«تايم آوت ماركت»... سوق طعام عالمية تحط رحالها في دبي

بعد نجاحها في لشبونة ومدن أوروبية وأميركية

سوق البحار في دبي سيكون عنوان الفرع الأول لـ«تايم آوت ماركت» في الشرق الأوسط
سوق البحار في دبي سيكون عنوان الفرع الأول لـ«تايم آوت ماركت» في الشرق الأوسط
TT

«تايم آوت ماركت»... سوق طعام عالمية تحط رحالها في دبي

سوق البحار في دبي سيكون عنوان الفرع الأول لـ«تايم آوت ماركت» في الشرق الأوسط
سوق البحار في دبي سيكون عنوان الفرع الأول لـ«تايم آوت ماركت» في الشرق الأوسط

إذا سبق لك أن قمت بزيارة لشبونة، العاصمة البرتغالية، وكنتَ من محبي الطعام، فلا بد أنك قد زرتَ «تايم آوت ماركت» Time Out Market أكبر سوق عالمية للطعام في المدينة، وبحسب تجربة شخصية، فإن هذا العنوان يجعلك تعود إليه مراراً وتكراراً خلال زيارتك للشبونة، والسبب هو تنوع المطابخ المتوفرة فيه، ونوعية المنتجات، والأسعار المناسبة للسياح، والجو العام للمكان الذي يضم طاولات عديدة تختار واحدة منها من دون الحاجة للحجز المسبق، وتقوم أنت بزيارة المطبخ أو المطعم الذي تريده لطلب الطبق الذي تفضله، وعندما يكون طعامك جاهزاً، يدق الجهاز الذي يعطى إليك عند اختيار الطعام ليعلمك بجهوزية أكلك.
هذه هي ببساطة فكرة السوق الأشهر للطعام التي بدأت في لشبونة لتصل إلى بوسطن ومونتريال، وغيرها كثير من المدن الأخرى في أوروبا، وتعلن اليوم العلامة التجارية «تايم آوت ماركت» عن موعد افتتاح أحدث متاجرها ضمن إحدى أكثر المناطق جذباً للزوار في سوق البحار دبي، ليكون هذا الفرع، وهو الأول في منطقة الشرق الأوسط والسابع عالمياً، وذلك خلال الربع الأول من عام 2021.
وسينضم 17 طاهياً إلى السوق، من بينهم ثمانية طهاة حاصلون على جوائز عالمية في الطهي، في حين جرى اختيار الأطباق على قائمة الطعام بعناية فائقة ومن قبل مجموعة من الخبراء ومحبي المأكولات إلى جانب المطاعم المحلية، ومن بين هذه المطاعم: مطعم «ماستي» الذي يقدم مفهوماً جديداً للمطبخ الهندي، و«بي بي سوشال»، الشهير بالمأكولات الحديثة والعصرية، «ومطعم فولي باي نيك أند سكوت» الأوروبي، ومطعم «المأكولات الفيتنامية»، و«بيكل» المشهور بشطائر البرغر، و«بيتفاير» الشهير بالبيتزا الإيطالية من مدينة نابولي، ومطعم «بريكس» المتخصص بالحلويات، ومقهى «نايت جار».
ويركز «تايم آوت ماركت دبي» على استعراض التنوع الثقافي التي تتميز بها المدن التي يفتتح أفرعه فيها، من خلال تقديم تجارب المأكولات والمشروبات الفريدة والاحتفال بالطابع الخاص وتجارب تناول المأكولات من دون تكلف وبأسلوب عصري. وستضم إمارة دبي من خلال الاتفاقية التي أبرمتها العلامة التجارية «مع (إعمار مولز) إلى قائمة أفرعها المنتشرة في كل من لشبونة وميامي ونيويورك وبوسطن وشيكاغو ومونتريال، ويقع هذا الفرع في (سوق البحار) وجهة التسوق والترفيه ذات الطابع العربي الفريد في قلب (وسط مدينة دبي)، وبموقع حيوي بجوار بحيرة البرج، وبالقرب من (برج خليفة) و(دبي مول)، في وجهة تعتبر من أرقى الوجهات في المنطقة، وتستقطب ملايين الزوار كل عام، بمساحة تبلغ 30 ألف قدم مربع. فترة جائحة (كورونا)، حيث ستحرص الشركة على الالتزام بتطبيق جميع الإجراءات والاحترازات الوقائية لتضمن للزوار تجربة آمنة وصحية لتذوق أطيب المأكولات المحلية المفضلة والكوكتيلات والتمتع بالتجارب الثقافية المتنوعة».
وجرى تصميم المتجر الجديد ليتوافق مع أعلى معاير السلامة، وبما يتماشى مع الإرشادات الحكومية المتبعة، حيث استخدمت سلسلة «تايم أوت ماركت» في جميع وجهاتها أحدث الابتكارات في تقنية تدوير الهواء المتقدمة، وأحدث أنظمة فلترة الهواء النقي، لضمان تهوية نقية ومستمرة للزوار، هذا إلى جانب قاعات الفحص عند المداخل ومحطات التعقيم وطاقم التنظيف المتخصص والعوازل الزجاجية في جميع المطاعم، وفي إطار جهودها لتعزيز التباعد الاجتماعي، فقد تم تصميم عوازل بأسلوب مبتكر على جميع طاولات الطعام، بالإضافة إلى أنه يمكن للزوار الآن الطلب دون تلامس عبر تطبيق «تايم آوت ماركت» أو عبر خدمة التوصيل.
ويأتي افتتاح الوجهة الجديدة في دبي في إطار خطط «تايم آوت ماركت»، وتطلعاتها المستقبلية، وسيليها افتتاح سلسلة من الوجهات الجديدة في بورتو (خلال الربع الأخير من 2021) ولندن (خلال عام 2022) وبراغ (خلال عام 2023)، إلى جانب وجود خطط توسع أخرى قيد التنفيذ. ويشار إلى أن «تايم آوت ماركت» يتيح الفرصة لزواره لعيش مجموعة من التجارب الثقافية الفريدة من خلال أهم الطهاة وأشهر المطاعم في المدينة، إلى جانب دروس الطهي التجريبية مع كبار الطهاة، وعروض فنية يقدمها فنانون محليون، بالإضافة إلى عروض موسيقية حية وعروض كوميدية ليلية.

4 متاجر جديدة لـ «تايم آوت ماركت»
> توجَد فروع «تايم آوت ماركتس» الستة الحالية على امتداد ما يقارب 190.000 قدم مربع، ومنذ افتتاحها، استضافت أكثر من 120 طاهياً ومالك مطعم حائزاً على جوائز عالمية مرموقة. وستضيف الأربعة متاجر الجديدة (دبي وبورتو ولندن وبراغ) مساحة إضافية تزيد عن 110.000 قدم مربع، وأكثر من 60 طاهياً وملاك مطاعم جدد يقدمون المأكولات المحلية المميزة، التي تجسد تنوع المدن وشغفها.
«تايم آوت ماركت بورتو»: (الربع الرابع من عام 2021) سيقام متجر «تايم آوت ماركت بورتو» في محطة قطار «ساو بينتو» التاريخية المزدحمة في «بورتو»، وسيوفر «تايم آوت ماركت» الجديد الذي تبلغ مساحته 22.000 قدم مربع، 15 مطعماً، وأربعة حانات، وأربعة متاجر، ومقهى، ومعرض فني.
«تايم آوت ماركت لندن»: (2022) سيتم افتتاح متجر «تايم آوت ماركت لندن» في قلب الضفة الجنوبية الشهيرة في المدينة، وتحديداً داخل محطة «واترلوو».
وسيستمتع الزوار بتجربة تناول المأكولات من 17 من أشهر الطهاة وملاك المطاعم في المدينة، وسيتم افتتاح ثلاثة حانات، ومساحة مخصصة للتجارب الثقافية تمتد على مساحة 32.500 قدم مربع، ومبنى من طابقين.
«تايم آوت ماركت براغ»: (2023) سيوجَد متجر «تايم آوت ماركت براغ» في قلب المدينة التاريخية، في قصر «سافارين» بالقرب من ساحة «فاتسلاف» الشهيرة. وستضم المساحة الجديدة التي تبلغ 24.757 قدماً مربعة، 14 حانة صغيرة، و«بار لاونج»، ومساحة للفعاليات الثقافية.



«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين
TT

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

هذه الأرغفة البيضاء الصغيرة، التي يصف مصريون مذاقها بأنها «أطيب من الكيك»، في إشارة لطيب المذاق، تعد مثالاً يعكس مدى الانسجام الثقافي الذي تجاوز الحدود.

مع تداعيات الحرب التي شهدها السودان، والتي أدت إلى عمليات نزوح كبيرة إلى مصر، لم يتوقف الأمر عند مرحلة سرد الآلام والمآسي، بل تحول سريعاً إلى اندماج السودانيين في سوق الطعام المصري، وخلال أقل من عامين أثبت المطبخ السوداني وجوداً نسبياً في مصر.

بمجرد أن تطأ قدمك شارع فيصل (أحد أشهر شوارع محافظة الجيزة) يمكنك الاستدلال على الوجود السوداني من رائحة التوابل العميقة الصادرة من مطاعم أسسها سودانيون، يستهدفون بها زبوناً مصرياً يتوق إلى مذاق شعبي في وصفات، مثل صينية البطاطس، ويختلف تماماً ليقدم هويته في طبق آخر مثل أسياخ «الأقاشي»، المصنوعة من اللحم الطري الغارق في توابل مثل الزنجبيل والقرفة، مع طبقات البقسماط المقرمش، التي تغازل المصريين.

تقول السودانية، فداء محمود أنور، خريجة إدارة أعمال من جامعة الخرطوم ومؤسسة مطعم «بنت السودان» في حي مدينة نصر، شرق القاهرة، إن المصريين «احتضنوا المطبخ السوداني بسبب وجود أواصر اجتماعية وثقافية بين البلدين».

وأوضحت، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من داخل مطعمها البسيط: «نقدم أكلات سودانية أصيلة، مثل الفول بزيت السمسم، والفلافل السودانية المصنوعة من الكبكبي (الحمص بلغة المصريين)، والأقاشي، وهو طبق شهير في السودان، إضافةً إلى الفسيخ السوداني والملوخية المفروكة وملاح الروب الأحمر».

وعن الأطباق شديدة الخصوصية، يقدم مطعم الشابة السودانية فداء طبقاً حبشياً، قالت عنه: «هناك أيضاً طبق ذو أصل حبشي أصبح جزءاً من المائدة السودانية يسمى (زغني)، وهو عبارة عن قطع الدجاج المبهرة بالقرفة والثوم والبصل والحبهان، كما يضاف له المذاق الحار بالشطة السودانية، وكذلك مذاق الحادق من خلال رشة السماق، ويقدم مع البيض المسلوق». فضلاً عن طبق الحلو السوداني الشهير «الباسطة»، أو ما يعرف بالبقلاوة في مصر.

وبحسب تجربتها، قالت فداء إن تفضيلات المصريين من المطبخ السوداني تميل إلى بعض الأطباق الأساسية التي ربما لا يختلف عليها السودانيون أيضاً، مثل: الخبز السوداني، والأقاشي، والفلافل، وأطباق الفول بالخلطات السودانية. أما باقي الأطباق، فالإقبال عليها محدود.

طعمية (فلافل) سودانية (الشرق الاوسط)

والبعد الجغرافي بين مصر والسودان انعكس في تقارب ثقافي، ظهر في المذاق المميز للمطبخين. ترى منة جمال، مصرية تعيش في حي السادس من أكتوبر، الذي يضم عدداً من المطاعم السودانية، أن المطبخ السوداني قريب من نظيره المصري، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «الخبز السوداني شبيه ببعض أنواع الخبز في الريف المصري، ربما يختلف في السُمك والحجم فقط ».

وعن الاختلاف بين المطبخين، قالت: «السودانيون يميلون إلى المذاق العميق والحار، بإضافة كميات كبيرة من التوابل، كما أن الفلفل الحار أساسي في عدد كبير من الأطباق السودانية، بينما يميل المصريون إلى إضافة التوابل الأساسية فقط، مثل الملح والفلفل والكمون».

الباسطا حلوى سودانية (الشرق الاوسط)

وبالعودة إلى فداء، فإنها أيضاً كسودانية وقعت في حب المطبخ المصري، وتروي تجربتها بالقول: «أنا من عشاق محشي ورق العنب، والكرنب، والباذنجان بالدقة، أحب تناوله مع الفلافل السودانية. أيضاً معظم السودانيين يحبون المحشي والملوخية المصرية».

الأطباق السودانية لم تعرف طريقها إلى المصريين من خلال المطاعم التجارية فحسب، بينما ساهم في رواجها نساء سودانيات كنّ قبل النزوح ربات منزل، إلا أنهن، مثل كثير من نساء الشرق، يعتبرن الطهي مهارة أساسية. ومع وصولهن إلى مصر وبحثهن عن سبل لكسب العيش، تحول الطهي إلى مهنة تحت شعار «أكل بيتي سوداني».

التقت «الشرق الأوسط» بفاطمة (اسم مستعار)، التي نزحت بعد الحرب وجاءت إلى القاهرة بصحبة عدد من الأسر السودانية، وتقيم حالياً في مدينة «الرحاب» التي تعد من المناطق ذات الإيجارات المرتفعة، حيث تشارك السكن مع 4 أسر سودانية أخرى. منذ عام، بدأت فاطمة بتقديم خدمات «الأكل البيتي» من منزلها بمساعدة بعض السيدات المقيمات معها.

تقول «فاطمة»: «جاءت الفكرة عندما لاحظت انتشار مشروعات الأكل البيتي في مصر، خاصة في الأحياء الراقية. فأنشأت حساباً على (فيسبوك)، بدأت من خلاله تقديم خدمات الأكل السوداني». وأردفت: «المصريون يحبون المطبخ السوداني، خاصة تلك الوصفات القريبة من مطبخهم، على شاكلة المحشي، كذلك تحظى أصناف اللحم المبهر بإعجاب كبير».

وأوضحت فاطمة أنها سعت إلى تقديم مزيج من الأكلات السودانية والمصرية، قائلة: «أستهدف زبونات مصريات عاملات يبحثن عن بدائل للطهي المنزلي. لذلك، لم أكتفِ بالوصفات السودانية فقط، بل تعلمت إعداد الأكلات المصرية، وهو أمر لم يكن صعباً على سودانية تربطها بمصر أواصر ثقافية واجتماعية، إذ كانت مصر والسودان في مرحلة ما من التاريخ بلداً واحداً».

تمكنت فاطمة من تقديم تجربة طعام بيتي فريدة، تجمع بين نكهات المطبخين السوداني والمصري، مستقطبةً كثيراً من الأسر المصرية التي تبحث عن طعام منزلي بطابع خاص. ومن خلال تجربتها، كشفت فاطمة عن مدى التداخل الثقافي بين المطبخين، ما يمهد الطريق لمزيد من الاندماج وابتكار وصفات جديدة قد تظهر في المستقبل القريب.