رئيس الجمعية الأميركية ـ التونسية: هناك ثقة أقل في الإسلاميين الآن

د. ويليام لورانس يقول لـ («الشرق الأوسط») إن «ربيع العرب» لم يحقق نجاحات ثورات شرق أوروبا

د. ويليام لورانس
د. ويليام لورانس
TT

رئيس الجمعية الأميركية ـ التونسية: هناك ثقة أقل في الإسلاميين الآن

د. ويليام لورانس
د. ويليام لورانس

أصبح د. ويليام لورانس، في الآونة الأخيرة، رئيسا للجمعية الأميركية - التونسية (إيه تي إيه). وهو أستاذ زائر في العلوم السياسية في مدرسة إليوت للدراسات الدولية، التابعة لجامعة جورج واشنطن، في العاصمة الأميركية. وصار أخيرا زميلا في «مشروع ديمقراطية الشرق الأوسط» (بوميد)، في واشنطن.
قبل نحو ثلاثة عقود، ولثلاث سنوات، تطوع مع «بيس كوربز» (فيالق السلام) الأميركية في المغرب، ثم قضى تسع سنوات في تونس وليبيا ومصر والجزائر وموريتانيا، وعمل في شمال أفريقيا نحو 30 سنة، بما في ذلك عدة سنوات مع وزارة الخارجية الأميركية وفي السفارة الأميركية لدى ليبيا، والضابط المسؤول في واشنطن عن ليبيا وتونس. وخلال السنتين الماضيتين، شغل مدير قسم شمال أفريقيا في مجموعة «إنترناشيونال كرايسيز» (الأزمات الدولية).
«الشرق الأوسط» التقته وأجرت معه حوارا عبر فيه عن آراء شخصية لا تعبر بالضرورة عن آراء الجمعية الأميركية - التونسية، ولا «بوميد». وفيما يلي نص الحوار:

* ما تقييمك للثورة في تونس مع مرور الذكرى الثالثة لها يوم 14 يناير (كانون الثاني) الحالي؟
- صارت الثورة التونسية، حتى الآن، أكثر الديمقراطيات نجاحا من بين الدول التي انتفضت خلال ربيع العرب. شهد اليمن وليبيا أيضا تغييرات في نظام كل واحدة منهما. وشهدت مصر ما شهدته. وانحدرت سوريا في حرب أهلية. لكن تونس شهدت ليس فقط انتخابات ناجحة، وصفقة سياسية حاسمة أدت إلى التصويت على جزء كبير من الدستور، ولكن أيضا حققت تقدما من حيث التطبيق العملي للديمقراطية. ويرجع هذا النجاح جزئيا إلى البراغماتية والدهاء السياسي للتونسيين. وأيضا بسبب رغبة الكثير من عناصر المجتمع التونسي في تقديم تنازلات. ولا تزال توجد تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية هائلة، لكن التحول الديمقراطي الهش في تونس يمضي إلى الأمام.
* هل هذا دستور إسلامي أم لا؟
- حسب مواد الدستور التي أجيزت، لم يكن الاقتراح الذي سقط عن إعلان الإسلام مصدرا للقوانين، ولكن كان عن إعلان الشريعة مصدرا للقوانين.
توجد أسباب كثيرة لسقوط هذا الاقتراح، منها وجود صفقة سياسية بين الإسلاميين والليبراليين واليساريين.
والسبب الذي قاله أناس كانوا قريبين من المفاوضات، وهناك صدق في قولهم، هو أن الشريعة تعني أشياء مختلفة لناس مختلفين.
توجد تفسيرات محافظة جدا للشريعة، ليست مناسبة للسياسة والمجتمع في تونس.
بالإضافة إلى ذلك، حاولت بعض العناصر تحقيق هذه التفسيرات المحافظة، وفرضها على الشعب التونسي. وكان هذا واحدا من الأسباب التي أدت إلى الأزمة السياسية في أواخر يوليو (تموز) الماضي، بعد اغتيال عضو يساري ثان في البرلمان. ورغم ذلك، توجد كثير من الإشارات إلى الإسلام في الدستور. مثل المادة التي تنص على أن الإسلام هو الدين الرسمي للبلاد.
* هل يفصل الدستور التونسي بين الدين والدولة؟
- يوجد تونسيون في الجانب الليبرالي واليساري، وأيضا في جانب الإسلاميين وخاصة السلفيين، يسعون لفصل الدين عن السياسة؛ إذ يركز البعض على الآثار المدمرة لدخول الدين في السياسة. ويركز آخرون على إفساد السياسة للدين.
واضح أن الفصل التام بين الدين والسياسة ليس ممكنا أبدا. ولا حتى في دول مثل فرنسا، حيث الدين جزء من القانون العام. ولا حتى في الولايات المتحدة.
هنا، في الولايات المتحدة، ليس الفصل فصلا تاما، لكن الدستور يدعو إلى عدم تأسيس دين للدولة. وتوجد حماية دستورية قوية لممارسة الشعائر الدينية، بما في ذلك حرية الرأي، مثلا حماية حق المواطن في تغيير دينه.
لكن، في تناقض صارخ مع دستور الولايات المتحدة، ينص الدستور التونسي على أن الإسلام هو دين الدولة، في الوقت نفسه، ينص الدستور ذاته على حرية الدين. غير أن هذا الحل الوسط أغضب بعض السياسيين الإسلاميين الأكثر تحفظا. وأدى إلى تهديدات بالقتل، أثرت على المناقشات الدستورية.
* هل تنفصل المساجد عن السياسة حسب دستور تونس؟
- ليست المساجد أبدا بعيدة عن السياسة، لكن توجد بالتأكيد حاجة لجدران مؤسساتية بين المساجد والبرلمان. يجب ألا يملي الأئمة أي شيء عن السياسة، ويجب ألا يملي السياسيون أي شيء عن الممارسات الدينية.
لكن لم تكن هذه الجدران أبدا عالية جدا خاصة في الدول التي فيها التدين كثيرا. وتونس واحدة من هذه الدول.
بالإضافة إلى هذا، يحتمل أن يستمر الحظر على أي خطاب عداء إجرامي في المساجد مثل حض الحاضرين على قتل شخص ما. تماما كما توجد معايير دينية في القوانين الوضعية، مثل تحريم القتل.
أعتقد أن الدين والدولة سيستمران في التأثير بعضهما على بعض، لكن من دون تأثير لا مبرر له. وأعتقد أن هناك إمكانيات لتوازن بينهما خلال مفاوضات جادة وحرة عبر طبقات المجتمع، وعبر وسائل كثيرة وليس فقط في نطاق البرلمان والقوانين التي يضعها البرلمان.
* ما الخطوة التالية؟
- وفقا لتنازلات وحلول وسطى في وقت سابق، استقال رئيس الوزراء علي العريض، وجاء رئيس وزراء جديد، المهدي جمعة، مع حلول يوم 14 يناير الحالي، في الذكرى السنوية الثالثة للثورة. وما دامت الجمعية الدستورية في طريقها لأن تقر الدستور، لن تكون هناك حاجة لإجراء الاستفتاء الذي كان مقررا بديلا.
* هل توجد خلفية، أو صفة، ينفرد بها التونسيون وراء نجاح ثورتهم، حتى الآن؟
- منذ منتصف القرن التاسع عشر، للتونسيين تاريخ طويل من السياسات التقدمية والدستورية. في عام 1861 وضعوا أول دستور في العالم العربي. وظلوا يمارسون مناقشات دستورية مستمرة منذ ذلك الوقت. وظل «الدستوريون» بمختلف اتجاهاتهم يلعبون دورا رئيسيا في السياسة التونسية.
بصورة عامة، ظل التونسيون، تاريخيا، يميلون إلى التوافق الوطني، ويحرصون على حماية تلك التقاليد التقدمية. لكن، هذه المرة، يلعب الإسلاميون دورا مهيمنا جديدا.
* بصورة عامة، يبدو أن «ربيع العرب» لم يحقق نجاحات ثورات شرق أوروبا التي قضت على الأنظمة الشيوعية والديكتاتورية. لماذا؟
- أولا، في الجانبين التاريخي والمؤسساتي، كانت دول شرق أوروبا، من قبل سقوط الشيوعية، أكثر تقدما: صناعيا، واقتصاديا، ومؤسساتيا، مقارنة بدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ثانيا، سارعت دول غرب أوروبا، وبشكل فعال، لمساعدة جيرانها في الشرق. مثل ألمانيا الغربية التي استثمرت بكثافة في ألمانيا الشرقية السابقة.
ثالثا، كانت القوى الديمقراطية في شرق أوروبا أكثر نضجا من تلك الموجودة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وكانت، أيضا، أطول عمرا.
ويمكن القول إن الثوار الشباب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يواجهون عقبات أكبر، وطرقا أطول. لكن، في الوقت نفسه، ظهرت عوامل جديدة تساعدهم، مثل ثورة الاتصالات؛ لهذا، في المدى الطويل، أنا متفائل بأن هؤلاء الثوار الشباب سينجحون.
* هل يشكل الإسلاميون عائقا أمام هذه التغييرات الثورية؟
- الإسلام هو، بطبيعة الحال، قاعدة الحياة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
والصحوة الإسلامية في القرنين الماضيين تقريبا ظاهرة تاريخية، ولا بد أن تستمر. ولا بد أن تكون لها انعكاسات في المستقبل، لكني لاحظت أنه بينما يطمح الكثير من المسلمين في المنطقة إلى حياة إسلامية، يوجد عدد أقل بكثير يطمح نحو حكم إسلامي.
إضافة إلى ذلك، وفي ضوء الأحداث في بعض الدول الإسلامية خلال العقود القليلة الماضية، ينظر كثير من الناس إلى الإسلاميين على أنهم غير قادرين على الحكم؛ إذ تقول ذلك أغلبية النخب، وجزء كبير من أعضاء الطبقات المتوسطة. وهذا لا يعني أن الإسلاميين مدمرون، وذلك لأنهم نجحوا إلى حد كبير في النشاطات الاجتماعية والخيرية، وأثبتوا قدراتهم وإمكانياتهم في أنواع مختلفة من المجالات. أعتقد أنه، في حالات كثيرة، يساء فهم الإسلاميين، أو يظلمون في الحكم عليهم؛ وذلك لسببين هما نفاد صبر الناس عندما يحكمهم نظام إسلامي ولا يحقق طموحاته، وقوة الآيديولوجيات المعارضة للإسلاميين.
وبالتالي أقول نعم توجد ثقة أقل في الإسلاميين الآن، لكني أعتقد أنهم سيبقون، وبقوة، في المستقبل المنظور.
* عرفت كبار قادة النهضة لسنوات كثيرة. ماذا يقولون لك؟
- يقولون لي إنهم يريدون الديمقراطية في تونس، ويريدون لحزب النهضة أن يلعب دورا مهما على المدى الطويل، ويريدون أن يكون حزبهم مقبولا في الحياة السياسية التونسية في المستقبل المنظور.
* هل تمكن المقارنة بين الإسلاميين في تونس والإسلاميين في مصر؟
- أول تشابه هو التردد، من كلا الفريقين، في خوض الانتخابات بعد الثورة.
في تونس، قبل انتخابات 2011، كان هناك نقاش داخل حزب النهضة حول المشاركة فيها، وكيفية تقديم الحزب للمواطنين. كان الشباب متحمسين لخوض الانتخابات، لكن شيوخ الحزب كانوا مترددين وحذرين. لا تنس أنه، في أول مراحل الثورة، كان الوضع غير مستقر، وكانت هناك مخاوف من عودة النظام القديم. وطبعا، كان الإسلاميون في مقدمة الذين عارضوا النظام القديم. لهذا، كانوا يخشون من تطورات مثل التي حدثت في الجزائر عام 1992.
أما في مصر، فقد كان هناك تردد مماثل. في البداية، أعلن «الإخوان المسلمون» أنهم لن يترشحوا لرئاسة الجمهورية. لكن، في وقت لاحق، تراجعوا عن هذا التعهد.
* إذا أجريت انتخابات في تونس الآن، هل تعتقد أن حركة النهضة ستظل الحزب الرئيس؟
- حسب استطلاعات الرأي، ستكون المنافسة شديدة بين النهضة والإسلاميين، في جانب، وبين نداء تونس والليبراليين واليساريين في جانب آخر، لكن استطلاعات الرأي يمكن أن تخطئ، مثلما حدث في انتخابات عام 2011.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.