«الحركة الإسلامية» في إسرائيل مستعدة للتعاون مع نتنياهو

شرخ كبير في «القائمة المشتركة» يفقدها ربع شعبيتها

TT

«الحركة الإسلامية» في إسرائيل مستعدة للتعاون مع نتنياهو

أعلن رئيس «الحركة الإسلامية الجنوبية» في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) النائب منصور عباس، عن استعداده للتعاون مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لدرجة إنقاذ حكومته من السقوط، ما أثار خلافات شديدة في «القائمة المشتركة» للأحزاب العربية تهدد بتفككها.
وتعارض غالبية النواب في القائمة هذا التوجه. كما أن الخلافات بحد ذاتها تؤدي إلى تراجع جدي في شعبيتها وهبوطها في الاستطلاعات من 15 إلى 11 نائباً.
وكان عباس الذي يشغل منصب نائب رئيس الكنيست، قد حل ضيفاً على «القناة 20» للتلفزيون الخاضع لليمين الاستيطاني، لحوار مطول حول تصريحاته وممارساته المثيرة للجدل، فيما يتعلق باليمين الإسرائيلي الحاكم، فقال إنه يقرأ الخريطة السياسية بين الجمهور العربي في إسرائيل (فلسطينيي 48)، ويجد بوضوح أن هذا الجمهور يريد من قادته السياسيين أن يكونوا شركاء في إدارة الحكم في إسرائيل «وليس مجرد معارضة تجيد الصراخ والخطابات».
وقال: «الناس عندنا أذكياء وحكماء، ويريدون أن يكون لهم تأثير في السياسة الإسرائيلية. والتأثير لا يكون إلا بالتعاطي مع الواقع بواقعية. ففي إسرائيل توجد حكومة يمين. ومن يريد تحصيل حقوق للمواطنين العرب، يجب أن يتوجه إلى الحكومة».
وسُئل عباس عما إذا كان ممكناً أن يوصي بنتنياهو مرشحاً لتشكيل الحكومة، فرفض إعطاء إجابة صريحة، وقال: «قوة السياسي ألا يكون مفهوماً ضمناً. فكل عرض يطرح على الطاولة سنناقشه ونفحصه». وسئل عن نوع العلاقة التي يقيمها مع نتنياهو، فاعترف بأنه تجاوز خطوطاً اعتاد النواب العرب والأحزاب العربية على تفاديها. ورأى أن النواب العرب «يضعون أنفسهم في جيب معسكر اليسار المعارض، وأنا قلت كفى لهذا النهج، نحن لسنا يميناً ولا يساراً».
واعتبر أنه وضع كتلته في «موقع أكثر راحة» يتيح لها «التعامل مع مختلف الآراء والأحزاب والتيارات السياسية الإسرائيلية، لا يمين ولا يسار، ولا في جيب أي أحد. نتنياهو هو رئيس الحكومة، وهو مسؤول، ويفترض أن يقدم الحلول ويتخذ القرارات. وما أفعله يتم بخطاب علني، لا يوجد شيء تحت الطاولة، كل شيء مطروح على الطاولة. تقدمت لنتنياهو ببعض المطالب، وفي مقدمتها مشكلات أساسية في المجتمع العربي، فقبلها، ولذلك نحن نتقدم في العلاقة».
وسُئل عما إذا لم يكن لديه حرج في التعاون مع اليمين، فأجاب: «أنا يميني في المسائل الاجتماعية وفي علاقة الدين بالدولة، ومع أنه لا يمكن إسقاط حسابات اليمين واليسار على قضايا المجتمع العربي. أنا أعتقد أن الموقف الصائب هو التعامل مع النظام السياسي الإسرائيلي الذي يعكس المجتمع، نحن نتقبل ذلك. كما أننا نطلب من هذا النظام السياسي والمجتمع الإسرائيلي أن يتقبلنا». وتابع بأن «الأمر الأهم هو التعامل مع القضايا الحارقة بالنسبة إلى الناس، وليس مجرد إلقاء الشعارات».
ورداً على سؤال عما إذا كان يحسب أن مواقفه التي يرفضها غالبية نواب «القائمة المشتركة»، قال رئيس كتلة «الحركة الإسلامية»، إن استمرار «القائمة المشتركة» مشروط باتباع النهج الذي يمثله: «وإلا فإنها تفقد مبررات وجودها».
وعن موقفه من سياسة الحكومة تجاه الشعب الفلسطيني، قال: «لدي رؤية سلام وأمن مشترك وشراكة وتسامح بين الشعبين. إذا كان هناك حل سياسي يحقق هذه الرؤية، فأنا أؤيده. إن العرب الفلسطينيين المواطنين في دولة إسرائيل من الممكن أن يكونوا وسطاء أكثر فعالية حتى من الأميركيين... بإمكاننا أن نكون جسراً ونقرب بين الشعوب».
وأثارت هذه التصريحات انتقادات شديدة في صفوف «القائمة المشتركة»، وبسببها لم يعقد الاجتماع الأسبوعي للكتلة البرلمانية لها. واعتبرها النائب إمطانس شحادة «إعلان انشقاق» عن القائمة. وقال: «ليس صدفة أن يتم هذا الإعلان من قناة اليمين ونتنياهو الخاصة».
وحاول كل من رئيس «لجنة المتابعة العربية العليا» محمد بركة، ورئيس «اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية» مضر يونس، التدخل لتسوية الخلافات، واجتمعا مع رؤساء المركبات الأربعة في «القائمة المشتركة»: أيمن عودة، وإمطانس شحادة، وأحمد طيبي، ومنصور عباس؛ لكن الاجتماع لم ينتج عنه أي اتفاق، واستمرت من بعده حرب البيانات والتراشق الإعلامي بين الأطراف.
وفي ضوء هذه الشروخ والتذمر الناجم عنها في الشارع، تراجعت شعبية «القائمة المشتركة». وفي استطلاعات الرأي الأخيرة دلت النتائج على تراجع يزيد على 25 في المائة من قوتها، من 15 مقعداً اليوم إلى 11 أو 12 لو جرى تبكير موعد الانتخابات.
ودلت هذه الاستطلاعات على أن نتنياهو، رغم إخفاقاته في مكافحة «كورونا»، وقول 56 في المائة إنه يدير الأزمة بشكل سيئ، فإنه ما زال يتفوق على جميع منافسيه. وفي الرد على سؤال المستطلعة آرائهم عن الشخصية الأنسب لرئاسة الحكومة الإسرائيلية، حصل نتنياهو على 32 في المائة، مقابل 21 في المائة لرئيس «يمينا» نفتالي بنيت، وحصل رئيس المعارضة على 15 في المائة، ورئيس حزب «كحول لفان» بيني غانتس على 12 في المائة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».