موسكو تحذر من استفزازات تهدد اتفاق وقف النار في قره باغ

باشينيان: لو لم أوقع الاتفاق لوقع 20 ألف جندي أرميني في الأسر

قوات الأمن في يريفان وجها لوجه مع المعارضة التي تتهم رئيس الوزراء نيكول باشينيان بالخيانة لموافقته على وقف إطلاق النار (رويترز)
قوات الأمن في يريفان وجها لوجه مع المعارضة التي تتهم رئيس الوزراء نيكول باشينيان بالخيانة لموافقته على وقف إطلاق النار (رويترز)
TT

موسكو تحذر من استفزازات تهدد اتفاق وقف النار في قره باغ

قوات الأمن في يريفان وجها لوجه مع المعارضة التي تتهم رئيس الوزراء نيكول باشينيان بالخيانة لموافقته على وقف إطلاق النار (رويترز)
قوات الأمن في يريفان وجها لوجه مع المعارضة التي تتهم رئيس الوزراء نيكول باشينيان بالخيانة لموافقته على وقف إطلاق النار (رويترز)

تزامن استكمال روسيا أمس، نشر وحدات الفصل الروسية على طول خطوط التماس في منطقة قره باغ، مع تفاقم الوضع الداخلي في أرمينيا، في إطار الاحتجاجات الواسعة ضد اتفاق وقف النار، وتصاعد حدة المطالبات باستقالة رئيس الوزراء نيكول باشينيان، ما دفعه لتوجيه خطاب متلفز صارح فيه الشعب الأرميني بدرجة صعوبة الوضع الميداني في الأسابيع الأخيرة من القتال، ما دفعه لاتخاذ قرار عاجل بالتنسيق مع قيادة الجيش. في الأثناء، حذرت موسكو من «محاولات استفزازية» تقوم بها المعارضة الأرمينية لـ«تخريب الاتفاق». واستكملت وزارة الدفاع الروسية أمس، نشر وحداتها العسكرية في النقاط الـ16 المتفق عليها في منطقة قره باغ التي تم تقسيمها إلى قطاعين شمالي وجنوبي لتسهيل تسيير الدوريات في بعض المناطق. وبرغم الترحيب الرسمي على المستويين الدبلوماسي والعسكري في أرمينيا بانتشار القوات الروسية في الإقليم، لكن هذا الأمر انعكس على زيادة حدة الانتقادات الموجهة إلى رئيس الوزراء نيكول باشينيان، وتصاعد المطالبات باستقالته. وكانت المعارضة أمهلت باشينيان 24 ساعة لتقديم استقالته، لكنه بعد نهاية المهلة وجه خطابا تلفزيونيا إلى الشعب الأرميني حمل معطيات جديدة عن الأسباب التي دفعته إلى الموافقة على قرار وقف النار بشكل عاجل. وقال باشينيان إنه اضطر للخطوة بهدف «إنقاذ الجيش من الوقوع في الأسر».
وزاد أنه لو لم يتم الإعلان ليلة العاشر من نوفمبر (تشرين الثاني) عن وقف النار بشكل فوري لكانت أرمينيا أمام احتمال أن يقع أكثر من 20 ألف جندي أرمني في حصار كامل، ما يعني أنهم سيقعون في أسر القوات الآذرية». وأضاف: «الوثيقة الموقعة بشأن قره باغ، لا تعني حلا نهائيا للقضية... في الوضع الحالي، كان قبول الشروط المقدمة هو السبيل الوحيد لتجنب خسارة أرتساخ (التسمية الأرمنية لقره باغ) بأكملها وآلاف الوفيات البشرية».
وقال باشينيان إنه اتخذ القرار «بعد أن أصر الجيش على ضرورة المسارعة في اتخاذ خطوة» ووجه سؤالا إلى الأرمنيين: هل تتخيلون ماذا يعني أن يقول لك الجيش إن علينا أن نتوقف عن القتال فورا»؟ وفضلا عن توقع خسائر بشرية فادحة، كرر باشينيان أن استمرار الحرب كان سيهدد بفقدان وشيك لعاصمة الإقليم ستيباناكيرت ومدن أسكيران ومارتاكيرت ما يعني فقدان قره باغ كلها». «وأوضح: بعد سقوط هذه المدن سيُحاصر أكثر من 20 ألفاً من جنودنا وضباطنا بقوات العدو، ويواجهون احتمال الموت أو الأسر. وفي ظل هذه الظروف، سيكون أيضاً سقوط منطقتي كارفاشار وكشاتاخ أمراً لا مفر منه، مما سيؤدي إلى كارثة كاملة». وفي مسعى لكسب تعاطف الأرمنيين قال رئيس الوزراء إنه «عند التوقيع، أدركت أنني أقف أمام احتمال الموت ليس فقط سياسيا، ولكن أيضا جسديا». وأضاف «لكن أعتقد أن حياة 25 ألف جندي هي الأهم بالنسبة لكل مواطن». ومع إشارته إلى أنه لا ينوي الاستقالة وتسليم المسؤولية في هذا الوضع الصعب، قال باشينيان إنه في الأيام الأولى من الحرب، كانت القيادة الأرمنية تأمل في قلب الوضع من خلال «جذب موارد جديدة وجهود خارقة»، لكن «كل هذا أدى فقط إلى استسلام 7 مناطق من دون قتال، بما في ذلك شوشا. في الأثناء، دخلت روسيا على خط الدفاع عن باشينيان، ووجه وزير الخارجية سيرغي لافروف تحذيرا قويا مما وصفها «محاولات التلاعب» بالوضع بعد توقيع اتفاق وقف النار، و«جر الأمور نحو استفزازات لتعطيل تنفيذه». وقال لافروف إنه من الطبيعي أن ثمة أطرافا أرمينية لا تقبل بوقف القتال، لكنه أضاف: «إن بعض الأطراف لديها وهم بأن المناطق الآذرية السبع التي كانت تحت سيطرة أرمينيا يجب أن تبقى إلى الأبد بهذا الوضع». ورأى أن ما يجري داخل أرمينيا، يجب أن ينطلق من ضرورة وقف الحرب والانتقال إلى عملية سياسية، لأن استمرار الحرب كانت ستكون له تداعيات أسوأ. وقال لافروف إن موسكو «ليست لديها مؤشرات حتى الآن على رغبة أي من أطراف الاتفاق بالتملص من تنفيذ بنوده، مشيرا إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «على اتصال دائم مع رئيس الوزراء باشينيان، وأنا أجريت عدة محادثات هاتفية مع وزير الخارجية الأرمني، وتم التأكيد في كل مرة ومن كل الأطراف على ضرورة استمرار الالتزام بتنفيذ بنود الاتفاق».
وأوضح لافروف، أن اتفاق وقف النار «يشكل مكسبا مهما للشعبين الأرميني والآذري، ويؤسس لنقل الوضع في المنطقة إلى مرحلة جديدة خصوصا أنه نص على رفع الحظر على التبادل التجاري ورفع كل الإغلاقات السابقة ما يطلق عملية لرخاء المنطقة».
على صعيد آخر، بحث مجلس الأمن الدولي في جلسة مغلقة أول من أمس، الاتفاق حول إنهاء الحرب في قره باغ، الذي وقعت عليه روسيا وأرمينيا وأذربيجان. ونقلت وكالة أنباء «تاس» الحكومية عن مصدر في الأمم المتحدة قوله، إن «روسيا أطلعت اليوم مجلس الأمن الدولي على الاتفاق حول وقف إطلاق النار في ناغورني قره باغ الذي توصلت إليه موسكو وباكو ويريفان».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».