غياب وليد المعلم... ثالث وزير خارجية سوري في 50 سنة

الأنظار تتجه إلى خليفته وسط {نصائح} روسية وإيرانية

الظهور الأخير للمعلم في مؤتمر اللاجئين الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)  -  تشييع وزير الخارجية السوري وليد المعلم في دمشق أمس (إ.ب.أ)
الظهور الأخير للمعلم في مؤتمر اللاجئين الأسبوع الماضي (إ.ب.أ) - تشييع وزير الخارجية السوري وليد المعلم في دمشق أمس (إ.ب.أ)
TT
20

غياب وليد المعلم... ثالث وزير خارجية سوري في 50 سنة

الظهور الأخير للمعلم في مؤتمر اللاجئين الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)  -  تشييع وزير الخارجية السوري وليد المعلم في دمشق أمس (إ.ب.أ)
الظهور الأخير للمعلم في مؤتمر اللاجئين الأسبوع الماضي (إ.ب.أ) - تشييع وزير الخارجية السوري وليد المعلم في دمشق أمس (إ.ب.أ)

شيع أمس في دمشق، وزير الخارجية السوري وليد المعلم «الوجه الناعم» في السلطة وصاحب «البيانات المخملية» في الدفاع عن المواقف المتشددة، فطويت صفحة جديدة لأحد رجالات الرئيس حافظ الأسد بالتزامن مع الذكرى الخمسين لتسلمه الحكم بـ«الحركة التصحيحية»، حيث عرفت سوريا خلال خمسين سنة، ثلاثة وزراء للخارجية، فكان الوحيد الذي توفي وهو في منصبه دون أن ينشق أو يُبعد.
وجاءت وفاة المعلم جراء معاناته المفاجئة من مرض السرطان إضافة إلى القلب، في وقت يجري الرئيس بشار الأسد سلسلة من التغييرات السياسية والأمنية والإعلامية شملت تعزيز أدوار المقربين منه، بين ذلك تعظيم دور لونة الشبل بتعيينها «مستشارة خاصة في رئاسة الجمهورية»، إضافة إلى «منصبها الراهن مديرةً للمكتب الإعلامي والسياسي»، على أن تجرى تغييرات رمزية وأوسع في الأيام المقبلة.
وبغياب المعلم، تتجه الأنظار إلى خليفته لمعرفة اتجاهات السياسة السورية التي يتقاذفها النفوذان الروسي والإيراني في دمشق واللاعبون الإقليميون والدوليون في باقي المساحة السورية. ويعتبر دبلوماسيون غربيون يزورون دمشق، أن نائبه فيصل المقداد هو «الأقرب إلى إيران»، في حين «ينصح المسؤولون الروس جميع محاوريهم بلقاء أيمن سوسان» معاون وزير الخارجية. وقال أحدهم، إن مندوب سوريا في الأمم المتحدة بشار الجعفري «احد المرشحين، وهو قريب من تفكير طهران».
كما تتجه الأنظار حالياً لمعرفة الاسم الذي سيتولى رعاية الأقنية مع الدول الغربية أو المفاوضات مع تل أبيب، باعتبار أن المعلم كان من أبرز الذين اشتغلوا على المفاوضات مع الإسرائيليين سواء عبر الأقنية العلنية أو السرية.
- الإقامة بالأرشيف
يعرف المعلم في أروقة العاصمة السورية بـ«أبي طارق». ولد في 17 يوليو (تموز) 1941. وتنقل في الدراسة بين دمشق وطرطوس إلى أن التحق بجامعة القاهرة ونال بكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية في عام 1963. وتزامنت عودته إلى دمشق مع وصول حزب «البعث» إلى الحكم في انقلاب مارس (آذار) 1963.
وبعد انضمامه إلى السلك الدبلوماسي عمل في سفارات عدة، ثم سفيراً في رومانيا في عام 1975 إلى عام 1980، حيث لم يرق لوزير الخارجية وقتذاك عبد الحليم خدام الذي أودعه في أرشيف وزارة الخارجية. واستغل تلك الفترة في تأليف بعض الكتب التي شملت طيلة مسيرته أربعة مؤلفات، هي «فلسطين والسلام المسلح 1970»، و«سوريا في مرحلة الانتداب من العام 1917 وحتى العام 1948»، و«سوريا من الاستقلال إلى الوحدة من العام 1948 وحتى العام 1958»، و«العالم والشرق الأوسط في المنظور الأميركي».
وعندما تسلم فاروق الشرع الخارجية خلفاً لخدام الذي أصبح نائباً للرئيس في 1984، تسلم المعلم إدارة المكاتب الخاصة، وهي الأبرز في الوزارة. وبعد انطلاق مفاوضات السلام السورية - الإسرائيلية في عام 1991، عُيّن سفيراً لسوريا في واشنطن حتى عام 1999. وخلال هذه الفترة، عقد أو حضر سلسلة من اللقاءات السرية مع مسؤولين عسكريين وسياسيين إسرائيليين شملت رئيس الأركان الإسرائيلي امنون شاحاك والسفير ايتامار رابنوفيتش. وحصل في تلك الفترة على إعجاب الأميركيين والأوروبيين ودول عربية.
سحبه الرئيس حافظ الأسد فجأة من واشنطن. يعتقد أن السبب كان تقارير تخص مبالغته بمعلومات عن المفاوضات مع الإسرائيليين. وبقي مهمشاً لفترة قصيرة في دمشق، قبل أن يعود معاوناً ثم نائباً لوزير الخارجية لتسلم جهود الوصول إلى «تسويات» في لبنان. وكان بين آخر المسؤولين السوريين الذي تحدثوا إلى رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري في 14 فبراير (شباط) 2005. وفي فبراير 2006، عُيّن المعلم وزيراً للخارجية خلفاً لفاروق الشرع الذي أصبح نائباً للرئيس بعد إبعاد خدام وانشقاقه.
- «صقور» و«حمائم»
وخلال السنوات السابقة من تسلمه منصبه، كان يُعرف بأنه زعيم تيار «البراغماتية المبدئية» أو أحد «الحمائم» في السلطة مقابل «الصقور» بقيادة الشرع الذي ورث هذا الدور من «الخشن خدام»، حيث كان المعلم من المؤيدين للعلاقة مع الغرب والدول العربية وإقامة «علاقة متوازنة» مع إيران. وبناءً على ذلك، بالغ سوريون معارضون في توقعاتهم بعد اندلاع احتجاجات 2011 إلى حد أمل كثيرون منهم أن «ينشق ويبتعد عن النظام». لكن في الواقع، كان في مقدمة المدافعين عن موقف السلطة عبر مؤتمرات صحافية دورية ومحادثات مع موسكو وطهران، حليفتي دمشق. وشكّل خلال سنوات النزاع «واجهة للنظام»، واحتفظ بمنصبه رغم تغير الحكومات والوزراء. ولطالما كرر أن الأسد «باقٍ في منصبه طالما الشعب يريده»، وكان من بين أول من وصف معارضي النظام بـ«الإرهابيين»، ومن أشد منتقدي المقاتلين الأكراد لتلقيهم دعماً من واشنطن.
ولطالما اعتبر خلال مؤتمراته الصحافية الطويلة الحرب التي تشهدها بلاده «مؤامرة خارجية». وعُرف بمواقفه الساخرة من الغرب الذي فرض عقوبات على سوريا والمسؤولين فيها. وعُرف المعلم بنبرته الهادئة وبرودة أعصابه حتى في أصعب مراحل الحرب، وغالباً ما كان يتحدث ببطء. واقتصرت زيارات المعلم الخارجية خلال سنوات النزاع على عدد محدود من الدول، أبرزها روسيا وإيران، إضافة إلى العاصمة العمانية مسقط ومقر الأمم المتحدة في نيويورك.
- صلة الوصل
قابل معارضون تصريحات المعلم، بتوجيه انتقادات حادة له والسخرية من عباراته، مثل إنه «يريد محو أوروبا من الخريطة».
وكتب المعارض رضوان زيادة على «تويتر» أمس: «ظهر المعلم عام 2011 وأظهر فيديو مزورا ليثبت أن المتظاهرين السلميين حينها كانوا مسلحين. بعد دقائق من عرضه تبين زيفه وبدا أن المخابرات...زودته به. وعندما ووجه بالحقيقة في الأسبوع التالي ابتسم، وقال: (عرض سيئ). كان عليه الاستقالة حينها كما فعل الكثير من الدبلوماسيين السوريين».
وفي 31 أغسطس (آب) 2011، طالت عقوبات أميركية المعلم، الذي قالت واشنطن إنه «يكرر لازمة المؤامرة الدولية ويحاول إخفاء الأعمال الإرهابية للنظام ونشر الأكاذيب». ووصفه مسؤول أميركي حينها بأنه «صلة الوصل بين دمشق وطهران». وطالته عقوبات أوروبية في العام اللاحق احتجاجاً على قمع دمشق بالقوة للمظاهرات.
وكان آخر ظهور علني له يوم الأربعاء الماضي خلال افتتاح مؤتمر عودة اللاجئين الذي نظمته دمشق بدعم روسي. وبدا متعباً وفي حالة صحية سيئة استدعت مساعدته من شخصين على دخول قاعة الاجتماعات.
ونعى نائب وزير الخارجية الروسية ميخايل بوغدانوف «دبلوماسياً محنكاً» يعرفه منذ 35 عاماً. وقال، إن المعلم «كان يعلم مدى أهمية العلاقات الروسية - السورية». وأضاف «فقدنا شريكاً موثوقاً وصديقاً مخلصاً».
وقدم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف تعازيه في وفاة المعلم، الذي «لعب دوراً مهماً في خدمة والدفاع عن مصالح بلاده الوطنية وأمنه». وأعربت وزارة الخارجية في سلطنة عمان، البلد الخليجي الوحيد الذي أبقى على علاقات دبلوماسية مع سوريا وزاره المعلم خلال سنوات النزاع، عن «تعازيها ومواساتها». كما قدم الرئيس اللبناني ميشال عون تعازيه في برقية إلى الأسد.
وتذكر وزارة الخارجية على موقعها أن سوريا حقّقت «اختراقاً لمحاولة عزلها» منذ تولي المعلم وزارة الخارجية، مشيرة إلى دوره في تعزيز العلاقات مع عدد من الدول، خصوصاً «العلاقة القوية مع روسيا».



مؤتمر دولي حول السودان في غياب أطراف الصراع... و«اليونيسف»: الحرب حطّمت حياة ملايين الأطفال

سودانيون نازحون ينتظرون قبل الصعود إلى سفينة عسكرية في بورتسودان (أ.ب)
سودانيون نازحون ينتظرون قبل الصعود إلى سفينة عسكرية في بورتسودان (أ.ب)
TT
20

مؤتمر دولي حول السودان في غياب أطراف الصراع... و«اليونيسف»: الحرب حطّمت حياة ملايين الأطفال

سودانيون نازحون ينتظرون قبل الصعود إلى سفينة عسكرية في بورتسودان (أ.ب)
سودانيون نازحون ينتظرون قبل الصعود إلى سفينة عسكرية في بورتسودان (أ.ب)

تستضيف لندن اليوم (الثلاثاء)، مؤتمراً حول السودان، بهدف حشد المجتمع الدولي لإنهاء النزاع المدمر المستمر منذ سنتين، يوماً بيوم في هذا البلد، حيث يحتاج أكثر من 30 مليون شخص إلى مساعدات عاجلة، ووسط تقارير دولية تشير إلى أوضاع قاسية على أطفاله.

واندلعت الحرب بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات «الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتي»، في 15 أبريل (نيسان) 2023، على خلفية صراع على السلطة بين الحليفين السابقين، وحوّلت البلاد إلى مناطق نفوذ متقاسمة تواجه أزمة إنسانية تعدّ من الأسوأ على مر الأعوام.

مؤيدو المقاومة الشعبية المسلحة السودانية المؤيدة للجيش يستقلون شاحنات في القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
مؤيدو المقاومة الشعبية المسلحة السودانية المؤيدة للجيش يستقلون شاحنات في القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)

وأسفرت الحرب عن سقوط عشرات آلاف قتيل، وعن أكثر من 13 مليون نازح ولاجئ، وأغرقت البلاد البالغ عدد سكانها 50 مليون نسمة في أزمة إنسانية حادة، بحسب الأمم المتحدة التي تشير إلى انتشار المجاعة تدريجياً.

وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، قبل ساعات على افتتاح المؤتمر: «سنتان فترة طويلة، حرب السودان العنيفة دمرت حياة ملايين الأشخاص، لكن رغم ذلك، لا يزال جزء كبير من العالم يشيح بنظره» عن الوضع. وأضاف: «أبدى الطرفان المتحاربان ازدراء مشيناً بالمدنيين في السودان».

وقالت وزارة الخارجية البريطانية إن أكثر من 30 مليون شخص «بحاجة ماسة لمساعدة». ويجمع المؤتمر الذي تنظمه المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأفريقي، وزراء من 14 دولة بينها المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة. ويهدف المؤتمر إلى «الاتفاق على سبيل لإنهاء معاناة» السكان، على ما أضاف ديفيد لامي.

وأعلن ديفيد لامي مساعدة جديدة قدرها 120 مليون جنيه إسترليني (139.5 مليون يورو)، ما سيسمح بتوفير مؤن حيوية، لا سيما للأطفال الضعفاء ودعم ضحايا العنف الجنسي.

امرأة سودانية نازحة تستريح داخل ملجأ في مخيم زمزم بشمال دارفور (رويترز)
امرأة سودانية نازحة تستريح داخل ملجأ في مخيم زمزم بشمال دارفور (رويترز)

ولم تُدعَ الحكومة السودانية للمشاركة، وقد احتجت على ذلك لدى المملكة المتحدة، منتقدة «نهج الحكومة البريطانية الذي يساوي بين الدولة السودانية ذات السيادة والعضو بالأمم المتحدة منذ 1956، وميليشيا إرهابية ترتكب الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية والفظائع غير المسبوقة ضد المدنيين».

«اليونيسف»: الحرب في السودان حطّمت حياة ملايين الأطفال

أعلنت منظمة الأمم المتّحدة للطفولة (اليونيسف)، أنّه خلال الحرب المستمرّة في السودان منذ عامين، ارتفع عدد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال بنسبة ألف في المائة، مناشدة العالم عدم التخلّي عن ملايين الأطفال المنكوبين.

وقالت المديرة التنفيذية للوكالة الأممية كاثرين راسل، في بيان أمس (الاثنين)، إنّ «عامين من الحرب والنزوح حطّما حياة ملايين الأطفال في سائر أنحاء السودان».

وسلّطت «اليونيسف» في بيانها، الضوء على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال، بما في ذلك تعرّض أطفال للقتل والتشويه والاختطاف والتجنيد القسري والعنف الجنسي، مشيرة إلى أنّ هذه الانتهاكات «ازدادت بنسبة ألف في المائة خلال عامين»، وانتشرت في جميع أنحاء البلاد.

الطفلة سلمى عيسى أبكر من السودان تبلغ من العمر 17 شهراً تستريح في عيادة تديرها منظمة «أطباء بلا حدود» في موقع نزوح أبوتينغي بالقرب من تشاد (أ.ب)
الطفلة سلمى عيسى أبكر من السودان تبلغ من العمر 17 شهراً تستريح في عيادة تديرها منظمة «أطباء بلا حدود» في موقع نزوح أبوتينغي بالقرب من تشاد (أ.ب)

وبحسب أرقام حصلت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية» من «اليونيسف»، ويعتقد أنّها أقلّ من الواقع، فإنّ عدد الأطفال الذين قتلوا أو أصيبوا بجروح في السودان، ارتفع من 150 حالة مؤكّدة في عام 2022، إلى نحو 2776 حالة في عامي 2023 و2024. كذلك، فإنّ عدد الهجمات على المدارس والمستشفيات، ارتفع من 33 حالة تمّ التحقّق منها في 2022، إلى 181 حالة في العامين الماضيين.

بالمقابل، تضاعف خلال عامين، عدد الأطفال المحتاجين إلى مساعدات إنسانية، إذ ارتفع من 7.8 مليون في بداية 2023، إلى أكثر من 15 مليون طفل اليوم، وفقاً لـ«اليونيسف». وقالت راسل إنّ «السودان يعاني اليوم من أسوأ أزمة إنسانية في العالم، لكنّها لا تحظى باهتمام العالم». وأضافت: «لا يمكننا أن نتخلّى عن أطفال السودان».

وناشدت راسل المجتمع الدولي، العمل لإنهاء الحرب المستمرة في السودان، مشيرة إلى أنّ 462 ألف طفل في هذا البلد، معرّضون لخطر الإصابة بسوء التغذية الحادّ الشديد في الفترة بين مايو (أيار) وأكتوبر (تشرين الأول).

غوتيريش يندد بتدفق الأسلحة والمقاتلين

وفي سياق متصل، ندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أمس (الاثنين)، باستمرار تدفّق الأسلحة والمقاتلين إلى السودان، حيث تدور منذ عامين حرب «وحشية». وعشيّة دخول الحرب في السودان عامها الثالث، قال غوتيريش في بيان: «أشعر بقلق عميق إزاء استمرار وصول الأسلحة والمقاتلين إلى السودان، ممّا يسمح للنزاع بالاستمرار والانتشار إلى سائر أنحاء البلاد».

قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وهو يُهلل للجنود أثناء زيارته لبعض مواقعهم بالخرطوم في 30 مايو الماضي (صفحة الجيش السوداني)
قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وهو يُهلل للجنود أثناء زيارته لبعض مواقعهم بالخرطوم في 30 مايو الماضي (صفحة الجيش السوداني)

وجدّد الأمين العام نداءه لوقف الحرب الدائرة في السودان، وأضاف غوتيريش: «يجب وقف الدعم الخارجي وتدفّق الأسلحة. يجب على أولئك الذين لديهم النفوذ الأكبر على الأطراف، أن يستخدموه لتحسين حياة الشعب السوداني، لا لإدامة الكارثة».

وشدّد غوتيريش في بيانه، على أنّ «الطريقة الوحيدة لضمان حماية المدنيين، هي وضع حدّ لهذا النزاع العبثي». وأدّت الحرب المستمرة في السودان منذ 15 أبريل (نيسان) 2023، إلى كارثة إنسانية هائلة في هذا البلد. وتسبّبت الحرب بسقوط عشرات آلاف القتلى، وتهجير أكثر من 13 مليون شخص بين نازح ولاجئ، فيما غرقت أنحاء عدّة من البلاد في المجاعة.

ألمانيا: النزاع «أكبر كارثة إنسانية في عصرنا»

بدورها، أعلنت ألمانيا أنها ستخصص 125 مليون يورو إضافية للمساعدات الإنسانية. وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أمس (الاثنين)، إن هذه الأموال ستسمح للمنظمات الإنسانية بتوفير المواد الغذائية والأدوية إلى ضحايا الحرب، والمساعدة في «استقرار الوضع بالدول المجاورة» التي «بلغت قدراتها على الاستيعاب حدودها» القصوى. وأضافت بيربوك أن «الموت حقيقة دائمة في أجزاء كبيرة من السودان»، واصفة النزاع هناك بأنه «أكبر كارثة إنسانية في عصرنا».

الأمم المتحدة: عواقب كارثية لاستمرار الحرب

وفي سياق متصل، حذر المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة فيليبو غراندي اليوم (الثلاثاء)، من أن «الاستمرار في غض الطرف عن الوضع في السودان، حيث دخلت الحرب عامها الثالث، ستكون له (عواقب كارثية) للبلد كما للمنطقة» .وقال غراندي: «بعد عامين من المعاناة المتواصلة، لم يعُد بإمكان العالم أن يسمح لنفسه بتجاهل هذا الوضع الطارئ، علينا بذل كل ما بوسعنا لإعادة السلام إلى السودان»، محذراً كذلك الأوروبيين، من تدفق اللاجئين السودانيين في حال عدم تقديم المساعدة الكافية، وفق ما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

شاحنات برنامج الأغذية العالمي تنقل مواد غذائية من تشاد إلى مخيم زمزم في دارفور (رويترز)
شاحنات برنامج الأغذية العالمي تنقل مواد غذائية من تشاد إلى مخيم زمزم في دارفور (رويترز)

ورأت منظمة «هيومن رايتس ووتش» غير الحكومية، أن القيمين على المؤتمر يجب أن «يسعوا بشكل عاجل لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدة الإنسانية بشكل آمن ومن دون عوائق»، ودعتهم إلى «اتخاذ التزامات ملموسة» مثل نشر بعثة لحماية المدنيين. وحذرت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ميريانا سبولياريتش، من أن المدنيين في السودان «عالقون في كابوس لامتناهٍ من الموت والدمار». وحذرت اللجنة من «عواقب كارثية لاستمرار الحرب لسنة ثالثة».