مصر ترفض «تدخلاً فرنسياً» في شؤونها

رداً على انتقادات باريس لحبس ناشط حقوقي

TT

مصر ترفض «تدخلاً فرنسياً» في شؤونها

رفضت الخارجية المصرية ما اعتبرته «تدخلاً فرنسياً» في شؤونها الداخلية، بعد انتقادات باريس للقبض على مسؤول بمنظمة حقوقية بارزة، وتوجيه اتهامات له تتعلق بـ«الإرهاب».
ووفق «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية»، فإن نيابة أمن الدولة العليا أمرت بحبس المدير الإداري بالمنظمة محمد بشير (15 يوماً)، بتهم «الانضمام إلى جماعة إرهابية وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة وتمويل الإرهاب»، بعد القبض عليه من منزله يوم الأحد الماضي.
كما أعلنت القبض على كريم عنارة، مدير وحدة العدالة الجنائية بالمنظمة، يوم الأربعاء الماضي أيضاً.
وجاء القبض على الاثنين بعدما زار دبلوماسيون كبار منظمة «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية» من أجل الحصول إلى إفادة بشأن وضع حقوق الإنسان في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. وعبرت وزارة الخارجية الفرنسية «الثلاثاء» عن «قلقها العميق» إزاء القبض على محمد بشير. غير أن القاهرة رفضت بيان الخارجية الفرنسية، واعتبرته تدخلاً في شأن داخلي مصري ومحاولة التأثير على التحقيقات التي تجريها النيابة العامة. وقال أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، إن «هذا هو المبدأ الذي تلتزم به مصر من حيث الامتناع عن التدخل أو التعليق على الإجراءات التي تتخذها سلطات إنفاذ القانون في الدول الأخرى، بما فيها فرنسا».
وأعرب حافظ، في بيان له، مساء أول من أمس، عن «الأسف لعدم احترام البيان الصادر عن وزارة الخارجية الفرنسية للقوانين المصرية»، ودفاعه عن كيان وصفه بأنه «يعمل بشكل غير شرعي في مجال العمل الأهلي»، في ضوء أن «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مسجلة كشركة، وتمارس أنشطة أخرى بالمخالفة لما يقضي به القانون رقم 149 لسنة 2019 من خضوع نشاطها لولايته».
وشدد حافظ على أن «الدولة المصرية تحترم مبدأي سيادة القانون والمساواة أمامه، وأن العمل في أي من المجالات يجب أن يكون على النحو الذي تنظمه القوانين المطبقة، ويتم محاسبة من يخالفها»، وأكد «عدم تمتع أي فئة من الأشخاص بحصانة لعملها في مجال محدد». كما نوه إلى «ضرورة احترام مبدأي السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية اللذين نص عليهما القانون الدولي الذي يحكم العلاقات بين الدول».
وكانت الخارجية الفرنسية، قالت في بيانها، إن فرنسا تُجري «حواراً صريحاً وحازماً مع السلطات المصرية في مجال حقوق الإنسان»، بما في ذلك بعض الحالات الفردية. وتعتزم فرنسا مواصلة هذا الحوار، وكذلك التزامها بحماية المدافعين عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.
إلى ذلك، تلقى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالاً هاتفياً أمس من وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، لمناقشة العلاقات الثنائية، وعدد من الملفات والقضايا ذات البعد الإقليمي والدولي. ووفق المتحدث باسم الخارجية أحمد حافظ فإن الوزيرين تناولا المسارات المختلفة التي يمكن العمل عليها لتعزيز آفاق التعاون الثنائي، والترتيبات ذات الصلة بإبرام اتفاقية المشاركة بين البلدين على ضوء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وأضاف أن الاتصال شهد التباحث حول سبل مكافحة انتشار جائحة كورونا، وعدد من أزمات الشرق الأوسط.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.