تبادل اتهامات بين «فتح» و«حماس» بعد «وعود الوحدة»

عناصر من أمن «حماس» على معبر رفح بين غزة ومصر أمس (أ.ف.ب)
عناصر من أمن «حماس» على معبر رفح بين غزة ومصر أمس (أ.ف.ب)
TT

تبادل اتهامات بين «فتح» و«حماس» بعد «وعود الوحدة»

عناصر من أمن «حماس» على معبر رفح بين غزة ومصر أمس (أ.ف.ب)
عناصر من أمن «حماس» على معبر رفح بين غزة ومصر أمس (أ.ف.ب)

عادت حركتا «فتح» و«حماس» إلى تبادل الاتهامات بالمسؤولية عن فشل جهود المصالحة، بعد أسابيع من وعود بـ«الوحدة»، ورفع سقف التوقعات لدى الفلسطينيين. وفي حين قال مسؤولون في «فتح» إن «حماس» أفشلت مباحثات القاهرة الأخيرة بسبب موقفها من الانتخابات العامة، قال مسؤولون في «حماس» إن عودة السلطة إلى الاتصالات مع إسرائيل «شكلت ضربة» لهذه الجهود.
وقال عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، روحي فتوح، وهو أيضاً عضو وفدها إلى الحوار، إن «حماس» تراجعت عن تفاهمات سابقة، مشيراً في تصريحات بثها التلفزيون الرسمي إلى أن التراجع تم «قبل أن نذهب إلى القاهرة، وأصحبت (حماس) ضد عملية التتالي في إجراء الانتخابات».
وأضاف: «ذهبنا إلى لقاء القاهرة من أجل وضع تواريخ لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، لكننا اصطدمنا بموقف حركة حماس بأنها تريد انتخابات متزامنة».
ولفت إلى أن «الاتفاق مع حركة حماس كان بداية على إجراء انتخابات متتالية، تبدأ بالبرلمان، وخلال ستة أشهر يتم إجراء انتخابات رئاسية، ثم مجلس وطني... وصلنا إلى القاهرة في 15 الشهر الجاري، لكن للأسف فشلنا في التوصل إلى شيء في اليوم الذي تلاه، وأيضاً بعد يوم التقينا مرة أخرى، إلا أننا لم ننجح في التوصل إلى اتفاق».
واتهم فتوح قيادة «حماس» في قطاع غزة بإفشال المصالحة، قائلاً إن «سبب تعطيل ملف المصالحة ليس قادة (حماس) في الخارج، لكن من القادة في غزة، وأتمنى أن يتغلبوا على هذا الخلاف».
وهذا ليس أول اتهام لمسؤولي «حماس» في غزة بمحاولة إفشال المصالحة، وهي اتهامات نفاها في السابق مسؤولون من الحركتين، عندما كانت لغة المصالحة هي الغالبة. والتقى وفدا الحركتين في القاهرة قبل نحو 10 أيام، على فرض أن الاتفاق بينهم سيمهد لإصدار الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسوم الانتخابات.
وكانت «فتح» قد اتفقت مع «حماس» في إسطنبول، في سبتمبر (أيلول) الماضي، على إجراء انتخابات متدرجة، تبدأ بالتشريعية ثم الرئاسية والمجلس الوطني لمنظمة التحرير في غضون 6 أشهر، ثم أقرت قيادة الحركتين هذا الاتفاق، على أن يجري اتفاق أوسع مع الفصائل الفلسطينية من أجل إصدار مرسوم الانتخابات، يتلوه حوار وطني شامل لمناقشة «آليات وقانون ومرجعية الانتخابات».
وأجرت الحركتان لقاءات مع الفصائل الفلسطينية من أجل اتفاق عام، ورفعوا سقف الخطاب لدى الفلسطينيين، قبل أن تعزز هذه الاتهامات من مخاوف كثيرة حول فشل جديد.
وأقر عضو المكتب السياسي لحركة «حماس»، حسام بدران، بوجود خلاف حول الانتخابات. وقال في حديث لإذاعة محلية في غزة إن «حماس» تريد انتخابات فلسطينية تشريعية ورئاسية بشكل متزامن، يشارك فيها فلسطينيو الداخل والخارج والشتات. وأضاف: «خلال الاجتماعات التي جرت أخيراً مع حركة فتح، تم التوافق على قضايا عدة، وتم الوقوف عند قضية المجلس الوطني والدخول إلى منظمة التحرير الفلسطينية».
وأوضح أن «حماس» طالبت بأن تكون منظمة التحرير «هي الأساس في التمثيل الفلسطيني أمام كل دول العالم، بحيث تضم فئات وفصائل الشعب الفلسطيني كافة». والخلاف حول منظمة التحرير وتمثيل «حماس» فيها هو خلاف قديم.
واتهم بدران السلطة الفلسطينية بـ«توجيه ضربة كبيرة لجهود المصالحة وتحقيق الوحدة الداخلية بعودتها إلى نهج التنسيق الأمني». وقال إن «الشعب الفلسطيني يستحق أن تكون له قيادة وطنية موحدة، تعبر عن همومه وتطلعاته، وتقوده نحو التحرير والعودة... الدافع الحقيقي للحوارات السابقة بين (حماس) و(فتح) لتحقيق المصالحة، وارتياح الشعب الفلسطيني لسير المصالحة، هو تحلل السلطة من اتفاق أوسلو».
لكن المسؤول الإعلامي في «فتح»، منير الجاغوب، دحض اتهامات «حماس»، واتهمها بالتلكؤ في إعطاء موقف واضح صريح بالموافقة على إجراء الانتخابات، بناءً على ما تم التوافق عليه في اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية.
وقال: «يعلم شعبنا جيداً أن سبب هذا التلكؤ هو الخلافات الداخلية التي تعصف بحركة حماس، وتجعلها غير قادرة على بلورة موقف موحد يستجيب للمصلحة الوطنية الفلسطينية، بطي صفحة الانقسام الناتج عن انقلابها واختطافها لقطاع غزة. وها هي الآن تتذرع بعودة تسلم السلطة لمستحقات شعبنا التي استولى عليها الاحتلال، في قرصنة سافرة لابتزاز القيادة السياسية لشعبنا، وانتزاع موافقتها على خطة ترمب - نتنياهو لتصفية القضية الفلسطينية».
وأضاف أن «على قادة (حماس) أن يبادروا بالموافقة على إجراء الانتخابات، وأن يكفوا عن التستر خلف أسطوانة ما يسمونه التنسيق الأمني، وهم الذين يعقدون التفاهمات مع حكومة الاحتلال، ويوافقون على كل ما يطلب منهم مقابل الاستمرار في تسلم المعونات الخارجية التي تصلهم عبر مطار اللد، وبناءً على كشوفات وبصمات تقدمها (حماس) لسلطات الاحتلال عن طيب خاطر، من دون خجل أو احترام لعقول أبناء شعبنا الذين يتوقون إلى إتمام المصالحة، والتوقف عن مسلسل اختلاق الذرائع للتهرب من هذا الاستحقاق الوطني».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.