اتفاق «العسكرية الليبية المشتركة» على تبادل الأسرى

بعثة الأمم المتحدة ترحّب بالخطوة... وبريطانيا تشيد بتقدم المحادثات

ستيفاني ويليامز رئيسة البعثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة (أ.ف.ب)
ستيفاني ويليامز رئيسة البعثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة (أ.ف.ب)
TT

اتفاق «العسكرية الليبية المشتركة» على تبادل الأسرى

ستيفاني ويليامز رئيسة البعثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة (أ.ف.ب)
ستيفاني ويليامز رئيسة البعثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة (أ.ف.ب)

كشف مسؤول بارز في الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، عن إحراز اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) مع وفد قوات حكومة «الوفاق»، التي يرأسها فائز السراج، اختراقا مهما بالتوصل لاتفاق بشأن تبادل الأسرى بين الطرفين، تزامنا مع انعقاد الاجتماع التشاوري الموسع لمجلس النواب الليبي في مدينة طنجة المغربية.
وقالت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا في بيان لها أمس إن «اجتماع هذه المجموعة المتنوعة من البرلمانيين، من أقاليم ليبيا الثلاثة، تحت سقف واحد يمثل خطوة إيجابية يرحب بها»، وأكدت دعمها لوحدة المجلس، معبرة عن أملها في أن «يفي المجلس بتوقعات الشعب الليبي لتنفيذ خريطة الطريق»، التي اتفق عليها ملتقى الحوار السياسي الليبي من أجل إجراء انتخابات وطنية في 24 من ديسمبر (كانون الأول) من العام المقبل.
وقال اللواء خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الوطني، إن اللجنة التي رفعت توصياتها لمجلس الأمن لإصدار قرار بها، ستعمل في أقرب وقت على الترتيبات الخاصة لتبادل الأسرى، مشيراً إلى أن حكومة «الوفاق» ملزمة بتنفيذ الاتفاق، رغم اعتراض بعض الميليشيات المسلحة، على حد تعبيره.
بدوره، شجع الفريق محمد الحداد، رئيس الأركان العامة لقوات الوفاق، خلال اجتماعه مع أعضاء وفدها إلى اجتماعات (5+5)، على تحمل المسؤولية وتبني الجلوس مع نظيره بالطرف الآخر، في إشارة إلى وفد «الجيش الوطني». مبرزا أن الاجتماع تطرق لخطة وعمل رئاسة الأركان العامة للاستفادة من منتسبي التشكيلات المسلحة والقوات المساندة، وطالب كافة المجموعات المسلحة بإخفاء كافة التشكيلات المسلحة، سواء بالعاصمة أو بالمدن الأخرى، التزاما بتعليمات غرفة العمليات المشتركة والقوة المشتركة والجهات الضبطية الأخرى.
وأشادت المملكة المتحدة في بيان مقتضب لسفارتها لدى ليبيا، بصفتها رئيسا مشاركا لمجموعة العمل الأمنية، بالتقدم الذي أحرزته مباحثات اللجنة العسكرية المشتركة، التي اجتمعت للمرة الأولى معها، لإحاطة المجتمع الدولي بخصوص إجراءات تنفيذ وقف إطلاق النار.
في المقابل، قال العميد إبراهيم بيت المال، آمر غرفة عمليات سرت والجفرة التابعة لقوات حكومة الوفاق، إنها مستعدة للتعامل مع أي تحرك للعدو، وهدد بأنه «في حال رصدنا أي مستجد بالخصوص، فإننا سنضرب بيد من حديد، ولن نتهاون في ذلك». كما أظهرت صور لوسائل إعلام محلي قيام قوات الوفاق بدوريات استطلاع لتمشيط مناطق غرب سرت.
من جانبه، سعى فتحي باش أغا، وزير الداخلية بحكومة الوفاق، إلى تعزيز محاولته خلافة رئيسها السراج في منصبه، حيث ادعى في تصريحات إذاعية تعرضه لمحاولة اغتيال، اتهم خلالها بعض ضباط الداخلية بالتورط فيها، وقال إنه تم اعتقال هؤلاء، وإحالتهم للتحقيق بمعرفة النائب العام.
ولم يحدد أغا موعد ومكان المحاولة، لكنه زعم أنها تمت أثناء عملية «بركان الغضب»، التي شنتها قوات الوفاق للتصدي لهجوم الجيش الوطني على طرابلس العام الماضي.
كما تعهد أغا أمس بملاحقة المحرضين والمسؤولين عن واقعة محاولة اقتحام مقر مؤسسة النفط في طرابلس، وإحالتهم إلى مكتب النائب العام.
ونشرت وزارة الداخلية صورا لتأمين مقر المؤسسة من قبل الأجهزة الأمنية التابعة لها، بعد ساعات من الواقعة، التي تسلط الضوء على المخاطر الأمنية التي لا يزال قطاع الطاقة يواجهها في البلاد، حيث قطعت مجموعة من المسلحين الطريق أمام المقر بالسيارات، وانتشرت خارج أسواره، لكنها لم تمنع الدخول أو الخروج.
وأظهر مقطع فيديو تلاوة أحد أفرادها لبيان من أمام المقر باسم قوات بركان الغضب، التابعة لحكومة الوفاق، يطالب بإحالة مسؤولي المؤسسة للتحقيق، وإلغاء قرار تحويل الإيرادات النفطية من مصرف ليبيا المركزي للمصرف الخارجي.
إلى ذلك، وتمهيدا لاستئناف الرحلات الجوية بين مطار بنينا الدولي وتونس، أجرى وفد من الطيران المدني التونسي زيارة تفقدية للمطار، برفقة مسؤولين من الحكومة الموازية في شرق ليبيا، للتدقيق في تدابير الأمن والسلامة ومطابقتها للمعايير المعمول بها والمعتمدة دولياً.
من جهة أخرى، أعلن السفير الأميركي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، أنه أجرى ما وصفه بـ«نقاش جيد» أمس عبر الهاتف مع قياديين من المجلس الأعلى للأمازيغ في ليبيا، تركّز بشكل كبير على العملية السياسية في ليبيا.
وبحسب بيان للسفارة الأميركية فقد تعهد نورلاند بمواصلة المناقشات الجارية مع القياديين الأمازيغ، بالإضافة إلى قياديين آخرين من المكونات المجتمعية الأخرى في جميع أنحاء البلاد وفي الخارج أيضا.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».