بدأت باكو أمس في استعادة الأقاليم السبعة التي كانت تشكل شريطا أمنيا للانفصاليين في ناغورني قره باغ، فيما يجري نشر نحو ألفي جندي روسي لحفظ السلام من أجل ضمان احترام المتحاربين لوقف إطلاق النار الموقع بين باكو وناريفان. وكانت قد استعادت أذربيجان أربعة أقاليم منها بقوة السلاح خلال النزاع المسلح الذي بدأ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بينما ستتسلم ثلاثة أخرى هي أغدام (أمس الجمعة)، وكالباجار في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) ولاشين في الأول من ديسمبر (كانون الأول)، إضافة إلى المكاسب التي حققتها داخل ناغورني قره باغ بحد ذاتها ولا سيما شوشة ثاني مدن الإقليم. وخسرت جمهورية قره باغ المعلنة من جانب واحد أراضي لكنها ضمنت بقاءها.
أعلن الجيش الأذربيجاني صباح الجمعة دخوله إلى إقليم أغدام، بعد أولى عمليات الانسحاب الثلاث للقوات الأرمنية التي ينص اتفاق وقف الأعمال القتالية عليها. وقال وزير الدفاع الأذربيجاني إن «وحدات الجيش الأذربيجاني دخلت إقليم أغدام»، في إشارة إلى هذه المنطقة التي كان يسيطر عليها الانفصاليون الأرمن منذ حوالي ثلاثين عاما واضطروا للتنازل عنها بعد هزيمتهم في النزاع الدموي هذا الخريف. وتنازل انفصاليو ناغورني قره باغ الأرمن عنها بموجب اتفاق وقف الأعمال القتالية الذي أنهى ستة أسابيع من الحرب. وكانت قد سيطرت القوات الأرمنية منذ ثلاثين عاما على الإقليم الانفصالي خلال الحرب التي جرت في تسعينات القرن الماضي وخلفت عشرات آلاف القتلى ومئات آلاف النازحين.
وقالت وزارة الدفاع الأذربيجانية في بيان، كما نقلت عنها الصحافة الفرنسية إنه «بموجب الإعلان الثلاثي (وقف الأعمال العدائية) الموقع من رئيس أذربيجان ورئيس حكومة أرمينيا ورئيس روسيا، دخلت وحدات من الجيش الأذربيجاني إلى منطقة أغدام في 20 نوفمبر (تشرين الثاني)». ويكرس الاتفاق الموقع في التاسع من نوفمبر، وأجرى المفاوضات بشأنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هزيمة الأرمن بعد ستة أسابيع من القتال قضى فيها آلاف على الأرجح هذا الخريف. ولم ينتظر السكان الأرمن وصول قوات باكو للفرار. ففي قرية نور ماراغا (كيزيل كنجرلي بحسب تسميتها الأذربيجانية) في منطقة أغدام، شاهدت وكالة الصحافة الفرنسية السكان يذبحون ماشيتهم ويحصدون ثمارهم وينقلون منازلهم على مدار اليومين الماضيين، وهم يشعرون بمرارة لاضطرارهم لترك مزارعهم وبساتينهم. وفي قرية نور كارميرافان (تسميها أذربيجان بابراوند)، كان السكان يقومون بتحميل أثاثهم في مقطورات. وأضرم بعضهم النار في منازلهم حتى لا يتركوا سوى الخراب للأذربيجانيين. في أغدام التي تحولت لمدينة أشباح منذ ثلاثين عاما ويمتلك فيها الانفصاليون قاعدة خلفية، قام الجنود الأرمن الخميس بتدمير وإحراق مقر قيادتهم قبل مغادرة المنطقة. وفي نهاية الحرب في تسعينات القرن الماضي، حدثت هجرة عكسية إذ فر جميع السكان الأذربيجانيين من هذه المناطق. وبعد ذلك شجعت أرمينيا على توطين أرمن في المنطقة. ويمثل اتفاق إنهاء الأعمال العدائية هزيمة مهينة لأرمينيا، تدينها المعارضة خصوصا التي تتهم رئيس الوزراء نيكول باشينيان بأنه «خائن» وتطالب بلا جدوى حتى الآن باستقالته. ومع ذلك اقتصرت احتجاجات الشوارع على بضعة آلاف الأشخاص. من جهته، ظهر الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف هذا الأسبوع، مرتديًا زيا عسكريا وترافقه زوجته نائبة رئيس البلاد، في بعض الأماكن الرمزية في الأراضي التي استعادتها أذربيجان.
ولقي إنهاء الأعمال العدائية ترحيبا واسعا من قبل المجتمع الدولي. ومع ذلك، دعت فرنسا موسكو إلى إزالة بعض «الغموض» من النص لا سيما بشأن دور تركيا الداعمة الكبيرة لأذربيجان والعدوة اللدودة لأرمينيا. وبينما لم يرد ذكر تركيا في أي مكان في اتفاق إنهاء الأعمال العدائية، أكدت أنقرة بعد توقيعه أن جنودا أتراكا سيشاركون في مراقبة وقف إطلاق النار من مركز تنسيق مشترك مع روسيا في أذربيجان. لكن الرئيس الروسي أكد أنه لن يتم نشر أي جنود أتراك في ناغورني قره باغ. وأخيرا لا يشير اتفاق إنهاء القتال إلى استئناف المفاوضات حول وضع المنطقة الانفصالية، القضية التي تسمم العلاقات في جنوب القوقاز منذ عقود.
الجيش الأذربيجاني يبدأ دخول 7 أقاليم انسحبت منها أرمينيا
الجيش الأذربيجاني يبدأ دخول 7 أقاليم انسحبت منها أرمينيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة