خطة أوروبية طموحة لزيادة إنتاج طاقة الرياح البحرية

وسط ترقب المصنعين والمستثمرين والمنظمات البيئية

إنتاج الطاقة من الرياح يحقق الحياد الكربوني المأمول في أوروبا (رويترز)
إنتاج الطاقة من الرياح يحقق الحياد الكربوني المأمول في أوروبا (رويترز)
TT

خطة أوروبية طموحة لزيادة إنتاج طاقة الرياح البحرية

إنتاج الطاقة من الرياح يحقق الحياد الكربوني المأمول في أوروبا (رويترز)
إنتاج الطاقة من الرياح يحقق الحياد الكربوني المأمول في أوروبا (رويترز)

يعتزم الاتحاد الأوروبي زيادة قدرته على إنتاج طاقة الرياح البحرية 25 ضعفاً بحلول عام 2050، للوفاء بالتزاماته المناخية والحفاظ على ريادته في هذا القطاع، وهو طموح يفترض أن يقنع المصنعين والمستثمرين والمنظمات البيئية.
وكشفت المفوضية الأوروبية خطة تقضي بزيادة قدرة طاقة الرياح البحرية في أوروبا من 12 غيغاواط حاليا إلى 60 بحلول عام 2030 ثم 300 غيغاواط بحلول عام 2050، أي ما يعادل خمس مرات نسبة الطاقة النووية الفرنسية، مع زيادة الطاقات البحرية الأخرى (الطاقة الشمسية العائمة، طاقة المد والجزر) إلى 40 غيغاواط.
وتُعتَبَر هذه الخطوة ضرورية لتحقيق الحياد الكربوني في غضون ثلاثين عاما. وأوضحت المفوضة الأوروبية للطاقة كادري سيمسون «حاليا، يأتي خُمس الطاقة في الاتحاد الأوروبي من مصادر متجددة. يجب أن يكون النصف بحلول عام 2050 لتغذية اقتصاد خالٍ من الكربون».
تضم القارة «أحواضا بحرية شاسعة» تمتد من ساحل المحيط الأطلسي إلى البحر الأسود. وتبقى مسألة الكلفة الضخمة. فهذه الأهداف الجريئة تتطلب 800 مليار يورو «ثلثاها لتمويل البنية التحتية للشبكة والثلث المتبقي لإنتاج الكهرباء في البحر» وفقا لتقديرات المفوضية.
سيتم تخصيص 37 في المائة من الخطة الأوروبية للإنعاش الاقتصادي التي أقرت لمواجهة تداعيات كوفيد - 19 والبالغة 750 مليار يورو للإنفاق «الأخضر». لكن الأموال الضرورية «يجب أن تأتي بشكل أساسي من الاستثمارات الخاصة» على ما قال فرانس تيمرمانس نائب رئيس اللجنة المسؤولة عن «الميثاق الأخضر».
ويدعو الاتحاد الفرنسي لطاقة الرياح إلى «رؤية طويلة الأمد» مناسبة لتحفيز الاستثمار. لكن تحقيق ذلك سيكون معقدا، إذ «سيتطلب الأمر استثمارات ضخمة للتمديدات في البحر وتعزيز الشبكة على البر»، بحسب ما أوضح «وينيوروب» اللوبي الأوروبي للقطاع.
بالإضافة إلى ذلك، «سيكون من الضروري استثمار 6.5 مليار يورو في الموانئ على مدى السنوات العشر المقبلة لأن كل معدات توربينات الرياح ستمر هناك، ما يتطلب مساحة كبيرة وأرصفة للأحمال الثقيلة ومراسي عميقة».
بالنسبة إلى بروكسل، فإن الرهان استراتيجي أيضا. وقال تيمرمانس «الطاقات المتجددة في البحر هي نجاح أوروبي مع ريادة تكنولوجية وصناعية».
فأكثر من 40 في المائة من طاقة الرياح البحرية يتم إنتاجها في أوروبا، كما أنتج نحو 90 في المائة من الطاقة الأوروبية عبر شركات مقرها في الاتحاد الأوروبي. ويملك الأوروبيون أيضا 66 في المائة من براءات الاختراع العالمية في مجال طاقة المد والجزر.
حتى الدول غير الساحلية تستفيد من تصنيع الأبراج والأسلاك ومكونات توربينات الرياح مثل النمسا وتشيكيا ومناطق داخلية في فرنسا وألمانيا. ووفقا لـ«وينيوروب»، يعمل نحو 77 ألف شخص في أوروبا في هذا القطاع، وهو رقم قد يرتفع إلى 200 ألف إذا بدأت استراتيجية الاتحاد الأوروبي تؤتي ثمارها في عام 2030.
ويتعلق الأمر أيضا بعدم التخلف عن الركب. فالدفع في آسيا (أكثر من نصف طاقة الرياح البحرية الجديدة هذا العام في الصين) يهدد الهيمنة الأوروبية... لكنه يوفر لها أيضا منافذ واعدة. وبينما ترحب المنظمات البيئية بتعزيز الطاقات النظيفة، يبدي بعضها قلقاً بشأن تأثيرها على النظم البيئية البحرية الهشة.
وقال جوناثان كاربونادو من «مكتب البيئة الأوروبي»، «قد تبالغ المفوضية في حاجاتنا المستقبلية من الطاقة، إذ تفيد توقعاتنا بأن قدرة الرياح البحرية التي تنتج 150 غيغاواط من الكهرباء، ستكون كافية لتحقيق حياد الكربون بحلول عام 2040 إذا تم اتخاذ تدابير أخرى».
وبخلاف ذلك، يعتبر النائب من «حزب الخضر» داميان كاريم أن استراتيجية الاتحاد الأوروبي «ليست طموحا بما فيه الكفاية» فالهدف المتوسط لعام 2030 «خجول جدا» فيما «نحتاج إلى 450 غيغاواط لتحقيق الحياد الكربوني».



مصير قضية الرشوة المزعومة للملياردير الهندي غوتام أداني قد يتوقف على رئاسة ترمب

الملياردير الهندي غوتام أداني يتحدث خلال حفل بعد أن أكملت مجموعة «أداني» شراء ميناء حيفا في وقت سابق من يناير 2023 (رويترز)
الملياردير الهندي غوتام أداني يتحدث خلال حفل بعد أن أكملت مجموعة «أداني» شراء ميناء حيفا في وقت سابق من يناير 2023 (رويترز)
TT

مصير قضية الرشوة المزعومة للملياردير الهندي غوتام أداني قد يتوقف على رئاسة ترمب

الملياردير الهندي غوتام أداني يتحدث خلال حفل بعد أن أكملت مجموعة «أداني» شراء ميناء حيفا في وقت سابق من يناير 2023 (رويترز)
الملياردير الهندي غوتام أداني يتحدث خلال حفل بعد أن أكملت مجموعة «أداني» شراء ميناء حيفا في وقت سابق من يناير 2023 (رويترز)

تم توجيه الاتهام إلى الملياردير الهندي غوتام أداني من قبل المدعين العامين الأميريين، لدوره المزعوم في مخطط لرشوة المسؤولين الهنود بقيمة 265 مليون دولار مقابل شروط مواتية لعقود طاقة شمسية كان من المقرر أن تدر أكثر من ملياري دولار من الأرباح، مما تسبب في صدمة بجميع أنحاء تكتل الأعمال التجارية الذي يحمل اسمه.

فمن هو غوتام أداني؟

بالنسبة للعامة، غوتام أداني هو الملياردير الهندي الذي بنى تكتلاً قوياً يمتد عبر التعدين والموانئ والطاقة المتجددة. وبالنسبة لشركائه المزعومين في مخطط رشوة بمليارات الدولارات، كان يستخدم أسماء سرية بما في ذلك «نوميرو أونو».

وهو رجل أعمال من الجيل الأول رافق صعوده الهائل سلسلة من الخلافات في الداخل والخارج.

ويواجه أداني، الذي نجا من الموت بأعجوبة في عام 2008 وكان واحداً من بين كثير من الأشخاص العالقين داخل فندق تاج محل بالاس في مومباي عندما قام مسلحون بعملية قتل، مذكرة اعتقال أميركية وعقوبات جنائية بسبب تهم الاحتيال والرشوة.

وقد خسرت مجموعة شركات «أداني»، التي تتراوح بين الطاقة والمواني والسكر وفول الصويا، أكثر من 150 مليار دولار من القيمة السوقية المجمعة العام الماضي، بعد أن اتهمت مجموعة «هيندنبورغ» للأبحاث التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، مجموعته التي تحمل اسمه باستخدام الملاذات الضريبية الخارجية بشكل غير صحيح. وأنكرت المجموعة، التي استردت بعض الخسائر وتبلغ قيمتها الإجمالية الآن 141 مليار دولار، جميع هذه الادعاءات، وفق «رويترز».

وقبل أن تنخفض أسهم شركات مجموعة «أداني» العام الماضي، كان تارك الدراسة الثانوية البالغ من العمر 62 عاماً قد أصبح لفترة وجيزة أغنى شخص في العالم بعد الرئيس التنفيذي لـ«تيسلا» إيلون ماسك. ويحتل أداني الآن المرتبة الـ25 في قائمة أغنى أغنياء العالم بصافي ثروة تبلغ نحو 57.6 مليار دولار، وفقاً لمجلة «فوربس».

وفي حين تم التشكيك في مشروعات الفحم والطاقة الخاصة بالمجموعة وصفقات أخرى في بلدان مثل أستراليا وبنغلاديش، استخدم قادة المعارضة الهندية بانتظام شركة «أداني» للهجوم على حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، زاعمين محسوبيته له، بما في ذلك منح «أداني» عقد إعادة تطوير حي فقير ضخم في مومباي. وقد رفض الطرفان هذه الاتهامات.

ويوم الاثنين، عطل نواب المعارضة البرلمان الهندي للمطالبة بمناقشة مزاعم الرشوة ضد مجموعة «أداني»، بينما انخفضت أسعار سندات «أداني» الدولارية إلى أدنى مستوياتها في عام تقريباً مع قيام المستثمرين والمقرضين بتقييم القضية.

أعضاء المؤتمر الهندي للشباب يحتجون ضد الصناعي الهندي غوتام أداني مطالبين باعتقاله (إ.ب.أ)

وقد نشر رئيس حزب المؤتمر المعارض الرئيسي، ماليكارجون خارغي، على منصة «إكس»: «مع بدء جلسة البرلمان، فإن الخطوة الأولى التي يجب على الحكومة اتخاذها هي إجراء مناقشة مفصلة حول ملحمة أداني التي تنطوي على إمكانية تشويه صورة الهند على الساحة العالمية».

العلاقات بين الهند وأميركا

ويعتقد كثير من الخبراء أن مزاعم الرشوة الموجهة ضد أداني، ستترك أثراً كبيراً على العلاقات الأميركية - الهندية، ما لم يقرر الرئيس المنتخب دونالد ترمب وقف الملاحقة القضائية.

وكان أداني قال بعد فوز ترمب في الانتخابات الأميركية، على منصة «إكس»، إن الرئيس الأميركي المنتخب كان «تجسيداً للمثابرة التي لا تنكسر، والعزيمة التي لا تتزعزع، والتصميم الذي لا يلين والشجاعة للبقاء مخلصاً لمعتقداته».

وفي معرض تهنئته لترمب، قال أداني الأسبوع الماضي، إن مجموعته ستستثمر 10 مليارات دولار في مشروعات الطاقة والبنية التحتية بالولايات المتحدة، دون تقديم تفاصيل سوى أن الاستثمار يهدف إلى خلق 15 ألف وظيفة.

وقال براهما شيلاني، أستاذ الدراسات الاستراتيجية بمركز أبحاث السياسات في تصريح لـ«بلومبرغ»، إن لائحة الاتهام يُنظر إليها على أنها ذات دوافع سياسية في نيودلهي. وتوقع أيضاً أن يكون لها تأثير على التعاون بين الولايات المتحدة والهند والثقة المتبادلة بين البلدين ما لم تسقط إدارة ترمب المقبلة الملاحقة القضائية.

وأشار شيلاني إلى أن «الكثير سيعتمد على الكيفية التي ستسعى بها الإدارة الأميركية المقبلة لرسم العلاقة مع الهند».

من ناحية أخرى، يبدو أن كثيراً من الأشخاص الرئيسيين الذين رشحهم ترمب ليكونوا جزءاً من حكومته مؤيدون للهند. ففي العام الماضي، كان مستشار الأمن القومي الجديد لترمب، مايك والتز، ضيفاً على مودي في احتفالات يوم الجمهورية الهندية. وفي يوليو (تموز) الماضي، قدم ماركو روبيو، الذي اختاره ترمب لمنصب وزير الخارجية، مشروع قانون إلى مجلس الشيوخ الأميركي لتعزيز العلاقات الدفاعية مع الهند، ومعاملة الدولة الواقعة في جنوب آسيا حليفاً في حلف شمال الأطلسي مثل اليابان.

بداية حياة أداني

وُلد أداني في 24 يونيو (حزيران) 1962 في مدينة أحمد آباد بولاية غوجارات الغربية - وهي أيضاً ولاية مودي الأم - وترك الدراسة في سن 16 عاماً بعد إكماله الصف العاشر.

وأسس مجموعة «أداني» في عام 1988، وبدأ بتجارة السلع الأساسية. وقد جاء من عائلة من الطبقة المتوسطة في مجال النسيج ليكوّن ثروته، على عكس كثير من المليارديرات الآخرين الذين يرثون ثرواتهم بالوراثة.

وهو متزوج من طبيبة الأسنان بريتي أداني، ولديه ابنان هما كاران وجيت، وكلاهما يعمل في أعمال الشركة، مثل كثيرين آخرين في العائلة.

ووفقاً لشخص على دراية مباشرة بتعاملاته، فإن لديه أسلوباً «عملياً للغاية» في إدارة إمبراطوريته، وقال إنه يهدف إلى توريثها للجيل المقبل في العائلة عندما يبلغ من العمر 70 عاماً.

وصف أداني نفسه في مقابلات مع وسائل الإعلام المحلية والأجنبية بأنه شخص خجول، وعزا ارتفاع شعبيته جزئياً إلى الهجمات السياسية التي واجهها.

المستثمرون يتخارجون

أعلنت شركة النفط الفرنسية العملاقة «توتال إنرجيز» في بيان يوم الاثنين، أنها أوقفت الاستثمارات الجديدة في مجموعة «أداني» بسبب اتهامات الرشوة.

موظفة تسير أمام بث رقمي في بورصة مومباي للأوراق المالية (أ.ف.ب)

وكانت خطوة «توتال إنرجيز» أول التداعيات الكبرى من تخارج الاستثمارات من المجموعة.

وتمتلك «توتال» حصة 20 في المائة في «أداني للطاقة الخضراء»، ولديها مقعد في مجلس إدارة الشركة الهندية.

كما تمتلك «توتال» أيضاً حصة 37.4 في المائة بشركة «أداني توتال للغاز المحدودة»، بالإضافة إلى حصة 50 في المائة في 3 مشروعات مشتركة للطاقة المتجددة مع شركة «أداني للطاقة الخضراء».

ويوم الثلاثاء، أعلنت «أداني للطاقة الخضراء» أنه لا يوجد أي تعهد مالي جديد قيد المناقشة مع «توتال إنرجيز».

وأضافت في بيان للبورصة، أن بيان «توتال إنرجيز» لن يكون له أي تأثير مادي على عمليات «أداني للطاقة الخضراء» أو خطتها للنمو.

وانخفضت أسهم «أداني للطاقة الخضراء» بنسبة 7 في المائة يوم الثلاثاء، لتواصل انخفاضها بنسبة 8 في المائة بعد بيان «توتال إنرجيز».

وخسرت الشركة أكثر من 9.5 مليار دولار من قيمتها السوقية منذ توجيه الاتهامات الأميركية.