الخرطوم تستعد لاستقبال قادة الحركات المسلحة العائدين

TT

الخرطوم تستعد لاستقبال قادة الحركات المسلحة العائدين

تستعد العاصمة السودانية الخرطوم لاستقبال «قادة الحركات المسلحة» المنضوية تحت لواء تنظيم «الجبهة الثورية»، والتي كانت تقاتل الحكومة السودانية في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق منذ أكثر من عقد من الزمان، والمتوقع عودتهم للبلاد، غدا الأحد، بعد توقيع اتفاقية سلام بينها والحكومة، في جوبا، عاصمة جنوب السودان 3 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وذلك بعد أيام من إصدار رئيس مجلس السيادة قراراً بالعفو عنهم.
وقال عضو اللجنة الإعلامية لاستقبال قادة الحركات ماهر أبو الجوخ لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن المشاورات داخل اللجنة تناولت مخاطر حشود الاستقبال على ارتفاع حالات الإصابة بفيروس (كوفيد - 19) المستجد، بعد تحذيرات وزارة الصحة من تزايد حالات الإصابة بكورونا، بعد دخول البلاد في الموجة الثانية من الجائحة، ما أدى لتقليص عدد المستقبلين لثلث العدد المتوقع، ووقف تفويج المحتفلين من الولايات.
وكان رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان قد أصدر أول من أمس، مرسوما بالعفو عن أنصار وقادة الحركات المسلحة، لا يشمل الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحق الخاص، وذلك تمهيداً لعودة قادة الحركات المسلحة للخرطوم، إنفاذا لاتفاق السلام وللمشاركة في الحكومة الانتقالية. ونص القرار على العفو عن جميع حملة السلاح، أو الذين شاركوا في العمليات العسكرية والحربية، أو من شاركوا بأفعال أو أقوال تتصل بالعمليات القتالية، بما في ذلك الدعاوى الموجهة ضد هذه القيادات وأفراد الحركات، والجرائم والبلاغات المفتوحة ضدهم من القوات النظامية، المتعلقة بالحرب بين الحكومة والحركات المسلحة.
وصدرت أحكام غيابية عن محاكم سودانية في عهد الرئيس المعزول عمر البشير أحكام بالإعدام والسجن لفترات متفاوتة، ضد عدد من قادة الحركات وأفرادها، بيد أن قرار العفو لم يشمل الأشخاص المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، والدعاوى والأحكام المتعلقة بالحق الخاص، وأحكام القصاص، والأشخاص الموجهة ضدهم دعاوى بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، وانتهاكات القانون الدولي الإنساني، وفقاً لاختصاصات المحكمة الخاصة بجرائم دارفور.
من جهتها، أعلنت الحكومة السودانية غدا الأحد 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، عطلة رسمية في جميع أنحاء البلاد، بالتزامن مع وصول قادة الجبهة الثورية للخرطوم.
وأعلنت في بيان عن ترتيب مشترك ووفد مقدمة الجبهة الثورية، بتنظيم احتفال ضخم ترحيبا بوصول قادة تلك التنظيمات، واستقبالهم في مطار الخرطوم، وتنظيم حشد مليوني لاستقبالهم في «ساحة الحرية» وسط الخرطوم. وفي 3 أكتوبر الماضي، وقعت الحكومة السودانية و«الجبهة الثورية» اتفاق سلام، تم توقيعه في جوبا عاصمة دولة جنوب السودان، بعد مفاوضات ماراثونية توسطت فيها حكومة جنوب السودان. وقضت اتفاقية السلام، بمشاركة التنظيمات المنضوية تحت لواء «الجبهة الثورية» بفاعلية في مؤسسات الحكم الاتحادي، تتضمن تسمية 3 أعضاء منها في مجلس السيادة، و5 وزراء اتحاديين، و75 نائبا في المجلس التشريعي الانتقالي، فضلا عن المشاركة في حكومات ولايات دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق.
ولم تشارك في اتفاقية سلام جوبا، كل من حركة تحرير السودان - جناح عبد الواحد محمد النور، والحركة الشعبية لتحرير السودان - جناح عبد العزيز الحلو، ويجري التفاوض مع الأخيرة لإلحاقها باتفاقية السلام، فيما لم يتحدد بعد بداية التفاوض مع حركة عبد الواحد محمد النور. وينتظر أن ينهي اتفاق سلام جوبا، والاتفاقات مع الحركتين الأخريين، عقودا من القتال بين القوات الحكومية وقوات الحركات المسلحة، إثر اندلاع النزاع المسلح في دارفور 2003، وفي المنطقتين «جبال النوبة والنيل الأزرق» في عام 2011، رغم الجهود الملزمة للحكومة الانتقالية بالتوصل لاتفاق سلام ينهي الحروب في البلاد، بحسب ما نصت عليه الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.