مفاوضات السد الإثيوبي تراوح مكانها... وجولة جديدة خلال أيام

راوحت مفاوضات «سد النهضة» الإثيوبي مكانها، أمس، ولم يفضِ اجتماع سداسي ضمّ وزراء الخارجية والموارد المائية لمصر وإثيوبيا والسودان، إلى تقدم إزاء الخلافات حول قواعد ملء وتشغيل السد، المقام على «النيل الأزرق». وبينما طالبت مصر بضرورة التوصل إلى «اتفاق ملزم في أسرع وقت»، انتقد السودان تمديد المفاوضات بوضعها الحالي، داعياً إلى «منهجية مغايرة»، تمنح دوراً أكبر للخبراء والمراقبين الدوليين.
وعقد وزراء الدول الثلاث اجتماعاً، أمس، بدعوة من وزيرة خارجية جنوب أفريقيا، التي ترأس بلادها الاتحاد الأفريقي، لبحث سبل الوصول لآلية استئناف المفاوضات، الدائرة، منذ نحو 10 سنوات، بشكل متقطع.
ويرعى الاتحاد الأفريقي المفاوضات، منذ يوليو (تموز) الماضي. وتتمسك كل من القاهرة والخرطوم بضرورة الوصول إلى اتفاق يحكم تدفق المياه، ويضمن آلية قانونية لحل الخلافات قبل البدء في تشغيل السد، وهو ما ترفضه أديس أبابا.
وخلال اجتماع الأمس، أكدت مصر أهمية «استئناف التفاوض من أجل التوصل في أسرع وقت ممكن لاتفاق قانوني مُلزم حول ملء وتشغيل سد النهضة، تنفيذاً لمقررات اجتماعات هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي على مستوى القمة التي عُقدت على مدار الأشهر الماضية».
وأعربت القاهرة عن تطلعها للمشاركة في الجولة المقبلة للمفاوضات، التي تقرر أن تُعقد خلال الأيام القليلة المقبلة، من أجل التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن يُحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث ويحفظ حقوقها المائية.
بدوره، وصف السودان المفاوضات بأنها وصلت إلى «طريق مسدودة»، وأبدى رفضه القاطع تمديد التفاوض بين إثيوبيا ومصر، وتمسك بوجهة نظره الداعية لما أسماه «منهجية تفاوض جديدة»، تتيح لخبراء الاتحاد الأفريقي «المسهلين» دوراً أكبر في التفاوض، بما يمكن من الوصول لاتفاق ملزم للدول الثلاث.
وقال وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس في مؤتمر صحافي، أمس، إنه متمسك برعاية الاتحاد الأفريقي، ودوره في التوصل لاتفاق ملزم ومرضٍ للأطراف الثلاثة، مشترطاً اتباع «منهجية تفاوض جديدة»، تتيح دوراً أكبر لخبراء الاتحاد الأفريقي في تقريب وجهات النظر.
وأوضح عباس أن بلاده ترفض استمرار التفاوض وفقاً للمنهج السابق، وأن مصر وإثيوبيا «تصران» على مواصلة التفاوض بما أطلق عليه «الأساليب المجربة، التي وصلت إلى طريق مسدودة في السابق»، وطالب بالعودة لطريق الاتحاد الأفريقي، لاعتماد الخبراء ودفع المفاوضات سياسياً للوصل لاتفاق مرض للأطراف الثلاثة، وأضاف: «رغم توضيح السودان لموقفه مراراً، فإن رئيسة الاجتماع غريس ناليدي باندور، وزيرة خارجية جنوب أفريقيا، ارتكبت مخالفة إجرائية واضحة، بدعوتها لمواصلة التفاوض لمدة 10 أيام قادمة، وهو أمر يرى السودان أنه غير ذي جدوى، وتمت تجربته مراراً دون تقدم يذكر».
وقطع المسؤول السوداني بأن بلاده لن تفاوض «إلى ما لا نهاية»، لأن السودان هو الدولة المعنية أكثر بالوصول لاتفاق في «ملف سد النهضة» لأنه يتأثر مباشرة به، وقال: «سد الروصيرص يبعد 15 كيلومتراً من سد النهضة، بينما يبعد السد العالي (المصري) نحو 3000 كيلومتر من سد النهضة».
وعزا عباس تمسك بلاده بتوسيع صلاحيات خبراء الاتحاد الأفريقي، إلى تمسكها بـ«مبدأ الحلول الأفريقية للمشكلات الأفريقية»، وقال: «ما زال السودان يؤمن بهذا المبدأ، ونحن متمسكون بوساطة الاتحاد، شريطة تغيير المنهجية».
وأشار عباس إلى مبادرة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك في يونيو (حزيران) الماضي، وقال إنها أحدثت تقارباً كبيراً بين الدول الثلاث، وحددت نقاط الاختلاف وحصرتها في 3 نقاط قانونية أساسية، و5 نقاط فنية، تتمثل في اتفاق ملزم قانوناً، يحسم قضية علاقة سد النهضة باتفاقيات تقاسم مياه النيل، ويحدد وسيلة لحسم النزاعات.
وقال عباس إن استراتيجية التفاوض، ومنذ الجولة قبل الأخيرة تضمنت ضم كل الاتفاقيات في ملف واحد، ما أدى للتراجع بين مصر وإثيوبيا. وأضاف: «موقف السودان من التفاوض كان ثابتاً منذ البداية إلى اليوم، ويقوم على أن طريقة التفاوض أهم من الوثيقة المتفاوض عليها».