الخرطوم ترفض تشغيل «سد النهضة» قبل التوصل إلى اتفاق... والقاهرة متمسكة بالتفاوض

الخرطوم ترفض تشغيل «سد النهضة» قبل التوصل إلى اتفاق... والقاهرة متمسكة بالتفاوض
TT

الخرطوم ترفض تشغيل «سد النهضة» قبل التوصل إلى اتفاق... والقاهرة متمسكة بالتفاوض

الخرطوم ترفض تشغيل «سد النهضة» قبل التوصل إلى اتفاق... والقاهرة متمسكة بالتفاوض

قال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك إنه لا يمكن تشغيل «سد النهضة» بأمان دون التوصل إلى اتفاق، وذلك لتأثيره المباشر على سد الروصيرص الذي يبعد بضعة كيلومترات.
وكان السودان، قاطع أول من أمس، الاجتماع الوزاري الثلاثي بشأن «سد النهضة» الذي دعا له الاتحاد الأفريقي، معترضاً على منهج التفاوض المتبع في الجولات السابقة.
وعقدت اللجنة السودانية العليا لمفاوضات «سد النهضة» أمس اجتماعاً طارئاً، لتقييم سير المفاوضات، كما تطرقت للتطورات التي يشهدها الإقليم وتأثيرها على العملية التفاوضية. وأكد الاجتماع الذي رأسه رئيس الوزراء، بمشاركة وزراء الخارجية والداخلية والري والعدل ومدير جهاز المخابرات العامة وممثل الاستخبارات العسكرية وفريق التفاوض، ضرورة الحفاظ على المصالح الوطنية السودانية، وتعديل مسار ومنهج التفاوض. وبرز تثمين لموقف السودان بمنح الخبراء والمراقبين دوراً أكبر لمساعدة الأطراف الثلاثة على التوصل لاتفاق قانوني مُلزم ومقبول يحفظ مصالح الدول الثلاث.
وجدّد حمدوك التأكيد على أن سدّ الروصيرص يتأثر مباشرة بكل ما يحدث في سد النهضة، ولا يمكن تشغيله بأمان دون التوصل لاتفاق.
من جانبه، قال وزير الخارجية عمر قمر الدين، إن وفد البلاد امتنع عن المشاركة في الاجتماع الوزاري أمس لعدم جدواه، وإن هذا الموقف يتسم بالوضوح والجدية، مؤكداً استمرار التشاور حول الخطوات التالية.
كما أكد وزير الري ياسر عباس، في تصريحات صحافية، أهمية تغيير منهجية التفاوض لإحداث اختراق يسمح بالتقدم في المفاوضات. وأشار إلى أن السودان يتمسك برعاية الاتحاد الأفريقي للمفاوضات وفق منهجية مختلفة، للتوصل إلى نتائج إيجابية، وأنه من المهم الآن منح دور أكبر للخبراء والمراقبين لتقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث.
من جهة أخرى، أبدت مصر تمسكها بمواصلة المفاوضات مع إثيوبيا، بشأن «سد النهضة»، المقام على «النيل الأزرق»، رغم مقاطعة السودان للمحادثات، التي تجري برعاية الاتحاد الأفريقي. وعقد وزراء المياه من مصر وإثيوبيا، مساء أول من أمس، اجتماعاً بحضور ممثلي أعضاء مكتب الاتحاد الأفريقي ومفوضية الاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تحت رعاية جنوب أفريقيا بصفتها رئيس الاتحاد الأفريقي، واستبق السودان الاجتماع، بإرسال خطاب اعتذار عن عدم المشاركة، مطالباً بـ«تغيير المنهج التفاوضي، وتوسيع دور الخبراء».
وقال مصدر مصري، لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده «ملتزمة بالمشاركة في أعمال المفاوضات، رغم عدم حدوث تقدم حتى الآن، إلا أنها ترغب في منح الفرصة كاملة للاتحاد الأفريقي». وشدد المصدر على موقف بلاده الثابت، وهو التوصل إلى «اتفاق قانوني ملزم، ينظم عملية ملء وتشغيل السد، بما يُحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث ويحفظ حقوقها المائية». واتفق وزراء مصر وإثيوبيا، خلال اجتماعهم الأخير، على قيام كل دولة بإعداد تقرير يتضمن رؤيتها لدفع مسار التفاوض خلال المرحلة المقبلة وإرساله لوزيرة التعاون الدولي بجنوب أفريقيا. وأعرب الجانب المصري عن أمله استئناف الاجتماعات بحضور السودان بصفته أحد الأطراف الثلاثة في المفاوضات.
ويطالب السودان بمنح دور أكبر لخبراء الاتحاد الأفريقي لتسهيل التفاوض وتقريب وجهات النظر بين الأطراف الثلاثة. وقال وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس، في رسالة بعثها إلى وزير الموارد المائية الإثيوبي، سليشي بيكلي سليشي، السبت الماضي، إن الطريقة التي اتبعت في التفاوض خلال الجولات الماضية أثبتت أنها «غير مجدية». وانطلقت المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، مطلع يوليو (تموز) الماضي، ولم تسفر عن أي تقدم. وبدأت إثيوبيا تشييد سد النهضة على النيل الأزرق عام 2011، وتخشى مصر من تأثير السد على حصتها من المياه، البالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، تحصل على أغلبها من النيل الأزرق.
من جهة أخرى، رفعت الحكومة المصرية حالة الاستنفار العام بكل أجهزة وقطاعات وزارة الموارد المائية والري لاستقبال الأمطار والسيول، التي بدأت بالفعل على عدد من المحافظات.
وعقد محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية، اجتماعاً أمس مع القيادات التنفيذية بمصلحة الميكانيكا والكهرباء بالوجه القبلي لمتابعة موقف المحطات التابعة للمصلحة ومدى جاهزيتها لاستقبال موسم الأمطار والسيول. ووجه الوزير بمواصلة العمل على مدار الساعة لضمان أداء وكفاءة سير العمل بالمحطات، وإجراء أعمال الصيانة والعمرات اللازمة لها، وتوفير وحدات الطوارئ وأعمال الحراسة ووسائل الإطفاء الذاتي للمحطات، والتنسيق مع الأجهزة الأمنية والمحلية لتأمين خطوط التغذية الكهربائية المغذية لهذه المحطات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».