السعودية تسيطر على 15 % من مشروعات «الأبنية الخضراء» العربية

باستثمارات تتجاوز الـ200 مليار ريال

السعودية تسيطر على 15 % من مشروعات «الأبنية الخضراء» العربية
TT

السعودية تسيطر على 15 % من مشروعات «الأبنية الخضراء» العربية

السعودية تسيطر على 15 % من مشروعات «الأبنية الخضراء» العربية

ترتفع حصة السعودية من مشروعات الأبنية الخضراء في منطقة الشرق الأوسط لتصل إلى 15 في المائة من مجمل هذه المشروعات، حيث كشف لـ«الشرق الأوسط» المهندس فيصل الفضل، وهو الأمين العام لمبادرة خادم الحرمين الشريفين للأبنية الخضراء، أن السعودية تضم حاليا أكثر من 300 مشروع، في حين تضم منطقة الشرق الأوسط نحو 2000 مشروع للأبنية الخضراء، تنتشر في الكثير من الدول العربية.
وأفصح الفضل أن مساحة مشروعات الأبنية الخضراء في السعودية تتجاوز حدود الـ20 مليون متر مربع مع نهاية العام المنصرم، متوقعا أن يتضاعف هذا الرقم خلال العام الجاري 2015. موضحا أن معظم مشروعات الأبنية الخضراء تقع في منطقة الرياض، باستثمارات تقدر بنحو 200 مليار ريال، وأكبر مشروع منها هو عبارة عن مجمع للمباني الخضراء.
وأفاد الفضل بأن هذه المشروعات الكبرى تسعى إلى «إراحة المواطن السعودي وتوفير حياة أفضل له خلال سنوات إنجازها وحتى إنهائها، إلى جانب تعضيد ثقافة الأبنية الخضراء في البلاد وتدعيم هذه الثقافة في المجتمع»، مؤكدا أهمية الاستفادة من الدعم اللوجستي المقدم من الدولة للقطاع الأهلي وسبل تعزيز هذا التعاون، مع تعزيز مفاهيم الاستدامة والبيئة والإنسانية وغيرها من متطلبات إنجاز المشروعات القائمة والمستقبلية، بحسب قوله.
وشدد الفضل على أن المنتدى السعودي للأبنية الخضراء هو المحفز الأكبر لهذه الصناعة، مشيرا إلى الخطوة التي اتخذتها - أخيرا - وزارة الشؤون البلدية والقروية، من خلال وضع سياسة للأبنية الخضراء في البلاد، بإقرار الاشتراطات الفنية لهذه الأبنية، حيث أشاد الفضل بهذه الخطوة، مشيرا إلى أن ذلك ينسجم مع الكلمة التي ألقاها وزير الشؤون البلدية والقروية في الدورة الأخيرة للمنتدى السعودي للأبنية الخضراء، وكشف حينها عن هذا التوجه.
وكانت وزارة الشؤون البلدية والقروية قد أعلنت قبل أيام أنها تعكف - حاليا - على إعداد الاشتراطات الفنية للأبنية الخضراء على مستوى جميع المناطق والمدن السعودية، وذلك بهدف تحقيق التنمية العمرانية المستدامة والتوازن مع البيئة باستخدام الموارد الطبيعية للتقليل من الآثار البيئية للمباني، بالإضافة إلى تحقيق الكفاءة العالية في ترشيد استخدام الطاقة، بما يتوافق مع الجهود الدولية والإقليمية من أجل الوصول إلى التوازن البيئي.
وتعمل الوزارة على الاستفادة من الموارد المتجددة في تحقيق المواصفات الفنية للأبنية الخضراء واستخدام الطاقة الشمسية السلبية، والطاقة الشمسية النشطة والتقنيات الضوئية، بالإضافة إلى استخدام النباتات والأشجار من خلال الأسطح الخضراء وحدائق المطر، ومن ثم الحد من جريان مياه الأمطار، كما يستوجب ذلك استخدام تقنيات أخرى متعددة مثل تعبئة خرسانة ملموسة قابلة للاختراق أو الحصى بدلا من الأسفلت أو الخرسانة التقليدية لتعزيز عملية تجديد المياه الجوفية.
وأكدت الوزارة أنها تتطلع إلى تحقيق ممارسات متطورة في المباني الخضراء بشكل مستمر، حيث إنها تراعي في ذلك المساحة الواسعة لأراضي السعودية واختلاف مناخ وتضاريس كل منطقة عن الأخرى، وذلك باتباع المبادئ الأساسية المستمدة من طريقة اختيار الموقع والهيكل، ومن ثم اختيار كفاءة التصميم الذي يستهدف المباني الخضراء، بالإضافة إلى كفاءة الطاقة واستخدام المياه والمواد المستخدمة لتحقيق جودة البيئة الداخلية وتعزيز عمليات الصيانة والتحسين دوريا، بالإضافة إلى الحد من النفايات والمواد السامة.
وأوضحت الوزارة أن جوهر المباني الخضراء هو الاستفادة المثلى من واحد أو أكثر من المبادئ الأساسية التي تتبعها، وذلك خلال التصميم والتآزر السليم لتقنيات المباني الخضراء وتأثيرها على الجانب الجمالي للعمارة الخضراء أو التصميم المستدام، حيث إن تصميم المبنى الذي تواءم مع الميزات والموارد الطبيعية المحيطة بالموقع، يكتمل من خلال خطوات رئيسية في تصميم المباني المستدامة وتحديد المواد «الخضراء» بالبناء من المصادر المحلية، بالإضافة إلى الحد من الأحمال ونظم توليد الطاقة المتجددة في الموقع.



جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»