موجة ابتزاز حوثية في صنعاء تستهدف متاجر المجوهرات

TT

موجة ابتزاز حوثية في صنعاء تستهدف متاجر المجوهرات

شنّت الميليشيات الحوثية موجة ابتزاز جديدة استهدفت متاجر المجوهرات والذهب في صنعاء، ما دفع أكثر من 20 متجراً إلى الإغلاق، فيما حالت الإتاوات التي دفعها ملاك متاجر أخرى دون إغلاقها، بحسب ما ذكرته مصادر مطلعة في صنعاء.
وأفادت المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» بأن مسلحي الجماعة الانقلابية شنوا منذ أسبوع حملات فرضوا خلالها غرامات مالية على ملاك متاجر كبيرة وصغيرة لبيع الذهب بعد أن اتهموا الملاك بعدم التفاعل مع أوامر الجماعة للمساهمة في احتفالات الجماعة ذات الصبغة الطائفية، وعدم صبغ واجهات محلاتهم باللون الأخضر وصور زعيم الجماعة.
وكانت مصادر محلية أكدت بوقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، أن المسلحين الحوثيين فرضوا أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تحت التهديد على ملاك المتاجر المختلفة والشركات والمؤسسات والمدارس والمشافي والمطاعم والبنوك وغيرها في صنعاء تعليق الشعارات التي تمجد الجماعة وتزيين الشوارع أمام المحال والمنازل بقطع القماش الأخضر والأضواء الخضراء.
وأوضحت أن الميليشيات وزّعت حينها أوامر على الشركات والمتاجر والبنوك والمشافي ومحال الصرافة والمدارس الخاصة والمؤسسات الحكومية والحدائق العامة، تضمنت توجيهات صارمة تطالبهم بالالتزام بتنفيذها، مهددة كل المتخلفين عن تنفيذها بعقوبات وغرامات مالية. وذكرت المصادر أن الميليشيات فرضت الأسبوع الماضي عبر عناصرها على ملاك متاجر الذهب والمجوهرات بمناطق متفرقة من صنعاء إتاوات لتمويل المجهود الحربي.
وفرضت الجماعة عبر حملتها تلك – وفق ملاك متاجر - على كل محل بيع ذهب كبير ومتوسط وصغير في المناطق المستهدفة بالعاصمة دفع مبالغ مالية، تبدأ من 80 ألف ريال، وتنتهي بـ200 ألف ريال (الدولار نحو 600 ريال). وأشار عدد من المواطنين بصنعاء إلى أن الميليشيات هددت بالاعتقال وإغلاق المحال التي لم يستجب ملاكها للمطالب والتوجيهات الحوثية.
واعتقل مسلحو الجماعة خلال أيام الحملة عدداً من تجار الذهب بعد رفضهم الانصياع لأوامرها بدفع المبالغ التي فرضتها عليهم، وفق تأكيدات المصادر.
وعلى صعيد متصل، شكا تجار مجوهرات في صنعاء من ازدياد وتيرة حملات الميليشيات في الآونة الأخيرة لجمع الجبايات وفرض الضرائب الباهظة والإتاوات تحت مسميات الزكاة والمجهود الحربي وغيرها.
وقال عدد منهم لـ«الشرق الأوسط»، إن لجاناً حوثية برفقة عربات ومسلحين نفذت حملات نهب وابتزاز واسعة استهدفت من خلالها متاجرهم وأجبرتهم تحت قوة السلاح والتهديد على الإغلاق ودفع مبالغ مالية، بحسب حجم وكمية المجوهرات التي يمتلكها كل محل تجاري.
ومع استمرار مضايقة الانقلابيين لمن تبقى من تجار الذهب في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتهم من خلال استهدافهم تارة بحملات جباية غير رسمية، وأخرى عبر دعم عصابات سطو منظمة تقوم بسرقة المتاجر، قال تجار مجوهرات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، إنهم بعد أن ذاقوا ذرعاً من بطش وفساد الحوثيين يعتزمون بمقبل الأيام نقل تجارتهم من مناطق سيطرة الجماعة إلى مناطق أخرى آمنة خشية من الانهيار الكلي؛ خصوصاً مع تصاعد أعمال السطو وزيادة جشع الميليشيات من خلال المبالغ التي تدفع لعناصرها قسراً.
ودأبت الجماعة منذ انقلابها على تنفيذ عمليات النهب المنظم وتشكيل عصابات السرقة والسطو، وفرض الإتاوات غير القانونية، وكلها وسائل غير مشروعة تسعى الميليشيات عبرها إلى جمع أكبر قدر من المال.
وشكا تاجر مصوغات في صنعاء رمز لاسمه بـ«ع.س» من كثرة حملات النهب والجباية الحوثية التي تطال متاجره ومحال أخرى لبيع الذهب والمجوهرات في العاصمة وبصورة متكررة.
وقال التاجر لـ«الشرق الأوسط»: «في الوقت الذي تشهد فيه السوق المحلية حالة من الركود فيما يتعلق بتجارة وبيع المجوهرات، والتي ألقت بظلالها علينا بالدرجة الأولى، تفاجئنا الجماعة عبر مشرفيها ومسلحيها بحملة إتاوات جديدة ونحن لم نكد نتنفس الصعداء من حملاتها السابقة».
في غضون ذلك، أفاد عاملون بمحال لبيع المجوهرات بصنعاء بأن العشرات من تجار وبائعي الذهب بأحياء (هائل، والتحرير، والسنينة، وباب اليمن، وباب السباح وغيرها) في العاصمة صنعاء، اضطروا لإغلاق متاجرهم في الأيام الماضية تخوفاً مما يصفونه بـ«عمليات النهب والجباية والسطو المنظمة التي يقوم بها مسلحو الجماعة».
ورصدت المصادر أن نحو 22 محلاً للذهب في شارعي الرياض وجمال وسط صنعاء أغلقها ملاكها خلال أول يوم من أيام الحملة الحوثية إلى جانب إغلاق العشرات من المتاجر بمناطق أخرى بالعاصمة هرباً من الأعباء التي تفرضها الميليشيات عليهم بشكل تعسفي وغير قانوني.
وعمدت الجماعة (ذراع إيران في اليمن) منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء ومدن أخرى أواخر عام 2014، إلى فرض جبايات مالية غير قانونية على المحلات التجارية والمؤسسات والمنشآت الخاصة وشركات الصرافة تحت مسميات كثيرة، أبرزها دعم ما يسمى «المجهود الحربي» وتسيير قوافل غذائية لمقاتليها، في الوقت الذي لا يزال يعيش فيه غالبية المواطنين تحت خط الفقر.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».