السلطة لإعادة سفيريها إلى الإمارات والبحرين

في إطار تهيئة الأجواء أمام الإدارة الأميركية الجديدة

أشتية خلال جلسة حوارية اقتراضية مع مجلس العلاقات الخارجية الأميركي الثلاثاء (وفا)
أشتية خلال جلسة حوارية اقتراضية مع مجلس العلاقات الخارجية الأميركي الثلاثاء (وفا)
TT

السلطة لإعادة سفيريها إلى الإمارات والبحرين

أشتية خلال جلسة حوارية اقتراضية مع مجلس العلاقات الخارجية الأميركي الثلاثاء (وفا)
أشتية خلال جلسة حوارية اقتراضية مع مجلس العلاقات الخارجية الأميركي الثلاثاء (وفا)

تتجه السلطة الفلسطينية إلى إعادة سفيريها إلى الإمارات والبحرين، في خطوة مهمة، هي الثانية بعد إعادة جميع العلاقات مع إسرائيل، منذ فوز جو بادين بانتخابات الرئاسة الأميركية.
واستدعت السلطة سفيرها من الإمارات يوم 13 أغسطس (آب) المنصرم، في أعقاب بيان إماراتي إسرائيلي أميركي حول التوصل إلى اتفاق تطبيع العلاقات، كما تم استدعاء السفير الفلسطيني من البحرين يوم 11 سبتمبر (أيلول)، عقب إعلان مماثل، وصفته السلطة في حينها بـ«الخيانة للقدس والأقصى والقضية الفلسطينية، وبأنه اعتراف بـالقدس عاصمة لإسرائيل». وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن قرار إعادة السفيرين الذي لم يدخل بعد حيز التنفيذ، هو في إطار توجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس لتغيير السياسات وتهيئة الأجواء أمام الإدارة الأميركية الجديدة، لبدء مسار سياسي جديد.
والتقى أمس وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، في مقر الوزارة برام الله، سفير فلسطين لدى الإمارات العربية المتحدة عصام مصالحة. وقال بيان إنهما تباحثا «بأمور سفارتنا في أبوظبي والقنصلية العامة في دبي، وكذلك أوضاع الجالية والتسهيلات القنصلية المقدمة لها خلال فترة الجائحة. كما ناقش الطرفان الوضع السياسي العام، وجهود القيادة لتحقيق المصالحة والتوافق على الانتخابات، بالإضافة للإنجاز الأخير بإقرار إسرائيل بمرجعية الاتفاقيات الموقعة بينها وبين منظمة التحرير الفلسطينية».
وأكد البيان أنه سيتم عقد اجتماع آخر الأسبوع القادم مع السفير مصالحة لاستكمال هذه المناقشات. ولم يشر البيان إلى عودة السفير للإمارات؛ لكن مثل هذه الاجتماعات لا يصدر لها عادة بيان رسمي. ويبدو أن السلطة تمهد إلى إعلان قرار رسمي حول الأمر، متجنبة فوراً انتقادات شعبية بعدما طالها كثير منها، إثر إعلان استعادة العلاقة مع إسرائيل. وستكون هذه الخطوة جزءاً من تغيير مهم في الاستراتيجية الإقليمية للسلطة الفلسطينية، في أعقاب فوز بايدن في الانتخابات الرئاسية الأميركية. وتأتي بعد أن أعادت السلطة جميع الاتصالات مع إسرائيل، بما فيها الاتصالات الأمنية، بعد رسالة من منسق أعمال الحكومة في الأراضي الفلسطينية، قال فيها إن إسرائيل ملتزمة بالاتفاقات، منهية بذلك مرحلة قصيرة ومثيرة من عمرها، قبل أن تعود إلى الوضع الطبيعي.
وأعلنت السلطة رسمياً إعادة العلاقات مع إسرائيل، بعد حوالي 6 أشهر من وقفها، وشمل القرار إعادة التنسيق الأمني والمدني في هذه المرحلة، وقد يعني العودة إلى المفاوضات السياسية في مرحلة مقبلة. وتبلور التوجه الجديد بعد خسارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية، وهو الذي كانت علاقة السلطة به صعبة ومتوترة ومعقدة، في أعقاب اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، وإيقافه المساعدات المالية للسلطة، وقيامه بطرد السفير الفلسطيني في واشنطن، وطرح خطة سلام تقوم على منح إسرائيل كل شيء، الحدود والقدس وأشياء أخرى.
وتقاطع السلطة الفلسطينية إدارة ترمب منذ عام 2017؛ لكنها ترى الآن بارقة أمل مع بايدن الذي عارض أجزاء من خطة ترمب للسلام، وتعهد بالتراجع عن بعض السياسات في عهده.
وضمن التغييرات المرتقبة في السياسة الفلسطينية، قيام السلطة بمراجعة آلية دفع رواتب الأسرى وعائلات منفذي العمليات. واعتزامها إجراء تعديلات على مخصصات الأسرى في سجون الاحتلال «لتجديد صورتها أمام الإدارة الأميركية الجديدة». وتأتي التعديلات المقررة عملاً بنصائح ديمقراطيين متعاطفين، حذروا مراراً من أنه «من دون وقف هذه المخصصات، سيكون مستحيلاً على الإدارة الجديدة القيام بأي خطوة وازنة تجاههم». ويقوم مقترح تعديل صرف مخصصات الأسرى على منح عائلاتهم مخصصات، بناءً على أوضاعهم الاجتماعية وليس على طول مدة بقائهم في السجن، كما هو معمول حالياً. وينتظر أن تؤدي التعديلات المقررة إلى غضب شعبي عام واتهامات شتى، بعد إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مراراً، أنه لن يخضع لأي ضغوط متعلقة برواتب الأسرى، ومن غير المتوقع أن تؤثر الانتقادات على موقف السلطة الماضية في انتهاج سياسة مُرضية لإدارة بايدن.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.