تركيا تتمركز عسكرياً بنقطتين جديدتين في سوريا

مقاتل سوري من فصيل «السلطان مراد» المدعوم من تركيا خلال عرض عسكري في عفرين بمحافظة حلب شمال سوريا الثلاثاء الماضي (أ.ف.ب)
مقاتل سوري من فصيل «السلطان مراد» المدعوم من تركيا خلال عرض عسكري في عفرين بمحافظة حلب شمال سوريا الثلاثاء الماضي (أ.ف.ب)
TT

تركيا تتمركز عسكرياً بنقطتين جديدتين في سوريا

مقاتل سوري من فصيل «السلطان مراد» المدعوم من تركيا خلال عرض عسكري في عفرين بمحافظة حلب شمال سوريا الثلاثاء الماضي (أ.ف.ب)
مقاتل سوري من فصيل «السلطان مراد» المدعوم من تركيا خلال عرض عسكري في عفرين بمحافظة حلب شمال سوريا الثلاثاء الماضي (أ.ف.ب)

شرعت القوات التركية بشمال سوريا في إنشاء نقطتي مراقبة تقع الأولى في جنوب إدلب والأخرى في عين عيسى شمال الرقة، وسط تصعيد النظام السوري هجماته في جبل الزاوية جنوب إدلب وأنباء عن عملية عسكرية قد تنفذها تركيا شرق الفرات إذا اقتضت الضرورة.
وأقامت القوات التركية، أمس (الجمعة)، نقطة مراقبة جديدة في منطقة جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي بعد نحو أسبوعين من إخلاء نقطتي مورك وشير مغار في شمال حماة وغربها.
ودفعت القوات التركية بثماني دبابات وعشر سيارات نقل تحمل معدات لوجيستية وأسلحة خفيفة، كما استقدمت آليات عسكرية متنوعة ومصفحات وأكثر من 200 جندي إلى النقطة الجديدة التي تقع في قرية بليون في جبل الزاوية، وبدأت إنشاء نقطة عسكرية تبعد عن مناطق تمركز قوات النظام في مدينة كفرنبل مسافة 9 كيلومترات فقط.
وفي الوقت ذاته، تواصل القوات التركية أعمالها لإخلاء نقطتين عسكريتين أخريين تابعتين لها تحاصرهما قوات النظام في ريفي إدلب وحلب، وذلك بعد إخلاء نقطتي مورك وشير مغار في حماة.
وتخطط تركيا للانتهاء من إخلاء نقاطها العسكرية الواقعة ضمن مناطق سيطرة النظام في شمال غربي سوريا بحلول ديسمبر (كانون الأول) المقبل، تبعاً لمسار المفاوضات مع روسيا، ومدى التقدم في التوصل إلى تفاهمات حول مستقبل المنطقة والنقاط الخلافية العالقة بين أنقرة وموسكو.
في السياق ذاته، استمر تحليق طائرات الاستطلاع التابعة لجيش النظام في أجواء جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، كما قصفت قوات النظام مناطق في بينين كنصفرة، والفطيرة، وكفرعويد وسفوهن جنوب إدلب.
واستهدفت القوات التركية المتمركزة في معسكر المسطومة بالقرب من مدينة إدلب، ليل الخميس - الجمعة، مدينة سراقب الخاضعة لسيطرة قوات النظام والمسلحين الموالين لها بثلاث قذائف مدفعية.
وجرت استهدافات متبادلة بين قوات النظام من جهة، وفصائل المعارضة السورية المسلحة من جهة أخرى، حيث قصفت الأولى مواقع الفصائل غرب مدينة سراقب، فيما ردت الفصائل بالقصف على مواقع قوات النظام في المدينة ومحيطها، حسبما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
في الوقت ذاته، بدأت القوات التركية إنشاء قاعدة عسكرية تابعة لها، على بُعد كيلومترين من بلدة عين عيسى في ريف الرقة الشمالي.
وذكر المرصد أن القوات التركية بدأت إنشاء قاعدة عسكرية تابعة لها في قرية طماميح بريف عين عيسى، على بُعد نحو كيلومترين، حيث بدأت بجلب معدات لوجيستية ومعدات بناء لإنشاء القاعدة.
يأتي ذلك في ظل تصاعد عمليات القصف الصاروخي والاستهدافات من القوات التركية والفصائل الموالية لها لعناصر «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في عين عيسى وريفها. وأُصيب 3 مدنيين جراء القصف الذي تركز على قرية صيدا الخاضعة لسيطرة «سوريا الديمقراطية». كما سقطت قذائف أطلقتها القوات التركية على مداخل ناحية عين عيسى.
ورفعت القوات التركية الموجودة في شمال شرقي سوريا، تأهبها تحسباً لإطلاق عملية عسكرية جديدة في محافظة الرقة. وجاء إنشاء القاعدة العسكرية التركية في المنطقة في هذا الإطار.
وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، قد لمح إلى إمكانية القيام بعملية عسكرية جديدة في سوريا، قائلاً إن بلاده قد توسع عملياتها العسكرية هناك في أي لحظة، إذ تعرضت مصالحها للاستهداف، وذلك بعد أن لوّح الرئيس رجب طيب إردوغان باللجوء مجدداً إلى عمليات عسكرية للقضاء على ما سماها «المنظمات الإرهابية»، في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية، أكبر مكونات «سوريا الديمقراطية»، لافتاً إلى أنه لم يتم الالتزام بالاتفاقات الموقعة في هذا الصدد، في إشارة إلى الاتفاقات مع واشنطن وموسكو في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، إثر عملية «نبع السلام» العسكرية التركية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.