاد والمالية، وكذلك الأطراف السياسية المعارضة التي اعتبرته رقما غير واقعي.
ودافع الكعلي خلال جلسة برلمانية خصصت للحوار حول مشروع قانون المالية للسنة الجديدة، عن هذه التوقعات بقوله إن «الوزارة تعتبر أن هذا الرقم منطقي بالرجوع إلى بعض المؤشرات التي تدل على أن الأوضاع ستكون مستقرة، خاصة مع عودة النشاط في حقول النفط (جنوب شرقي تونس)، واستئناف إنتاج مادة الفوسفات الاستراتيجية». وأضاف الكعلي أن تحسن الوضع الوبائي وعودة الأنشطة الاقتصادية سيحققان الفارق على مستوى النتائج الاقتصادية، على حد تعبيره.
وفي حديثه عن أولويات مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، أكد الكعلي أنها تتمثل أساسا في دعم القطاع الصحي وتوفير آليات العيش الكريم للتونسيين، بالإضافة إلى دعم المؤسسات الاقتصادية التي عانت صعوبات متنوعة خلال هذه السنة. واعتبر أن هذه الأولويات بنيت على أساس إرجاع الثقة في الدولة عبر استرجاع ثقة المستثمرين الأجانب، كما اعتبر أن إصلاح منظومة الدعم وتوجيهها نحو مستحقيها من أولويات الحكومة خلال السنة المقبلة.
في غضون ذلك، أقرت وكالة «فيتش رايتينغ» للتصنيف الائتماني بمراجعة نظرتها لتونس من مستقرة إلى سلبية، والإبقاء على ترقيمها السيادي عند «B»؛ أي درجة مخاطرة. وتحدثت عن انعكاس الآفاق السلبية للاقتصاد التونسي وتعمق مخاطر السيولة على مستوى الميزانية بسبب تدهور المالية العمومية تبعا لمخلفات الجائحة، وقد أثار هذا الخبر جدلا كبيرا متوقعا بسبب الكثير من العوامل التي أثرت على الواقع الاقتصادي، وهو ما يتطلب إصلاحات ضخمة ومجهودات أكبر بكثير مما هو متوفر في الوقت الحالي.
وبشأن توقعات وزارة المالية التونسية، قال عز الدين سعيدان الخبير الاقتصادي والمالي إن الشكوك في إمكانية تحقيق هذه النسبة من النمو تعود بالأساس إلى أن نمو الاقتصاد التونسي، تراجع مع نهاية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي بنسبة 10 في المائة، مقارنة بنفس الفترة من سنة 2019.
وأضاف أن الاقتصاد التونسي سجل هذه النتيجة بعد تراجع الناتج المحلي الإجمالي، خلال الربع الثالث بنسبة 6 في المائة، كما قدرت نسبة الانكماش في الربع الثاني بنحو 21.7 في المائة، وكل هذه المعطيات مع صعوبة توجيه الموارد الذاتية الشحيحة نحو التنمية والتشغيل وخلق الثروة، تجعل تحقيق نسبة نمو 4 في المائة كأنها «خيالية وبعيدة عن الواقع».
ومن ناحيتهم، قال عدد من خبراء المالية والاقتصاد على غرار جنات بن عبد الله ومراد بلكلحة وسعد بومخلة، إن الحديث عن نسبة نمو في حدود 2.5 في المائة في حال استقرار الوضع الوبائي وعودة الأنشطة الاقتصادية، أقرب إلى الواقع رغم الصعوبات المتنوعة التي ستعترض الاقتصاد التونسي، ومن بينها ارتفاع نسبة المديونية الخارجية والداخلية.
وكان التقرير الذي أعدته وزارة المالية التونسية حول مشروع ميزانية الدولة لسنة 2021، قد حدد حاجة البلاد للاقتراض في حدود 19.6 مليار دينار تونسي (نحو 7 مليارات دولار)، منها 16.6 مليار دينار من الاقتراض الخارجي، بعد أن استنفدت البلاد كل إمكانيات الاقتراض الداخلي ثم تجاوزته بأشواط كثيرة. ويؤكد التقرير أن نحو الثلث 5.2 مليار دينار ستكون في شكل قروض لدعم الميزانية، ونحو 10.3 مليار دينار سيتم توفيرها من السوق المالية الدولية.
ويجمع المتابعون للشأن الاقتصادي والمالي في تونس أن الحل الأقرب للواقع قد ينحصر في العودة إلى صندوق النقد الدولي من خلال اتفاقية جديدة لتمويل الاقتصاد التونسي، بعد انتهاء الاتفاقية التي ربطت بين الطرفين من 2016 إلى 2020... غير أن تذبذب السياسات الحكومية وتناقضها سيجعلها أمام شروط حادة وقاسية وغير شعبية لو أرادت الدخول من جديد تحت مظلة الصندوق، الذي طالب في السابق بضرورة إجراء مجموعة من الإصلاحات الهيكلية التي تمس منظومة الدعم وتعديل الوضع المالي للمؤسسات العمومية، والتحكم في كتلة أجور القطاع العام والحد من أعداد الموظفين، وهي إصلاحات «مؤلمة» ترفضها نقابات العمال.
وقد يكون الحد من الإنفاق العمومي وتوفير موارد مالية وغير مالية بصفة سريعة، وتخصيص مجموعة من أملاك الدولة لفائدة القطاع الخاص، والإصلاح الشامل لكل المؤسسات العمومية، علاوة على الإصلاح الجبائي الشامل وتحفيز المستثمرين، من بين أهم الحلول المطروحة أمام تونس خلال هذه المرحلة.



طلبات إعانات البطالة تتراجع في الولايات المتحدة

آلاف الأشخاص خارج مكتب بطالة مؤقت في مبنى الكابيتول بولاية كنتاكي (رويترز)
آلاف الأشخاص خارج مكتب بطالة مؤقت في مبنى الكابيتول بولاية كنتاكي (رويترز)
TT

طلبات إعانات البطالة تتراجع في الولايات المتحدة

آلاف الأشخاص خارج مكتب بطالة مؤقت في مبنى الكابيتول بولاية كنتاكي (رويترز)
آلاف الأشخاص خارج مكتب بطالة مؤقت في مبنى الكابيتول بولاية كنتاكي (رويترز)

انخفض عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة الأسبوع الماضي، لكن العديد من العمال المسرحين ما زالوا يعانون من فترات طويلة من البطالة، ما يبقي الباب مفتوحاً أمام إمكانية خفض أسعار الفائدة مرة أخرى من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر (كانون الأول).

وأفادت وزارة العمل، يوم الأربعاء، بأن الطلبات الأولية للحصول على إعانات البطالة في الولايات المتحدة تراجعت بمقدار ألفي طلب، ليصل العدد إلى 213 ألف طلب معدلة موسمياً للأسبوع المنتهي في 23 نوفمبر (تشرين الثاني). وتم نشر التقرير في وقت مبكر هذا الأسبوع بسبب عطلة عيد الشكر يوم الخميس.

وكان الاقتصاديون الذين استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا 216 ألف طلب للأسبوع الأخير. وقد انخفضت الطلبات عن أعلى مستوى لها في عام ونصف العام، سُجل في أوائل أكتوبر (تشرين الأول)، وكان نتيجة للأعاصير والإضرابات في شركة «بوينغ» وشركات الطيران الأخرى. وهي الآن عند مستويات تشير إلى انخفاض معدلات التسريح من العمل وانتعاش التوظيف في نوفمبر. ففي أكتوبر، أدت العواصف والإضراب الذي استمر 7 أسابيع في شركة «بوينغ» إلى تقليص الزيادة في الوظائف غير الزراعية إلى 12 ألف وظيفة فقط.

وعلى الرغم من التوقعات بانتعاش في الوظائف، من المرجح أن يبقى معدل البطالة ثابتاً أو حتى يرتفع هذا الشهر. فقد ارتفع عدد الأشخاص الذين يتلقون إعانات بعد الأسبوع الأول من المساعدة، وهو مقياس غير مباشر للتوظيف، بمقدار 9 آلاف ليصل إلى 1.907 مليون شخص وفق بيانات معدلة موسمياً في الأسبوع المنتهي في 16 نوفمبر، وفقاً لتقرير طلبات البطالة.

وتشير بيانات الطلبات المستمرة المرتفعة إلى أن العديد من العمال المسرحين يجدون صعوبة في العثور على وظائف جديدة. وتغطي هذه البيانات الفترة التي يتم خلالها مسح الأسر لمعدل البطالة لشهر نوفمبر. وقد ظل معدل البطالة ثابتاً عند 4.1 في المائة لمدة شهرين متتاليين. وسيكون تقرير التوظيف لشهر نوفمبر أمراً حاسماً في تحديد قرار الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة في منتصف ديسمبر.

ويرى معظم الاقتصاديين أن خفض أسعار الفائدة في الشهر المقبل أمر غير مؤكد في ظل إشارات تباطؤ انخفاض التضخم.

وأظهرت محاضر اجتماع السياسة الفيدرالية في 6 - 7 نوفمبر، التي نُشرت يوم الثلاثاء، أن المسؤولين بدا أنهم منقسمون بشأن مدى الحاجة إلى مواصلة خفض الأسعار. وكان الاحتياطي الفيدرالي قد خفض تكاليف الاقتراض بمقدار 25 نقطة أساس في وقت سابق من هذا الشهر، ما أدى إلى خفض سعر الفائدة القياسي إلى نطاق 4.50 - 4.75 في المائة.

وبدأ البنك المركزي الأميركي في تخفيف السياسة النقدية منذ سبتمبر (أيلول) بعد أن رفع أسعار الفائدة في عامي 2022 و2023 لمكافحة التضخم.