متعة الحصول على ركلة حرة غير مباشرة داخل منطقة الجزاء

قانون عدم السماح لحراس المرمى بالإمساك بالكرات العائدة لهم من زملائهم أثار ثورة تكتيكية في عالم كرة القدم

راموس لاعب ريال مدريد ينفذ ركلة حرة من داخل منطقة جزاء الخصم
راموس لاعب ريال مدريد ينفذ ركلة حرة من داخل منطقة جزاء الخصم
TT

متعة الحصول على ركلة حرة غير مباشرة داخل منطقة الجزاء

راموس لاعب ريال مدريد ينفذ ركلة حرة من داخل منطقة جزاء الخصم
راموس لاعب ريال مدريد ينفذ ركلة حرة من داخل منطقة جزاء الخصم

في أول صيف شهد تطبيق قانون عدم السماح لحراس المرمى بالإمساك بالكرات العائدة لهم من زملائهم، كان جمهور كرة القدم يستمتع كثيراً عندما يتم احتساب ركلة حرة غير مباشرة داخل منطقة الجزاء، كأن هذا الجمهور قد عاد قرناً كاملاً من الزمان إلى الوراء ليستمتع برؤية سيارة بمحرك تسير في الشارع لأول مرة! فقد كان الناس يسأل بعضهم بعضاً: «هل رأيت الركلة الحرة المباشرة التي احتسبت داخل منطقة الجزاء؟»، و«كيف تم تنفيذها؟».
كنا ننتظر أن يقوم حارس مرمى شارد الذهن بالإمساك بالكرة العائدة له من مدافعه، لكي نرى ما سيحدث بعد ذلك. كان من الممكن احتساب ركلات حرة داخل منطقة الجزاء في فترات سابقة في عالم كرة القدم، لكن لم تكن بهذا القرب من المرمى. لقد كنا نفكر فيما يمكن أن يحدث وكيف يمكن تسجيل هدف من ركلة حرة غير مباشرة داخل منطقة الجزاء، كما لو كنا نخطط لهروب معقد من أحد السجون شديدة الحراسة!
لقد أدى تغيير هذا القانون إلى إثارة حالة من الجدل الشديد الذي لم نرَ مثله منذ ذلك الحين. وعندما يتم احتساب ركلة حرة غير مباشرة داخل منطقة الجزاء، فإننا نشعر بمتعة كبيرة وحماس هائل في انتظار ما سيحدث.
ويطلق هذا الحدث الفوضوي العنان لإثارة هائلة داخل ملاعب كرة القدم، ويجعلنا نشعر كما لو أن آلافاً من البالغين قد عادوا فجأة إلى سن المدرسة، وهم يضحكون عندما يحدث خطأ ما أثناء تأدية فريضة دينية! ودائماً ما تكون هناك نظرات دهشة ورهبة من الجميع، للدرجة التي قد تجعل مشجعاً طاعناً في السن ينهض من مكانه ويرقص فرحاً بسبب ما يحدث.
وداخل الملعب، فإن تصرفات اللاعبين تزيد من الإثارة والمتعة، حيث يتحرر لاعبو الفريقين، ولو للحظات قليلة، من الواجبات الخططية والتكتيكية، ويتصرفون بتلقائية، لأنه لا يوجد أي مدير فني في العالم يدرب لاعبيه على كيفية تنفيذ الركلات الحرة غير المباشرة داخل منطقة الجزاء!
وتبدأ هذه الإثارة عندما يمسك حارس المرمى الكرة العائدة من زميله، لتجد لاعبي الفريق المنافس يصرخون للفت انتباه حكم المباراة: «لقد مسك الحارس الكرة العائدة من زميله». ويتوقف الزمن للحظة قبل أن يتضح أن حكم اللقاء قد احتسب المخالفة بالفعل، مانحاً الجميع الفرصة للاستمتاع بمشهد لا يحدث كثيراً في كرة القدم هذه الأيام، ليجعل الأمر يبدو كأن رجلاً شديد الانضباط يسمح فجأة لأطفاله بتناول وجباتهم المسائية وهم يشاهدون التلفزيون! أما حارس المرمى والمدافع الذي أعاد إليه الكرة فينتابهما غضب شديد ويتوسلان إلى حكم المباراة لإعادة النظر في القرار بحجة أن الكرة قد أعيدت بالفخذ أو أن المدافع لم يكن يقصد من الأساس إعادة الكرة إلى حارس مرماه. لكن الحكم يكون مشغولاً آنذاك بتأمين مسرح الجريمة!
ويتراجع جميع اللاعبين داخل منطقة الجزاء، ويتشاور قائد الفريق مع حارس مرماه بشأن كيفية التعامل مع هذا الموقف: كم عدد اللاعبين الذين يجب أن يقفوا على خط المرمى؟ وما الذي يتعين على باقي اللاعبين القيام به؟ لكن كل هذا التخطيط يكون بلا فائدة، نظراً لأنه بمجرد إطلاق الحكم صافرته، فإن كل اللاعبين سيرمون أنفسهم باتجاه الكرة.
ويقف لاعبان أو ثلاثة لاعبين من مهاجمي الفريق المنافس بالقرب من الكرة لتشتيت أنظار الفريق الآخر بشأن اللاعب الذي سيسدد الركلة الحرة غير المباشرة، وربما يتقدم أحد ظهراء الجنب أيضاً للتظاهر بأنه هو من سيسدد الكرة. ويدخلون في مناقشات حادة ويضعون أيديهم فوق أفواههم حتى لا يعرف لاعبو الفريق المنافس فيما يتحدثون. ويرفع حكم المباراة إحدى ذراعيه ويطلق صافرته إيذاناً بتنفيذ اللعبة.
وفي كثير من الأحيان، يتظاهر اللاعب الذي سينفذ الركلة الحرة غير المباشرة بأنه سيسدد بكل قوة ثم يضرب قدمه في الأرض على بعد ملليمترات من الكرة حتى تتبعثر أوراق الفريق المنافس وتكون هناك ثغرة في الحائط البشري. وقد يندفع المدافعون الذين كانوا يقفون على خط المرمى إلى الأمام قبل تنفيذ اللعبة، وهو ما يجعل لاعبي الفريق الذي سينفذ الركلة الحرة يعترضون ويناشدون حكم اللقاء، قائلين: «انظر! انظروا إلى هؤلاء اللاعبين الذين خالفوا القانون!»، وفي الحقيقة، تكون كل هذه «التمثيلية» جزءاً من الإثارة التي نشعر بها ونحن نشاهد المباراة.
وعندما يسدد المهاجم الكرة أخيراً، فإنها تصطدم في أغلب الأحيان في ركبة أو فخذ أو بطن أو صدر لاعب من الفريق المنافس، وهنا يطالب لاعبو وجمهور الفريق الآخر بالحصول على ركلة جزاء. ثم تعود الكرة بعد اصطدامها بالمدافعين إلى مهاجمي الفريق المنافس ليسددوا الكرة مرة أخرى، ليتصدى لها حارس المرمى ويخرجها إلى ركلة ركنية. وعندما ينجح حارس المرمى والمدافعين في إبعاد هذه الكرة الخطيرة عن مرماهم يزأرون بكل قوة وحماس كأنهم نجحوا في صد عدوان أجنبي على بلادهم!
وبين الحين والآخر، قد تدخل الكرة في الشباك بالفعل، بعدما تمر بسرعة من فوق رؤوس المدافعين. ويركض اللاعب الذي أحرز الهدف سعيداً للغاية ومحتفلاً بهذا الإنجاز الكبير الذي حققه. أما المشجعون فيصيحون ويشعلون المدرجات ضجيجاً، مثل الصيحات التي نسمعها بعد انتهاء إحدى نزالات الملاكمة بالضربة القاضية.
ورغم أن اللاعب الذي أحرز الهدف قد يكون نفذ اللعبة ببراعة، فإن الحظ يلعب دوراً كبيراً للغاية في دخول الكرة إلى الشباك. إن الركلة الحرة غير المباشرة من داخل منطقة الجزاء تجعلنا نشعر بالسعادة والإثارة لأنها تذكرنا بأن كرة القدم لعبة ممتعة وتلقائية في الأساس، وأنه يتعين علينا أن نعمل دائماً ألا تفقد اللعبة هذا العنصر الذي يميزها عن باقي الألعاب والرياضات الأخرى.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».