التطرف على الإنترنت

باحثان بريطانيان يحللان مفاهيمه وتطور استراتيجياته على الشبكة

التطرف على الإنترنت
TT

التطرف على الإنترنت

التطرف على الإنترنت

يتتبع الباحثان البريطانيان ألكسندر ميلياغرو هيتشنز ونيك كادربهاي أسرار ظاهرة «التطرف على الإنترنت»، من خلال قراءة تحليلية للدراسات والأبحاث والكتابات التي قام بها باحثون متخصصون في مجال مكافحة الإرهاب، وذلك من أجل فهم وتحليل الظاهرة التي تقض مضاجع المجتمعات في الشرق والغرب على حد سواء، وتتخذ من الشبكة العنكبوتية منصات تنطلق منها لنشر أفكارها، والترويج لعملياتها، وتجنيد أعضاء جدد.
وتتوزع الأفكار التي ناقشها الباحثان بين الكتب والمقالات الصحافية والتقارير والشهادات الخاصة بجلسات الاستماع الحكومية، وجميعها نشرت في الفترة من 2006 حتى 2016. وقد حاولا من خلال الدراسة التي نُشرت مؤخراً في كتاب ضمن مطبوعات مكتبة الإسكندرية الكشف عن وجهات النظر المتباينة التي تدور حولها مفاهيم التطرف في العالم بشكل عام، وعلى شبكة الإنترنت بشكل خاص.
ويشرح الباحثان، الأستاذان في قسم «دراسات الحرب| بكلية «كنغز» اللندنية»، كيف أن ما يسمى «المجال الجهادي»، وغيره من المواقع المتطرفة على الشبكة العنكبوتية، خرج من رحم المنصات التي ظهرت نتيجة لتطور الويب. وسعى الباحثان من هذا المنطلق لفهم مدى تأثير تلك المنصات على انتشار التطرف، واستكشاف تكنيكات تطور المنصات الإلكترونية التي يتم من خلالها إنتاج المعلومات واستيعابها على الإنترنت، وهي تتنوع بين النصوص والتسجيلات الصوتية وأفلام الفيديو التي توثق للعمليات التي تقوم بها جماعات «القاعدة» و«داعش» في العراق وغيره من بلدان العالم، بما فيها دول أوروبا الغربية وأميركا.
ويقول هيتشنز وكادربهاي إنه لا يمكن إنكار أن الجماعات المتطرفة بمختلف مشاربها قد حددت الإنترنت أداة مهمة بالنسبة لها، إلا أن الأثر الدقيق لاستخدامها لهذه الوسيلة ما زال غير واضح، ولذلك يظل تأثير الإنترنت، وما يشهده من تفاعلات خاصة بعمليات التطرف والتجنيد، محور نقاش مستمر. فقد حاول المحللون قياس مدى مساهمة الإنترنت في ذلك، مع إدراك أن الاستخدام العنيف للفضاء الإلكتروني لم يكن حكراً على حركة «الجهاد» العالمية، ولم يبدأ معها، لكن مع النازيين الأميركيين الجدد الذين استوعبوا إمكانات الإنترنت في وقت مبكر من عام 1983. وكانت نية استخدامه تشجيع النقاشات الآيديولوجية، وتجميع الموارد، وإنشاء «مجتمع افتراضي شبكي».
أما بالنسبة للمتطرفين الإسلاميين، فقد بدأ استخدامهم للإنترنت عندما بدأت مجموعاتهم في الدعوة إلى هجمات فردية على يد ما عرفوا فيما بعدد بـ«الذئاب المنفردة»، حيث وفر الإنترنت المنصة التي يمكن من خلالها للإرهابيين أن يأخذوا إشارة البدء.
وأشار الباحثان إلى أن مفهوم التطرف في شكله الأصلي ظهر بداية في الأدبيات الأكاديمية، بصفته طريقة عامة لوصف تحرك الشخص أو المجموعة نحو سياسات أكثر راديكالية. لكن هذا المفهوم أخذ معنًى جديداً بعد انتشار «الجهادية المحلية» في الغرب، وهجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001. وقد تطور الأمر بعد ذلك ليستخدم على نطاق واسع للإشارة إلى عملية انضمام الأفراد إلى الحركات السياسية المتطرفة أو العنيفة، مع التركيز على تعبئة المتطرفين الإسلاميين الذين يعيشون في الغرب، وتجنيدهم لقضية «الجهاد العالمي». وبغض النظر عن إساءة استخدام مفهوم الراديكالية، فإن دراسة التطرف -حسب رأي المؤلفين- تمثل محاولة لتوفير تفسير أكثر دقة لأسباب العنف السياسي في الغرب.
- أسباب التطرف في الغرب
وعلى الرغم من المقاربات المتفاوتة في خطاب التطرف، فإنه من الممكن -برأي الباحثين- تحديد الأسباب الأكثر شيوعاً للتطرف في الغرب. ويأتي في مقدمتها التفاعل مع الآيديولوجيا التي ينشرها الدعاة على الإنترنت، فضلاً عن التنشئة الاجتماعية، وتبني الفرد بشكل تدريجي القواعد والآيديولوجيات والعادات التي تنبع من مشاركته في مجموعات لها أفكار وممارسات معينة، وأزمة الهوية، والاستغلال الواضح لها من قِبل المتطرفين. ولفت المؤلفان إلى أن بعض الدراسات تؤكد على دور الآيديولوجيا وجاذبيتها. وقد أشار بعضهم إلى أنها من أهم مكونات التطرف والإرهاب المحليين. لكن الأمر في هذه الحالة لم يكن مرتبطاً بمضمون الآيديولوجيا التي أثبتت تأثيرها، لكن بما تمثله من المعتقدات الاجتماعية والمعايير والممارسات، والتقنيات التي يمكن أن تطبق وتعطي معنى للمهمشين في الغرب، وقد استغلت «الآيديولوجيا الجهادية العالمية» هذه الحالة أيما استغلال من خلال أدبياتها التي تنقد الفكر الغربي، وتدعو إلى مقاومة النظام الاجتماعي.
ولفت المؤلفان إلى أن وسائل الاتصال للجماعات الجهادية ساعدت في خلق الصور التحريضية والدعاية لها ونشرها عبر المنصات المختلفة. كما استغلت نمو عمليات الاتصال والتفاعل التي تسهلهما وسائل الإعلام الجديدة، ﻻ سيما الإنترنت، ذاكرين هنا أن «النشاط الجهادي على الإنترنت ونشر الآيديولوجية الجهادية بلغات مختلفة» يساعدان على دفع الناس نحو العنف.
- استراتيجية «داعش» في التجنيد
ثم تناول الكاتبان استراتيجية «داعش» في اجتذاب المقاتلين الذين يعيشون في الغرب، وهي تستند إلى قاعدة بيانات تضم ما يقرب من 1600 حساب على موقع «تويتر»، وقد لاحظت كثير من الدراسات -كما يذكران- أن ما يسمى «مستشاري داعش» يكونون متاحين للتفاعل مع المجندين المتعاطفين، كما يخضعون للمراقبة نشاط أولئك الذين يُعتقدون أن لديهم قابلية للتجنيد. بعد ذلك، يطلبون منهم الانتقال إلى منصات الرسائل الخاصة المشفرة مثل «تلغرام»، حيث يشجعونهم على القيام بهجمات إرهابية أو الهجرة إلى بلاد الشام أو العراق. ويعد هيتشنز كادربهاي التكوين الإعلامي لـ«داعش» الأكثر تعقيداً في تاريخ الجماعات، وهو يضم 5 مؤسسات إعلامية، و35 فرداً منتسباً إليها في أنحاء بلاد الشام والمغرب وشبه جزيرة سيناء.
ويلفت الكتاب إلى أنه مع تطور الإنترنت، تطورت المنتديات الإلكترونية التي سمحت لأعضاء الحركات المتطرفة بإقامة روابط مع المتعاطفين معهم، ومناقشة الأحداث السياسية، وكل ذلك في إطار الأمن النسبي الذي توفره الهويات المجهولة على الإنترنت، المستقلة عن شركات الإنترنت الكبيرة. وبالنظر إلى نطاق التفاعل الذي توفره هذه الوسائل، فإنهم سرعان ما استغنوا عن المواقع الثابتة التي تنتمي إلى التنظيمات الإرهابية، وقاموا بإبدالها بمنصات جديدة استخدمت اللغات الغربية، وأصبح المحتوى «الجهادي» يغطي جميع أنحاء العالم. لكن رغم هذا التطور، تبين أن المنتديات «الجهادية» الناطقة باللغة الإنجليزية كانت أقل نشاطاً، في مقابل نظائرها العربية.


مقالات ذات صلة

الحميدان أميناً لمكتبة الملك فهد الوطنية

يوميات الشرق الأمير فيصل بن سلمان يستقبل الأمير خالد بن طلال والدكتور يزيد الحميدان بحضور أعضاء مجلس الأمناء (واس)

الحميدان أميناً لمكتبة الملك فهد الوطنية

قرَّر مجلس أمناء مكتبة الملك فهد الوطنية تعيين الدكتور يزيد الحميدان أميناً لمكتبة الملك فهد الوطنية خلفاً للأمير خالد بن طلال بن بدر الذي انتهى تكليفه.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
ثقافة وفنون قراءات المثقفين المصريين في عام 2024

قراءات المثقفين المصريين في عام 2024

مرَّت الثقافة العربية بعام قاسٍ وكابوسي، تسارعت فيه وتيرة التحولات بشكل دراماتيكي مباغت، على شتى الصعد، وبلغت ذروتها في حرب الإبادة التي تشنّها إسرائيل على غزة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب كُتب المؤثرين بين الرواج وغياب الشرعية الأدبية

كُتب المؤثرين بين الرواج وغياب الشرعية الأدبية

صانع محتوى شاب يحتل بروايته الجديدة قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في فرنسا، الخبر شغل مساحات واسعة من وسائل الإعلام

أنيسة مخالدي (باريس)
كتب «حكايات من العراق القديم» و«ملوك الوركاء الثلاثة»

«حكايات من العراق القديم» و«ملوك الوركاء الثلاثة»

صدر عن دار «السرد» ببغداد كتابان مترجمان عن الإنجليزية للباحثة والحكواتية الإنجليزية فران هزلتون.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
كتب كتاب جديد يكشف خبايا حملة نابليون على مصر

كتاب جديد يكشف خبايا حملة نابليون على مصر

يتناول كتاب «حكايات في تاريخ مصر الحديث» الصادر في القاهرة عن دار «الشروق» للباحث الأكاديمي، الدكتور أحمد عبد ربه، بعض الفصول والمحطات من تاريخ مصر الحديث

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

كتب أحلم بقراءتها 2025

كتب أحلم بقراءتها 2025
TT

كتب أحلم بقراءتها 2025

كتب أحلم بقراءتها 2025

هناك كتب عديدة أحلم بقراءتها في مطلع هذا العام الجديد المبارك. لكني أذكر من بينها كتابين للمفكر الجزائري المرموق لاهوري عدي. الأول هو: «القومية العربية الراديكالية والإسلام السياسي». والثاني: «أزمة الخطاب الديني الإسلامي المعاصر - ضرورة الانتقال من فلسفة أفلاطون إلى فلسفة كانط». وربما كان هذا أهم كتبه وأشهرها. والدكتور لاهوري عدي اشتهر، منذ عام 1992، ببلورة أطروحة لافتة عن صعود موجة الإسلام السياسي، بعنوان: «التراجع الخصب أو الانتكاسة الخصبة والمفيدة». هذا المصطلح شاع على الألسن وبحق. ما معناه؟ ما فحواه؟ مصطلح التراجع أو الانتكاسة شيء سلبي وليس إيجابياً، على عكس ما يوحي به المؤلف للوهلة الأولى، ولكنه يتحول على يديه إلى شيء إيجابي تماماً، إذا ما فهمناه على حقيقته. ينبغي العلم أنه بلوره في عز صعود الموجة الأصولية الجزائرية و«جبهة الإنقاذ». قال للجميع ما معناه: لكي تتخلصوا من الأصوليين الماضويين اتركوهم يحكموا البلاد. هذه هي الطريقة الوحيدة للتخلص من كابوسهم. وذلك لأن الشعب الجزائري سوف يكتشف بعد فترة قصيرة مدى عقم مشروعهم وتخلفه عن ركب الحضارة والعصر، وسوف يكتشف أن وعودهم الديماغوجية الراديكالية غير قابلة للتطبيق. سوف يكتشف أنها فاشلة لن تحل مشكلة الشعب، بل وستزيدها تفاقماً. وعندئذ يلفظهم الشعب وينصرف عنهم ويدير ظهره لهم ويفتح صدره للإصلاحيين الحداثيين الليبراليين. هذه الأطروحة تذكرنا بمقولة «مكر العقل في التاريخ» لهيغل، أو بـ«الدور الإيجابي للعامل السلبي في التاريخ». بمعنى أنك لن تستطيع التوصل إلى المرحلة الإيجابية قبل المرور بالمرحلة السلبية وتذوُّق طعمها والاكتواء بحرِّ نارها. لن تتوصل إلى الخير قبل المرور بمرحلة الشر. لن تتوصل إلى النور قبل المرور بمرحلة الظلام الحالك. ينبغي أن تدفع الثمن لكي تصل إلى بر الخلاص وشاطئ الأمان. وقد سبق المتنبي هيغل إلى هذه الفكرة عندما قال:

وَلا بدَّ دونَ الشَّهْد من إِبرِ النحلِ

هذه الأطروحة تقول لنا ما معناه: الأصولية المتطرفة تشكل وهماً جباراً مقدساً يسيطر على عقول الملايين من العرب والمسلمين. إنهم يعتقدون أنها ستحلّ كل مشاكلهم بضربة عصا سحرية، إذا ما وصلت إلى الحكم. ولا يمكن التخلص من هذا الوهم الجبار الذي يخترق القرون ويسيطر على عقول الملايين، إلا بعد تجريبه ووضعه على المحك. عندئذ يتبخر كفقاعة من صابون. ولكن المشكلة أنه لم يتبخر في إيران حتى الآن. بعد مرور أكثر من 40 سنة لا تزال الأصولية الدينية المتخلفة تحكم إيران وتجثم على صدرها. فإلى متى يا ترى؟ إلى متى ستظل الأصولية الدينية القروسطية تحكم بلداً كبيراً وشعباً مثقفاً مبدعاً كالشعب الإيراني؟ بعض الباحثين يعتقدون أن هذا النظام الرجعي لولاية الفقيه والملالي انتهى عملياً، أو أوشك على نهايته. لقد ملَّت منه الشبيبة الإيرانية، ومِن الإكراه في الدين إلى أقصى حد ممكن. وبالتالي، فإما أن ينفجر هذا النظام من الداخل وينتصر محمد جواد ظريف وبقية الليبراليين الإصلاحيين المنفتحين على التطور والحضارة الحديثة. وإما أن يعود ابن الشاه من منفاه ويعتلي عرش آبائه مرة أخرى. ولكم الخيار.

وبخصوص إيران، أحلم بقراءة مذكرات فرح بهلوي للمرة الثانية أو ربما الثالثة. وهو كتاب ضخم يتجاوز الأربعمائة صفحة من القطع الكبير. وتتصدره صورة الشاهبانو الجميلة الرائعة. ولكنها لم تكن جميلة فقط، وإنما كانت ذكية جداً وعميقة في تفكيرها. من يُرِد أن يتعرف على أوضاع الشعب الإيراني قبل انفجار الثورة الأصولية وفيما بعدها أنصحه بقراءة هذا الكتاب. مَن يرد التعرف على شخصية الخميني عندما كان لا يزال نكرة من النكرات، فليقرأ الصفحات الممتازة المكرَّسة له من قبل فرح ديبا. كان مجرد شيخ متزمت ظلامي معادٍ بشكل راديكالي لفكرة التقدُّم والتطور والإصلاح الزراعي الذي سنَّه الشاه في ثورته البيضاء التي لم تُسفَك فيها قطرة دم واحدة. كان مع الإقطاع والإقطاعيين الكبار ضد الفلاحين البسطاء الفقراء. وكان بإمكان الشاه أن يعدمه، ولكنه لم يفعل، وإنما تركه يذهب بكل حرية إلى منفاه. بعدئذ تحول هذا الشيخ القروسطي الظلامي إلى أسطورة على يد أشياعه وجماعات الإسلام السياسي أو المسيَّس. هذا لا يعني أنني أدافع عن الشاه على طول الخط، كما تفعل فرح ديبا؛ فله مساوئه ونقائصه الكبيرة وغطرساته وعنجهياته التي أودت به. ولكن ينبغي الاعتراف بأنه كانت له إيجابيات، وليس فقط سلبيات مُنكَرة. ولكن الموجة الأصولية دمرته ودمرت سمعته كلياً، وقد آن الأوان لتدميرها هي الأخرى، بعد أن حكمت إيران مدة 45 سنة متواصلة. وعلى أي حال، فإن أفعالها وأخطاءها الكبرى هي التي دمرتها أو ستدمرها. لقد أشاعت الحزازات المذهبية في المنطقة، وأعادتنا 1400 سنة إلى الوراء. هل سننتظر مليون سنة لكي نتجاوز الفتنة الكبرى التي مزقتنا؟ هنا يكمن خطأ التفكير الأصولي الرجعي المسجون في عقلية ماضوية عفى عليها الزمن. متى ستتحقق المصالحة التاريخية بين كافة المذاهب والطوائف عندنا مثلما تحققت المصالحة التاريخية الكاثوليكية - البروتستانتية في أوروبا وأنقذتهم من جحيم الانقسامات الطائفية والمذهبية؟ متى ستنتصر الأنوار العربية الإسلامية على الظلمات العربية الإسلامية؟ بانتظار أن يتحقق ذلك ينبغي على جميع الأقليات أن تلتف حول الأكثرية، لأنها هي العمود الفقري للبلاد، ولأن نجاحها سيكون نجاحاً للجميع، وفشلها (لا سمح الله) سيرتد وبالاً على الجميع.

أضيف بأن الحل الوحيد للتطرف هو الإسلام الوسطي العقلاني المعتدل السائد في معظم الدول العربية، إن لم يكن كلها. «وكذلك جعلناكم أمة وسطاً»، كما يقول القرآن الكريم. وهو الذي نصّت عليه «وثيقة الأخوة الإنسانية» في أبوظبي عام 2019، و«وثيقة مكة المكرمة» الصادرة عن «رابطة العالم الإسلامي»، في العام ذاته، وهو الذي تعلمته أنا شخصياً في ثانوية مدينة جبلة الساحلية السورية، على يد أستاذ التربية الدينية الشيخ محمد أديب قسام. كان فصيحاً بليغاً أزهرياً (خريج الأزهر الشريف). كان يحببك بدرس الديانة غصباً عنك. لا أزال أتذكر كيف كان يشرح لنا الحديث التالي: «دخلت النار امرأة في هرة حبستها، فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت». كأني أراه أمام عيني الآن وهو يشرح لنا هذا الحديث النبوي الشريف. هنا تكمن سماحة الإسلام ومكارم الأخلاق. فإذا كان الإسلام يشفق على الهرة أو القطة أو الحيوانات؛ فما بالك بالبشر؟ هنا يكمن جوهر الإسلام الذي جاء رحمة للعالمين لا نقمة عليهم ولا ترويعاً لهم.