رفض في القاهرة لانتقادات أميركية بشأن توقيف نشطاء

TT

رفض في القاهرة لانتقادات أميركية بشأن توقيف نشطاء

في الوقت الذي تواصلت فيه ردود الأفعال بشأن توقيف السلطات المصرية 3 مسؤولين بمنظمة حقوقية تعمل محلياً، أعرب سياسيون وخبراء في القاهرة عن «رفضهم» لما وصفه أحدهم بـ«تدخلات» في الشأن المحلي للبلاد، داعين إلى «ضرورة تفهم ملابسات التحركات المصرية».
ولم تعلق مصر رسمياً على الإفادات الصادرة عن متحدث باسم الخارجية الأميركية و«مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان» واللتين انتقدتا حبس ثلاثة مسؤولين من «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية»، لكن خارجية البلاد كانت اعتبرت بياناً صادراً عن نظيرتها الفرنسية في الشأن نفسه، نهاية الأسبوع الماضي، بمثابة «تدخل في شأن داخلي مصري، ومحاولة التأثير على التحقيقات التي تجريها النيابة العامة»، ووصفت «المبادرة المصرية» بأنها «كيان يعمل بشكل غير شرعي في مجال العمل الأهلي».
وأعرب أنتوني بلينكن أحد كبار مستشاري الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، عن «القلق» من توقيف وحبس «موظفي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية»، كما قال مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل بوزارة الخارجية الأميركية في تغريدات إنه يشعر «بقلق بالغ» إزاء القضية نفسها.
وقالت «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية» في بيانات رسمية، إنه «تم إلقاء القبض على مديرها التنفيذي جاسر عبد الرازق، وذلك بعد أيام من إلقاء القبض على مسؤولين اثنين من زملائه»، ونقلت عن محامين أن المسؤولين الثلاثة يواجهون تهما منها «الانضمام إلى جماعة إرهابية»، وأن النيابة العامة «قررت حبسهم 15 يوماً على ذمة التحقيقات».
بدوره اعتبر وزير الخارجية المصري الأسبق، والنائب في برلمان المصري، محمد العرابي، أن هناك ما وصفه بـ«سوء فهم خارجي لمثل هذه الموضوعات، ودائماً ما تصور بأكبر من حجمها، وأنها ليست المرة الأولى»، وقال لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن رد الخارجية المصرية على نظيرتها الفرنسية والمتضمن رفض «التدخل» في شؤون القاهرة «مناسب تماماً»، معرباً عن «الرفض» لمثل هذه التعليقات. وجاءت قرارات التوقيف بعد أسبوعين تقريباً من زيارة أجراها دبلوماسيون أغلبهم أوروبيون لمقر «المبادرة المصرية» لـ«التعرف على أوضاع حقوق الإنسان في مصر». وتقول الحكومة المصرية إن «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تعمل بشكل (غير قانوني)». واعتبرت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان» أن قرارات حبس مسؤولي المنظمة الحقوقية المصرية «مؤثرة» على عمل «المجتمع المدني المصري». وبشأن أثر تلك الانتقادات الأميركية على مستقبل التعاون بين إدارة بايدن الجديدة والقاهرة، قال العرابي إن «الإدارات الديمقراطية غالباً ما تضع الملفات الحقوقية في مرتبة متقدمة، لكن العلاقات بين البلدين مرت بظروف مماثلة سابقة، وفي النهاية تبقى العلاقات صامدة، والطرفان لديهما إحساس دائم بأهميتها».
واتفقت أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في القاهرة الدكتورة، نهى بكر، مع الرأي السابق، معتبرة أن «توجهات الإدارة الأميركية الجديدة متوقعة في هذا الملف الحقوقي في العالم كله، وفي هذا الإطار جاءت مثل هذه البيانات»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر لها سيادتها، وعندما يدخل بايدن البيت الأبيض ستتولى القاهرة تناول تلك الملفات وشرح خلفياتها، عبر دبلوماسية عريقة يمكنها تخطي مثل هذه المواقف، والولايات المتحدة أيضاً على دراية بأهمية مصر في المنطقة، وأنه ستحدث تفاهمات في هذا الأمر». وأجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في 7 من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، اتصالاً بالرئيس المنتخب جو بايدن لتهنئته على الفوز بالانتخابات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».