حساسية الطعام لدى الأطفال قد تسبب التنمر

السخرية ربما تدفع المصابين لتناول أطعمة ضارة لهم

حساسية الطعام لدى الأطفال قد تسبب التنمر
TT

حساسية الطعام لدى الأطفال قد تسبب التنمر

حساسية الطعام لدى الأطفال قد تسبب التنمر

كشفت دراسة أميركية حديثة، سيتم عرضها في اجتماع على الإنترنت للكلية الأميركية للحساسية (American College of Allergy) في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، عن إمكانية أن تكون الحساسية الناتجة عن أنواع مختلفة من الطعام (food allergies) من الأسباب التي تؤدي إلى أن يكون الطفل أكثر عرضة للتنمر (bullied) من غيره، حيث يتعرض طفل من كل 5 أطفال مصابين بهذه الحساسية للتنمر. ولا يقتصر الأمر على الأطفال فقط، ولكن نسبة من الآباء أيضاً أوضحوا أنهم يتعرضون للتهكم نتيجة مرض أطفالهم.
- مفهوم الحساسية
علق الباحثون على ذلك بأن السبب في التنمر يرجع إلى عدم الدراية الكافية بطبيعة مرض حساسية الطعام والتعامل معه على أنه نوع من اختلاف العادات الغذائية، وهو الأمر الذي يثير السخرية والانتقاد. وبطبيعة الحال لا يفصح الأطفال عن تلك المضايقات لإحساسهم بالخجل من اختلافهم عن أقرانهم.
وأوضحت الدراسة أن التنمر ناتج عن عدم الدراية الكافية بالمشكلة، سواء من قبل الأطفال أو البالغين. والأطفال حينما يسمعون كلمة حساسية يتبادر إلى أذهانهم الشكل التقليدي للكلمة، سواء سببها الذي يمكن أن يكون نتيجة لبعض الحيوانات الأليفة، أو نوعية ملابس وفصول السنة التي يكون الهواء فيها محملاً بحبوب اللقاح. وتتمثل أعراض هذه الحساسية في العطس أو احمرار العين.
ولكن يصعب على الأطفال تصور أن هناك نوعاً معيناً من الغذاء يمكن أن يسبب حساسية، ربما تكون عنيفة، خصوصاً أن الآباء طالما طلبوا منهم تناول جميع أنواع الطعام لفوائدها المتعددة. ومن هنا يكون الأمر أقرب ما يكون للدعابة، إذا امتنع بعض أقرانهم عن تناول زبدة الفول السوداني الشهية، أو الأطعمة التي تحتوي على الغلوتين. أما بالنسبة للبالغين، لم تكن حساسية الطعام معروفة في زمنهم، وبالتالي لا يستطيعون فهمها.
وقد قام الفريق البحثي من كليات الطب في ولاية شيكاغو الأميركية بإجراء استبيان على 252 من الأطفال تتراوح أعمارهم بين 4 و17 عاماً حول تعرضهم للسخرية أو المضايقات من الأقران، بسبب عدم تناولهم مأكولات معينة. وعلى وجه التقريب كانت ربع العينة من الأطفال ذوي البشرة السمراء. وكذلك قام الآباء بالإجابة على استبيان مماثل خاص عما إذا كانوا تعرضوا للتنمر جراء مرض أولادهم من عدمه. وظهر أن هناك نسبة بلغت 33 في المائة من الأطفال فوق عمر 11 عاماً قد تعرضوا للتنمر بسبب إصابتهم بالحساسية، بينما بلغت النسبة 13 في المائة في الفئة العمرية الأصغر من 4 وحتى 11 عاماً.
- تنمر «غذائي»
لاحظ الفريق البحثي أن التنمر بسبب حساسية الطعام لم يختلف باختلاف لون البشرة، وكان بالنسبة نفسها تقريباً في الأطفال البيض والسمر على السواء، بينما لعب لون البشرة دوراً في التنمر بشكل عام، وتعرض الأطفال السمر له بمقدار الضعف لأسباب أخرى لا تتعلق بالطعام.
وأوضحت التجربة أن 14 في المائة فقط من الأطفال هم الذين أبلغوا ذويهم أو المدرسين بتعرضهم للتنمر بسبب الحساسية، أما الباقون فلم يفصحوا عن الأمر. واللافت للنظر أن بعض الآباء أيضاً تعرضوا للسخرية أيضاً بسبب معاناة أبنائهم، سواء من أصدقائهم أو من آباء الأطفال الآخرين زملاء أبنائهم، مما يشير إلى غياب الوعي المجتمعي كله بالمشكلة. وأوضحت الدراسة أن الآباء تصرفوا بشكل جيد حيال شكاوى أبنائهم من التنمر، وناقشوا الموضوع مع المدرسين والأخصائيين الاجتماعيين بالمدرسة.
أشار الباحثون إلى أن خطورة التنمر على حساسية الطعام هي الضغط على الأطفال المرضى لكي يتناولوا الأطعمة الضارة لهم، حتى يتفادوا التهكم من أقرانهم، وهو الأمر الذي يجعلهم يتناولون أي أطعمة بدون التحقق من مكوناتها التي تم تحذيرهم منها، وهو سلوك يؤذي الأطفال بالطبع. وذكر الباحثون أن التصور العام عن حساسية الطعام هو أنها مرض بسيط ويمكن علاجه ببعض الأقراص، ولا يستحق الحرص من الأطفال وحرمانهم من الأطعمة التي يفضلونها، خصوصاً أن معظم البالغين لم يعرفوا مصطلح «حساسية الطعام» إلا مؤخراً. والحقيقة أنه رغم أن الأعراض بالفعل تكون بسيطة، إلا أنها في بعض الأحيان يمكن أن تكون من الشدة بحيث تهدد الحياة، ولا يتم علاجها إلا في المستشفى.
ونصحت الدراسة بضرورة نشر الوعي الصحي، والتعريف بالمشكلة، وعدم الخلط بين رفض نوع معين من الطعام، أو عدم القدرة على تناوله لسبب صحي أو لآخر (أي عدم تقبل الطعام food intolerance) وبين الحساسية من طعام معين، حيث يتعامل الجسم مع الطعام كمادة كيميائية غريبة كما لو كانت دواءً معيناً أو مركباً ضاراً، ويقوم الجسم بحماية نفسه من هذه المادة من خلال التفاعلات التي تعرف طبياً بالحساسية، وهذه الأعراض تختلف في حدتها من شخص إلى آخر. وليس معنى أن طفلاً معيناً يعاني من مجرد عطس أو احمرار في الوجه أن جميع المصابين يحدث معهم ذلك، بل إن البعض يمكن أن يكون غير قادر على التنفس تماماً.
ونصحت الدراسة الآباء بضرورة تقديم الدعم النفسي الكافي للأطفال، والتأكيد على ضرورة إخبارهم بأي مضايقات يتعرضون لها، وعدم تناول المأكولات التي تسبب الحساسية تحت ضغط السخرية. ويمكن للآباء أن يقوموا بعمل تمثيل كما لو كانوا هم المرضى (role – playing)، وطريقة تعاملهم مع السخرية في حالة البحث عن طعام خال من مسببات الحساسية. ويجب شرح المرض للأطفال حتى يدركوا أنه مثل بقية الأمراض التي يمكن أن يصاب بها أي طفل آخر، ولا يدعو للخجل. ومثلما لا يمكن السخرية من الطفل المصاب بالربو الأمر نفسه ينطبق على حساسية الطعام.
- استشاري طب الأطفال



بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
TT

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى، فإن المصرية مريم شريف تفوقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة لـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي» التي تَنافس على جوائزها 16 فيلماً، وترأس لجنة تحكيمها المخرج العالمي سبايك لي، لتحوز جائزة «اليسر» لأفضل ممثلة عن أدائها لشخصية «إيمان»، الشابة التي تواجه التّنمر بسبب قِصرِ قامتها في فيلم «سنو وايت»، وذلك خلال حفل ختام المهرجان الذي أقيم الخميس في مدينة جدة السعودية.

وعبّرت مريم عن سعادتها بهذا الفوز قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله، هذه فرحة كبيرة تكلّل جهودنا طوال فترتي التحضير والتصوير، لكنني أحتاج وقتاً لأستوعب ذلك، وأشكر أستاذة تغريد التي أخضعتني لورشِ تمثيلٍ عدة؛ فكُنا نجلس معاً لساعات طوال لتُذاكر معي الدّور وتوضح لي أبعاد الشخصية، لذا أشكرها كثيراً، وأشكر المنتج محمد عجمي، فكلاهما دعماني ومنحاني القوة والثقة لأكون بطلة الفيلم، كما أشكر مهرجان (البحر الأحمر السينمائي) على هذا التقدير».

المخرجة تغريد أبو الحسن بين منتج الفيلم محمد عجمي والمنتج محمد حفظي (إدارة المهرجان)

سعادة مريم تضاعفت بما قاله لها المخرج سبايك لي: «لقد أذهلني وأبهجني برأيه حين قال لي، إن الفيلم أَثّر فيه كثيراً بجانب أعضاء لجنة التحكيم، وإنني جعلته يضحك في مشاهد ويبكي في أُخرى، وقلت له إنه شرفٌ عظيم لي أن الفيلم حاز إعجابك وجعلني أعيش هذه اللحظة الاستثنائية مع أهم حدث في حياتي».

وأضافت مريم شريف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها لم تُفكّر في التمثيل قبل ذلك لأن السينما اعتادت السخرية من قِصار القامة، وهو ما ترفضه، معبّرة عن سعادتها لتحقيق العمل ردود أفعال إيجابية للغاية، وهو ما كانت تتطلّع إليه، ومخرجته، لتغيير أسلوب تعامل الناس مع قِصار القامة لرؤية الجمال في الاختلاف، وفق قولها: «نحن جميعاً نستحق المساواة والاحترام، بعيداً عن التّهكم والسخرية».

وكان قد شهد عرض الفيلم في المهرجان حضوراً لافتاً من نجوم مصريين وعرب جاءوا لدعم بطلته من بينهم، كريم فهمي الذي يشارك بصفة ضيف شرف في الفيلم، وبشرى التي أشادت بالعمل، وكذلك أمير المصري ونور النبوي والمنتج محمد حفظي.

قُبلة على يد بطلة الفيلم مريم شريف من الفنان كريم فهمي (إدارة المهرجان)

واختارت المخرجة أن تطرح عبر فيلمها الطويل الأول، أزمة ذوي القامة القصيرة الذين يواجهون مشاكل كبيرة، أقلّها تعرضهم للتنمر والسخرية، وهو ما تصدّت له وبطلتها عبر أحداث الفيلم الذي يروي قصة «إيمان» قصيرة القامة التي تعمل موظفة في أرشيف إحدى المصالح الحكومية، وتحلم مثل كل البنات بلقاءِ فارس أحلامها وتتعلق بأغنية المطربة وردة الجزائرية «في يوم وليلة» وترقص عليها.

وجمع الفيلم بين بطلته مريم شريف وبعض الفنانين، ومن بينهم، كريم فهمي، ومحمد ممدوح، ومحمد جمعة، وخالد سرحان، وصفوة، وكان الفيلم قد فاز بوصفه مشروعاً سينمائياً بجائزة الأمم المتحدة للسكان، وجائزة الجمعية الدولية للمواهب الصاعدة في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وعلى الرغم من أن مريم لم تواجه الكاميرا من قبل، بيد أنها بدت طبيعية للغاية في أدائها وكشفت عن موهبتها وتقول المخرجة: «كنت مهتمة أن تكون البطلة غير ممثلة ومن ذوات القامة القصيرة لأحقق المصداقية التي أردتها، وحين التقيت مريم كانت هي من أبحث عنها، وكان ينقصنا أن نقوم بعمل ورش تمثيل لها، خصوصاً أن شخصية مريم مختلفة تماماً عن البطلة، فأجرينا تدريبات مطوّلة قبل التصوير على الأداء ولغة الجسد والحوار، ووجدت أن مريم تتمتع بذكاء لافت وفاجأتني بموهبتها».

لم يكن التمثيل يراود مريم التي درست الصيدلة في الجامعة الألمانية، وتعمل في مجال تسويق الأدوية وفق تأكيدها: «لم يكن التمثيل من بين أحلامي لأن قِصار القامة يتعرضون للسخرية في الأفلام، لكن حين قابلت المخرجة ووجدت أن الفيلم لا يتضمّن أي سخرية وأنه سيُسهم في تغيير نظرة كثيرين لنا تحمست، فهذه تجربة مختلفة ومبهرة». وفق تعبيرها.

ترفض مريم لقب «أقزام»، وترى أن كونهم من قصار القامة لا يحدّ من قدرتهم ومواهبهم، قائلة إن «أي إنسان لديه مشاعر لا بد أن يتقبلنا بدلاً من أن ننزوي على أنفسنا ونبقى محبوسين بين جدران بيوتنا خوفاً من التنمر والسخرية».

تغريد أبو الحسن، مخرجة ومؤلفة الفيلم، درست السينما في الجامعة الأميركية بمصر، وسافرت إلى الولايات المتحدة للدراسة في «نيويورك أكاديمي» قبل أن تُخرج فيلمين قصيرين، وتعمل بصفتها مساعدة للمخرج مروان حامد لسنوات عدّة.

المخرجة تغريد أبو الحسن وبطلة الفيلم مريم شريف (إدارة المهرجان)

وكشفت تغريد عن أن فكرة الفيلم تراودها منذ 10 سنوات: «كانت مربية صديقتي من قِصار القامة، اقتربتُ منها كثيراً وهي من ألهمتني الفكرة، ولم أتخيّل أن يظهر هذا الفيلم للنور لأن القصة لم يتحمس لها كثير من المنتجين، حتى شاركنا الحلم المنتج محمد عجمي وتحمس له».

العلاقة التي جمعت بين المخرجة وبطلتها كانت أحد أسباب تميّز الفيلم، فقد تحولتا إلى صديقتين، وتكشف تغريد: «اقتربنا من بعضنا بشكل كبير، وحرِصتُ على أن تحضر مريم معي ومع مدير التصوير أحمد زيتون خلال معاينات مواقع التصوير حتى تتعايش مع الحالة، وأخبرتها قبل التصوير بأن أي مشهد لا ترغب به سأحذفه من الفيلم حتى لو صوّرناه».

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

وتلفت تغريد إلى مشروعٍ سينمائيّ يجمعهما مرة أخرى، في حين تُبدي مريم سعادتها بهذا الالتفاف والترحيب من نجوم الفن الذين شاركوها الفيلم، ومن بينهم: كريم فهمي الذي عاملها برفق ومحبة، ومحمد ممدوح الذي حمل باقة ورد لها عند التصوير، كما كان كل فريق العمل يعاملها بمودة ولطف.