المصريون.. عين على الملعب وعين على محاكمة مذبحة بورسعيد

دفاع المتهمين يؤكد أنهم كبش فداء ويدفع بوجود طرف ثالث

المصريون.. عين على الملعب وعين على محاكمة مذبحة بورسعيد
TT

المصريون.. عين على الملعب وعين على محاكمة مذبحة بورسعيد

المصريون.. عين على الملعب وعين على محاكمة مذبحة بورسعيد

بينما تستمر الجلسات الصاخبة في إعادة محاكمة المتهمين في القضية المعروفة إعلاميا بـ«مذبحة بورسعيد»، أقيمت أمس مباراة هي الأولى من نوعها بين فريقي الأهلي القاهري والمصري البورسعيدي منذ فبراير (شباط) 2012 واللذين كانا طرفي لقاء المباراة «الأزمة» التي أقيمت على استاد بورسعيد منذ نحو 3 أعوام، وانتهت بمأساة وفاة 74 مشجعا نتيجة أحداث عنف، تتردد أصداؤها حتى اليوم في الشارع المصري.
وفي الوقت الذي شهدت فيه مدينة الغردقة حيث تقام المباراة تشديدا أمنيا كثيفا، وبدأت المباراة الحماسية بنزول لاعبي الأهلي بقمصان سوداء تحمل الرقم «74»، قبل أن يخلعوها لبدء المباراة بزيهم التقليدي، كانت شوارع القاهرة تشهد هدوءا وترقبا إلى حد كبير، خصوصا في محيط النادي الأهلي بضاحية الزمالك (غرب العاصمة)، بينما كانت محكمة جنايات بورسعيد المنعقدة بأكاديمية الشرطة بالقاهرة برئاسة المستشار محمد السعيد تستضيف الجولة الثانية من المحاكمة التي جذبت الأنظار.
وعقب دخول المتهمين المحبوسين والمخلى سبيلهم إلى قفص الاتهام، قال دفاع المتهم الأول السيد الدنف، الصادر ضده حكم بالإعدام في المحاكمة الأولى، إنه «في الوقت الذي يتابع فيه الجميع إعادة محاكمة هؤلاء المتهمين في قضية من أهم القضايا التي حدثت في البلاد بعد ثورة 25 يناير، يعود فريقا الأهلي والمصري للعب معا في مباراة الدوري».
وشدد الدفاع أن «تحريات الأمن الوطني قالت إن المتهم من العناصر الإجرامية التي يمكن الاستعانة بها في المذبحة، ولم تذكر التحريات من استعان به أو كيفية الاستعانة به»، متهما «طرفا ثالثا» بتأجيج أجواء المباراة.. فيما دفع محامو المتهمين من الأول إلى الخامس خلال المرافعة بأن «المتهمين الماثلين داخل قفص الاتهام قدموا ككبش فداء لتهدئة الأوضاع في البلاد»، مقدمين 11 دفعا قانونيا لتبرئة موكليهم من الاتهامات المنسوبة إليهم.
وخلال الأيام الماضية، طالبت أصوات كثيرة في المجتمع المصري بإلغاء المباراة أو تأجيلها لحين الحكم في القضية خشية تكرار أو تأجيج الأزمة، لكن السلطات المصرية توجهت إلى إقامة المباراة نظرا لعدة اعتبارات، أولها أنها تعد أن النشاط الرياضي لا علاقة له بالسياسة، ويجب أن يظل كذلك. كما أن القضية في حوزة القضاء، ولا يجب تعطيل الأنشطة الاجتماعية أو الرياضية أو السياسية انتظارا للحكم. بينما قامت أجهزة الأمن من جهتها بالعمل على توفير أقصى درجات التأمين للمباراة، سواء بإقامتها في مدينة ثالثة نائية عن معقل الفريقين، أو من حيث إقامتها دون جماهير حتى لا تحدث أي احتكاكات قد تسفر عما لا يحمد عقباه، بحسب ما أكده مسؤولون حكوميون لـ«الشرق الأوسط» أمس.
وكانت مباراة الأزمة بين الفريقين، والتي تعد أسوأ كارثة في تاريخ كرة القدم المصرية، أقيمت مطلع شهر فبراير (شباط) عام 2012 في مدينة بورسعيد. وشهدت أعمال عنف لا تزال دوافعها وخفاياها غائبة حتى اليوم، أسفرت عن سقوط 74 قتيلا من مشجعي الأهلي وإصابة 254 آخرين.
وتجري حاليا إعادة محاكمة 21 متهما صدر ضدهم حكم بالإعدام، في ضوء الحكم الصادر من محكمة النقض بإلغاء حكم محكمة جنايات بورسعيد السابق، في ضوء الطعون المقدمة من المتهمين المحبوسين الذين قضي بإدانتهم، بعقوبات تراوحت ما بين الإعدام شنقا والحبس مع الشغل لمدة عام واحد، وأيضا في ضوء الطعون التي قدمتها النيابة العامة على ما تضمنه حكم الجنايات من براءة 28 متهما آخرين من بينهم 7 متهمين من القيادات الشرطية سابقا بمحافظة بورسعيد.
واتهم في القضية 73 شخصا من بينهم 9 من القيادات الأمنية و3 من مسؤولي النادي المصري وباقي المتهمين من شباب ألتراس النادي المصري. وأسند أمر الإحالة إلى المتهمين مجموعة من الاتهامات بارتكاب جنايات القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد المقترن بجنايات القتل والشروع فيه، بأن قام المتهمون بتبييت النية وعقد العزم على قتل بعض جمهور فريق النادي الأهلي «الألتراس» انتقاما منهم لخلافات سابقة، وأعدوا لهذا الغرض أسلحة بيضاء مختلفة الأنواع.
وأشارت تحقيقات النيابة العامة إلى أن المتهمين إثر إطلاق الحكم صافرة نهاية المباراة، هجموا على المجني عليهم في المدرج المخصص لهم بالإستاد، وما إن ظفروا بهم حتى انهالوا على بعضهم ضربا بالأسلحة والحجارة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».