أثارت الزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لتركيا - ضمن جولة دولية ستكون الأخيرة له قبل مغادرته منصبه - غضباً حاداً في أنقرة، بسبب تجاهل لقاءات مسؤولي الحكومة في أنقرة، وتخصيص الجانب الأكبر منها للقاء زعماء دين مسيحيين في إسطنبول.
وبدأ بومبيو أمس (السبت) جولة دولية تستغرق 10 أيام، وتشمل سبع دول، هي: فرنسا، وتركيا، وجورجيا، وإسرائيل، والسعودية، والإمارات، وقطر، لمناقشة مسائل مهمة، في مقدمتها مكافحة الإرهاب، وأنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة، فضلاً عن الحريات الدينية. ولا يشمل جدول زيارة بومبيو لتركيا لقاء الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أو غيره من أعضاء حكومته، وهو ما اعتبرته أنقرة «إهانة» موجهة من بومبيو قبل مغادرة منصبة.
وسيلتقي بومبيو الذي انطلقت جولته من باريس، شخصيات دينية في إسطنبول؛ لكنه لن يزور العاصمة أنقرة، ما دفع وزارة الخارجية التركية إلى وصف تلك الاجتماعات بأنها تدخل «غير مناسب للغاية». وكشفت مصادر تركية عن أن بومبيو رفض دعوة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو للحضور إلى أنقرة خلال زيارته؛ لكنه طلب من جاويش أوغلو القدوم إلى إسطنبول للقائه. وعبر الوزير التركي عن استيائه من تجاهل بومبيو زيارة أنقرة قبل مغادرة منصبه.
وفي تعليق على بيان الخارجية الأميركية، الصادر في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، حول الزيارة، والذي تضمن أن بومبيو سيلتقي في إطار جولته بطريرك الروم الأرثوذكس في إسطنبول «لمناقشة القضايا الدينية في تركيا والمنطقة، وتعزيز موقف الولايات المتحدة القوي بشأن الحرية الدينية في جميع أنحاء العالم»، أكد المتحدث باسم الخارجية التركية حامي أكصوي رفضه اللغة التي صيغ بها البيان الأميركي، داعياً أميركا إلى أن تنظر في المرآة أولاً قبل الحديث عن الحريات الدينية في تركيا.
وقال: «لا نرى أساساً أي مانع من لقاء ضيوف رسميين أجانب مع ممثلي الطوائف الدينية في البلدان التي يزورونها. في الواقع، كان الضيوف الأجانب الذين يزورون تركيا التي تتمتع بمكانة فريدة في العالم لاستضافتها لعقود العديد من مختلف المعتقدات، يجتمعون دائماً بحرية مع ممثلي مختلف الطوائف الدينية».
وأضاف أكصوي: «التقدم الذي أحرزته تركيا في مجال الحريات الدينية على مدار العشرين عاماً الماضية معروف جيداً من قبل الجميع. في حين أُجبرت الأقليات الدينية في مختلف أنحاء العالم، وخصوصاً المسلمين، على أداء عبادتهم في ظل ظروف غير مواتية وتهديدات مستمرة، يستطيع المواطنون الأتراك غير المسلمين أداء واجباتهم الدينية بحرية في بلادنا». وشدد المتحدث على أنه تتم حماية حرية العبادة للمواطنين الأتراك من مختلف الأديان. وبالتالي، فإن اللغة المستخدمة في هذا الصدد في بيان زيارة وزير الخارجية الأميركي لبلدنا «غير لائقة على الإطلاق».
وتابع أكصوي: «سيكون من الأنسب للولايات المتحدة أن تنظر أولاً في المرآة، وتظهر الحساسية المطلوبة تجاه انتهاكات حقوق الإنسان في بلادها، مثل العنصرية وكراهية الإسلام وجرائم الكراهية». وذكر أكصوي، في بيان، أنه «تم نقل رد فعلنا حول هذا الموضوع إلى الجانب الأميركي، وأقترح أن تركز الولايات المتحدة بشكل أساسي على زيادة التعاون بين بلدينا في القضايا الإقليمية والعالمية».
وتثير قضية الحريات الدينية توتراً في العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة. وأثار القسم المتعلق بتركيا في تقرير الحريات الدينية الدولية لعام 2019 الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية في يونيو (حزيران) الماضي، غضب أنقرة التي قالت إنه «يتضمن مزاعم لا مصادر لها، وبعيدة عن الموضوعية».
وقالت الخارجية التركية، تعليقاً على التقرير، إن تركيا تدعم بخطوات ملموسة هدف الحفاظ على حرية الدين والعبادة لجميع المواطنين دون تمييز، وإن جميع أصحاب الديانات والمعتقدات المختلفة في تركيا يعيشون في سلام وانسجام. وأضافت أن تركيا خلال السنوات العشرين الماضية خطت خطوات مهمة لتطوير وحماية حقوق المواطنين غير المسلمين، ولتعزيز التسامح والتفاهم المتبادل في البلاد.
وعبَّرت الخارجية التركية عن دهشتها لإدراج قضايا مثل تحويل متحفي «آيا صوفيا» و«كاريا» التاريخيين في مدينة إسطنبول إلى مسجدين، مؤكدة أنهما ملكية تركية، ومسألة تتعلق بالشؤون الداخلية لتركيا، وأن أي قرار سيتخذ بحق هذه المعالم لا يمكن لأي دولة التدخل فيه.
تركيا تشعر بـ«الإهانة» إزاء زيارة بومبيو
الوزير الأميركي يتجاهل إردوغان... ويلتقي بطريرك الأرثوذكس في إسطنبول
تركيا تشعر بـ«الإهانة» إزاء زيارة بومبيو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة