«النهضة» التونسية ترجئ مؤتمرها وتساؤلات حول «الدواعي الحقيقية»

TT

«النهضة» التونسية ترجئ مؤتمرها وتساؤلات حول «الدواعي الحقيقية»

أكدت حركة «النهضة» التونسية أنها قررت تأجيل مؤتمرها الـ11 الذي كان من المزمع عقده أيام 15 و16 و17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وهو ما فتح باب التساؤلات حول الدواعي، في ظل الأزمة الداخلية التي تعرفها الحركة.
وتحدث بيان أصدرته الحركة عن انسحاب 24 عضواً في «مجلس الشورى» من أشغال الدورة 44 المنعقدة الليلة قبل الماضية، من هذا الهيكل السياسي الذي يسطر سياسات الحزب، وتصدر عنه أهم القرارات. وأوضحت أن الانسحاب كان «احتجاجاً على جدول الأعمال الذي تم تعديله استجابة لطلب عدد من الأعضاء».
في المقابل، أكدت أطراف سياسية معارضة أن عدد المنسحبين بلغ 63 من إجمالي 111 عضواً سجلوا حضورهم الاجتماع، وهو ما أكد عمق الأزمة التي تدور خفاياها حول التمديد لراشد الغنوشي رئيساً للحركة لفترة ثالثة، وهو تمديد مخالف للفصل 31 من النظام الداخلي الذي لا يسمح إلا بدورتين، مدة كل واحدة منهما أربع سنوات، وقد استنفدهما الغنوشي. وكان الغنوشي قد اعتبر تصريحات المعارضين لمبدأ التمديد له على رأس الحركة «استقواء بالإعلام لحل خلافات داخلية».
وتمسك المنسحبون، وأغلبهم من مجموعة المائة الرافضة للتمديد للغنوشي والمطالبة بمبدأ التداول على الرئاسة، بضرورة مناقشة الوضع الداخلي، والتفاعل مع ما عبر عنه الغنوشي في حوار تلفزيوني، بأنه لا يعتزم الترشح لرئاسة حركة «النهضة» من جديد خلال «المؤتمر الـ11».
وانتقد المنسحبون لجان التحضير للمؤتمر، وقالوا إنها لم تنجز شيئاً خلال الأشهر الماضية، ولا جدوى بالتالي من وراء عرض تقريرها. واتهم هؤلاء القيادات الداعمة للغنوشي بأنها اتخذت قراراً نهائياً بشأن التمديد له، وتجاهلت كل دعوات التداول الديمقراطي على الرئاسة.
في شأن آخر، دخل القضاة التونسيون أمس في إضراب عن العمل في كافة المحاكم لمدة خمسة أيام، وطالبوا بالإسراع في سن قانون أساسي لهم يستجيب للمعايير الدولية، احتجاجاً على الأوضاع الصحية والمادية المتردية في كافة المحاكم والمؤسسات القضائية، إثر وفاة قاضية بوباء «كورونا»، ورفض إحدى المصحات الخاصة معالجتها مشترطة شيكاً بنكياً مسبقاً بقيمة 30 ألف دينار تونسي (نحو 11 ألف دولار).
وطالبت نقابة القضاة التونسيين السلطات المعنية بفتح تحقيق ومتابعة المتورطين طبقاً للقانون. وكان الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بنابل (شمال شرق)، قد وافق يوم الجمعة الماضي على فتح تحقيق بشأن المصحة التي رفضت استقبال القاضية، ما أدى إلى وفاتها. وأعلنت النقابة «توسيع أيام إضراب القضاة الذي سبق أن بادرت بالدعوة إليه، من ثلاثة إلى خمسة أيام»، قائلة إن سبب ذلك هو «المستجدات الأخيرة المتعلقة بتحركات الهياكل الممثلة للقضاة، ودرءاً من النقابة لأي تأويل بوجود فرقة بين القضاة التونسيين».
ويشمل الإضراب جميع الأعمال القضائية، باستثناء مطالب الإفراج والنظر في الاحتفاظ الذي انتهت آجاله خلال فترة الإضراب. وأوضحت النقابة أن إقرار الإضراب أملته «الأوضاع التي آلت إليها السلطة القضائية، من تهميش وتردٍّ ولا مبالاة من قبل أجهزة الدولة التونسية، وتبعاً لحالة الغضب والاحتقان بين صفوف القضاة.
جراء تجاهل جميع المطالب المقدمة لتأمينهم صحياً واجتماعياً أثناء عملهم في ظل تفشي وباء (كورونا)».
واستغربت نقابة القضاة اكتفاء المجلس الأعلى للقضاء بإصدار مذكرات عمل عامة وغير محينة، دون أن يقع تقييمها وملاءمة مقتضياتها مع تفاقم الأوضاع الصحية بالبلاد عموماً، وبالمحاكم خصوصاً، فضلاً على عدم متابعة تنفيذها في المحاكم، بما خلق نوعاً من الاضطراب على حسن سير العمل وأفقدها نجاعتها.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».