ضربات الجزاء من لمسات اليد المثيرة للجدل تدمر كرة القدم

القانون الجديد الذي يجبر المدافعين على الارتقاء إلى أعلى وأيديهم خلف ظهورهم يجب تعديله

TT

ضربات الجزاء من لمسات اليد المثيرة للجدل تدمر كرة القدم

كانت هناك لحظة تقشعر لها الأبدان خلال تغطية قناة «بي تي سبورت» لمباراة تشيلسي الإنجليزي أمام رين الفرنسي الأسبوع الماضي، عندما تم احتساب ركلة جزاء مثيرة للضحك ضد مدافع النادي الفرنسي، دالبرت هنريكي. وفي نفس اللعبة، تلقى هنريكي أيضا البطاقة الصفراء الثانية وطُرد من الملعب بسبب ارتكابه جريمة الوجود بالقرب من الكرة التي لمست جزءا من يده من دون قصد!
وبينما كان هنريكي يبدو حزينا، أعرب اللاعب الاسكوتلندي السابق دارين فليتشر عن بعض التحفظات أثناء التعليق على المباراة، وأشار إلى أن قرار حكم اللقاء لم يكن عادلا. لكن الحكم السابق، بيتر والتون، رد بكل هدوء وثقة، قائلا: «قد لا يعجبك هذا، يا دارين، لكن هذا هو القانون».
ولكي نكون واضحين، ومع كل الاحترام الواجب لبيتر والتون، فهذا ليس هو القانون على أرض الواقع! إن قوانين كرة القدم، التي نصر بشدة على تطبيقها، ليست نصا مقدسا يجب الالتزام به بحذافيره، لكنها عبارة عن أشياء كتبها بعض الرجال الذين قد يكونون مخطئين ويجب تغييرها إذا ثبت أنها غير جيدة وتؤثر على مستوى اللعبة في نهاية المطاف.
أنا لا أعني بذلك توجيه نقد شخصي لوالتون، الذي يظهر على شاشة التلفزيون كشخصية مقبولة ومطلعة ويقول رأيه بهدوء وثقة. لكن المشكلة هنا تتمثل في احتساب ركلة جزاء بهذا الشكل، والإصرار الغريب على وجوب احتساب أي ركلة جزاء بهذه الطريقة، من منطق أنه يجب تطبيق القانون الذي ينص على ذلك، وكأن هناك رغبة في القضاء على أي لمسة يد غير مرئية أو غير مقصودة أو نحتاج لميكروسكوب لتكبيرها، وتطهير عالم الرياضة من هذه الظاهرة.
في الحقيقة، أصبحت ركلات الجزاء تمثل مشكلة كبيرة للغاية في الوقت الحالي، وأصبح يتم احتساب عدد هائل من ركلات الجزاء. وقد شهد الموسم الحالي للدوري الإنجليزي الممتاز احتساب ما يقرب من 40 ركلة جزاء حتى الآن. ولو سارت الأمور بهذا المعدل، فسيشهد الموسم الحالي للدوري الإنجليزي الممتاز احتساب 200 ركلة جزاء، أي ضعف العدد القياسي لاحتساب ركلات الجزاء في موسم واحد، وأكثر من ركلات الجزاء التي احتسبت الموسم الماضي بـ103 ركلات جزاء. وبالتالي، يجب العمل على إيجاد حل لهذه المشكلة، التي تهدد بإفساد كرة القدم ككل في حقيقة الأمر، خاصة أن أكثر شيء مسيطر على كرة القدم في الوقت الحالي هو احتساب ركلات الجزاء، واعتراض الفرق التي تحتسب ضدها هذه الحالات، واضطرار الحكام لإلغاء بعض منها بعد العودة إلى تقنية الفيديو «الفار».
إن الأمر لا يتعلق بقانون احتساب لمسات اليد، الذي لا يتكيف بشكل جيد مع الواقع الجديد ويستمر في خلق نتائج غريبة، ولكن يتعلق بالإصرار على تطبيق هذا القانون وعدم تغييره حتى بعدما ثبت أنه يؤتي بنتائج عكسية ويفسد الكثير من المباريات. وقد شهد الدوري الإيطالي الممتاز أيضا عددا قياسيا من ركلات الجزاء الموسم الماضي (187 ركلة جزاء). لكن، وكما هو الحال في إنجلترا، كان السبب الرئيسي في هذه الزيادة الكبيرة يتمثل في الأخطاء الساذجة التي يرتكبها المدافعون، وليس في لمسات اليد الغريبة التي تحتسب وتتصدر عناوين الصحف بسبب غرابتها. وهنا، يجب أن نتفق على أن المشكلة لا تكمن في تقنية الفار، التي أعتقد أنها ستتطور كثيرا بمرور الوقت وتصبح أكثر ذكاء وكفاءة. لكن المشكلة، في الوقت الحالي، تتمثل في كيفية احتساب ركلات الجزاء، وفي حقيقة أن هذا العدد الكبير من ركلات الجزاء الغريبة بات يفسد اللعبة.
لكن دعونا نتفق أيضا على أن هناك ركلات جزاء جيدة ومستحقة، وهي تلك التي تحصل عليها الفرق عندما تهاجم بشراسة ولا يجد الفريق المنافس حلا سوى عرقلة المهاجم داخل منطقة الجزاء. وبالمثل، هناك ركلات جزاء يكون لها دور كبير في تحديد نتائج المباريات ككل. ولعلنا نتذكر هنا ركلة الجزاء التي مُنحت لمانشستر يونايتد في الوقت القاتل من مباراته أمام باريس سان جيرمان في دوري أبطال أوروبا في مارس (آذار) 2019، حينما اصطدمت تسديدة ضعيفة بيد المدافع بينما كانت تتجه للخروج بعيدا عن المرمى.
إن هذه الركلة التي احتسبت رغم عدم ارتكاب مدافع باريس سان جيرمان لأي خطأ قلبت الأمور رأسا على عقب وسمحت لمانشستر يونايتد بالتأهل للدور التالي من دوري أبطال أوروبا وجعلت من الفريق الإنجليزي بطلا، في الوقت الذي حطمت فيه آمال وأحلام النادي الباريسي! وعلاوة على ذلك، أدت هذه النتيجة إلى أن يقرر مانشستر يونايتد تعيين المدير الفني النرويجي أولي غونار سولسكاير على رأس القيادة الفنية للفريق بشكل دائم، رغم أنه لم يحقق الفوز إلا في 5 مباريات فقط من المباريات الـ24 التي لعبها الفريق تحت قيادته بعد ذلك، ورغم أنه لا يزال يبدو مندهشا للغاية عندما تُطرح عليه أسئلة عن الأحوال الداخلية لمانشستر يونايتد في كل مرة يظهر فيها على الشاشة.
لكن الأمر الأكثر إثارة للقلق يتمثل في الطريقة التي تغير بها ثقافة احتساب ركلات الجزاء لعبة كرة القدم ككل، فهناك بعض المباريات التي تبدو فيها محاولة اللاعبين لتسديد الكرة في أيدي المدافعين داخل منطقة الجزاء هي أسهل طريق للفوز، كما أن بعض اللاعبين قد ارتفعت قيمتهم السوقية بشكل خرافي لمجرد أنهم قادرون على تسديد ركلات الجزاء بمهارة وذكاء.
ويأخذنا كل هذا إلى طرح السؤال التالي: هل يمكن وصف أي هدف بالرائع حقا عندما نجبر المدافعين على الارتقاء لأعلى وأيديهم خلف ظهورهم؟
لطالما كان كرهي الشديد لتقنية حكم الفيديو المساعد (الفار) نابعا من رأي عاطفي وشبه عقلاني يستند إلى فكرة أن كرة القدم هي واحدة من آخر التجارب الجماعية التلقائية المتبقية في عالمنا، دون ترشيح من خلال شاشة ودون وسيط من أيد غير مرئية. ويجب أن يعرف الجميع أن كرة القدم هي لعبة تلقائية تُلعب في الوقت الحقيقي، وليست بحثا تقنيا عن حقائق تحكيمية عميقة.
من الجيد أن يعرب ألكسندر سيفرين رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) عن انزعاجه من قانون لمسة اليد، ومشيرا إلى أن التفسير الحالي تسبب في قرارات غير عادلة و«إحباط متزايد وانزعاج» في الرياضة.
وتردد أن سيفرين وجه رسالة إلى رئيس الفيفا إنفانتينو مطالبا بالتدخل لتغيير هذا القانون بعدما بات أن ركلات الجزاء تحتسب في مواقف من المستحيل على المدافع تجنب لمس الكرة خلالها. وبعد تغييرات في القانون عام 2019 أصبحت لمسة اليد تحتسب إذا جعلت الذراع جسم اللاعب «أكبر حجما بشكل غير طبيعي» أو إذا ارتفع فوق الكتف سواء كان متعمدا أم لا.
وكان الهدف من الفكرة أن يصبح القانون أكثر وضوحا لكن سيفرين يعتقد أنها أتت بنتائج عكسية لا تخدم اللعبة.
في النهاية، يجب التأكيد على أن الشيء المؤكد الآن هو أن ما يحدث حاليا شيء مختلف وتغيير تدريجي في الوقت الذي تتكيف فيه الرياضة مع وضعها الجديد كمنتج تلفزيوني بحت. أما أنا شخصيا فأرى أن أفضل حل هو عدم احتساب ركلة جزاء إلا عندما يكون هناك دليل قوي على أن اللاعب قد ارتكب خطأ ويستحق العقوبة، وليس لمجرد أن الكرة لمست جزءا من يد اللاعب من دون قصد.


مقالات ذات صلة

بوستيكوغلو: غوارديولا في طريقه لأن يصبح أحد عظماء التدريب

رياضة عالمية بوستيكوغلو مدرب توتنهام (رويترز)

بوستيكوغلو: غوارديولا في طريقه لأن يصبح أحد عظماء التدريب

قال أنجي بوستيكوغلو مدرب توتنهام هوتسبير إن بيب غوارديولا رفع سقف المنافسة مع مدربي الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غوارديولا (أ.ف.ب)

غوارديولا بعد تجديد عقده: لم يحن وقت الرحيل

قال المدرب الإسباني بيب غوارديولا الخميس عقب تمديد عقده مع مانشستر سيتي بطل إنجلترا لعامين اضافيين حتى العام 2027 إنّه «لم يستطع الرحيل الآن».

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية غوارديولا مدد عقده لعامين مقبلين (أ.ف.ب)

ماذا يعني بقاء بيب غوارديولا لمانشستر سيتي؟

في وقت تسود فيه حالة كبيرة من عدم اليقين حول مانشستر سيتي والدوري الإنجليزي الممتاز، فإن العقد الجديد لبيب غوارديولا يمثل دفعة كبيرة للنادي.

The Athletic (مانشستر)
رياضة عالمية غوارديولا مدد تعاقده مع سيتي معلنا التحدي بإعادة الفريق للقمة سريعا (رويترز)

غوارديولا أكد قدرته على التحدي بقرار تمديد عقده مع مانشستر سيتي

يُظهر توقيع جوسيب غوارديولا على عقد جديد لمدة عام واحد مع مانشستر سيتي أن المدير الفني الإسباني لديه رغبة كبيرة في التغلب على التحديات الكثيرة التي تواجه فريقه

جيمي جاكسون (لندن)
رياضة عالمية رودريغو بينتانكور خلال مشاركته مع منتخب الأوروغواي في مواجهة البرازيل الأخيرة بالتصفيات (د.ب.أ)

بوستيكوغلو: سندعم بينتانكور بالطرق الصحيحة للمضي قُدماً

وصف أنجي بوستيكوغلو، مدرب فريق توتنهام هوتسبير، لاعب خط وسط الفريق، رودريغو بينتانكور بأنه «شخص استثنائي»، بعد معاقبة الأوروغواياني؛ لاستخدامه لغة عنصرية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.