جواو فيليكس يثبت أن عصر صانع الألعاب التقليدي لم ينته بعد

في وقت يتعرض لاعبون مثل أوزيل وبوغبا ومحرز للتهميش رغم ما يتمتعون به من مهارات

البرتغالي جواو فيليكس لاعب يتمتع بمهارة التهديف وصناعة الفرص مع أتلتيكو ومنتخب بلاده  -  فيليكس تخلص من الأنانية فأصبح نجماً بارعاً (أ.ف.ب)
البرتغالي جواو فيليكس لاعب يتمتع بمهارة التهديف وصناعة الفرص مع أتلتيكو ومنتخب بلاده - فيليكس تخلص من الأنانية فأصبح نجماً بارعاً (أ.ف.ب)
TT

جواو فيليكس يثبت أن عصر صانع الألعاب التقليدي لم ينته بعد

البرتغالي جواو فيليكس لاعب يتمتع بمهارة التهديف وصناعة الفرص مع أتلتيكو ومنتخب بلاده  -  فيليكس تخلص من الأنانية فأصبح نجماً بارعاً (أ.ف.ب)
البرتغالي جواو فيليكس لاعب يتمتع بمهارة التهديف وصناعة الفرص مع أتلتيكو ومنتخب بلاده - فيليكس تخلص من الأنانية فأصبح نجماً بارعاً (أ.ف.ب)

في ظل تهميش لاعبين مثل أوزيل وبوغبا، يُثبت النجم البرتغالي جواو فيليكس الذي ضمه أتلتيكو مدريد مقابل 110 ملايين جنيه إسترليني أن صانع الألعاب التقليدي لا يزال مهماً في كرة القدم الحديثة.
في الأدب الروسي في القرن التاسع عشر، كانت هناك شخصية تُعرف باسم «الرجل غير الضروري أو الذي لا لزوم له». وكان هذا الرجل الزائد عن الحاجة موهوباً ثرياً، لكنه يعيش بلا هدف ولا يلعب أي دور في المجتمع، ويكتب الشعر ويرتدي ملابس يتم إعدادها بدقة، ويتسكع على مقاعد حريرية، ولم يكن يجيد سوى الأشياء التي لا طائل من ورائها. وبعدما كان العالم يقوم بتدليله في وقت ما، لم يعد بحاجة إليه على الإطلاق.
في الحقيقة، من السهل أن تجد كثيراً من هؤلاء الأشخاص الذين لا يقومون بأي دور على الإطلاق في كرة القدم الحديثة. وقد كانت هذه ملاحظة واضحة للغاية خلال العام الماضي، حيث رأينا عدداً من اللاعبين الذين يملكون مهارات جيدة مهمشين، ولا يلعبون أي دور مع أنديتهم.
ولا يتم تهميش هؤلاء اللاعبين فحسب، بل يتم شيطنتهم وتصويرهم على أنهم منحلون. وبالتالي، لم يكن غريباً أن نسمع أن اللاعب الفرنسي بول بوغبا كسول، أو أن النجم الجزائري رياض محرز ضعيف هش، أو أن اللاعب الألماني مسعود أوزيل لا يريد اللعب، لكنه بدلاً من ذلك عازم على إفلاس نادي آرسنال، من خلال الحصول على مبالغ مالية طائلة من دون أن يلعب أي دقيقة!
لكن الواقع مختلف تماماً بالطبع، فالمشكلة التي يواجهها بوغبا -على سبيل المثال- هي مشكلة خططية تكتيكية في المقام الأول، لأن الطريقة التي يلعب بها مانشستر يونايتد قد عفا عليها الزمن، ولم تعد مناسبة للضغط الشرس على حامل الكرة، وعدم التوقف عن الركض طوال المباراة. فلاعب مثل نجم خط وسط ليفربول جيني فينالدوم -على سبيل المثال- يقطع 15 خطوة، ويلعب بطريقة سريعة للغاية، ويغلق 3 مساحات أمام خط هجوم الفريق المنافس، في الوقت نفسه الذي يقوم فيه بوغبا بتمرير الكرة لمرة واحدة، أو التحرك في مساحة غير متوقعة داخل الملعب.
وينطبق الأمر نفسه أيضاً على محرز وأوزيل، فهما لاعبان من الطراز الرفيع، ويمتلكان قدرات هائلة فيما يتعلق بالمراوغة والتمرير، لكن قدراتهما لا تناسب الطريقة التي تلعب بها أنديتهما!
وهؤلاء هم «الرجال غير الضروريين» في كرة القدم الحديثة. فعلى الرغم من أنهم يملكون مواهب عظيمة، فإن قدراتهم لا تتماشى مع العصر، ويكافحون لإيجاد حل وسط بين طريقة لعبهم وطريقة لعب الفرق التي يدافعون عن ألوانها، وهذا أمر محزن في حد ذاته لأن هؤلاء اللاعبين المبدعين كانوا دائماً هم من يمتعوننا بمهاراتهم وإمكانياتهم الهائلة داخل الملعب. والأسوأ من ذلك هناك بعض الأحاديث عن أن صانع الألعاب التقليدي قد أصبح شيئاً من الماضي بسبب متطلبات كرة القدم الحديثة التي تعتمد على القوة والضغط الشديد على المنافس.
لكن لحسن الحظ أن كرة القدم لعبة تتسم بالمرونة، وتستوعب أشكالاً وخططاً جديدة. لقد كانت هذه مقدمة طويلة ملتوية بعض الشيء للوصول إلى الحديث عن النجم البرتغالي الشاب جواو فيليكس الذي ضمه أتلتيكو مدريد مقابل 110 ملايين جنيه إسترليني، والذي يعد أفضل لاعب صاعد في كرة القدم الأوروبية في الوقت الحالي. وسجل فيليكس الذي يكمل عامه الحادي والعشرين خلال الأسبوع الحالي هدفه السابع في 5 مباريات، وبدا من الواضح أنه يتجه نحو مستوى آخر تماماً.
في الحقيقة، حدثت طفرة هائلة في مستوى النجم البرتغالي الشاب في الآونة الأخيرة. لقد انتقل فيليكس إلى أتلتيكو مدريد قادماً من بنفيكا البرتغالي مقابل مبلغ ضخم من المال الصيف الماضي، لكنه عانى في البداية من أجل التأقلم والتكيف مع اللعب بقميص قطب مدريد الثاني. لقد كان لاعباً مراهقاً مغروراً يعتمد بشكل كامل على موهبته الفطرية، كما أن صفقة انتقاله قد توسط فيها وكيل أعمال اللاعبين المثير للجدل خورخي مينديز، وكلها عوامل وضعت ضغوطاً هائلة على اللاعب الشاب. وبالتالي، بدأ كثيرون يشككون في قدرة اللاعب على تقديم المستويات المتوقعة منه.
وفي مارس (آذار) الماضي، شارك فيليكس في مباراة فريقه أمام ليفربول على ملعب «آنفيلد» وظل لمدة 110 دقائق وهو يبدو تائهاً. ورغم كل ذلك، قتل فيليكس المباراة تماماً بتمريرة سحرية -كانت التمريرة رقم 23 فقط له في اللقاء- من دون حتى أن ينظر إلى اللاعب الذي يمرر له الكرة، ليصنع الهدف الحاسم الذي أطاح بليفربول، وصعد بفريقه للدور التالي من دوري أبطال أوروبا. لقد أظهر النجم البرتغالي الشاب في تلك الليلة لمحات بسيطة من الإمكانيات والقدرات الهائلة التي يمتلكها.
لكن فيليكس يقدم مستويات رائعة للغاية خلال الموسم الحالي، ويقود أتلتيكو مدريد بشكله الجديد الذي تم بناؤه على أنقاض الفريق الذي رأيناه في صيف 2019، والذي أنهى الدوري الإسباني الممتاز في المركز الثالث، لكنه تعادل في 16 مباراة، وكان يجد صعوبة كبيرة في تسجيل الأهداف. وقد قرر المدير الفني الأرجنتيني، دييغو سيميوني، الاعتماد على نجم برشلونة السابق لويس سواريز في الخط الأمامي، ومن خلفه اللاعب البرتغالي الموهوب جواو فيليكس. وقد أثبت سيميوني أنه كان محقاً تماماً في الاعتماد على فيليكس الذي أظهر براعة فائقة للغاية، ليس فقط في إحراز الأهداف، ولكن أيضاً في قيادة خط وسط الفريق ككل.
وعلاوة على ذلك، يجيد فيليكس صناعة اللعب تحت الضغط أيضاً. ورغم أنه قد يبدو ضعيفاً من الناحية البدنية، فإنه أصبح لاعباً جماعياً بشكل رائع. ولكي ندرك الدور البارز الذي يقوم فيه فيليكس، يتعين علينا أن نشاهد المباراة التي لعبها أمام غرناطة، والتي لم يكن يتوقف خلالها عن الركض ونقل الكرات ومساعدة زملائه داخل المستطيل الأخضر، كما كان هو اللاعب الذي يتحكم تماماً في إيقاع المباراة، بينما كان يلعب صانع ألعاب متقدماً. وقدم فيليكس مستويات مماثلة في مباراة فريقه أمام لوكوموتيف موسكو التي انتهت بالتعادل بهدف لكل فريق. وفي الآونة الأخيرة، قدم أداءً مميزاً أيضاً في المباراة التي سحق فيها أتلتيكو مدريد نظيره قادش برباعية نظيفة، والتي كانت المباراة الثالثة على التوالي التي لم تهتز فيها شباك أتلتيكو مدريد.
ومن بين المميزات الأخرى للاعب البرتغالي الشاب أنه يقوم بأشياء لا يمكن لغيره من اللاعبين القيام بها، نظراً لأنه يمتلك فنيات ومهارات رائعة وسرعة هائلة، بالشكل الذي يذكرنا بمهارات النجم البرازيلي رونالدينيو وهو يتلاعب بأشلي كول في مدينة شيزوكا اليابانية في عام 2002، وهو الأمر الذي لم نرَ لاعباً يقوم به منذ ذلك الحين.
وكما هو الحال مع كل لاعبي خط الوسط الرائعين، يمتاز فيليكس بقدرته على رؤية مساحات الملعب كافة بدقة شديدة، ولكي ندرك ذلك يتعين علينا إعادة مشاهدة هدفه الثاني في مرمى قادش بالصورة البطيئة، حيث سندرك على الفور أنه يرى كل شبر من الملعب حتى وهو يتسلم الكرة على صدره وينطلق بسرعة فائقة؛ إنه لأمر رائع بالطبع أن يكون هناك لاعب كرة قدم مبتكر جديد من الطراز الرفيع لكي يمتعنا بمهاراته وإمكانياته. عفواً ليونيل ميسي، فأنت تتألق في الملاعب العالمية منذ 16 عاماً كاملة، لكن الدور ربما يكون قد حان الآن لكي ينافس جواو فيليكس على الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم!
وفي الوقت الراهن، ربما يكون أكثر شيء مثير للاهتمام هو الطريقة التي يلعب بها، والطريقة التي يحقق من خلالها التوازن بين مهاراته بصفته لاعباً مبدعاً واحتياجات الفريق ككل. وهذه هي الطريقة التي يجب أن يلعب بها كل صناع اللعب الموهوبين في الوقت الحالي، لكي يوظفوا مهاراتهم من أجل خدمة الفريق في نهاية المطاف.
وعلاوة على ذلك، لا يتوقف فيليكس عن الحركة أبداً، لكنه في الوقت نفسه لاعب ممتع جذاب غير مألوف، ولاعب يثبت أن صناع اللعب التقليدين ما زالوا قادرين على التألق وقيادة أنديتهم ببراعة، على عكس اللاعبين الآخرين «غير الضروريين» الذين لا يفيدون فرقهم!


مقالات ذات صلة

تيرير يتعرض لكسر في الساعد وينضم لقائمة مصابي ليفركوزن

رياضة عالمية مارتن تيرير (إ.ب.أ)

تيرير يتعرض لكسر في الساعد وينضم لقائمة مصابي ليفركوزن

انضم المهاجم مارتن تيرير إلى القائمة المطوَّلة للاعبين المصابين في صفوف فريق باير ليفركوزن حامل لقب الدوري الألماني، قبل ملاقاة ريد بول سالزبورغ النمساوي.

«الشرق الأوسط» (دوسلدورف)
رياضة عالمية فلورينتينو بيريز (إ.ب.أ)

بيريز مهاجماً «فيفا» و«يويفا»: كرة القدم مصابة بجروح خطرة

شنّ فلورينتينو بيريز، رئيس نادي ريال مدريد الإسباني، بطل دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، هجوماً عنيفاً على الاتحادين «الدولي (فيفا)» و«الأوروبي (يويفا)».

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عربية أحمد دياب (رابطة الأندية المصرية المحترفة)

«الشيوخ» المصري يوافق على رفع الحصانة عن دياب في قضية أحمد رفعت

أعلن مجلس الشيوخ المصري برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق موافقته على طلب النائب أحمد دياب وكيل لجنة الشباب والرياضة بمجلس الشيوخ ورئيس رابطة الأندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة سعودية ياسر المسحل خلال تكريمه ماجد عبد الله الفائز بجائزة من جوائز المسؤولية الاجتماعية (الاتحاد السعودي)

ياسر المسحل: حظوظ المنتخب السعودي لا تزال قائمة في بلوغ كأس العالم 2026

قال ياسر المسحل رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم إن حظوظ الأخضر في نيل البطاقة المباشرة لنهائيات كأس العالم 2026 لا تزال قائمة، موضحاً أن الثقة حاضرة في اللاعبين

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رياضة سعودية لويس كامبوس (رويترز)

«اتحاد القدم» السعودي يستهدف تعيين الفرنسي كامبوس مديراً رياضياً

يجري المدير الرياضي لنادي باريس سان جيرمان الفرنسي، لويس كامبوس، حالياً محادثات حول مستقبله؛ إما بالبقاء مع سان جيرمان، أو الرحيل لتجربة رياضية أخرى.

نواف العقيّل (الرياض)

خيسوس: طبيعي أن تكون المباراة «مشحونة»

خيسوس خلال المؤتمر الصحفي لنهائي السوبر السعودي (تصوير: مشعل القدير)
خيسوس خلال المؤتمر الصحفي لنهائي السوبر السعودي (تصوير: مشعل القدير)
TT

خيسوس: طبيعي أن تكون المباراة «مشحونة»

خيسوس خلال المؤتمر الصحفي لنهائي السوبر السعودي (تصوير: مشعل القدير)
خيسوس خلال المؤتمر الصحفي لنهائي السوبر السعودي (تصوير: مشعل القدير)

أشار البرتغالي جورجي خيسوس، المدير الفني لفريق الهلال، إلى إمكانية مشاركة البرازيلي مالكوم أمام النصر، في المباراة التي تجمعهما، اليوم السبت في كأس السوبر السعودي.

وقال خيسوس، في المؤتمر الصحافي الخاص بالمباراة: «مجدداً الهلال طرف في نهائي آخر ضد منافس قوي، ستكون مباراة قوية. ستظهر صورة الكرة السعودية التي وصلت إلى المستوى العالي، والعالم يشاهد».

وأضاف: «الفريقان يملكان لاعبين كثراً على مستوى عالٍ من الجودة، وبالطبع نبحث عن أن نظهر الوجه القوي للكرة السعودية».

وتابع: «المباراة ستكون منقولة على مستوى العالم ودول أوروبا والبرازيل، نرغب في أن نظهر أفضل صورة للكرة السعودية، نرغب في أن نظهر ما أظهرناه في الموسم الماضي».

وواصل: «في كل مكان بالعالم النهائيات والديربيات يكون فيها شد ذهني لا يمكن السيطرة عليه بالكامل، المستوى هذا من الصعب أن نتحكم خلاله في ردة الفعل. هناك بعض اللحظات التي يكون فيها شحن وهي طبيعية».

وبسؤاله عن موقف البرازيلي مالكوم من المباراة، أوضح خيسوس: «لقد تدرب مع الفريق اليوم، وبناءً على ذلك سنتخذ القرار الأنسب، كل شيء سيعتمد على التمرين الأخير».

وأردف: «مالكوم من أفضل اللاعبين الموجودين على مستوى الهلال والدوري، وبالنسبة لي بصفتي مدرباً معرفة مالكوم التكتيكية مهمة، وهو حل مهم لنا، يجعل الأمور أسهل».

ورفض خيسوس الحديث عن لاعبه سعود عبد الحميد الذي ارتبط بالانتقال إلى صفوف روما الإيطالي خلال فترة الانتقالات الصيفية الحالية.

وأكد: «الهلال يملك قائمة قوية من اللاعبين، وفترة الإعداد كانت من أجل العمل على استعداد اللاعبين، خصوصاً مثل الموجودين خارج الفريق الموسم الماضي؛ مثل حمد اليامي الذي كان بالشباب، ويملك إمكانات جيدة».

وواصل: «نحن معتادون على حب الجماهير الذي يتحرك معنا، لامسنا هذا الأمر العام الفائت، نحاول أن نمنحهم بطولة أخرى، وقفوا معنا، ودعمونا، ونحن موجودون لأجل إرضاء الجماهير».

وأتم خيسوس حديثه بالإشادة بمهاجمه ميتروفيتش، قائلاً: «إنه محترف على مستوى عالٍ داخل وخارج الملعب، بداية الإعداد كانت رائعة؛ إذ خسر بعض الوزن، ميتروفيتش مثال لنوعية المحترف المثالي».

من جانبه، يأمل الصربي ألكسندر ميتروفيتش، مهاجم الهلال في الفوز بكأس السوبر على حساب النصر.

وقال ميتروفيتش في المؤتمر الصحافي: «ستكون مباراة قوية ضد منافس قوي، لعبنا أمامهم في الموسم الماضي، ونتمنى أن نكون الطرف المنتصر».

وأفاد: «لا يوجد شيء اختلف في الإعداد لمواجهة النصر. إنها مثل أي مباراة أخرى، نركز على أنفسنا وتنفيذ تعليمات المدرب أفراداً ومجموعة».

وأكمل: «ستكون مباراة كبيرة حافلة بالحضور الجماهيري، نحن محظوظون بوجود الجماهير داخل أرضنا وخارجها».

واختتم: «السعادة ستكون أكبر إن انتصرنا مع تسجيلي للأهداف، ولكن الهدف الرئيسي إسعاد الجماهير والفوز باللقب».