البحرين تودّع خليفة بن سلمان بعد نصف قرن من الإنجازات

خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان... والمنامة تعلن الحداد

الشيخ خليفة بن سلمان (أ.ف.ب)
الشيخ خليفة بن سلمان (أ.ف.ب)
TT
20

البحرين تودّع خليفة بن سلمان بعد نصف قرن من الإنجازات

الشيخ خليفة بن سلمان (أ.ف.ب)
الشيخ خليفة بن سلمان (أ.ف.ب)

فقدت البحرين، أمس، رئيس وزرائها الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، الذي تُوفي في مستشفى أميركي بعد صراع مع المرض، عن عمر ناهز 85 عاماً، ليسدَل الستار على 50 عاماً من الإنجازات التي بدأت منذ 15 أغسطس (آب) 1971.
ونعى الديوان الملكي في البحرين «الأربعاء»، رئيس الوزراء البحريني الذي توفي صباح أمس، في مستشفى «مايو كلينك» بالولايات المتحدة.
وقال بيان للديوان الملكي البحريني إن مراسم التشييع والدفن ستتم بعد وصول الجثمان، وسوف تقتصر على عدد محدد من الأقارب.
وأمر الملك حمد بن عيسى بتعيين ولي العهد الأمير سلمان بن حمد بن عيسى رئيساً لمجلس الوزراء البحريني.
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أجرى اتصالاً هاتفياً بالملك حمد بن عيسى، أعرب خلاله عن خالص عزائه ومواساته في وفاة الأمير خليفة بن سلمان، داعياً الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ومغفرته ويُسكنه فسيح جناته.
كما تلقى العاهل البحريني اتصالاً هاتفياً من الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، أعرب خلاله عن خالص عزائه ومواساته، داعياً الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ومغفرته ويسكنه فسيح جناته.
وأمر عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى بإعلان الحداد الرسمي أسبوعاً مع تنكيس الأعلام وتعطيل العمل في الدوائر الحكومية لمدة 3 أيام، ابتداءً من اليوم (الخميس).
وكان الأمير خليفة قد أُصيب بأزمة قلبية حادة في 1985، ثم بعد أزمة قلبية ثانية في يوليو (تموز) 1988 أُجريت له جراحة لتغيير 3 شرايين في القلب في العاصمة السعودية الرياض. وتلقى الشيخ خليفة علاجاً طبياً عدة مرات في ألمانيا خلال 2020.
ومنذ استقلال البحرين عن بريطانيا في عام 1971 تولى الأمير خليفة بن سلمان رئاسة الوزراء، حتى وفاته، وبصفته رئيساً للوزراء كان يدير الشؤون اليومية في الدولة في عهد أخيه الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة الذي توفي عام 1999 ثم في عهد ابن أخيه الملك حمد الذي خلف والده.
وشهدت البحرين خلال نصف قرن من الزمان تطورات مهمة على الصعد السياسية والاقتصادية، أصبحت خلالها واحدة من أوثق الحلفاء للولايات المتحدة ومقرّاً للأسطول الخامس الأميركي.
ويُنسب للأمير الراحل العمل على تخليص البحرين من الاعتماد الفعلي على النفط كمصدر رئيسي للدخل وتحويلها إلى مركز مصرفي ومالي وواحد من أكبر منتجي الألمونيوم في الشرق الأوسط.
وسعى الأمير الراحل لسنوات كثيرة لجعل البحرين مركزاً مالياً إقليمياً، على الرغم من مواردها النفطية المتواضعة، على عكس دول الخليج الأخرى.
ويحتل الأمير الراحل خليفة بن سلمان آل خليفة الحيّز الأكبر من الذاكرة السياسية للبحرين، ومن التاريخ الحديث للجزيرة الخليجية التي اشتقت اسمها من البحر، وارتبطت به نشأةً وتاريخاً واقتصاداً، حتى تحولت إلى مركز مالي مرموق على مستوى الشرق الأوسط.
وُلد الأمير خليفة بن سلمان في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1935، ونشأ إلى جانب أخيه الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة (3 يونيو / حزيران 1933 - 6 مارس / آذار 1999) الذي حكم البحرين خلال الفترة من 2 نوفمبر 1961 حتى 6 مارس 1999، تحت رعاية والدهما الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة حاكم البحرين (1942 - 1961).
وقد ولج الأمير الراحل في الحياة العامة منذ كان شاباً، فمنذ كان في عمر 19 تولى أولى مهماته الرسمية بالعمل في ديوان والده الحاكم؛ حيث كان مساعداً في الديوان يُعهد إليه بكثير من المهمات من قبل الحاكم مباشرةً، وظلّ يتقلد المهمات التنفيذية منذ عام 1954 حتى 1971. والتاريخ الذي تم فيه تعيينه رئيساً للحكومة، هو نفس التاريخ الذي شهد استقلال البحرين من التاج البريطاني، في 15 أغسطس 1971.
كبحّار ماهر قاد خليفة بن سلمان سفينة بلاده في بحر مضطرب بالأمواج، كان همه الأكبر بسط الاستقرار وتحقيق الأمن، ثم تحويل الجزيرة الصغيرة قليلة السكان، محدودة الموارد، إلى واحة للنمو الاقتصادي. وخلال القرن الماضي تحولت أنماط المعيشة في البحرين سريعاً بعد انخفاض أهمية اللؤلؤ. ثم مع اكتشاف النفط سنة 1932 اجتذبت البلاد حركة هجرات عمالية من مختلف أصقاع العالم، وتغيرت أنماط المعيشة في البلاد التي ولجت عالم الصناعة، لكنها اختارت أن تتحول إلى مرفأ مالي مع اجتذاب البنوك ورؤوس الأموال، بعد تراجع احتياطياتها من النفط.
شهد خليفة بن سلمان عقوداً من الحراك السياسي في بلاده، لكنّ قسطاً كبيراً من ذلك الحراك نشأ قبل ولادته، وقبل تسلمه مهامه كأحد قادة البلاد.
وتتمتع البحرين بعلاقات وثيقة مع السعودية، كبرى دول الخليج، ويعود إليها الفضل في رفد الاقتصاد البحريني وتقديم العون، كما أن الدولتين ترتبطان بجسر بري جعل مئات الآلاف من السعوديين على صلة يومية بالبحرين.
كما أصبحت البحرين أبرز حلفاء الولايات المتحدة، ومقراً للأسطول الخامس، وهي خصم لدود لإيران، التي تتهمها بالتدخل في شؤونها الداخلية وتذكية الاضطرابات.
والبحرين هي ثاني دولة خليجيّة تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بعد الإمارات في أغسطس الماضي، ورابع دولة عربية بعد الأردن في عام 1994 ومصر سنة 1979. ودشّنت البحرين وإسرائيل رسمياً في 19 أكتوبر (تشرين الأول) 2020 علاقاتهما الدبلوماسية الكاملة.
والأمير خليفة متزوج، وله 3 أبناء، هم محمد (متوفى)، وعلي، وسلمان، الذي لديه اهتمام بالطيور والحياة الفطرية، والتصوير الفوتوغرافي.



كيف تساهم السعودية في مكافحة الجوع على المستوى الدولي؟

سلال غذائية سعودية تجد طريقها إلى محتاجين في تشاد (واس)
سلال غذائية سعودية تجد طريقها إلى محتاجين في تشاد (واس)
TT
20

كيف تساهم السعودية في مكافحة الجوع على المستوى الدولي؟

سلال غذائية سعودية تجد طريقها إلى محتاجين في تشاد (واس)
سلال غذائية سعودية تجد طريقها إلى محتاجين في تشاد (واس)

في أعقاب الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت العالم عام 1973، وتداعياتها، قدّمت السعودية منحة لـ«برنامج الأغذية العالمي» بين عامي 1975 - 1976 بمبلغ 50 مليون دولار لدعم مشاريعه الغذائية للمتضررين من الأزمة آنذاك، لتسجّل منذ ذلك الحين نفسها داعماً سخيّاً للبرنامج العالمي على مدى نصف قرن.

يستحضر ذلك الدعم قبل نصف قرن، امتداد الجهود السعودية لمكافحة الجوع في العالم في وقتٍ يواجه فيه 343 مليون شخص حول العالم جوعاً حاداً.

جاء الدعم السعودي على الصعيد الدولي واسعاً بشكل مباشر أو عبر التنسيق مع «برنامج الأغذية العالمي»، ليصل إلى العديد من الدول والقارات، وشكّلت الشراكة بين السعودية والبرنامج نموذجاً هاماً لمكافحة الجوع وفقاً لمراقبين.

حديثاً، جدّد الجانبان التزامهما المشترك بمكافحة الجوع، عبر توقيع برنامج تعاون مشترك لمدة 5 سنوات أخرى، بين «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، و«برنامج الأغذية العالمي»، مما يفتح صفحة أخرى من المشاريع المحتملة.

أطنان من التمور في مستودع بمحافظة عدن قبل تسليمها لبرنامج الأغذية العالمي ضمن دعم سعودي مقدم إلى اليمن (واس)
أطنان من التمور في مستودع بمحافظة عدن قبل تسليمها لبرنامج الأغذية العالمي ضمن دعم سعودي مقدم إلى اليمن (واس)

يعتمد برنامج التعاون المشترك هذا على نهج متعدد الجوانب لمعالجة التحديات الإنسانية في حالات الطوارئ، وبناء القدرات، والحد من مخاطر الكوارث، واللوجيستيات. وحول الدعم الإنساني السعودي في هذا الصدد، قالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين: «يلعب الدعم الإنساني للسعودية دوراً قيِّماً في جهودنا لوقف الجوع وسوء التغذية. وبينما نتطلع إلى المستقبل، يسعدنا أن نؤكد من جديد التزامنا المشترك بتعزيز وتوسيع هذه الشراكة للوصول إلى المزيد من المحتاجين».

توسيع نطاق التأثير

الشراكة امتدت لـ5 عقود، كان من أبرز محطّاتها حينما انفجرت الأزمة المالية العالمية عام 2008، وأعلنت السعودية تقديم منحة تاريخية سخية بمبلغ 500 مليون دولار للبرنامج لتمكينه من استكمال مشاريعه الإغاثية وتوفير الغذاء للملايين من الأشخاص المتضررين من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وفي عام 2014 ساهمت السعودية أيضاً بأكثر من 200 مليون دولار لتوفير الغذاء للأسر النازحة في العراق، واللاجئين السوريين في البلدان المجاورة لسوريا، واللاجئين من جنوب السودان والصومال كذلك.

جانب من تجديد الشراكة بين «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» و«برنامج الأغذية العالمي» (الأمم المتحدة)
جانب من تجديد الشراكة بين «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» و«برنامج الأغذية العالمي» (الأمم المتحدة)

وفقاً للبرنامج الأممي، ساهمت السعودية بمبلغ 2.2 مليار دولار لدعم «برنامج الأغذية العالمي» في مكافحة الجوع، على مدى العقدين الماضيين فقط، حيث تم الوصول إلى المحتاجين في 31 دولة، وبناءً على هذا الأساس المتين، تواصل الشراكة توسيع نطاق تأثيرها مع محفظة مشاريع حالية تجاوزت 68 مليون دولار في المشاريع الإنسانية والتنموية الجارية.

الأرقام الرسمية السعودية، كشفت أن حجم المساعدات المقدمة من السعودية للبرنامج بين عامي 2005 – 2021 فقط، تجاوزت 1.95 مليار دولار، تم تخصيصها لدعم 124 مشروعاً في قطاعات الغذاء والأمن الغذائي، هذا بالإضافة إلى منحة المملكة من التمور التي تبلغ 4500 طن والتي تقدم للبرنامج كل عام منذ أكثر من عقدين من الزمن وحتى اليوم.

أما إجمالي ما تم تقديمه للبرنامج من خلال «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» حتى عام 2021، بيّن المستشار بالديوان الملكي المشرف العام على المركز الدكتور عبد الله الربيعة، خلال اجتماع للمجلس التنفيذي السنوي لبرنامج الأغذية العالمي، أنه تجاوز 1.942 مليار دولار، ساعدت البرنامج على تقديم المساعدات الغذائية لـ24 دولة حول العالم في مقدمتها اليمن التي حظيت بقدر كبير من تلك المشاريع؛ حيث نفذ فيها 27 برنامجاً إغاثياً بمبلغ 1.164 مليار دولار بالشراكة مع البرنامج شملت المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثية.

إسهامات نقدية وعينية

المستشار بالديوان الملكي المشرف العام على «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، كشف من جانبه خلال اجتماع للمجلس التنفيذي السنوي لبرنامج الأغذية العالمي، أن السعودية واصلت دورها في مساندة البرنامج، حيث يقدّر حجم المساعدات المقدمة من السعودية للبرنامج بين عامي 2005 – 2021 فقط بمبلغ مليار و958 مليوناً و555 ألف دولار.

إلى جانب المساهمات النقدية، تُقدم السعودية مساهمة سنوية تبلغ 4 آلاف طن متري من التمور، ليصل إجماليها إلى أكثر من 100.000 طن متري على مر السنين، مما عزز البرامج المشتركة في الميدان، حيث تُعد التمور طبقاً للمراجع الطبية مصدراً حيوياً للتغذية وتحمل أهمية ثقافية للعديد من المجتمعات التي تعاني من حاجة ماسة.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أعلن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، انضمام بلاده إلى «التحالف الدولي لمكافحة الجوع والفقر»، قائلاً خلال رئاسته وفد بلاده في قمة «مجموعة العشرين» في البرازيل، إن السعودية يسرّها أن تكون جزءاً من هذا التحالف الذي يتماشى مع أهدافها التنموية، ودورها العالمي في هذا الصدد، والذي تعبّر عنه برامج مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، والصندوق السعودي للتنمية، بالإضافة إلى مساهماتها العالمية في برامج صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لدعم الدول النامية.