سوريون في الداخل: لن يعود أحد إلى الجحيم

TT

سوريون في الداخل: لن يعود أحد إلى الجحيم

«إذا عادوا فسنموت من الجوع. لولا الحوالات المالية التي يرسلها للاجئين في الخارج لما تمكنا من العيش»، هذا ما قاله سوري أب لأربعة أبناء فروا إلى بلاد اللجوء تباعا خلال سنوات الحرب، في تعليقه على مؤتمر عودة اللاجئين الذي انعقد أمس الأربعاء بدمشق برعاية روسية ومشاركة 27 دولة بتمثيل على مستوى سفراء ومساعدي وزراء، بينها ثلاث دول عربية؛ لبنان وسلطنة عمان ودولة الإمارات العربية.
واستقبل الشارع السوري أنباء عقد المؤتمر بلامبالاة ممزوجة بعدم تصديق. وقال صحافي في دمشق: «ليس هناك شخص عاقل نجا من الجحيم يفكر بالعودة إليه. الحكومة تعي ذلك جيدا، بل إنها لا تفعل شيئا للحفاظ على من تبقى من السوريين في أرضهم ومنازلهم، وهي إذ تدعو اللاجئين للعودة فليس همها عودتهم بل همها استثمار ورقتهم لاستجرار أموال المساعدات». وزاد: «ما من شاب أو شابة في سوريا اليوم لا يحلم باللجوء»
ويعتمد غالبية السوريين في الداخل على المساعدات المالية الزهيدة التي يرسلها أبناؤهم الذين فروا من الحرب.
مازن شاب سوري اضطر للعودة من بلد بعد لجوء ست سنوات بعد فقدانه الأمل بالوصول إلى أوروبا بشكل نظامي، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «نادم على عودته رغم حبه للبلد فالوضع المعيشي مزر. عليهم أن يعقدوا مؤتمرا للهجرة لتسهيل سفر ما تبقى من السوريين قبل أن يموتوا في هذه الأوضاع المعيشية والصحية القاتلة».
من جهته، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الأسد «تناسى جميع الأزمات التي تعيشها مناطق نفوذ نظامه، انطلاقاً من صعوبة بالغة بتأمين مادة الخبز والمحروقات وصولاً إلى شح فرص العمل والغلاء الفاحش فضلاً عن انعدام الأمن والأمان، والتي تحرم المواطن السوري هناك من أبسط حقوقه المعيشية ضمن (وطنه)، ليقوم بعقد مؤتمر برفقة حليفه الروسي حول عودة اللاجئين».
تابع: «تناسى الأسد مرة أخرى أن نظامه وقواته برفقة حلفائه الروس والإيرانيين هم المسبب الأول بتهجير المواطنين ودفعهم للنزوح واللجوء، فالواقع مغاير تماماً لادعاءات النظام السوري وحلفائه، حيث إن طائرات نظام بشار الأسد الحربية والمروحية، شنت وفقاً لإحصائيات المرصد السوري وتوثيقاته، أكثر من 220 ألف ضربة جوية منذ انطلاقة الثورة السورية 2011، متسببة بمقتل 26403 مدنيين». وزاد: «الراعية الرسمية لمؤتمر عودة اللاجئين (روسيا)، عمدت خلال 61 شهراً من عمر دخولها على خط العمليات العسكرية إلى قتل 8661 مدنيا».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).