جيمس جيفري: أخفينا عن ترمب العدد الحقيقي لقواتنا شرق الفرات

المبعوث الأميركي المستقيل ينصح إدارة بايدن بالحفاظ على الجمود في سوريا

جيمس جيفري
جيمس جيفري
TT

جيمس جيفري: أخفينا عن ترمب العدد الحقيقي لقواتنا شرق الفرات

جيمس جيفري
جيمس جيفري

كشف المبعوث الأميركي إلى سوريا المستقيل جيمس جيفري أنه وزملاءه أخفوا عن الرئيس دونالد ترمب العدد الحقيقي للقوات الأميركية الموجودة في شمال شرقي سوريا.
ونقل موقع «ديفنز ون» عن جيفري قوله: «دائما ما كنا نتحايل ونراوغ لئلا نكشف لقياداتنا عن حقيقة عدد القوات التي نملكها هناك في أرض الواقع»، وأضاف جيفري أن العدد الفعلي للقوات العسكرية الأميركية في شمال شرقي سوريا هو «أكثر بكثير» من مائتي جندي الذين وافق الرئيس دونالد ترمب على بقائهم في سوريا في عام 2019.
وكان ترمب أعلن في أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي الانسحاب الجزئي من شرق الفرات، الأمر الذي فتح الباب لتركيا لشن عملية عسكرية بالتعاون مع فصائل سورية معارضة لتأسيس منطقة «نبع السلام» بين تل أبيض ورأس العين. وكانت تلك المرة الثانية التي يقول ترمب إنه يريد الانسحاب من سوريا.
وفي عام 2018، ثم مرة أخرى في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2019، عندما شرعت إدارة الرئيس ترمب في تكرار أمر انسحاب القوات الأميركية، أعلن الرئيس ترمب نجاحه الساحق في هزيمة «داعش» بيد أنه وفي كل مرة، كان الرئيس على قناعة حقيقية بضرورة ترك قوة عسكرية أميركية متبقية في الداخل السوري سيما مع استمرار أعمال العنف والقتال.
وبالنسبة إلى جيفري، كانت تلك الخطوة الأكثر إثارة للجدل على مدار خدمته الطويلة في الحكومة الأميركية والتي بلغت نحو خمسين عاما حتى الآن. إذ أسفر ذلك القرار، الذي اتخذ للمرة الأولى في شهر ديسمبر (كانون الأول) من عام 2018، عن استقالة وزير الدفاع الأميركي الأسبق جيم ماتيس من منصبه. ثم دفع جيفري – وكان يشغل منصب المبعوث الأميركي الخاص بالرئيس دونالد ترمب إلى سوريا وقتذاك – إلى شغل منصب المبعوث الأميركي الخاص بالحرب على تنظيم «داعش»، سيما عندما أدى قرار ترمب إلى استقالة بريت ماكغورك المبعوث الخاص الأسبق إلى سوريا قبل جيفري.
بالنسبة إلى جيفري، كانت تلك الحادثة أقل خطورة بكثير مما أشيع عنها – غير أنها تعد في نهاية المطاف قصة من قصص النجاح المعتبرة التي انتهت بمواصلة انتشار وعمل القوات الأميركية في داخل سوريا، الأمر الذي حرم روسيا وسوريا من المكاسب الإقليمية المحققة حتى ذلك التاريخ، فضلا عن الحيلولة دون معاودة شراذم تنظيم «داعش» ترتيب الصفوف وإعادة التنظيم إلى سابق عهده.
وقال جيفري: «أي انسحاب سوري تتحدثون عنه؟ لم يكن هناك انسحاب للقوات من سوريا على الإطلاق. بعد الهدوء النسبي الذي شهدته الأوضاع في شمال شرقي البلاد إلى درجة ما بعد هزيمة تنظيم داعش، كان الرئيس ترمب ميالا إلى سحب القوات. وفي كل حالة، كنا نضطر إلى طرح خمس حجج مقنعة على الأقل لتبرير أسباب الحاجة إلى بقاء القوات الأميركية في أماكنها هناك. ولقد نجحنا كل مرة في تحقيق ذلك. هذه هي القصة الحقيقية».
من الناحية الرسمية، وافق الرئيس ترمب خلال العام الماضي على بقاء قوة عسكرية مقدرة بحوالي 200 جندي أميركي متمركزين في مواقعهم بشمال شرقي سوريا من أجل العمل على تأمين حقول النفط التي تسيطر عليها القوات الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة الأميركية في حربها ضد تنظيم «داعش». بيد أنه من المقبول بصفة عامة أن العدد الفعلي للقوات الأميركية المتواجدة في سوريا هو أكبر من الرقم المذكور بكثير – وصرح بعض المسؤولين مجهولي الهوية بأن تعداد القوات الأميركية هناك يقترب من 900 جندي حتى الآن – غير أن الرقم الحقيقي هو سري للغاية وما يزال غير معروف على ما يبدو لحفنة معتبرة من أعضاء إدارة الرئيس ترمب من الحريصين للغاية على وضع حد نهائي لما يسمى بـ«الحروب الأميركية اللانهائية».
يعتقد جيفري أن الرئيس ترمب قد نجح في إيجاد شكل من أشكال «الجمود» السياسي والعسكري في عدد من النزاعات الهادئة والمشتعلة المختلفة في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي أسفر عن وضع كان هو أفضل ما يمكن لأي إدارة أميركية أن تأمل في تحقيقه في خضم تلك المنطقة المتسمة بالتقلبات الشديدة والفوضى المستمرة.
هذا، وتحافظ القوات العسكرية الأميركية على حالة من الاستقرار الهش في أغلب أنحاء سوريا. ويقول جيفري: «إن فرض حالة الجمود، وعرقلة التقدم في بعض الأحيان، مع الاحتواء قدر الإمكان في أحيان أخرى ليست بالأمر السيئ البتة». وردا على سؤال بشأن الكيفية التي سيقدم بها المشورة إلى إدارة الرئيس بايدن عندما تتولى مقاليد الأمور، قال جيفري إنه سيحث الرئيس المنتخب بايدن على مواصلة المسار الذي اعتمده فريق الرئيس ترمب من قبله. وهناك بعض الأمور التي سيرغب فريق بايدن في التراجع عنها فورا «لكن فوق كل شيء، ينبغي ألا تحاول الإدارة الجديدة العمل على «تحويل» الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط. ولا تبذل الجهد في وهم تحويل سوريا إلى الدنمارك. الجمود الراهن يساوي الاستقرار في تلك القضية الشائكة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».