لبنان: «وحدة المعايير» تثير توتراً مكتوماً بين «الوطني الحر» و«حزب الله»

TT

لبنان: «وحدة المعايير» تثير توتراً مكتوماً بين «الوطني الحر» و«حزب الله»

ينذر شعار «وحدة المعايير»، الذي يرفعه رئيس «التيار الوطني الحر» صهر الرئيس اللبناني النائب جبران باسيل عنواناً لاعتراضه على مسار تشكيل الحكومة، بأزمة مع حليفه «حزب الله»، بعد اعتباره أن «الوعود المعطاة للداخل غير متناسبة مع الوعود المعطاة للخارج». وتحت عنوان «وحدة المعايير» تندرج بنود عدة؛ «أهمها رفض تكريس أي وزارة لأي طائفة، والأهم احترام الأوزان السياسية لكل مكوّن ولخيارات الشعب في البرلمان»، حسبما يقول مستشار رئيس «التيار» أنطوان قسطنطين.
ويبدو واضحاً أن مطلب «التيار» بعدم تكريس أي وزارة لأي طائفة موجّه ضد حلفاء باسيل قبل خصومه، وتحديداً «حزب الله» الذي وقف وحليفه رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري في وجه أي محاولات لسحب وزارة المالية من الشيعة، وصولاً إلى الاتفاق على استثنائها من شرط المداورة في الوزارات الذي يعمل عليه رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، مقابل مطالبة باسيل بالاحتفاظ بوزارة الطاقة، من باب «وحدة المعايير» في المداورة أيضاً. وتتضارب المعلومات حول الاتفاق على أن تسمي الكتل النيابية وزراءها من عدمه، وهو الأمر الذي يقول «الوطني الحر» إنه اتفاق بين الحريري و«الثنائي الشيعي» («حزب الله» و«حركة أمل») ورئيس «الحزب الاشتراكي التقدمي» وليد جنبلاط، يرفضه «تيار المستقبل».
ويعتصم «حزب الله» بالصمت المطبق ويقتصر تعليقه على تصريحات مسؤوليه عن ضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة، بعيداً عن الدخول في التفاصيل، فيما يقول مصدر مقرب من «الثنائي الشيعي» لـ«الشرق الأوسط» إن تصعيد باسيل إثر فرض العقوبات الأميركية عليه وإعادة رفعه مطلب «وحدة المعايير» يهدف إلى «تطيير الاتفاق بين الثنائي والحريري، وأهمه حصول الثنائي على وزارة المالية»، مشدداً على أن «مسار التشكيل كان إيجابياً قبل ذلك، ويحتاج فقط إلى وضع الأسماء».
وعلى خط «تيار المستقبل»، يعدّ النائب محمد الحجار أن تصعيد باسيل، بعدما كان قد جرى الاتفاق على منح وزارة المالية للشيعة، «ليس إلا تبريراً للعرقلة ليظهر أمام جمهوره بأنه يعمل على تحصيل حقوقهم وعودة الأمور إلى ما كانت عليه في المراحل السابقة».
ويضع الحجار صمت «حزب الله» عن موقف حليفه في «باب المسايرة» التي يعتمدها الحزب في هذه الفترة إثر العقوبات على باسيل، مستبعداً في الوقت عينه أن يصل إلى حدّ تنازل «الثنائي الشيعي» عن مطلب وزارة المالية. ونفى تسمية الأفرقاء للوزراء، قائلاً: «الأيام ستثبت أن الحريري هو من سيسمي الوزراء».
لكن في المقابل، يرفض «التيار الوطني الحر» القول إن موقف رئيسه يستهدف جهة معينة. ويقول قسطنطين إنه «لم يتم البحث بهذا الأمر مع (حزب الله)؛ لأن الموقف مبدئي». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «مطلب (وحدة المعايير) ليس موجهاً ضد أحد، وهو طرح إيجابي بطبيعته هدفه تحقيق العدالة بين كل المكونات، ومنعاً لتكريس مزيد من الطائفية أو العودة لمحاولة تهميش فريق معيّن، على غرار أيام سيطرة النظام السوري».
ولفت إلى أنه «إذا كان الاتفاق على أن يحصل الشيعة على وزارة المالية، شرط ألا يتم تكريس هذا الأمر عرفياً، فعندها سنكون من المسهّلين». وشدد على «ضرورة التمييز بين التكليف والتأليف»، بعدما حجب «التيار» أصواته عن الحريري، موضحاً أن «التأليف يخضع لموازين القوى في الكتل البرلمانية، والرئيس المكلف بحاجة للتشاور معها للحصول على الثقة في المجلس النيابي».
ورأى أن «الحريري الذي نعترف بأنه ممثل المكوّن السني، حاول عزلنا بتكريس عرف جديد من خارج الدستور، وهو أن رئيس الجمهورية يمثل المسيحيين ورئيس البرلمان يمثل الشيعة ورئيس الحكومة يمثل السنة، بعدما نسج تحالفاً مع الثنائي الشيعي ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المردة ومجموعة من النواب المسيحيين... لا نشك بميثاقية النواب المسيحيين... لكن إذا كان الحريري يرى أن أصواتهم كافية ميثاقياً وسياسياً فليذهب إلى التشكيل من دوننا».



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.