وعود دولية بمساعدات مالية لأفغانستان... ولكن بشروط

وعدت الأسرة الدولية، التي اجتمع قسم كبير منها عبر الإنترنت بسبب الوباء، بتخصيص أموال جديدة لمساعدة أفغانستان، لكنها حذرت من أن الإفراج عن هذه الدفعة لن يحصل إلا بالمحافظة على المكاسب الديمقراطية، ولا سيما تلك المتعلقة بحقوق المرأة.
وتعهد المتكلمون، واحداً تلو آخر، بتوفير مساعدة مالية في إطار خطة رباعية (2021 - 2024) إلا أن المحادثات الجارية راهناً بين الحكومة الأفغانية و«حركة طالبان» في الدوحة كانت حاضرة في أذهان كل المشاركين في مؤتمر المانحين الذي نظم في جنيف برعاية الأمم المتحدة، أمس، وأول من أمس. وقالت ديبورا لايينز ممثلة الأمم المتحدة في أفغانستان: «هذا يوم إيجابي لأفغانستان. هذه المرحلة زاخرة بالفرص، لكنها مشوبة أيضاً بعدم يقين كبير». وأكدت وجود «وعود قوية بتقديم مساعدات»، لكنها حذرت: «ينبغي على أفغانستان التقدم وليس العودة إلى الوراء».
ويُخشى من عودة «حركة طالبان» التي طردها تحالف دولي العام 2001 من السلطة، إلى الحكم، خصوصاً أنها تحقق مكاسب على الأرض، وفرضها مجدداً نظاماً صارماً حرم الأفغانيات من حقوقهن.
وأكد وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزب بوريل «على (حركة طالبان) إعطاء مزيد من ضمانات الثقة والالتزام حيال السلام».
ودعا إلى وقف فوري لأعمال العنف التي تشهد ارتفاعاً، إذ تريد «حركة طالبان» أن تجعل من سيطرتها على الأرض ورقة رابحة خلال المفاوضات.
ووعد الاتحاد الأوروبي «بمستوى مساعدة في السنوات الأربع المقبلة يوازي مبلغ 1.2 مليار يورو، كان تعهد به العام 2016».
وحذرت كندا أيضاً من أنها «ستضبط مساهمتها، وفقاً لما يحدث» حول طاولة المفاوضات. وكانت ممثلة هولندا أكثر صراحة بقولها: «مساهمتنا ليست شيكاً على بياض».
وفي كلمة طويلة جداً ألقاها من كابل، دعا الرئيس الأفغاني أشرف غني المانحين الدوليين إلى مواصلة دعم بلاده، رغم إقراره بأنه يتوقع خفضاً للمساعدات في إطار تباطؤ الاقتصاد العالمي بسبب وباء «كوفيد 19». وقال غني: «إننا نشهد إحدى أكبر المآسي في التاريخ؛ وباء(كوفيد 19). نحن ممتنون للغاية لأنه في هذا الوقت من المعاناة الجماعية، لا يزال التزامكم تجاه أفغانستان قوياً». ولا تزال أفغانستان تعتمد بشكل كبير جداً على هذا الدعم، في ظل تأخر تحقيق وعود كابول بتطوير الاقتصاد ومكافحة الفساد. وأضاف غني: «المساعدة المالية لا تزال أساسية من أجل تطورنا في المستقبل المنظور». لكن المراقبين يتوقعون هذه السنة أن يكون مستوى المساعدة أقل، إذ سيضطر المانحون إلى أخذ تبعات فيروس كورونا المستجد على اقتصاداتهم في الاعتبار.
خلال المؤتمر السابق عام 2016 في بروكسل، قطعت وعود بتقديم 15.2 مليار دولار لأفغانستان. وأكد غني، في كلمته أمس: «أريد أن أكون شديد الوضوح، نحن نبقى ملتزمين بقوة في المفاوضات مع (طالبان)». علينا أن نضع حداً للعنف الذي يطغى على حياتنا ويسلب أطفالنا فرحة الطفولة.
ويرى محللون كثيرون أن من شأن دعم قوي من المانحين الدوليين مساعدة الحكومة الأفغانية في مواجهة «حركة طالبان» على طاولة المفاوضات، في حين أن المتمردين يعتدون بالاتفاق المبرم مع واشنطن في فبراير (شباط) الماضي، والذي ينص على انسحاب كامل للقوات الأميركية بحلول منتصف العام 2021، ويعتبرونه انتصاراً لهم في وجه الأميركيين. وتعقد الوضع الميداني أكثر بالنسبة إلى حكومة كابل، مع إعلان الولايات المتحدة الأسبوع الماضي أنها ستسحب بحلول منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل 2000 جندي، في تسريع للجدول الزمني المنصوص عليه في اتفاق فبراير مع «طالبان».