عشائر صلاح الدين وكركوك.. خدعها «داعش» باسم المظلومية فبلع بعضها الطعم

«الشرق الأوسط» تفتح ملف العشائر على ضوء دعوة العبادي إلى «ثورة عشائرية» (2)

عناصر أمن عراقية تنتشر على أحد مداخل تكريت مركز محافظة صلاح الدين (رويترز)
عناصر أمن عراقية تنتشر على أحد مداخل تكريت مركز محافظة صلاح الدين (رويترز)
TT

عشائر صلاح الدين وكركوك.. خدعها «داعش» باسم المظلومية فبلع بعضها الطعم

عناصر أمن عراقية تنتشر على أحد مداخل تكريت مركز محافظة صلاح الدين (رويترز)
عناصر أمن عراقية تنتشر على أحد مداخل تكريت مركز محافظة صلاح الدين (رويترز)

طبقا لرواية النائب في البرلمان العراقي عن محافظة صلاح الدين مشعان الجبوري لا تبدو قصة سقوط محافظة صلاح الدين ومركزها مدينة تكريت مشابها لقصة سقوط الموصل 10 يونيو (حزيران) 2014.
ففي سرده لهذه القضية الخطيرة وما ترتب عليها من مواقف عشائرية حادة التباين في محافظة متنوعة عشائريا وعرقيا ومذهبيا، يرى الجبوري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «تنظيم داعش نجح في إحداث شرخ خطير بين صفوف عشائر صلاح الدين كما نجح في خلق خلافات عشائرية معقدة قد تستمر فترة طويلة من الزمن لأن التنظيم مارس في واقع الأمر في بدء دخوله إلى محافظة صلاح الدين سياسة الخداع للعشائر من بوابة المظلومية التي يعيشها أبناء السنة في تلك المحافظات»، مضيفا أن «هذه الخدعة انطلت بالدرجة الأساس على العشائر الصغيرة في المحافظة التي انقسمت بدورها إلى قسمين، الأول، من هذه العشائر أعلن ترحيبه بـ(داعش) تحت هذه الذريعة، أما الثاني، منها فإنه أراد أن يتذاكى على (داعش) وأن يتخذ منها بوابة للعودة إلى السلطة التي فقدها».
مشعان الجبوري الذي يؤيد قسم من طروحاته هذه الشيخ حسن الخزرجي، نائب رئيس مجلس عشائر صلاح الدين ومستشار المحافظ للشؤون العشائرية. ويقول الجبوري - «إنني إذا شئت أن أعطي أمثلة واضحة على ذلك فإن عشيرة البيجات (العشيرة التي ينتمي لها رئيس النظام السابق صدام حسين وتقطن العوجة جنوب تكريت) تكاد تكون كلها مع (داعش) من منطلقات كثيرة لعل في المقدمة منها أنها تمني نفسها بالعودة إلى السلطة بأي ثمن حتى لو بوساطة (داعش) لكن التنظيم أمره مختلف فهو وإن تدخل تحت هذه اليافطة أو تلك لكنه ما أن يتمكن فإنه يبدأ بفرض قوانينه ولوائحه ويقوم على البيعة التامة للوالي والخليفة دون نقاش».
ولا تفوت الجبوري، وهو سياسي مثير للجدل ويوصف بأنه يتخذ مواقف حادة، الإشارة إلى مجزرة قاعدة «سبايكر» في تكريت التي قتل فيها «داعش» مئات الجنود، قائلا: إن «هذه المجزرة نموذج صارخ لهذا التناقض الذي تحدثنا عنه بينما تمنى البعض الوصول إليه من غايات وبين ما أراده (داعش)، إذ إن من ارتكب هذه الجريمة بحق الجنود الشيعة في تلك القاعدة لم يكونوا من الدواعش الذين دخلوا تكريت في اليوم الثاني بل من فعلها هم أفراد من عشيرة البيجات وأفراد من عشائر أخرى صغيرة هناك من باب انتقامي أولا وتثبيت أمر واقع ثانيا سرعان ما رفضه (داعش) الذي لم يعط هؤلاء المنفذين أي امتياز سوى الانتماء إلى التنظيم وأصبحوا مطلوبين عشائريا ومنها عشائر الوسط والجنوب».
الجبوري في سياق سرده لوضع العشائر في صلاح الدين يرى أن «العشائر الكبيرة في صلاح الدين، وفي المقدمة منها الجبور، تقاتل ضد (داعش) وهي متماسكة إلى حد كبير وحظيت بمساندة الحكومة والحشد الشعبي الشيعي، أما عشائر أخرى مهمة مثل الخزرج والقيسيين مثلا فهي تكاد تنقسم بين محاربة (داعش) وبين إما الانضواء تحته أو الصمت حيال ممارساته لأن مناطقها محتلة من التنظيم، وحيث إن المنظومة العشائرية تحمل العشيرة مسؤولية ما يفعله أفراد منها فإن عشائر صلاح الدين في وضع لا تحسد عليه بسبب هذا الالتباس الحاصل بين ما تريده وما هو موجود على أرض الواقع».
أما الشيخ حسن الخزرجي، نائب رئيس مجلس شيوخ صلاح الدين ومستشار المحافظ للشؤون العشائرية، فيرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: أن «العشائر في صلاح الدين وإن كانت لا تختلف عن العشائر العربية الأخرى في عموم العراق فإن ما يميز محافظة صلاح الدين هو أنها نسيج متنوع عشائريا حيث فيها سنة وشيعة في كل عشيرة تقريبا فضلا عن كون صلاح الدين أصلا تتكون من عرب وأكراد وتركمان وبالتالي فإن العشائر تسعى للمحافظة على وحدتها التي اهتزت بالفعل عند دخول (داعش)»، مشيرا إلى أن «تنظيم داعش دخل تحت ذريعة حماية أهل السنة مما يعانونه من مظلومية وللأسف فإن هناك سياسيين عملوا على تغذية مثل هذا الشعور لاعتقادهم بإمكانية استثمار (داعش) لصالحهم وهو ما لم يتحقق».
ويضيف الشيخ الحزرجي قائلا: إن «النسيج العشائري في عموم صلاح الدين بدأ يتماسك ثانية بعد أن بدأت العشائر تقاتل (داعش) في كل المدن والقصبات التابعة لصلاح الدين رغم أن هناك حواضن للدواعش في بعض المناطق مثل مدينة تكريت والشرقاط وبيجي. الانتفاضة العشائرية بدأت تتسع بعد أن بلعت الكثير من العشائر الطعم أول مرة وتم تضليلها لكن انكشفت الأمور الآن بشكل واضح تماما».
ولا تبتعد رؤية الشيخ شعلان الكريم، أحد شيوخ عشائر صلاح الدين وعضو البرلمان، عن الرؤية التي قدمها زميله النائب مشعان الجبوري أو الشيخ حسن الخزرجي بشأن وضع عشائر صلاح الدين اليوم. ففي حديثه لـ«الشرق الأوسط» يقول الشيخ الكريم إن «النسيج العشائري في صلاح الدين يعد من بين الأقوى ما بين العشائر العربية في العراق وهذا أمر معروف لكن هذه العشائر لا تزال تعتمد في حل المشكلات التي تعترضها على مجموعة الأعراف التي تحتكم إليها العشائر في أي نزاع ومن خلال شيوخ العشائر وأهل الرأي والحكمة»، مشيرا إلى أن «هذا الأمر كان ولا يزال موجودا لكن حصلت متغيرات لا بد من الإشارة إليها ومنها دخول الإرهاب بعد عام 2003 إلى العراق الذي أصبحت للمحافظات الغربية حصة الأسد منه». ويضيف الشيخ الكريم قائلا «وحيث إن الإرهاب لا دين له فإنه أيضا لا عشيرة له حيث دخل أفراد من كل العشائر سواء في صلاح الدين أو الأنبار أو ديالى أو كركوك أو الموصل إلى المجاميع الإرهابية وأود هنا أن أوضح أنني لا أقصد مجاميع المقاومة لأنها كانت مشروعة بل أقصد مجاميع إرهابية انتمى إليها قسم من أبناء عشائرنا حتى حين دخل (داعش) الذي وجد حواضن له هنا وهناك». ويرى الكريم أن «العشائر وبعد أن أدركت حقيقة هذا الوضع انتفضت ضد هذا الواقع وهي اليوم تحارب الإرهاب و(داعش) وأود التأكيد على أن لشيوخ العشائر دورا بارزا في توحيد صفوف عشائرهم بهذا الاتجاه بعد أن ثبت للجميع أن (داعش) بدأ يستهدف النسيج العشائري والاجتماعي وفرض أجندات لا قبول للعشائر بها من قبل».
وفي منطقة عشائرية كبيرة مثل قضاء الحويجة وناحيتي الرياض والرشاد التابعتين لمحافظة كركوك حيث عشائر العبيد والجبور فإن أمرهما يبدو مختلفا بسبب وقوع تلك المناطق لا سيما الحويجة تحت سيطرة «داعش». ويوضح الشيخ أبو فراس، وهو أحد شيوخ عشيرة العبيد هناك ممن لا يستطيع المجاهرة باسمه الصريح، لـ«الشرق الأوسط» إن «أمر العشائر في الكثير من مناطق كركوك لا ينطبق عليه ما ينطبق على العشائر في المناطق الأخرى وهنا أتحدث عن عشائر العبيد والجبور والبوحمدان والسادة النعيم والدوريين في الحويجة وفي كل من ناحيتي الرشاد والرياض حيث إن الذي حصل أن (داعش) تمدد في هذه المناطق وفرض سيطرته، وبالتالي فإن كل من لم يقف إلى جانبه خرج من المنطقة ومن بينهم شيوخ العشائر مثل شيوخ العبيد والجبور بينما هناك من بقي صامتا وفي بالمقابل صمت عنه (داعش) ولا أحد يتحرك لا بالسلب ولا بالإيجاب».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.