«داخلية» الحكومة الليبية المؤقتة تحقق في اغتيال المحامية البرعصي

وسط إدانات دولية ومطالب أممية بتقديم «قتلتها» للعدالة

المحامية الليبية حنان البرعصي قبل مقتلها
المحامية الليبية حنان البرعصي قبل مقتلها
TT

«داخلية» الحكومة الليبية المؤقتة تحقق في اغتيال المحامية البرعصي

المحامية الليبية حنان البرعصي قبل مقتلها
المحامية الليبية حنان البرعصي قبل مقتلها

تصاعدت حالة الغضب الشعبي والتنديد الدولي بعملية اغتيال المحامية والناشطة الليبية حنان البرعصي، وسط مدينة بنغازي (شرق)، أول من أمس، على يد «مسلحين مجهولين»، في وقت أكدت فيه وزارة الداخلية بالحكومة المؤقتة أنها «تحقق في الجريمة».
وطالبت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا في بيان أمس السلطات الليبية «ببدء التحقيق في مقتل المحامية، وتقديم الجناة للعدالة»، وأدانت ما وصفته بعملية «القتل الشنيع»، وقالت إن «استهداف نشطاء ومحامين وأعضاء المجتمع المدني لإسكات الأصوات المستقلة في ليبيا، واستمرار ارتكاب جرائم القتل والخطف، وغيرها من الأعمال الإجرامية، يهدد عملية السلام، ويقوض الجهود الكثيرة للاستقرار والعدالة في ليبيا».
وأطلق مسلحون النار على المحامية حنان البرعصي عندما كانت تهم بركوب سيارتها في شارع 20 ببنغازي الذي يعد من أحد أكثر المناطق ازدحاماً بالمدينة. وقبل يومين من مقتلها حاول مسلحون خطف ابنتها؛ لكنهم اكتفوا بإنزالها من سيارتها وإطلاق الرصاص في الهواء، وهو ما وصفه متابعون بأنها «رسالة تهديد لوالدتها التي كانت لا تكف عن توجيه الانتقادات اللاذعة لسلطات شرق ليبيا، عبر مقاطع فيديو تبثها عبر صفحتها».
وجدد الاتحاد الأوروبي تأكيده أنه سيواصل الدعم ومساندة «الغالبية العظمى» من الليبيين الذين يرفضون العنف والإرهاب، ويعارضون انتهاكات حقوق الإنسان، ويريدون إدماج ومشاركة المرأة في الحوار السلمي والوطني.
كما دانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مقتل البرعصي التي وصفتها بأنها «كانت من أشد المجاهرين بانتقاد الفساد، وإساءة استخدام السلطة وانتهاكات حقوق الإنسان»، معتبرة أن مقتلها دليل «على التهديدات التي تواجهها المرأة الليبية التي تتجرأ على المجاهرة برأيها».
ودعت البعثة الأممية في بيان مساء أول من أمس، إلى «تقديم الجناة على الفور إلى العدالة»، ورأت أن مقتل المحامية الليبية «تذكير قوي لمن في موقع المسؤولية من الليبيين بضرورة وضع خلافاتهم جانباً، والتوصل بسرعة إلى حل شامل للأزمة التي طال أمدها من أجل استعادة العدالة والمساءلة، وإنهاء الحالة السائدة المتسمة بالإفلات من العقاب».
وفي السياق ذاته، اعتبرت السفارة البريطانية لدى ليبيا، أمس: «اغتيال البرعصي جريمة مأساوية وغير معقولة»، وقالت إن المملكة المتحدة مستعدة لاستخدام العقوبات ضد منتهكي حقوق الإنسان، ومن الضروري الآن أن يكون هناك تحقيق سريع ومحايد لكشف الجناة.
كما أدان عديد من البعثات الدولية في ليبيا، من بينها كندا وألمانيا، اغتيال البرعصي، وحثت سفارة الولايات المتحدة السلطات الليبية على «التحقيق في الجريمة، وتقديم جميع المسؤولين عنها إلى العدالة»، وقالت إنه «لا ينبغي التسامح مع إسكات أصوات النشطاء السلميين».
وبينما وجه إبراهيم بوشناف، وزير الداخلية في الحكومة المؤقتة، الأجهزة الأمنية بالبحث عن الجناة، وتقديمهم للعدالة بأسرع وقت ممكن، أوضحت مديرية أمن بنغازي أن الجناة «حاولوا خطف البرعصي، وأطلقوا عدداً من الأعيرة النارية ما أرداها قتيلة، ولاذوا بالهرب مستقلين سيارتين معتمتين».
ورأت النقابة العامة للمحامين في ليبيا، أن اغتيال البرعصي يعد «عملاً ممنهجاً وجباناً»، محملة الحكومة المؤقتة ووزارة الداخلية مسؤولية ما يجري من «تطورات مؤسفة يندى لها جبين الإنسانية، وتسيء لكل رجل وسيدة ليبية».
ومن جهته، علق وزير الداخلية بحكومة «الوفاق» فتحي باشاغا، على الجريمة، وقال عبر حسابه على «تويتر» إن «اغتيال الحقوقيين وأصحاب الرأي وتكميم الأفواه جريمة نكراء، وشكل مشين من أشكال الاستبداد، ومحاولة يائسة لوأد الأمل في قيام دولة مدنية ديمقراطية».



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.