وزارة العدل الأميركية توصي بملاحقة بترايوس لتسريبه معلومات سرية

انتقادات لطول مدة التحقيق وشكاوى من معاملة تفضيلية محتملة للمدير السابق لـ«سي آي إيه»

بولا برودويل تحمل نسخة من كتابها الذي أعدته عن بترايوس في 15 يناير 2012 وفي الإطار صورة لبترايوس نفسه (أ.ب)
بولا برودويل تحمل نسخة من كتابها الذي أعدته عن بترايوس في 15 يناير 2012 وفي الإطار صورة لبترايوس نفسه (أ.ب)
TT

وزارة العدل الأميركية توصي بملاحقة بترايوس لتسريبه معلومات سرية

بولا برودويل تحمل نسخة من كتابها الذي أعدته عن بترايوس في 15 يناير 2012 وفي الإطار صورة لبترايوس نفسه (أ.ب)
بولا برودويل تحمل نسخة من كتابها الذي أعدته عن بترايوس في 15 يناير 2012 وفي الإطار صورة لبترايوس نفسه (أ.ب)

أوصى ممثلو مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (إف بي آي) ووزارة العدل بتوجيه اتهامات جنائية بحق ديفيد بترايوس، بزعم أنه أفشى معلومات سرية لصديقته أثناء توليه منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، على حد قول مسؤولين. ومع ذلك سيكون وزير العدل، إيريك هولدر، هو الذي يقرر ما إذا كان سيتم توجيه اتهام رسمي يمكن أن يؤدي إلى سجن واحد من أبرز المسؤولين العسكريين في جيله أم لا.
ويأتي تحقيق وزارة العدل على خلفية علاقة نشأت بين بترايوس وبولا برودويل، ضابط احتياطي في الجيش، كانت تكتب سيرته الذاتية، وتركز التحقيقات على معرفة ما إذا كان قد مكّنها من الدخول على حساب البريد الإلكتروني للاستخبارات المركزية الأميركية وأفشى لها معلومات على درجة عالية من السرية. واكتشف عملاء مكتب «إف بي آي» وثائق سرية على جهاز الكومبيوتر الخاص بها بعد استقالة بترايوس من الاستخبارات المركزية عام 2012 عندما انكشف أمر العلاقة.
وقال بترايوس، اللواء المتقاعد الذي تولى منصب قائد القوات الأميركية في كل من العراق وأفغانستان، إنه لم يبح لبرودويل بأي معلومات سرية. وأوضح لوزارة العدل أنه غير مهتم بتقديم التماس يعفيه من محاكمة محرجة. ورفض روبرت بارنيت، أحد محامي بترايوس، التعليق على القضية، أول من أمس.
وتم اطلاع المسؤولين، الذين قالوا إنه تم التوصية بتوجيه اتهامات له، على التحقيق، لكنهم رفضوا ذكر أسمائهم لعدم التصريح لهم بالحديث عن هذا الأمر. وكان من المتوقع أن يتخذ هولدر قرارا بشأن توجيه الاتهامات إلى بترايوس بحلول نهاية العام الماضي، لكنه لم يوضح بعد كيف ستسير الأمور. وأثار هذا التأجيل حنق المسؤولين والمحققين في كل من وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي، حيث تساءلوا ما إذا كان بترايوس تلقى معاملة تفضيلية. ويأتي ذلك في وقت يقود فيه هولدر حملة ضد مسؤولي الحكومة الذين يفشون أسرارا للصحافيين.
كذلك أثارت العملية المؤجلة سخط أصدقاء بترايوس وحلفائه السياسيين، الذين يقولون إن من الظلم ترك الأمر معلقا على هذا النحو. وكتب السيناتور جون ماكين، إلى هولدر الشهر الماضي، موضحا أن «ذلك التحقيق قد حرم الأمة من حكمة واحد من أكثر قادتها خبرة». وكتب ماكين: «في هذه اللحظة الحرجة من أمن أمتنا، لا يمكن للكونغرس والشعب الأميركي تحمل تكلفة إسكات هذا الصوت أو جعله خافتا بسبب ما يلقيه التحقيق الممتد المعلق، الذي يستند إلى تسريبات مجهولة المصدر، من ظلال».
ومنذ استقالة بترايوس من منصبه كرئيس للاستخبارات المركزية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، أصبح يقضي وقته في التدريس، وإلقاء المحاضرات المفيدة، والعمل كشريك في «كولبيرغ كرافيس روبرتس»، إحدى شركات الأسهم الخاصة الكبرى في العالم. ولم يصرح هولدر بكثير بشأن التحقيق. وسأل صحافيون جيمس كومي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عن سبب استغراق الأمر كل هذه المدة، فأجاب قائلا: «لا يمكنني الحديث عن ذلك. أعني أني أعتقد أن بمقدوري قول السبب لكنني لن أفعل».
وقال الرئيس باراك أوباما، خلال مؤتمر صحافي بعد فترة قصيرة من استقالة بترايوس، إنه لا يوجد دليل على إفشاء بترايوس لمعلومات سرية «قد يكون لها تأثير سلبي على أمننا القومي». وأضاف أوباما «نحن نتمتع بأمان أكبر بفضل ما قام به بترايوس» في إشارة إلى عمله في الحكومة. وأوضح قائلا: «آمل حاليا أن يتجاوز هو وأسرته ما حدث، وأن ينتهي الأمر كحدث عارض في مسيرة مهنية استثنائية».
وسواء أضر هذا الأمر بالأمن القومي أم لا، خلص المحققون إلى أنه يرقى إلى مستوى الخرق الأمني الكبير في مكتب واحد من أكثر قادة الاستخبارات محلا للثقة، وأوصوا بتوجيه اتهامات إلى بترايوس.
واكتشف عملاء فيدراليون أمر العلاقة مصادفة بعد شكوى قدمتها جيل كيلي، وهي من أصدقاء بترايوس، إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي، مفادها أنها تلقت رسائل تهديد مجهولة المصدر عبر البريد الإلكتروني تتعلق بعلاقتها ببترايوس. وفتح عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي تحقيقا يقوم على التتبع عبر الإنترنت؛ مما أدى إلى اكتشاف الرسالة الموجهة إلى برودويل، وبدأت عملية البحث في رسائلها الإلكترونية. واكتشفوا حينها دليلا على علاقتها ببترايوس. ويُقال إن علاقة بترايوس بها بدأت عام 2011، بعد فترة قصيرة من توليه منصب مدير الاستخبارات المركزية الأميركية، حينما كانت تجري معه مقابلات من أجل كتابها «كل الأمور: تعليم اللواء ديفيد بترايوس». وقدم بترايوس استقالته كمدير للاستخبارات المركزية الأميركية بعد 3 أيام من انتخاب أوباما لفترة رئاسية ثانية. واعترف بترايوس في بيان مقتضب بالعلاقة، وقال: «بعد زواج دام أكثر من 37 عاما، كان تقديري للأمور سيئا. هذا التصرف غير مقبول كزوج وقائد لمؤسسة مثل مؤسستنا»، في إشارة إلى الاستخبارات المركزية الأميركية.
تولى بترايوس، البالغ من العمر 62 سنة وخريج الأكاديمية العسكرية الأميركية في ويست بوينت، قيادة القوات الأميركية في العراق عام 2007 في وقت سيطر فيه تنظيم القاعدة على أجزاء كبيرة من البلاد، وارتفع فيه عدد القتلى من الجنود الأميركيين شهريا. وتولى بترايوس إدارة العملية التي تسمى زيادة القوات الأميركية التي أسهمت في تحقيق الاستقرار في العراق إلى حد مكّن الولايات المتحدة الأميركية من سحب قواتها خلال فترة حكم أوباما. واختاره أوباما في عام 2010 ليتولى قيادة القوات الأميركية في أفغانستان، حيث كانت تزداد سيطرة حركة طالبان على الأراضي، وحقق بترايوس بعض النجاح رغم أنه لم يكن في مستوى نجاحه في العراق.
كان بترايوس يعد في واشنطن زعيما سياسيا بالفطرة بفضل حنكته على أرض المعركة، حيث كان يتعامل مع الشؤون السياسية للكونغرس والبيت الأبيض والبنتاغون بسلاسة. كما تلقى دعوات بالترشح للرئاسة وتمكّن من رسم صورة إعلامية عظيمة له. وظل طوال ذلك الوقت مستشارا موثوقا فيه بالنسبة لأوباما الذي عيّنه مديرا للاستخبارات المركزية الأميركية عام 2011.
* خدمة «نيويورك تايمز»



أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
TT

أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)

في إطار سعيهما لتعزيز قبضتهما على السلطة، يهاجم رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا ونائبته وزوجته روزاريو موريو الكنيسة الكاثوليكية، بعدما عملا على سجن أو نفي شخصيات معارضة.
بدأ المقاتل السابق في جبهة التحرير الوطني الساندينية، بدعم قوي من زوجته، بالتأسيس لاستمرارية في السلطة منذ عودته إليها في عام 2007. وسمحت تعديلات دستورية في العامين 2011 و2014 برفع الحظر المفروض على إعادة انتخاب الرئيس، الذي كان منصوصاً عليه سابقاً في الدستور، حسبما تقول عالمة الاجتماع إلفيرا كوادرا التي تعيش في المنفى في كوستاريكا.
وتشير كودارا لوكالة «الصحافة الفرنسية» إلى أن أورتيغا (76 عاماً) «حوّل بذلك شكل الحكومة التي نصّ عليها الدستور» من أجل الانتقال إلى نظام «استبدادي» يضع «صنع القرار المطلق في أيدي الثنائي الرئاسي».
ومنذ القمع الدامي لاحتجاجات عام 2018 التي كانت تُطالب باستقالة الزوجيْن، تمرّ نيكاراغاوا بـ«أزمة مطوّلة لا يمكن تخطّيها» لأن أورتيغا وزوجته «أكّدا استمراريتهما في السلطة خلال انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. ومن خلال مأسسة الدولة البوليسية».
وأُعيد انتخاب أورتيغا لولاية رابعة على التوالي خلال انتخابات غاب عنها جميع منافسيه الأقوياء المحتملين، بسبب اعتقالهم أو إرغامهم على العيش في المنفى.
ولطالما دان المجتمع الدولي أفعال النظام في نيكاراغوا. وطالبت منظمة الدول الأميركية، أول من أمس الجمعة، الحكومة في نيكاراغوا بوقف «المضايقات والقيود التعسّفية» بحق المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمنظمات الدينية والمعارضين. وطالبت أيضاً بـ«الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين الذين يُقدّر عددهم بنحو 190».
ويعتبر المحلل والنائب السابق في نيكاراغوا إيليسيو نونييز، الذي يعيش هو أيضاً في المنفى، أن جبهة التحرير الوطني الساندينية «تنتقل من موقع الحزب المهيمن إلى موقع الحزب الواحد (...) مع خلق عبادة شخصية لا مثيل لها حالياً في أميركا اللاتينية».
ومنذ عام، تمّ اعتقال 46 معارضاً أو مجرد منتقد للحكومة وحُكم عليهم بالسجن لفترات تصل إلى 13 عاماً. وكان سبعة منهم يريدون الترشّح إلى الرئاسة.
- قمع الإعلام
وكانت وسائل الإعلام أيضاً من الأهداف الأولى للسلطة.
لم تعد صحيفة «لا برينسا» La Prensa، التي كانت تنشر نسخة ورقية، موجودة إلّا على الإنترنت، بعدما اختار صحافيوها المنفى خوفاً من الاعتقال، وذلك عقب مصادرة مقرّها وزجّ مديرها لورينزو هولمان بالسجن.
وأغلقت السلطات أيضاً المحطة التلفزيونية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في نيكاراغوا، بالإضافة إلى عدة إذاعات في أبرشيات مختلفة، وعشرات وسائل الإعلام المستقلة.
في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2020. أصدرت نيكاراغوا تشريعاً يستهدف الذين يتلقون أموالاً من الخارج ويفرض تسجيلهم لدى السلطات بصفة «عملاء أجانب». وأثار هذا القانون انتقادات المجتمع الدولي لما يشكله من خطر على الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان.
وبموجب هذا القانون، اعتبرت أكثر من ألف مؤسسة ومنظمة غير حكومية كان بعضها يكرّس عمله للدفاع عن حقوق الإنسان، غير قانونية. وأغلقت جامعات خاصة ومنظمات ثقافية بين عشية وضحاها.
في يوليو (تموز) اضطرت راهبات مجمّع الإرساليات الخيرية الذي أسسته الأم تيريزا، إلى الرحيل من نيكاراغوا، وطُردن كأنّهن «منبوذات»، حسبما قال مركز نيكاراغوا للدفاع عن حقوق الإنسان.
- «كنيسة صامتة»
وتُظهر الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها آخر معقل يحمي من الإجراءات التعسّفية. لكن الموالين للحكومة يعتبرون الكهنة والأساقفة الذين ينتقدون النظام «أنبياء مزيّفين».
ومنعت الشرطة أسقف ماتاغالبا (شمال شرق) المونسنيور رولاندو ألفاريز من التنقّل، منذ 4 أغسطس (آب)، مما يعكس ذروة الأزمة مع نظام يسعى إلى إسكات رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية المحلية لقمع أصوات المعارضة.
وقال ألفاريز في إحدى عظاته: «لطالما أرادت الحكومة كنيسة صامتة، لا تريدنا أن نتكلّم وأن نندّد بالظلم».