غوتيريش «قلق للغاية» من توقعات الفقر والهجرة في لبنان

اعتبر امتلاك «حزب الله» للأسلحة خارج سيطرة الدولة «انتهاكاً خطيراً» للقرارات الأممية

TT

غوتيريش «قلق للغاية» من توقعات الفقر والهجرة في لبنان

حض الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش كل القوى السياسية في لبنان على «تسهيل» تشكيل حكومة جديدة تتمكن من وضع خطة اقتصادية «تيسر» معاودة المناقشات مع صندوق النقد الدولي، معبراً عن «قلقه البالغ» من توقعات تفاقم انعدام الأمن الغذائي والفقر في لبنان، وكذلك من التقارير التي تفيد بأن «اللبنانيين بدأوا في الهجرة غير النظامية عن طريق البحر». وأكد أن امتلاك «حزب الله» للأسلحة خارج سيطرة الدولة يمثل «انتهاكاً خطيراً» للقرار 1701.
وفي أحدث تقرير له حول تنفيذ القرار 1701، بما في ذلك الإضافات الواردة حوله في القرار 2537، جدد الأمين العام للأمم المتحدة «تعازيه الحارة» لذوي ضحايا تفجيرات بيروت في 4 أغسطس (آب)، ولجميع المصابين والنازحين من جراء «الحادث المأسوي»، داعياً إلى إجراء «تحقيق نزيه وشامل وشفاف لضمان المساءلة والمساعدة في منع تكرار مثل هذه المآسي». وعبَّر عن امتنانه للدعم والتضامن الواسعين من المجتمع الدولي، موضحاً أن «الانفجار أدى إلى تفاقم الأزمات المالية والاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها لبنان». وإذ رأى أن هذه المأساة «يمكن أن تكون حافزاً للتغيير الإيجابي»، لاحظ أنه رغم مُضي أكثر من عام على خروج اللبنانيين إلى الشوارع «لا يزال تنفيذ الإصلاحات لتلبية مطالبهم معلقاً». وحض كل القوى السياسية على «تسهيل تشكيل حكومة (...) قادرة على إجراء الإصلاحات اللازمة لوضع البلاد على طريق الانتعاش»، داعياً إلى خطة اقتصادية «تيسر معاودة المناقشات مع صندوق النقد الدولي».
وعبَّر غوتيريش عن «قلقه البالغ» من توقعات تفاقم انعدام الأمن الغذائي والفقر في لبنان، وكذلك من التقارير التي تفيد بأن «اللبنانيين بدأوا في الهجرة غير النظامية عن طريق البحر»، مؤكداً أن «هناك حاجة إلى استجابة إنسانية وإنعاشية تركز على الناس، وترتكز على حقوق الإنسان لتلبية حاجات جميع السكان المتضررين».
ومع استمرار الدعوات إلى الاحتجاجات في لبنان، ذكَّر السلطات اللبنانية بأنه تجب عليها حماية الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي، علماً بأنه ينبغي للقوى الأمنية اللبنانية «التزام الأعراف والمعايير الدولية في شأن استخدام القوة»، مضيفاً أنه «يجب على المتظاهرين ممارسة حقوقهم وفق سيادة القانون، ومن دون اللجوء إلى العنف».
وكرر نداءه العاجل لكل الأطراف من أجل الوفاء بالتزاماتهم في شأن التنفيذ الكامل للقرار 1701، وكل «ما يمكن أن يعرض وقف الأعمال العدائية للخطر، أو يزعزع استقرار لبنان أو المنطقة»، معبراً عن «القلق العميق» من الخروقات التي وقعت في 27 يوليو (تموز) و25 أغسطس الماضيين، مشيداً بتدخل القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان (اليونيفيل) «في الوقت المناسب» لاحتواء الأوضاع. وأكد أن المنظمة الدولية «ستواصل دعم الجهود المبذولة لنزع فتيل التوترات من خلال الحوار». وقال: «لا تزال الانتهاكات اليومية المستمرة للمجال الجوي اللبناني من الطائرات الإسرائيلية، بما في ذلك شن غارات مزعومة داخل سوريا، وطائرات من دون طيار مصدر قلق بالغ»، منبهاً إلى أن عمليات التحليق هذه «تشكل انتهاكاً للقرار 1701 وللسيادة اللبنانية، وتسبب إزعاجاً للشعب اللبناني»، كما أن استمرار احتلال شمال قرية الغجر والمنطقة المتاخمة لها شمال الخط الأزرق يشكل انتهاكاً مستمراً للقرار 1701.
وتمشياً مع الأحكام المنصوص عليها في القرار 2539، دعا السلطات اللبنانية إلى «منح (اليونيفيل) حق الوصول الكامل إلى كل المواقع المطلوبة شمال الخط الأزرق، لإجراء تحقيقاتها على وجه السرعة»، معبراً عن «القلق من عدم تمكن (اليونيفيل) من الوصول» إلى مواقع عدة للتحقيق في الأنفاق التي تعبر الخط الأزرق، وكذلك إلى موقع منظمة «أخضر بلا حدود».
وشدد على أن السلطات اللبنانية «تتولى المسؤولية الأساسية عن ضمان عدم وجود عناصر مسلحة أو أعتدة أو أسلحة غير مصرح بها في المنطقة»، ولكن «يجب أن تسهل وصول البعثة إلى هذه المواقع لأغراض التفتيش الوقائي والتحقيقات».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.