ريموند عازار: أتطلع إلى شخصية كوميدية تشبهني في الواقع

قالت إن الراحلة علياء نمري {قامة فنية لن تتكرر}

مشهد للممثلة ريموند عازار من مسلسل «دانتيل»  مع الممثل السوري سلوم حداد
مشهد للممثلة ريموند عازار من مسلسل «دانتيل» مع الممثل السوري سلوم حداد
TT

ريموند عازار: أتطلع إلى شخصية كوميدية تشبهني في الواقع

مشهد للممثلة ريموند عازار من مسلسل «دانتيل»  مع الممثل السوري سلوم حداد
مشهد للممثلة ريموند عازار من مسلسل «دانتيل» مع الممثل السوري سلوم حداد

قالت الممثلة ريموند عازار إن دورها في مسلسل «دانتيل» خرجت فيه عن المألوف، بعد تقييدها في أدوار الأم الحزينة لفترة طويلة. وتضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لا أعلم لماذا يضعني بعض المخرجين وشركات الإنتاج في إطار أدوار الأم الضعيفة التي تعاني من مشكلات صحية أو اجتماعية. عندي عتب كبير على بعضهم؛ لأنهم لا يرونني إلا من هذا المنظار. أحد المخرجين أكّد لي أنه يرى في وجهي الأم الحنون والدافئة، ولذلك يفكّر بي في كل مرة يبحث فيها عن ممثلة تجسّد هذا الدور».
وتتابع عازار في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «في مسلسل (دانتيل) الذي يُعرض حالياً على منصة (شاهد في آي بي)، وفي 14 فبراير (شباط) المقبل على شاشة (إم بي سي)، شعرت بالرضا، وحضّرت للدور من أعماق قلبي؛ كونه يتناول شخصية (ريما) المؤثرة على زوجها (سليم صبري)، وكنت بحاجة للانتقال معه إلى دفّة أدوار جديدة. فهي أم نجحت في تربية ابن زوجها يوسف (محمود نصر) من زوجته الأولى، بعد أن زوّدته كما ابنتها بجرعات كبيرة من الحب والحنان. فكسر هذه النمطية التي سادت أدواري الدرامية الأخيرة، كأم ضعيفة الشخصية. وهو ما انعكس إيجاباً على أدائي عامة، فكنت سعيدة بإتقانه إلى أبعد حدود. ففريق العمل بمجمله كان رائعاً، وهو من إنتاج شركة (إيغل فيلمز) وأبطاله سيرين عبد النور ومحمود نصر وسلوم حداد وغيرهم».
وريموند عازار التي لها تاريخ طويل في عالم الدراما اللبنانية، سبق وتعرّف إليها المشاهد في أدوار تألقت فيها كأم كما في مسلسل «أولاد البلد» و«وورد جوري» و«شهر عسل» وغيرها. وتعلّق: «قدمت أدواراً كثيرة، خدمت مسيرتي الفنية من ناحية وأفقدتني فرصاً أخرى من ناحية ثانية. فتمثيل دور الأم هو تاج أزين به مشواري، ولكن عندما يتجاوز الأمر حدوده، يصبح هذا النوع من الأدوار سجناً يفرض علينا ويتعبنا في الوقت نفسه».
وتتابع: «لذلك عندما عرض علي المشاركة في (دانتيل)، وحتى في فيلم قصير يعرض حالياً على منصة (شاهد) بعنوان (يوم عادي)، مستوحاة قصته عن انفجار بيروت، لم أتردد بتاتا في المشاركة فيهما. فكانا بمثابة تجربتين جميلتين خضتهما تحت إدارة المخرجين المثنى صبح وإنعام العطّار».
ولكن هل تخاف ريموند عازار من أن تُلقّب يوما ما بـ«علياء نمري» الشاشة الحديثة؟ ترد: «لا أخفي عنك، تراودني هذه الفكرة بيني وبين نفسي، ولكن بفعل تنوع الأدوار التي قدمتها مؤخراً، إضافة إلى سابقة جسّدت فيها دور الأم بوجوه كثيرة، أبتعد إلى حد كبير عن هذا اللقب. فالراحلة علياء نمري تركت أثرها في الدراما اللبنانية من خلال تجسيدها بشكل مستمر دور الأم الحنون. وكانت تملك شعبية واسعة، وجمهوراً عريضاً يتابعها وينتظر إطلالاتها. ولكن أرى أنها لن تتكرر، وليس كل من مثّل دور الأم متاحاً له لقب (علياء نمري)».
وترى ريموند عازار التي يتابعها حالياً المشاهد اللبناني في مسلسل «هند خانم» على قناة «الجديد»، أن شخصيتها الحقيقية لا تشبه بتاتاً تلك الأم الضعيفة الشخصية والحزينة التي تؤديها. وتقول: «أتطلع إلى لعب دور كوميدي كي أبرز موهبتي في هذا المجال، لا سيما أن شخصيتي الواقعية كذلك. كثيرون من أصدقائي يطالبونني بلعب دور كوميدي يشبهني، لا سيما أني سبق أن شاركت في مسلسل (أوبيرج) من كتابة هيام أبو شديد، ونجحت فيه لأنه كان يميل إلى الكوميدية؛ فقد مللتُ من أدوار الحزن والعذاب، وأفضّل التغيير، وأنتظر من يتجرّأ ويعرض عليّ دوراً كوميدياً».
ومن المسلسلات الجديدة التي شاركت ريموند عازار فيها «2020» من إنتاج شركة «الصبّاح إخوان»، وبطولة نادين نسيب نجيم. وتعلّق: «ألعب أيضاً في هذا العمل دور الأم، ولكن في إطار الوالدة الداعمة لابنتها (نادين نسيب نجيم)، التي ترى الأمور بعينها الناضجة والملمّة، فتفرض آراءها عليها بسلاسة وتوعيها. كما أحضّر حالياً لدور جديد ضمن مسلسل من كتابة كلوديا مرشيليان بعنوان (خرزة زرقا) من إنتاج الشركة المذكورة. وفيه أيضا أقدّم صورة مغايرة عن الأم العادية فتكون المتابعة والواثقة بابنتها تزودها بنصائح تبعدها عن الوقوع في مطبات خطرة. وفي الدورين سيلاحظ المشاهد تبدلاً في تغليفة الشخصيتين ككل، وأنا سعيدة بذلك».
تبدي ريموند عازار إعجابها بأقلام كتاب دراما لبنانيين، وتقول: «الدراما اللبنانية مليئة بأقلام تنقل واقعنا، وتفاصيل تشبهنا. وأنا من المعجبين بطارق سويد وكلوديا مرشيليان. سبق أن تعاونت معهما، وكان النص الذي يكتبونه يعبق بالحقيقية والتلقائية. وهذا الأمر ينعكس إيجاباً على أداء الممثل، فيفرح بتقديمه أدواراً تشبه مجتمعه، ويعبّر فيها عن كثيرين يعيشونها، فتكون المصداقية أساساً للنص وليست مجرّد تفصيل».
ومن الأدوار التي تحب أيضاً تجسيدها تقول ريموند عازار: «أتمنى أن أجسد دور امرأة شريرة. هذا النوع من الشخصيات يتطلّب جهداً وتحضيراً مغايراً عن الأدوار الأخرى الدرامية. كما تتلوَّن هذه الشخصيات بعطاء أكبر يتطلّب من صاحبها الذوبان فيها إلى أبعد حدود، كي تبدو حقيقية».
وعما إذا النقابات الفنية تلعب دورها وتقوم بمهمتها في موضوع تأمين الأدوار لممثلين يقبعون اليوم في بيوتهم عاطلين عن العمل توضح: «لم تلعب يوماً النقابات الفنية دوراً في هذا الإطار ولا في غيره. فهي شبه غائبة عن مشكلات الفنان ومعاناته. وأعتقد أن تأخذ النقابات على عاتقها تأمين العمل لفنانين كبرنا على أدائهم ونفتقدهم اليوم لهو أمر أستبعده».
وتتحدثّ ريموند عازار عن الفرق بين الساحة الدرامية اليوم والأمس وتقول: «الفروقات أصبحت شاسعة في ظل وسائل التواصل الاجتماعي والصناعات الكثيفة للدراما العربية. فالجميع أصبح يملك الفرصة للمشاركة، ولم تعد الأمور تقتصر على عدد معين من الممثلين يتكررون في أعمال متلاحقة». ولكن هناك بعض الشركات التي لا تزال تعمل مع الأسماء نفسها في إنتاجاتها؟ ترد: «ليس على المدى الطويل. فهناك تجديد يحصل بين وقت وآخر نلحظه اليوم. وهو ما أتاح الفرصة أمام مواهب شابة لدخول هذا المعترك. ولكن في المقابل هناك (شللية) قائمة لدى البعض بحيث يفضلون التعاون مع نفس الممثلين من مبدأَي الصداقة والعشرة».
وترفض ريموند عازار ما يتداوله البعض عن نقص تعاني منه الساحة فيما يخص النجوم الذكور في لبنان وتقول: «لست أبداً مع هذه المقولة لأن لبنان غني بنجومه الذين بات بعضهم اليوم على عتبة العالمية. كما أن بعض الإنتاجات كشفت عن مواهب رائعة ينتظرها مستقبل زاهٍ. ولكن هناك تركيبة معينة يتبعها بعض المنتجين ترتكز على البطلة اللبنانية والبطل السوري. وهو ما أثّر على موقع النجوم الذكور».
وعما يلفتها اليوم في عالم الدراما توضح: «هناك حضور أكاديمي على الساحة بعدما كانت تشرّع أبوابها لمن ينتمون إلى اختصاصات ومهن مختلفة. ولكن في الإجمال الساحة الفنية في حالة تطوّر دائم، والأعمال الدرامية المحلية والمختلطة الراقية والضخمة التي نتابعها أفضل دليل على ذلك».



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».