جولة جديدة من القصف الروسي على إدلب

دخان يتصاعد من البارة جنوب إدلب بعد غارات روسية أمس (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من البارة جنوب إدلب بعد غارات روسية أمس (أ.ف.ب)
TT

جولة جديدة من القصف الروسي على إدلب

دخان يتصاعد من البارة جنوب إدلب بعد غارات روسية أمس (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من البارة جنوب إدلب بعد غارات روسية أمس (أ.ف.ب)

جدد الطيران الروسي أمس القصف على مناطق في جبل الزاوية وسط أنباء عن سقوط صاروخ أرض - أرض قرب إدلب في شمال غربي سوريا.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إنه رصد «انفجارا عنيفا ضرب مدينة إدلب الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام والفصائل، تبين أنه ناجم عن سقوط صاروخ أرض – أرض بعيد المدى، يرجح أن قوات النظام والروس أطلقوه، وسقط غربي مدينة إدلب بالقرب من «سجن إدلب» وسط توجه سيارات الإسعاف إلى المنطقة».
كما أشار إلى «غارات جوية نفذتها المقاتلات الروسية، على محيط البارة واحسم ضمن جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، بالتزامن مع قصف مكثف تنفذه قوات النظام البرية بالقذائف الصاروخية، على قرى وبلدات سرجة وبينين ودير سنبل على الأطراف الشرقية لجبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي».
وتعد هذه المرة الثالثة التي يستهدف الطيران الروسي جبل الزاوية خلال أقل من أسبوع، حيث رصد «المرصد» 5 غارات على الأقل من قبل الطائرات الروسية استهدفت محيط قرية بينين وشنان، كما أشار في السابع من الشهر الجاري إلى شن الطائرات الحربية الروسية لنحو 15 غارة، استهدفت خلالها كلا من سرجة وشنان وفركيا وبينين واحسم.
من جهته، قالت شبكة «الدرر الشامية» أمس أن «فصائل الثورة السورية تمكنت خلال الليلة الماضية، من صد محاولة تسلل لقوات الأسد على محاور جنوبي إدلب، وحاصرت المهاجمين لبعض الوقت بعد أن أردت معظمهم قتلى وجرحى».
وبحسب شبكة «إباء» التابعة لـ«هيئة تحرير الشام» فقد أفشلت فصائل غرفة عمليات «الفتح المبين» محاولة تسلل لقوات النظام على محور بلدة الفطيرة في جبل الزاوية جنوبي إدلب. وأضافت أن «الفصائل حاصرت عناصر النظام المتسللين وأوقعت عددًا منهم بين قتيل ومصاب، قبل أن يتمكنوا من الانسحاب».
تزامن ذلك مع حملة قصف بقذائف المدفعية الثقيلة شنتها قوات الأسد على المحاور الجنوبية لجبل الزاوية لـ«تخفيف الضغط على عناصرها الذين تعرضوا للحصار على محور الفطيرة»، حسب «الدرر الشامية». وقالت: «تبع ذلك قيام الفصائل باستهداف مرابض المدفعية التابعة للنظام، والتي شاركت بقصف مناطق جبل الزاوية، بقذائف المدفعية».
وكانت قوات الأسد تكبدت خسائر فادحة خلال قيامها، قبل أيام، بالتسلل على محور قرية خربة الناقوس غربي حماة بعد محاولتها عبور نهر العاصي باتجاه القرية المذكورة.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».