صراعات داخل مكتب جونسون في خضم مفاوضات «بريكست» والأزمة الصحية

بدت رئاسة الوزراء البريطانية هذا الأسبوع منشغلة أكثر في معاركها الداخلية، في حين لم تبق إلا فترة وجيزة للتوصل إلى اتفاق حول العلاقة مع الاتحاد الأوروبي بعد «بريكست»، فضلاً عن تجاوز المملكة المتحدة عتبة الـ50 ألف وفاة جراء «كوفيد-19».
حاملاً أغراضه في صندوق كرتون، غادر كبير مستشاري رئيس الوزراء دومينيك كامينغز داوننغ ستريت (الجمعة)، حسب ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
وجاءت مغادرة مهندس حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعيد استقالة مدير التواصل لدى بوريس جونسون، لي كاين، الذي قالت الصحافة إنه فضل الانسحاب بعد أن رفض مقربون آخرون من رئيس الوزراء توليه منصب كبير الموظفين.
والرجلان اللذان تنتهي مهامهما رسمياً منتصف ديسمبر (كانون الأول) يمثلان الجناح الأكثر تشدداً في صفوف داعمي «بريكست»، المستعد لمغادرة الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق.
ورأى بعض النواب الأوروبيين أن تنحي الرجلين، إضافة إلى انتخاب جو بايدن لرئاسة الولايات المتحدة على حساب دونالد ترمب حليف جونسون، قد يؤدي إلى تليين موقف بريطانيا في المفاوضات حول ما بعد «بريكست»، لكن الحكومة البريطانية أكدت أنه لن يكون لذلك أي أثر.
وصرح وزير البيئة البريطاني، جورج أوستيس، لتلفزيون «سكاي نيوز»، الأحد: «لا أظن أن مغادرة دومينيك كامينغز سيكون لها أثر على المفاوضات»، وأضاف أن «المفاوضات تولاها ديفيد فروست منذ البداية»، مثنياً على قدرات وتجربة الخبراء المحيطين بكبير المفاوضين البريطانيين.
ومع وصوله إلى بروكسل لمتابعة النقاشات مع نظيره الأوروبي ميشال بارنييه، نبه فروست، على «تويتر»، إلى أن موقفه ثابت من أن «الاتفاق الوحيد الممكن هو اتفاق ينسجم مع سيادتنا، واستعادتنا السيطرة على قوانينا وتجارتنا ومياهنا».
ومن جهته، عد وزير الخارجية الآيرلندي، سيمون كوفيني، أن الصراعات داخل رأس السلطة في لندن أثرت على الجانب البريطاني، لكنها لم تؤثر على الجانب الأوروبي.
وصرح لـ«سكاي نيوز»: «نحن لا نركز أبداً على الأشخاص عندما يتعلق الأمر بـ(بريكست)».
ومن جهته، عد زعيم حزب الليبراليين الديمقراطيين، إد هافي، في تصريح لـ«بي بي سي»، أنه من «المخزي» أن «يتشاجر ويتزاحم الأشخاص المحيطون برئيس الوزراء حول منصب»، فيما تجاوزت المملكة المتحدة عتبة الـ50 ألف وفاة جراء فيروس «كورونا» المستجد، وتتفاوض حول «الاتفاق التجاري الأهم منذ 50 عاماً».
وتزخر الصحافة البريطانية بروايات مختلفة وتصريحات تنفي ما يجري خلف باب مكتب رئيس الوزراء في داوننغ ستريت. وتحدث عدد من وسائل الإعلام عن خلاف بين خطيبة بوريس جونسون التي كانت مسؤولة التواصل في حزبه المحافظ، كاري سيموندز، ودومينيك كامينغز.
ومن جهتهم، حث نواب حزب المحافظين جونسون على تبني مقاربة جديدة. وعبر هؤلاء عن أملهم في أن «يعيد ضبط» حكومته، وأن يصغي أكثر إلى الغالبية البرلمانية الداعمة له التي تشكو من إساءة معاملتها بتأثير من المستشار النافذ السابق.
وتسبب دومينيك كامينغز لنفسه بعداوات كثيرة، حتى في صفوف المعسكر المحافظ، منذ تعيينه مع تولي بوريس جونسون السلطة في يوليو (تموز) 2019. وكان المستشار قد أدى دوراً مهماً في فوز رئيس الوزراء في الانتخابات التشريعية المبكرة في يناير (كانون الثاني) الماضي.
ووقف جونسون، في مايو (أيار)، مدافعاً عن مستشاره إثر فضيحة عن قيامه بتنقلات شخصية لمسافات بعيدة في خضم الحجر المفروض حينها. وفي ضوء تلك القضية التي صدمت الرأي العام، بات رئيس الوزراء في موقف حساس، لا سيما مع انتقاده أصلاً على خلفية إدارته للأزمة الصحية.