رفضت «منظمة المجاهدين» الجزائرية، التي تمثل آلاف قدماء المحاربين خلال ثورة تحرير الجزائر (1954 - 1962)، «عرضاً» من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بخصوص «مصالحة بين الذاكرتين»، كبديل عن «مسألة الاعتذار عن جرائم الاستعمار»، بعد أن اتفق الرئيسان الجزائري والفرنسي على «التعامل بهدوء مع قضية الذاكرة»، التي تقف عائقاً أمام إقامة علاقات عادية بين البلدين.
وصرح محند واعمر بن الحاج، الأمين العام بالنيابة لـ«منظمة المجاهدين»، في فيديو نشره أمس على الموقع الإلكتروني للجمعية، التي تهتم بصيانة ذاكرة حرب الاستقلال، أن «إحداث مصالحة بين الذاكرتين غير ممكن، لأنه لا يمكن إقامة سلام بين الضحية وجلادها»، مشيراً إلى أن الفرنسيين «يريدون منا أن ننسى آلام الاستعمار... يريدوننا أن نسير سوياً، لكن أن نحمل نحن حقائبهم أثناء السير... وهذا غير ممكن. لا يمكن أن نكون خاضعين وأغلبية الجزائريين يرفضون التفريط في حقهم، وعدم نسيان مجازر الاستعمار». ويقصد بـ«حق الجزائريين» أن تدفع فرنسا تعويضات عن أعمال القتل والتشريد ونهب الأملاك خلال 132 من احتلال الجزائر». كما تطالب التنظيمات، التي تنتمي لما يسمى «الأسرة الثورية»، بدفع تعويضات عن أضرار التجارب النووية، التي أجرتها فرنسا بصحراء الجزائر مطلع ستينيات القرن الماضي.
وقال ماكرون في مقابلة مع المجلة الفرنسية «جان أفريك»، نشرت الجمعة الماضي، إن فرنسا «قدمت الكثير للجزائر»، في إشارة إلى تصريحات سابقة له حول الاستعمار، جاء فيها أن «الاحتلال كان بشعاً». كما سبق لسلفه الرئيس فرانسوا أولاند أن أدان «ظلم الاستعمار». وأكد ماكرون أنه اختار «صلحاً بين الذاكرتين»، بدل قضية «التوبة» عن ممارسات الاستعمار، وقال إن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يوافقه في هذا التوجه.
وأعرب محند بن الحاج عن رفض «منظمة المجاهدين» أي اتفاق حصل بين الرئيسين بشأن «مصالحة من دون تقديم اعتذار»، ودعا ماكرون «إن كان صادقاً في الصلح» إلى إلغاء قانون أصدره البرلمان الفرنسي عام 2005، يتناول «الجوانب الإيجابية للوجود الفرنسي في شمال أفريقيا خلال القرنين الـ19 والـ20». وعدت هذه الخطوة، آنذاك، بمثابة تمجيد للاستعمار من جانب الجزائريين.
كما تناول بن الحاج قضية لا تزال تثير الجدل، وتتعلق بطلب الجزائر من باريس تسليمها أرشيف الاستعمار، بقوله إنه «لا يمكن لفرنسا أن تعطينا الأرشيف، الذي يوثق ما اقترفته في الجزائر من جرائم، لأنها لو فعلت فستضرب القيم التي تتغنى بها، كالحرية والإخاء والمساواة. سنتسلم منها الأرشيف الذي لا يمثل قيمة كبيرة عند الفرنسيين»، مضيفاً أن فرنسا «تتعامل معنا وكأننا ملحقة تابعة لها في أفريقيا».
وأعلنت الرئاسة الجزائرية في 19 من يوليو (تموز) الماضي عن اختيار مدير «مؤسسة الأرشيف الوطني»، عبد المجيد شيخي، ليمثل الجزائر في «مشروع الاشتغال على الذاكرة»، الذي اقترحه ماكرون، بالتعاون مع المؤرخ الفرنسي الشهير بنجامان ستورا، كممثل للحكومة الفرنسية.
وصرح ستورا لوسائل إعلام فرنسية في سبتمبر (أيلول) الماضي، بأن ماكرون طلب منه إعداد ورقة عن الاستعمار والتاريخ المشترك بين البلدين، مبرزاً أن «الرئيس يريد تفكيراً عميقاً حول حرب التحرير، وغرضه من ذلك تهدئة النفوس التي تألمت من هذه الحرب، وهي مسؤولية ثقيلة لأن كل الرؤساء الذين تعاقبوا في فرنسا حاولوا ربط علاقة صداقة مع الجزائر، التي تعد بلداً مهماً في منطقة البحر المتوسط، على الصعيدين الاستراتيجي والجيو سياسي».
«مجاهدو الجزائر» يرفضون عرضاً فرنسياً لـ«مصالحة الذاكرتين»
«مجاهدو الجزائر» يرفضون عرضاً فرنسياً لـ«مصالحة الذاكرتين»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة