اتساع بورصة الترشيحات للمناصب السيادية الليبية

TT

اتساع بورصة الترشيحات للمناصب السيادية الليبية

تزامناً مع اجتماع الأفرقاء الليبيين في «منتدى الحوار السياسي» بتونس الذي شهدت أروقته أمس طرح مزيد من أسماء الشخصيات لترؤس السلطة التنفيذية الجديدة، ممثلة في المجلس الرئاسي، وحكومة «الوفاق»، ناقشت أمس لجنة «العشرة» العسكرية المشتركة في يومها الثاني بمدينة سرت، في أجواء وصفت بـ«الإيجابية»، مجموعة من القضايا الأمنية التي تمهد لوقف إطلاق النار، وفقاً لمخرجات لقاء جنيف، من بينها كيفية سحب «المقاتلين الأجانب»، والبدء في إعادة قوات «الجيش الوطني» و«الوفاق» إلى معسكراتها.
ونقلت مصادر ليبية تشارك في المنتدى لـ«الشرق الأوسط»، أن كل فريق من الممثلين في الحوار يدفع - بحسب المنطقة أو الإقليم الذي يمثله - بأسماء شخصيات لترؤس المجلس الرئاسي أو الحكومة الوطنية المقبلة وبقية المناصب السيادية، ومنها المصرف المركزي، مشيرين إلى أن هناك من يريد الاستبقاء على المجلس الرئاسي الحالي، بعد اختزاله في رئيس ونائبين، في مقابل من يتمسك بضرورة تغيير جميع الوجوه القديمة.
وقال الكاتب والسياسي الليبي، سليمان البيوضي، إن فريق رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج قدم رؤية، تتلخص في بقائه رئيساً للمجلس الرئاسي، وتقليص أعضائه، على أن يكون رئيس الحكومة من برقة (بنغازي)، ويبدو أن السياسي الليبي محمد معين الكيخيا الأقرب لهذا المنصب السياسي، وينافسه محمد البرغثي.
وشهدت بورصة الترشيحات في المنتدى، بحسب البيوضي، الدفع باسم عبد المجيد سيف النصر ليكون نائباً لرئيس الحكومة، مشيراً إلى أن هناك من يدعم ذهاب منصب رئيس المجلس الرئاسي لبرقة، وأن يكون رئيس مجلس النواب الحالي عقيلة صالح هو الرئيس، على أن يكون رئيس الحكومة من المنطقة الغربية.
وحول هذه النقطة تحديداً بدا التباين واضحاً في الآراء؛ إذ إن بعض المشاركين دفعوا باسم السفير السابق الدكتور العارف النايض، المنحدر من مدينة بني وليد لرئاستها، على أن يمنح النائب عن المنطقة الغربية في المجلس الرئاسي الجديد لمدينة مصراتة.
وجاء ذلك في وقت يريد فيه آخرون أن يكون رئيس الحكومة من مدينة مصراتة؛ لكنهم ينقسمون حول أسماء بعينها. فحزب «العدالة والبناء»، الذراع السياسي لتنظيم «الإخوان»، يدفع بوزير الداخلية الحالي فتحي باشاغا، وهناك من يدعم أحمد معيتيق، نائب السراج الحالي لشغل هذا المنصب؛ لكن هناك من يدفع في مواجهتهما باسم رجل الأعمال محمد عبد اللطيف المنتصر المنتمي لمدينة مصراتة، المدعوم أيضاً من بعض أعضاء الجنوب، وأبو القاسم قزيط، عضو المجلس الأعلى للدولة الذي يسعى للظفر بالحكم، بينما تسعى أطراف أخرى لإقحام اسم المهندس إبراهيم السقوطري كشخصية توافقية، وهو وزير الإسكان في حكومة الراحل عبد الرحيم الكيب.
ووسط تفاؤل في الأوساط الليبية بقرب «إنهاء الحرب»، قطعت اللجنة العسكرية المشتركة شوطاً كبيراً باتجاه تعزيز فرص وقف إطلاق النار، وتحدث رئيس اللجنة العسكرية عن القيادة العامة لـ«الجيش الوطني»، اللواء أمراجع العمامي، عن حالة من التوافق بين فريقي اللجنة حول الترتيبات التي تجرى في سرت، بينما قال عضو اللجنة العميد المختار النقاصة إن «هناك مناقشات جادة حول آليات سحب القوات الأجنبية من محاور القتال، والبدء في عودة القوات لمعسكراتها، وفتح الطريق الساحلي».
في السياق ذاته، قطع المجلس الأعلى للقضاء، أمس، طريق المداولات الجارية حالياً في تونس بشأن السلطة القضائية، ليؤكد على أهمية الاستقلال الكامل للسلطة القضائية، وقواعد الاختيار لمناصبها، وفقاً للمعايير المصاغة بالتشريعات الخاصة بها، واستبعاد تلك المناصب من المادة 15 من الاتفاق السياسي. ودعا المجلس الأعلى في بيان أمس إلى وضع الجميع أمام مسؤولياتهم، وقال إنه «لن يقف متفرجاً على تقاسم السلطة القضائية، وفقاً لمعايير لا يساندها نص في القانون، ولا عرف قضائي»، رافضاً «إدخال القضاء في أتون المحاصصات الجهوية التي كافح من أجل أن ينأى بالقضاء عنها».
في غضون ذلك، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على أن «شمولية الحل السياسي في ليبيا يظل هو السبيل الأوحد لتحقيق الاستقرار لهذا البلد الشقيق».
وشدد السيسي خلال مؤتمر صحافي عقده في أثينا مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، بحسب المتحدث باسم الرئاسة المصرية، على تأثير الوضع الليبي على كامل الجوار الإقليمي، وضرورة «المعالجة الحقيقية لجذور الأزمة الليبية، عبر الالتزام الكامل بمقررات الأمم المتحدة ذات الصلة، وخلاصات مسار برلين وإعلان القاهرة».
كما شدد السيسي مجدداً على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي الليبية، وتفكيك الميليشيات المسلحة، وإعادة توحيد مؤسسات الدولة، وضرورة التصدي الحاسم للتدخلات الخارجية التي تزعزع الاستقرار بها، عبر نقل المقاتلين الإرهابيين الأجانب والسلاح إلى الميليشيات المتطرفة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.