«فورمولا واحد»: هاميلتون من معاناة الطفولة إلى عظمة شوماخر

السائق البريطاني لويس هاميلتون (أ.ب)
السائق البريطاني لويس هاميلتون (أ.ب)
TT

«فورمولا واحد»: هاميلتون من معاناة الطفولة إلى عظمة شوماخر

السائق البريطاني لويس هاميلتون (أ.ب)
السائق البريطاني لويس هاميلتون (أ.ب)

تحوّل البريطاني لويس هاميلتون من طفل فقير لوالد أسود البشرة وأم بيضاء انفصلا عن بعضهما حين كان في الثانية من عمره، إلى أحد أعظم سائقي بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد بعد إحراز لقبه العالمي السابع، اليوم الأحد، ومعادلته رقم الأسطورة الألماني مايكل شوماخر.
وحمل تتويجه في إسطنبول الرقم 94 في مسيرته، ليحصد ابن الخامسة والثلاثين لقباً عالمياً جديداً بعد 2008، 2014. 2015، 2017. 2018 و2019.
وانضم هاميلتون، الفاعل اجتماعياً لا سيما فيما يخص مكافحة التمييز العنصري، إلى الفريق الألماني في 2013 وضمن لقبه الرابع توالياً والسابع في مسيرته، بعدما رفع رصيده إلى 307 نقاط في الصدارة أمام زميله الفنلندي فالتيري بوتاس (197) وسائق ريد بول الهولندي ماكس فيرشتابن (170) قبل ثلاث جولات على نهاية الموسم.
وقال هاميلتون بعد معادلة رقم شوماخر: «لا أجد الكلمات المناسبة... ما حققته تخطى جميع أحلامي»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».
وذكر البريطاني بعد تخطي رقم شوماخر بعدد السباقات المُحرزة أن «مجرد الوجود مع هذا الفريق يلهمني على مواصلة الضغط والسعي لتحقيق نجاحات أكبر... لا يوجد شعور يشبه الوجود والتسابق لمصلحة (مرسيدس)... لم يكن بإمكاني سوى أن أحلم بتحقيق هذه الإنجازات... لم تكن لدي الكرة السحرية عندما اخترت الانضمام إلى فريق (مرسيدس)، لكني هنا الآن، أحاول استغلال كل يوم بأفضل طريقة ممكنة... لهذا السبب يمكن للجميع ملاحظة هذه النتائج».
وكان هاميلتون انتزع رقماً قياسياً آخر في حوزة شوماخر هذا الموسم عندما اعتلى منصة التتويج للمرة الـ156 في مسيرته خلال سباق إسبانيا في أغسطس (آب) الماضي، وقد رفعها في سباق اليوم إلى 163 مرة.
كما تفوق هاميلتون على شوماخر في عدد مرات الانطلاق من المركز الأول عام 2017، حيث نجح في ذلك 97 مرة، في مقابل 68 للألماني و65 للبرازيلي الراحل إيرتون سينا.
ويدين هاميلتون بوصوله إلى هذه المكانة لوالده أنتوني. على رغم وضعه المادي الصعب، لم يبخل في تنمية موهبته منذ الصغر، واضطر للعمل في ثلاث وظائف، لتوفير ما يكفي من المال ليتمكن لويس من المشاركة في سباقات «الكارتينغ»، والتي تعتبر خطوة أولى في عالم رياضة المحركات.
لم يخف فقر الطفولة الموهبة الاستثنائية التي تمتع بها هاميلتون منذ نعومة أظفاره، وجعلت منه سائقاً بالفطرة. في عام 1995، وفي سن العاشرة، استعار هاميلتون ملابس بطل سابق للفئات العمرية في سباقات «الكارتينغ» البريطانية، وأحرز اللقب خلفاً له.
تعرف إلى رئيس ماكلارين في حينه رون دينيس. طلب الفتى هاميلتون من دينيس توقيعاً تذكارياً، وقال له: «يوماً ما أريد أن أشارك في السباقات معك»، ليرد عليه الأخير بالقول: «اتصل بي بعد تسعة أعوام وسأعقد معك صفقة».
لم ينتظر دينيس تسعة أعوام. بعد ثلاثة فقط، وافق على رعاية مسيرة هاميلتون التي تدرجت في الفئات الدنيا للفورمولا، قبل أن يخوض أول سباقاته في الفئة الأولى مع الفريق البريطاني عام 2007.
لم ينتظر هاميلتون طويلاً ليفرض نفسه في رياضة لا ترحم، أكان على صعيد التنافس الشرس بين السائقين، أو حتى على صعيد المتطلبات البدنية لكل سباق.
عنيد، صلب، ومتفرد بقراراته... صفات مضافة إلى موهبته، ساهمت في تحقيقه «عاصفة» في موسمه الأول مع اقترابه من إحراز اللقب، لا سيما بعدما اعتلى منصة التتويج تسع مرات متتالية في سباقاته التسعة الأولى.
سريع الحركة على الحلبة وخارجها. متقلب المزاج، حاد الطباع أحياناً، ومنافس لا يعرف حدوداً أو خوفاً، حتى من زميل يحمل لقب بطولة العالم مرتين: في عامه الأول مع ماكلارين، تنافس مع فرناندو ألونسو، وخرج منتصراً برحيل الإسباني عن الفريق بنهاية الموسم.
كان هذا الخروج إشارة مبكرة على صعوبة أن يكون أي سائق زميلاً لهاميلتون. لم يحظ البريطاني بفرصة إحراز اللقب في موسمه الأول، إلا أنه لم ينتظر طويلاً: في 2008. وبمركز خامس في السباق الأخير في البرازيل حققه بشق النفس، توج بطلاً للمرة الأولى.
لم يخف توتره مع فشل سيارة ماكلارين في مجاراة الألماني سيباستيان فيتل وفريقه ريد بول بين 2010 و2013. عندما هيمن السائق الأشقر على بطولة العالم.
انتقل هاميلتون إلى مرسيدس، مبتعداً في الوقت نفسه عن سطوة دينيس في ماكلارين، وسطوة والده أنتوني كمدير لأعماله. في الفريق الألماني، بات زميلاً لصديق الطفولة: الألماني نيكو روزبرغ.
بدأ هاميلتون تدريجياً باتباع نمط حياة باذخ لا سيما في الولايات المتحدة، حيث صار نجم سهرات مع الموسيقيين ونجوم الموضة. لم يلتزم بالقيود التي عادة ما يخضع لها الرياضيون، إلا أن ذلك لم يمنعه من العودة إلى المركز الأول، وإحراز اللقب لعامين متتاليين (2014 و2015)، فيما اعتبره متابعو «الفورمولا واحد» كسراً لهيمنة فيتل، وفرصة لإحياء التنافس في الرياضة.
كان عام 2016 عنواناً للتنافس بين هاميلتون وزميله روزبرغ، مع مواصلة «مرسيدس» التفوق على باقي الفرق.
في السباق الأخير، حسم الألماني لقب البطولة على حساب زميله البريطاني، وحرمه فرصة مواصلة سلسلة البطولات. إلا أن روزبرغ فاجأ الجميع باعتزاله بعد أيام من إحرازه اللقب الأول في مسيرته.
ومنذ 2017، بدا هاميلتون سائقاً لا يُقهر مهيمناً على بطولة العالم بشكل تام حتى الموسم الحالي الذي تجاوز فيه والسائقون الآخرون الظروف الصعبة الناجمة عن تداعيات فيروس «كورونا» المستجد.
ويقول مدير «مرسيدس» توتو وولف إن هاميلتون «لا يكون راضياً أبداً... لا يهدأ... لا يكون سعيداً أبداً بما هو عليه كسائق أو كإنسان... يريد أن يحقق الأفضل، أن يتطور، وهو إلى حد كبير جزء من قيادة الفريق».
بعدما حقق الكثير وكان خير سفير لرياضته، ظهر اهتمام كبير لهاميلتون في القضايا الاجتماعية.
في الموسم الماضي، عبّر عن مخاوف بشأن البيئة وكشف عن حالة يأس عالمية معلناً أن الكوكب مكان «فاسد» وشعر بأنه يريد «الاستسلام».
تعليقات إلى جانب الكشف عن أسلوب حياته النباتي دفعت البعض لاتهامه بالنفاق.
أما هذا الموسم فناشد مزيداً من التنوّع في عالم «الفورمولا واحد»، على وقع تحركات «حياة السود مهمة» في الولايات المتحدة.
شكلت مسيرته وسعيه لحرية التعبير مصدر نصح للسائقين الشبان، وقال: «أنصح أي طفل يحاول التسابق بعد الاستماع لأشخاص يقولون له إنه بحاجة لمعد ذهني للمساعدة في التحكم بعقلك... عليك أن تنطلق بحرية وتكتشف نفسك... الأمر كلّه يتعلق بالاكتشاف... وأنت فقط من يمكنه القيام بذلك».
وقال اليوم وهو مفعم بالمشاعر بعد احتفاله بمعادلة رقم شوماخر القياسي بحصد لقبه السابع ببطولة العالم إنه «بدأ للتو». وأضاف: «أعلم أنني في كثير من الأحيان أتحدث عن أن الأمر كان يفوق أحلامي لكن أعتقد أنني طيلة حياتي ربما حلمت بهذا سراً... شعرت أنه بعيد المنال... أتذكر مشاهدة مايكل يفوز بتلك الألقاب... سبعة (ألقاب) أمر لا يمكن تخيله».
واستطرد: «أعتقد أن الأمر غلبني عندما عبرت خط النهاية... كنت أبكي للفة كاملة، ولم أرد الخروج من السيارة لأنني لم أصدق الأمر». وأضاف: «لم أرد رفع مقدمة الخوذة ومشاهدة البعض دموعي وكل هذه الأشياء لأنني عندما كنت طفلاً قلت: لن أسمح بمشاهدتي وأنا أبكي».
ولمح هاميلتون إلى أن الطريق ما زال طويلاً عند سؤاله عن هل يكون الحد باللقب الثامن أو التاسع أو حتى العاشر. وقال: «لا توجد حدود لما يمكن أن نفعله معاً، أنا وهذا الفريق... أشعر أنني بدأت للتو، وهذا غريب حقاً... أشعر بحالة بدنية ونفسية رائعة».



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».