الرئيس المصري يلتقي قادة الأحزاب السياسية لأول مرة منذ توليه السلطة

حزب الإصلاح لـ «الشرق الأوسط» : الإرهاب وقائمة الجنزوري والطلبة الموقوفون على رأس الاهتمامات

د. كمال الجنزوري
د. كمال الجنزوري
TT

الرئيس المصري يلتقي قادة الأحزاب السياسية لأول مرة منذ توليه السلطة

د. كمال الجنزوري
د. كمال الجنزوري

يلتقي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم (الاثنين) بمقر قصر الاتحادية الرئاسي (شرق القاهرة)، رؤساء الأحزاب في مصر، وهو اللقاء الأول بين الرئيس والأحزاب منذ توليه قيادة البلاد مطلع يونيو (حزيران) الماضي. وأعلن عدد من رؤساء الأحزاب عن تلقيهم دعوات للحضور، مؤكدين أنها «خطوة جيدة على الطريق الصحيح»، وتوقعوا ألا تبعد كثيرًا عن الحديث حول الإجراءات المتعلقة بانتخابات مجلس النواب، وكذلك المستجدات العربية والإقليمية.
وقال رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات لـ«الشرق الأوسط» إن «قضية الإرهاب، وقائمة الجنزوري، وحيادية انتخابات البرلمان، والطلبة الموقوفين في قضايا عنف.. على رأس اهتمامات الأحزاب خلال اللقاء». وبينما قال السيد مصطفى خليفة نائب رئيس حزب النور، أكبر الأحزاب السلفية في مصر، لـ«الشرق الأوسط»، إن «حزبه تلقي دعوة للقاء الرئيس.. وإن الحزب سيطرح على الرئيس عددا من المطالب تم الإعداد لها»، قال أحمد إمام المتحدث الرسمي لحزب مصر القوية لـ«الشرق الأوسط»، إن حزبه الذي يترأسه القيادي الإخواني المنشق عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح الرئاسي الأسبق في الانتخابات الرئاسية عام 2012، لم يتلق حتى الآن دعوة رسمية لحضور لقاء الرئيس.
والتقى الرئيس السيسي أهالي سيناء في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وأشاد بوطنيتهم المعهودة وما بذلوه من جهود وما قدموه من تضحيات من أجل الوطن، والتقى بمجموعة من شباب المبدعين المتخصصين في مختلف مجالات التطبيقات والبرامج الإلكترونية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كما التقى الرئيس مع قيادات إعلامية مصرية رسمية وخاصة في يوليو (تموز) الماضي.
لكن عدم التقاء الرئيس مع الأحزاب السياسية اعتبرته الأحزاب «تهميشا لها»، حسب مصادر حزبية تحدثت مع «الشرق الأوسط»، لكنها قالت أمس بعد توجيه الدعوة للقاء السيسي، إن «اللقاء خطوة جيدة على الطريق الصحيح، وإنه رغم تأخر هذا اللقاء؛ فإنه في النهاية قرار يستحق التشجيع»، مضيفة أن «اللقاء يعكس مدى حرص القيادة السياسية في مصر على تبادل الآراء والأفكار مع الأحزاب المصرية والقوى السياسية ومؤسسات الدولة، وبحث سبل دعمهم في إطار من الحيادية والاستقلالية».
من جهته، قال محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، إن «لقاء الرئيس لبحث آخر مستجدات المشهد السياسي، والاستعدادات للانتخابات البرلمانية المقبلة»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أن «اللقاء مع الرئيس سوف يتناول المشهد السياسي وزيارة الرئيس المرتقبة لإثيوبيا»، مؤكدا أن الرئيس سوف يدير حوارا مع الأحزاب حول الانتخابات البرلمانية، لافتا إلى أن «الأحزاب سوف تطالب الرئيس بالتأكيد على الحيادية والاستقلال خلال مرحلتي الاقتراع في الانتخابات البرلمانية، وموقف الرئيس من قائمة الجنزوري».
وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات، قبل يومين، تحديدها 21 مارس (آذار) المقبل موعدا لبدء انتخابات مجلس النواب (البرلمان)، على مرحلتين تنتهي مطلع مايو (أيار) المقبل. وأعلن رئيس وزراء مصر الأسبق، الدكتور كمال الجنزوري، الانتهاء من قائمة وطنية، تضم أحزابا سياسية متنوعة، وائتلافات ثورية، وعددا من الوزراء والمسؤولين السابقين في الدولة، وأساتذة جامعات وقانونيين وبعض الشخصيات العامة. وتردد أن القائمة تتبع مؤسسة الرئاسة المصرية، لذلك قال السادات أمس: «سوف نتحدث مع الرئيس بهذا الشأن».. وتجرى الانتخابات في مصر وفقا لنظام مختلط يجمع بين (الفردي والقائمة). وقال رئيس حزب الإصلاح والتنمية «سوف نتحدث مع الرئيس بضرورة مراجعة موقف طلاب الجامعات الموقوفين على ذمة قضايا تتعلق بمظاهراتهم، وسوف نطالب الرئيس بسرعة الإفراج عنهم»، لافتا إلى «إننا سوف نطمئن من الرئيس على ما يحدث في سيناء وما تبذله الدولة من جهود، لمحاربة الإرهاب والتطرف».
وحول ما إذا كان حزبه سوف يطرح مسألة مشاركة نواب الحزب الوطني المنحل (الذي كان يرأسه الرئيس الأسبق حسني مبارك) في الانتخابات البرلمانية، قال السادات: «لا.. لن نناقشها خلال اللقاء»، لافتا إلى أن «هذه المسألة أصبحت متروكة للمصريين خلال الاقتراع، لاختيار من يشاءون».
ولم يستبعد السادات طرح الأحزاب، إقامة احتفالية كبرى في ذكرى «ثورة 25 يناير»، لاستعراض إنجازات الدولة المصرية.
في ذات السياق، أعلن حزب النور، الذراع السياسية للدعوة السلفية، تلقيه دعوة من الرئاسة لحضور لقاء السيسي مع رؤساء الأحزاب. وقال نائب رئيس الحزب لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحزب سيطرح على الرئيس عددا من المطالب، تم الإعداد لها».
وشارك حزب النور في صياغة خارطة المستقبل المصرية، عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في 3 يوليو من العام قبل الماضي، وهو الموقف الذي أشعل الوضع بين الدعوة السلفية وحزبها، وقوى إسلامية مؤيدة لجماعة الإخوان، واتهمت الأخيرة حزب النور وقتها، بالوقوف ضد التجربة الإسلامية.. كما كان النور السلفي عضوا أصليا في لجنة الـ50 التي أعدت الدستور المصري مطلع يناير (كانون الثاني) من العام الماضي.
من جانبه، قال أحمد إمام المتحدث الرسمي باسم حزب مصر القوية، لـ«الشرق الأوسط»، إن حزبه «لم يتلق دعوة رسمية حتى كتابة هذه السطور لحضور اللقاء»، رافضا التعليق حول ما يتعلق بعدم دعوة الرئاسة لحزبه للقاء الرئيس.
وحزب مصر القوية أسسه القيادي الإخواني المنشق عبد المنعم أبو الفتوح، عقب خسارته الانتخابات الرئاسية عام 2012 وحلوله في المركز الرابع. ويوصف الحزب، الذي تشكلت معظم قياداته من المحسوبين على تيار الإسلام السياسي، بأنه من أحزاب يسار الوسط أو ما يعرف بالأحزاب الديمقراطية الاجتماعية، الوسطية في فهمها لدور الدين في الدولة، بحسب تعريف الحزب عن نفسه في برامجه.
وسبق للحزب، الذي شارك في ثورة 30 يونيو وإسقاط الرئيس الإسلامي مرسي، أن قاطع عملية التصويت على دستور 2014، وكذلك الانتخابات الرئاسية الماضية، لاعتراضه عليهما أيضا. ولوح بمقاطعة الانتخابات البرلمانية.
وينظر معارضون للحزب من القوى المدنية على أنه البوابة الخلفية لجماعة الإخوان المسلمين، في ظل تبنيه مواقف سياسية متشابهة في كثير من الأحيان، وإن كانت بطرق سلمية. ويرى مراقبون أن «عدم دعوة الرئاسة لحزب مصر القوية، لتحفظ حزب أبو الفتوح على خطوات خارطة طريق المستقبل، والتي تنتهي بانتخابات البرلمان».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.