من الراتب إلى أسطول «الوحوش».. 11 امتيازاً مالياً يحصل عليها الرئيس الأميركي

الرؤساء السابقون للولايات المتحدة من اليمين بيل كلينتون وجورج دبليو بوش وباراك أوباما (بيزنس إنسايدر)
الرؤساء السابقون للولايات المتحدة من اليمين بيل كلينتون وجورج دبليو بوش وباراك أوباما (بيزنس إنسايدر)
TT

من الراتب إلى أسطول «الوحوش».. 11 امتيازاً مالياً يحصل عليها الرئيس الأميركي

الرؤساء السابقون للولايات المتحدة من اليمين بيل كلينتون وجورج دبليو بوش وباراك أوباما (بيزنس إنسايدر)
الرؤساء السابقون للولايات المتحدة من اليمين بيل كلينتون وجورج دبليو بوش وباراك أوباما (بيزنس إنسايدر)

في يناير (كانون الثاني) المقبل، يدخل جو بايدن الرئيس الـ46 للولايات المتحدة، البيت الأبيض رسمياً ليتسلم مهام منصبه من الرئيس الحالي دونالد ترمب ويمارس صلاحياته. ومن بين الأسئلة الأكثر شيوعاً والتي تتجدد مع كل انتخابات رئاسية في الولايات المتحدة: ما المزايا التي يحصل عليها رئيس الولايات المتحدة وعائلته، وعلى ماذا يحصل الرئيس المنتهية ولايته أو الخاسر في الانتخابات؟

راتب الرئيس

بحسب القانون الأميركي، يتقاضى رئيس الولايات المتحدة راتباً يبلغ 400 ألف دولار سنوياً، إضافة إلى 50 ألف دولار بدل نفقات إضافية غير خاضعة للضريبة. وقبل عام 2001، كان راتب الرئيس الأميركي 200 ألف دولار أميركي، وفقاً لموقع «بزنس إنسايدر».
وكان الرئيس دونالد ترمب تعهد بالتبرع براتبه وعدم قبول أكثر من دولار أميركي واحد سنوياً، بالنظر إلى ثروته الصافية البالغة 2.5 مليار دولار أميركي، مما جعله ثالث رئيس أميركي يفعل ذلك بعد هربرت هوفر وجون إف كيندي.

راتب تقاعدي

يحدد القانون الأميركي معاشاً خاضعاً للضريبة للرؤساء السابقين، وحصل باراك أوباما على راتب تقاعدي قدره 207 آلاف دولار، وفي يناير من العام المقبل، من المقرر أن يتلقى الرئيس دونالد ترمب نحو 219 ألف دولار أميركي. كما أن زوجة الرئيس السابق مؤهلة أيضاً للحصول على معاش سنوي مدى الحياة قدره 200 ألف دولار أميركي، إذا تخلوا عن أي معاش تقاعدي قانوني آخر.

تأمين صحي

يوجد طبيب من البيت الأبيض وطاقم طبي يرافق الرئيس الأميركي باستمرار في حال التعرض لأي مرض. ووفقاً لموقع «بزنس إنسايدر»، فقد أدت الفترة التي قضاها الرئيس دونالد ترمب في الجناح الرئاسي بعد تشخيص إصابته بـ«كوفيد19» إلى دفع فاتورة بقيمة 650 ألف دولار أميركي، في جزء من التأمين الصحي.

ميزانية الإجازة

يحصل الرئيس الأميركي على مبلغ مالي لتغطية نفقات سفره خلال فترة الإجازة، يحصل الرؤساء السابقون أيضاً على ميزانية لتغطية نفقات السفر والأعمال.

تكلفة الانتقال

وانتقال الرئيس الأميركي الجديد وإدارته؛ أي منذ لحظة توليه المنصب حتى 6 أشهر بعد ذلك، يتم التعامل معه مالياً بالكامل؛ أي تتم تغطية انتقال كل شيء مثل المكاتب وتعويضات الموظفين وخدمات الاتصالات وما إلى ذلك. يبدو أن انتقال أوباما في عام 2008 بلغ 9.3 مليون دولار أميركي. يتم أيضاً تزويد رؤساء الولايات المتحدة الجدد بمبلغ 100 الأف دولار أميركي لإعادة تزيين البيت الأبيض.

دار ضيافة

يسمح للرئيس الأميركي باستقبال ضيوفه في دار ضيافة «بلير هاوس»، وهي عقار مساحته 60 ألف قدم مربعة، وتتكون من 4 منازل و120 غرفة، وقد استقبلت الدار كثيراً من رؤساء الدول والشخصيات المرموقة.

البيت الأبيض

بالإضافة إلى رئيس الولايات المتحدة وعائلته، فإن البيت الأبيض موطن لنحو 100 موظف مقيم دائم، وهم: الخادمات والخدم، ومدبرات المنازل، والطهاة، وحتى المهندسون المتفرغون، والسباكون، وبائعو الزهور.
ويوجد في البيت الأبيض 6 طوابق و132 غرفة، بالإضافة إلى ما يلي: صالة بولينغ، وغرفة بلياردو، وملعب كرة سلة وملعب تنس، وصالة للرياضة مع حمام سباحة، ومسرح به 51 مقعداً، ومتجر للشوكولاته، بالإضافة إلى حديقة البيت الأبيض.

الطائرة الرئاسية

طائرة «بوينغ» المخصصة للرئيس الأميركي متطورة للغاية، وتبلغ مساحة الطائرة 4 آلاف قدم مربع، وتتضمن غرف معيشة رئاسية وغرفة عمليات طبية، وأماكن مخصصة للرئيس، ويمكن على متن الطائرة إطعام 100 شخص في وقت واحد، وذكرت شبكة «سي إن إن» أن تكاليف تشغيلها تصل إلى 200 ألف دولار في الساعة.

أسطول «الوحوش»
على الأرض، يوجد أسطول كامل من سيارات «كاديلاك» المدرعة التي صممها جهاز الخدمة السرية المعروف باسم «ذا بيستس» أو «الوحوش»، وهي ضد الرصاص ومزودة بأكياس من فصيلة دم الرئيس في حال ضرورة نقل الدم في حالات الطوارئ. كما أنها مصممة لتحمل أي هجمات محتملة.

الخدمة السرية

تحمي «الخدمة السرية» باستمرار رؤساء الولايات المتحدة أثناء فترة ولايتهم (فتراتهم) المباشرة وبعدها. يحصل الرئيس الأميركي وزوجته بالطبع على الاستحقاق نفسه، وكذلك الحال بالنسبة لأبناء الرئيس حتى سن 16 عاماً، والميزانية السنوية لمنظمة «الخدمة السرية» بأكملها تزيد قليلاً على ملياري دولار أميركي.

جنازة رسمية

من أجل خدمتهم البلاد، تلتزم الحكومة الأميركية بتغطية نفقات الجنائز الرئاسية، حيث تقام جنازة رسمية لكل رئيس أو رئيس سابق. على سبيل المثال، في عام 2004 عندما توفي رونالد ريغان، كان من الواضح أن نعشه وحده كلف 14 ألف دولار أميركي.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟