توافق فرنسي ـ أميركي على التنديد بسياسة إردوغان

بومبيو: سياسة تركيا عدوانية للغاية ويتعين على الأوروبيين والأميركيين العمل على لجمها

الوزير بومبيو وزوجته سوزان في كنيسة آيا يورجي في إسطنبول أمس (أ.ف.ب)
الوزير بومبيو وزوجته سوزان في كنيسة آيا يورجي في إسطنبول أمس (أ.ف.ب)
TT

توافق فرنسي ـ أميركي على التنديد بسياسة إردوغان

الوزير بومبيو وزوجته سوزان في كنيسة آيا يورجي في إسطنبول أمس (أ.ف.ب)
الوزير بومبيو وزوجته سوزان في كنيسة آيا يورجي في إسطنبول أمس (أ.ف.ب)

كثيرة الملفات الخلافية التي برزت في المحادثات التي أجراها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أول من أمس في باريس مع نظيره جان إيف لو دريان، وبعدها مع الرئيس إيمانويل ماكرون، ومنها ثلاثة رئيسية: الأول، يتناول انسحاب القوات الأميركية، قبل نهاية العام، من أفغانستان. وترى باريس في ذلك «هدية» تقدم لـ«طالبان» للهيمنة على البلاد وتحويل أفغانستان إلى بؤرة ناسفة للاستقرار. والثاني، الانسحاب من العراق. ووفق القراءة الفرنسية، فإن المستفيد الأول منه ستكون إيران التي ستتمكن عندها من فرض «هيمنتها» على هذا البلد الذي كرر قادتها تأكيداتهم أنهم يعملون على «طرد» أميركا منه. والثالث، عزم الإدارة الأميركية على تشديد سياسة «الضغوط القصوى» على طهران بفرض عقوبات إضافية، وربما القيام بعمليات سيبرانية هجومية لتعطيل برنامجها النووي وحتى مهاجمة بعض منشآته، وفق ما كشفت عنه صحيفة «نيويورك تايمز». وأتيحت لباريس الفرصة للتعبير مباشرة لبومبيو عن «مخاوفها» مما ستقدم عليه إدارة الرئيس دونالد ترمب في الأيام المتبقية لها في البيت الأبيض (حتى 20 يناير/كانون الثاني).
بيد أنه في خضم المقاربات المتناقضة، ثمة ملف لا شك أنه أثلج صدر الجانب الفرنسي ويتناول الملف التركي وأداء أنقرة في سوريا والعراق وليبيا ومياه المتوسط الشرقي وداخل الحلف الأطلسي. ومنذ قمة الحلف في لندن أواخر العام الماضي، صوّب ماكرون سهامه ضد الرئيس رجب طيب إردوغان، معتبراً أن الحلف في حالة «موت سريري»، والدليل على ذلك أن تركيا تقوم بمبادرات «أحادية»، ومن غير تشاور مع أحد تُربك الحلف وتدخله في نزاعات هو في غنى عنها. وخلال الأشهر الـ11 المنقضية، تكثفت «مضبطة» الاتهامات الفرنسية المباشرة لأنقرة مقرونة بظنون فرنسية أن غياب ردة الفعل الأميركية تشجع إردوغان على الاستمرار في سياساته؛ لأنه «يستفيد من الفراغ الأميركي»؛ ولأن ترمب مرتبط بعلاقة «غامضة» مع إردوغان الذي يروج مثلاً لتدخله في ليبيا أو لما يقوم به في المتوسط على أنه «احتواء» للتغلغل الروسي. وباختصار، كان هناك نوع من العتب الفرنسي على واشنطن، وأبرز دلائله أن الجانب الأميركي لم يعر أي اهتمام للحادثة البحرية التي حصلت في 10 يونيو (حزيران) الماضي بين فرقاطة فرنسية كانت في مهمة أطلسية وبين قطع بحرية تركية سلطت عليها رادارات التصويب الناري بسبب سعيها لتفتيش سفينة مشبوهة تنقل أسلحة إلى ليبيا في مخالفة واضحة لقرارات مجلس الأمن. عقبها، وبعد تقرير «مائع» للحلف حول الحادثة كونه لم يحمّل أنقرة أي مسؤولية بشأن افتعال الحادثة التي كادت أن تفضي إلى اشتباك بحري بين عضوين في الحلف، قررت باريس «تجميد» أنشطتها.
كانت هذه الخلفية حاضرة في مناقشات الإليزيه الفرنسية - الأميركية. ويبدو أن بومبيو سعى إلى تبديد «التباعد» مع باريس؛ الأمر الذي انعكس في تصريحات لا سابق لها لجهة حدة الهجوم على أنقرة، وقد جاءت في إطار حديث أدلى به لصحيفة «لو فيغارو» ونشر في عددها ليوم أمس. ويبدو أن الوزير الأميركي الذي انطلق، بعد محادثاته في قصر الإليزيه، من باريس مباشرة إلى تركيا، أراد بشكل ما «تصفية حساب» مع تركيا. وقال بومبيو «لقد أمضينا أنا والرئيس ماكرون وقتاً طويلاً في مناقشة الإجراءات التركية الأخيرة، واتفقنا على أنها عدوانية للغاية، أكان ذلك الدعم الذي تقدمه إلى أذربيجان، وحقيقة أنها زرعت قوات سورية في المنطقة أيضاً». وأضاف «بحثنا أيضاً ما تقوم به تركيا في ليبيا، حيث أدخلت قوات من دول ثالثة»، في إشارة إلى مرتزقة سوريين من المعارضة التي تهيمن عليها أنقرة «وأفعالها في شرق البحر المتوسط، والقائمة تطول والموقف الأميركي هو أنّ تدويل هذه الصراعات مؤذٍ ويضرّ بكل الدول المعنية؛ لذلك طالبنا كلّ الدول بوقف تدخّلها في ليبيا، سواء أكانت روسيا أم تركيا أم سواهما، والشيء نفسه في أذربيجان».
يرى الوزير الأميركي، أن تسوية النزاع بين أذربيجان وأرمينيا بشأن قره باغ كان يجب أن تتم في إطار ما يسمى «مجموعة مينسك»، التي تضم الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا. إلا أن هذه المجموعة أثبتت عجزها عن تحقيق أي إنجاز. وجلّ ما قامت به هو إصدار بيان جماعي من الدول الثلاث المعنية إضافة إلى بيانات «فردية». لكن الجهتين الفاعلتين كانتا، بلا شك، تركيا وروسيا. ذلك أن المحادثات بين الطرفين الأرميني والأذربيجاني التي أفضت إلى اتفاق لوضع حد للحرب في قره باغ حصلت برعاية روسية - تركية. وخلاصة بومبيو التي يمكن اعتبارها بمثابة «إنذار» لتركيا، أن «الاستخدام المتزايد للقدرات العسكرية التركية مصدر قلق لنا». لذا؛ فإنه اعتبر أنه «يتعين على أوروبا والولايات المتحدة العمل معاً من أجل إقناع إردوغان أن مثل هذه الأعمال لا تصب في مصلحة شعبه». ولا تبدو واشنطن مرتاحة لاتفاق وقف النار الأخير؛ إذ نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر أميركي مرافق لبومبيو قوله، إنه «لا تزال هناك أسئلة كثيرة تتطلّب توضيحاً من الروس فيما يتعلق بمعايير هذه المعاهدة، ولا سيّما بشأن الدور الممنوح للأتراك فيها».
السؤال المطروح الآن هو معرفة ما إذا كانت الإدارة الأميركية الحالية ستعمد حقيقة لـ«هز العصا» للطرف التركي في الوقت القصير المتبقي لها، علماً بأن الرئيس التركي لم يتردد يوماً في تحدي واشطن، أكان فيما خص إبرام صفقة الصواريخ أرض - جو من طراز «إس - 400» روسية الصنع، أو بشأن الملفات الخلافية الأخرى المشار إليها، أم أن بومبيو سيترك الأمور على حالها بانتظار مجيء إدارة ديمقراطية جديدة مع تسلم الرئيس المنتخب جو بايدن مسؤولياته الدستورية بحيث يتم رسم سياسة جديدة للتعاطي مع أنقرة ومع طموحات رئيسها ولجوئه المتكرر للقوة العسكرية وسيلةً لفرض أمر واقع جديد؟



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».