أثينا تسعى مجددا لمطالبة برلين بـ130 مليار يورو تعويضات

استطلاع رأي: الشعب الألماني يؤيد خروج اليونان من مجموعة اليورو

أثينا تسعى مجددا لمطالبة برلين بـ130 مليار يورو تعويضات
TT

أثينا تسعى مجددا لمطالبة برلين بـ130 مليار يورو تعويضات

أثينا تسعى مجددا لمطالبة برلين بـ130 مليار يورو تعويضات

كشف استطلاع للرأي أجرته إحدى المؤسسات الألمانية المتخصصة، أن 61 في المائة من عينة الاستطلاع الذي أجرته مؤخرا على الشعب الألماني، تؤيد خروج اليونان عن مجموعة اليورو، وكان السؤال الذي وجه لعينة الاستطلاع: هل ترى خروج اليونان عن مجموعة اليورو في حال عدم التزامها بتطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه بين أثينا والدائنين؟
كما رفض 68 في المائة ممن استطلعت آراؤهم، شطب أي جزء من الديون التي على عاتق اليونان، في حين يرى 28 في المائة أن الحل الوحيد لمعالجة مشكلة الديون اليونانية يكمن في شطب جزء منها.
في غضون ذلك، ذكرت الصحف أن مستشار النمسا فيرنير فايمان قد صرح بأن الحديث عن خروج اليونان من مجموعة اليورو أمر مستفز للناخب اليوناني وللشعوب الأوروبية، لا سيما أن اليونان وطيلة السنوات الماضية لم تتوان عن الإيفاء بكل الالتزامات التي على عاتقها، في حين يحق للشعب اليوناني اختيار حكومته بكل حرية، كما هاجم المسؤول النمساوي القيادات السياسية في ألمانيا التي تحاول - حسب قوله - التدخل في الشأن اليوناني الداخلي بشتى الطرق.
من جهة أخرى، انتهت لجنة جهاز المحاسبات اليونانية من تقدير التعويضات المطلوبة من ألمانيا جراء احتلالها لليونان إبان الحرب العالمية الثانية وقتل الآلاف من المواطنين، بجانب استيلائها على مخزون البلاد في ذلك الوقت من العملة الأجنبية واحتياطي الذهب، الذي حصلت عليه القوات النازية قسرا تحت بند «قرض»، ولم تسدده ألمانيا منذ ذلك الوقت وحتى الآن.
وشمل تقرير اللجنة في 160 صفحة كاملة موثقة بالأرقام والأسماء والتواريخ، وذلك بعد الرجوع إلى الوثائق المحفوظة في مختلف الجهات، حيث قامت اللجنة خلال 7 أشهر كاملة بالاطلاع على أكثر من 50 ألف وثيقة. ولم يتم الإفصاح بالتحديد عن المبالغ التي توصلت إليها اللجنة بشأن هذه التعويضات، وبقي الأمر طي الكتمان، حيث اكتفت اللجنة برفع تقريرها إلى نائب وزير المالية خريستوس ستايكوراس، إلا أن عرضه على الرأي العام سوف يتأخر لحين تشكيل البرلمان الجديد بعد الانتخابات التشريعية المبكرة التي ستجرى في 25 يناير (كانون الثاني) الجاري.
يذكر أن التقديرات التي كانت قد رأت النور في عام 2010. وبناء على المعلومات الواردة من البنك المركزي اليوناني، قد أوصلت المبالغ المستحقة على ألمانيا سواء لاسترداد القرض القسري أو لتعويض عائلات الضحايا، بالإضافة لمعالجة الآثار الناجمة عن تخريب البنية التحتية التي أحدثتها قوات الاحتلال خلال الحرب العالمية الثانية في اليونان إلى ما بين 115 و130 مليار يورو، علما بأن مجلة سبيجيل الألمانية، كانت قد أوصلت في عام 2013 المبلغ إلى 162 مليار يورو، وهو ما يعادل 80 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لليونان.
ووفقا للمعلومات الصادرة، فإن اللجنة قد حصرت المطالبة في مجال القرض القسري (4.5 مليون جنيه ذهب) في مبلغ لا يزيد على 10.5 إلى 15.8 مليار يورو، أما بقية المبالغ المطلوبة لمعالجة الإضرار وتعويض أسر الضحايا، فلم يتم الكشف عنها، علما بأن ألمانيا كانت قد دفعت 115 مليون مارك ألماني فقط لتعويض أسر الضحايا، ورفضت حتى الحديث عن القرض القسري وبقية التعويضات.
وذكرت المصادر أن الخطوات التالية سوف تتمثل في رفع تقرير اللجنة لوزارة الخارجية اليونانية ولمجلس الدولة القانوني، لتحديد الأرقام المطلوبة ومن ثم عرض الأمر على البرلمان للبدء في تحديد الإجراءات ومتابعة الموضوع، وكان قد عرضت المعارضة اليونانية كثيرا هذا الأمر على الحكومة، ولكن لم يتم تحريكه من قبل الحكومة تخوفا من تراجع مساهمة ألمانيا في قروض المساعدات التي تسلمتها أثينا من الدائنين وقيمتها 240 مليار يورو خلال الأعوام القليلة الأخيرة.



ارتفاع حاد لسندات لبنان الدولارية مع تفاؤل المستثمرين بالإصلاحات

الرئيس اللبناني المنتخب حديثاً جوزيف عون يلقي خطاباً في مبنى البرلمان ببيروت (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني المنتخب حديثاً جوزيف عون يلقي خطاباً في مبنى البرلمان ببيروت (أ.ف.ب)
TT

ارتفاع حاد لسندات لبنان الدولارية مع تفاؤل المستثمرين بالإصلاحات

الرئيس اللبناني المنتخب حديثاً جوزيف عون يلقي خطاباً في مبنى البرلمان ببيروت (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني المنتخب حديثاً جوزيف عون يلقي خطاباً في مبنى البرلمان ببيروت (أ.ف.ب)

ما إن انتخب مجلس النواب اللبناني العماد جوزيف عون رئيساً جديداً للبلاد، بعد أكثر من عامين على الشغور الرئاسي، حتى عززت سندات لبنان الدولارية مكاسبها مسجلةً ارتفاعاً حاداً وسط تفاؤل بإجراء إصلاحات في بلد مزقته الحروب، وأنهكت اقتصاده الذي تناوله عون في خطابه بعد إدلائه بالقسم، حين شدّد على تمسكه الثابت بمبادئ الاقتصاد الحر.

وقد شهدت سندات لبنان الدولية بآجالها كافة، الخميس، ارتفاعاً إلى أكثر من 16 سنتاً للدولار، من حوالي 13 سنتاً يوم الأربعاء، وذلك بعدما كانت وصلت إلى أدنى مستوياتها عند 6.25 سنت في عام 2022، رغم أنها لا تزال أدنى بكثير من أسعار سندات دول أخرى تخلفت عن سداد التزاماتها في العام نفسه.

جوزيف عون يسير بعد انتخابه رئيساً للبنان في مبنى البرلمان ببيروت (رويترز)

وكان لبنان أعلن التخلف عن سداد ديونه في ربيع عام 2020 بعد أن سقط النظام المالي في البلاد في أزمة اقتصادية عميقة في 2019.

وتأتي هذه الزيادة في قيمة السندات في وقت بالغ الحساسية، حيث لا يزال الاقتصاد اللبناني يترنح تحت وطأة تداعيات الانهيار المالي المدمر الذي بدأ في 2019، إذ يواجه أزمة مصرفية ونقدية وسياسية غير مسبوقة استمرت أكثر من ثلاث سنوات، أثرت بشكل عميق على استقراره النقدي، مما جعله واحداً من أكثر البلدان عُرضة للأزمات المالية في المنطقة. ومنذ بداية هذه الأزمة، شهد الاقتصاد انكماشاً حاداً ناهز 40 في المائة، مما أدى إلى تدهور ملحوظ في جميع القطاعات الاقتصادية. كما فقدت الليرة اللبنانية ما يقارب 98 في المائة من قيمتها مقابل الدولار الأميركي، مما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطنين وزيادة معاناتهم. في الوقت نفسه، سجل التضخم معدلات غير مسبوقة، مما زاد من الأعباء المالية على الأسر. وفي الوقت ذاته، خسر المصرف المركزي اللبناني ثلثي احتياطياته من النقد الأجنبي، مما أضعف قدرته على دعم العملة المحلية وضمان استقرارها.

ويرى مراقبون أن الارتفاع القوي لسندات ما يعرف باليوروبوندز ينبع من التفاؤل بأن انتخاب عون رئيساً جديداً سيفتح الباب على تنفيذ إصلاحات اقتصادية ومالية وهيكلية مطلوبة بشدة. ويعدون أن هذا من شأنه أن يمهد الطريق لإعادة هيكلة السندات الدولية في نهاية المطاف.

لكن التحدي هو في اختيار رئيس للوزراء، والإسراع في تشكيل حكومة تعمل على تمرير الإصلاحات بالتعاون مع مجلس النواب.

وقال سورين ميرش، مدير المحافظ في «دانسكي بنك» في كوبنهاغن الذي بدأ بشراء السندات اللبنانية في سبتمبر (أيلول): «إذا تمكن لبنان من انتخاب رئيس جديد، فأتوقع أن ترتفع السندات. فانتخاب رئيس يعني على الأرجح تعيين رئيس وزراء، وتشكيل حكومة فعّالة بدلاً من تلك القائمة بالوكالة»، وفق «بلومبرغ».

وتوازياً، شهدت الأسواق اللبنانية حالة من التهافت على شراء الليرة اللبنانية، حيث عدّ كثير من اللبنانيين أن انتخاب عون قد يُشكّل بداية مرحلة جديدة من الاستقرار السياسي، ما قد ينعكس إيجاباً على العملة المحلية. ومع الآمال التي علّقها البعض على تحسن الوضع الاقتصادي، يتوقع كثيرون أن تشهد الليرة تحسناً مقابل الدولار في ظل التفاؤل الذي صاحب هذه الخطوة السياسية المهمة.

الاقتصاد في خطاب عون

في خطابه الأول بعد انتخابه رئيساً، شدّد عون على تمسكه الثابت بمبادئ الاقتصاد الحر، مؤكداً على أهمية بناء قطاع مصرفي يتمتع بالاستقلالية التامة، بحيث لا يكون الحاكم فيه سوى القوانين. كما بعث برسالة واضحة ومباشرة إلى المواطنين والمودعين، مؤكداً أن حماية أموالهم ستظل على رأس أولوياته، معلناً أنه لن يتهاون في هذا الملف الذي يمثل تحدياً كبيراً.

أعضاء من الجيش اللبناني يقفون خارج فرع «بنك بلوم» في بيروت (رويترز)

وأكد عزمه على بناء علاقات قوية مع الدول العربية، التي تُعد شريكاً رئيساً في إعادة الإعمار، ودعم لبنان اقتصادياً، لا سيما وأن تعزيز هذه العلاقات سيسهم في الحصول على الدعم المالي العربي، وتحفيز النمو من خلال جذب الاستثمارات، وفتح قنوات التعاون مع دول دعمت لبنان في فترات سابقة.

تحديات

إلا أن تحديات كبيرة تواجه الرئيس. فهل سيتمكن عون من تحقيق الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة لانتشال لبنان من أزمته الراهنة وتحقيق الاستقرار المالي؟

يتصدر ملف الإصلاحات الاقتصادية أولويات الاستحقاقات الوطنية في لبنان، ويُعد البوابة الأساسية لاستعادة الاستقرار المالي والانطلاق نحو تعافي الاقتصاد المترنح. وتتجاوز أهمية هذه الإصلاحات تحسين الوضع الداخلي، فهي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمسألة إعادة الإعمار والحصول على الدعم المالي. وفي هذا السياق، يُتوقع أن يُعاد إحياء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بهدف التوصل إلى اتفاق ينص على تأمين الدعم المالي مقابل التزام الحكومة بحزمة إصلاحات هيكلية ومالية تشمل تحسين إدارة القطاع العام، ومكافحة الفساد، وتحرير الاقتصاد من القيود التي تعرقل نموه. وتُعد هذه الإصلاحات حجر الزاوية في عملية إنقاذ لبنان، حيث تشكل الأساس للحصول على الدعم الدولي بشتى أنواعه.

وفي ظل استمرار لبنان في معركته ضد الدين العام الهائل الذي بلغ نحو 140 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، سيواجه الرئيس الجديد مهمة شاقة تتمثل في إرساء الاستقرار المالي الذي من شأنه أن يعزز الثقة المتجددة في النظام الاقتصادي اللبناني، بالإضافة إلى إعادة هيكلة الديْن العام، وبدء مفاوضات جادة مع الدائنين.

كذلك ستتجه الأنظار إلى آفاق جديدة في إدارة الاقتصاد اللبناني، لا سيما فيما يتعلق بإعادة استقرار سعر صرف الليرة، التي سجلت اليوم 89 ألف ليرة مقابل دولار واحد، بعد أن كانت عند 1500 ليرة في عام 2019. وتبدي الأوساط الاقتصادية أملاً كبيراً في تحسن الوضع المالي بفضل السياسات النقدية الجديدة التي سيقودها حاكم أصيل لمصرف لبنان. ومن هذا المنطلق، يعد انتخاب عون خطوة محورية نحو تحقيق بيئة سياسية أكثر استقراراً، وهو ما يسهم في تعزيز الثقة في النظام النقدي اللبناني المتأزم.

علاوة على ذلك، تقع على الحكومة المقبلة سياسات مالية تهدف إلى تقليص العجز في الموازنة العامة من خلال تحسين كفاءة الإنفاق الحكومي، وزيادة الإيرادات المحلية. ويُعد التركيز على مكافحة الفساد والتهرب الضريبي من بين الأولويات الرئيسة التي يجب أن تسعى الحكومة إلى تحقيقها في الفترة المقبلة، في خطوة تهدف إلى استعادة الثقة بالمؤسسات الحكومية وتحقيق الشفافية المالية، خاصة وأن مسح البنك الدولي السنوي الأخير عن الحوكمة والإدارة الرشيدة لعام 2024 صنف لبنان في المرتبة 200 عالمياً من أصل 213 دولة، والمرتبة الـ16 بين 20 دولة عربية من حيث فاعلية الحكومة.

إضافة إلى هذه التحديات الاقتصادية العميقة، يواجه عون أيضاً صعوبة في تعزيز البنية التحتية المتدهورة للبلاد، مثل قطاع الكهرباء الذي يُعد من العوامل الأساسية التي تثقل كاهل الدين العام (حوالي 45 مليار دولار من إجمالي قيمة الدين العام)، وتستهلك جزءاً كبيراً من الموارد العامة دون أن تقدم تحسينات ملموسة في الخدمات المقدمة للمواطنين.

احتفالات شعبية بعد انتخاب قائد الجيش اللبناني جوزيف عون رئيساً للبنان (رويترز)

إن لبنان اليوم يقف أمام اختبار اقتصادي بالغ الأهمية في تاريخه الحديث، حيث تأمل البلاد في التغلب على أزماتها الاقتصادية الحادة، مدعومةً بدعم عربي ودولي حيوي يسهم في تحقيق الاستقرار وإعادة البناء.