إثيوبيا تعتقل 17 ضابطاً في الجيش بتهمة التواطؤ مع سلطات تيغراي

مقاتلون من أمهرة يحاربون إلى جانب القوات الفيدرالية الإثيوبية ضد جبهة تحرير شعب تيغراي (أ.ف.ب)
مقاتلون من أمهرة يحاربون إلى جانب القوات الفيدرالية الإثيوبية ضد جبهة تحرير شعب تيغراي (أ.ف.ب)
TT

إثيوبيا تعتقل 17 ضابطاً في الجيش بتهمة التواطؤ مع سلطات تيغراي

مقاتلون من أمهرة يحاربون إلى جانب القوات الفيدرالية الإثيوبية ضد جبهة تحرير شعب تيغراي (أ.ف.ب)
مقاتلون من أمهرة يحاربون إلى جانب القوات الفيدرالية الإثيوبية ضد جبهة تحرير شعب تيغراي (أ.ف.ب)

اعتقلت إثيوبيا 17 ضابطاً في الجيش بتهمة الخيانة بسبب تواطئهم مع سلطات إقليم تيغراي بشمال البلاد حيث تشن الحكومة هجوماً عسكرياً، كما أفادت وسائل إعلام رسمية، اليوم (الأربعاء).
وأرسل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، قوات وطائرات حربية إلى إقليم تيغراي الفيدرالي الأسبوع الماضي بعد خلاف لأشهر مع الحزب الحاكم فيه متهماً إياه بالسعي إلى زعزعة استقرار البلاد، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال آبي، الحائز جائزة نوبل للسلام السنة الماضية، إن جبهة تحرير شعب تيغراي تجاوزت «الخط الأحمر» وهاجمت قاعدتين عسكريتين للجيش الفيدرالي، وهو ما ينفيه الحزب.
ونقلت إذاعة «فانا» للإعلام التابعة للدولة عن الشرطة القول إنه «تم اعتقال 17 ضابطاً في الجيش لأنهم خلقوا ظروفاً مواتية» لجبهة تحرير شعب تيغراي لمهاجمة الجيش الوطني.
والضباط متهمون بقطع أنظمة الاتصال بين القيادة الشمالية والوسطى للجيش، وهو عمل يعد «خيانة».
ووفقاً للإذاعة فإن أحد المشتبه بهم هو رئيس قسم الاتصالات بالجيش، وتم اعتقاله في أثناء قيامه بإرسال 11 صندوقاً «معبأة بالمتفجرات ومكونات الصواريخ» إلى جبهة تحرير شعب تيغراي.
لكنّ رئيس لجنة حقوق الإنسان الإثيوبية دانيال بيكيلي، عبّر على «تويتر» عن قلقه إزاء اعتقال ستة صحافيين من دون إعطاء تفاصيل عن تاريخ توقيفهم أو التهم الموجهة إليهم. وقال ممثل لجنة حماية الصحافيين، موثوكي مومو: «هذه النزعة تعكس بشكل خطير الخطوات التي كانت قد اتخذتها حكومة آبي أحمد لتحسين حرية الصحافة».
ويخضع إقليم تيغراي لتعتيم إعلامي منذ بدء العملية العسكرية (الأربعاء) الماضي، ما يجعل من الصعب التحقق من الوضع على الأرض.
وقال قائد كتيبة الجيش في الشمال الميجور جنرال بيلاي سيوم، لوسيلة إعلام محلية أمس (الثلاثاء)، إن 550 مقاتلاً معادياً قُتلوا وتم أسر 29.
وعبر آلاف الإثيوبيين أول من أمس (الاثنين) وأمس (الثلاثاء) إلى داخل الأراضي السودانية هرباً من المعارك الدائرة في إقليم تيغراي الإثيوبي المتاخم لولايتي القضارف وكسلا السودانيتين، حسبما قال السر خالد، مدير مكتب معتمدية اللاجئين السودانية في مدينة كسلا الحدودية.
وعبّرت المجموعة الدولية عن قلقها من تطور النزاع في ثاني دولة أكثر اكتظاظاً بالسكان في أفريقيا.
وأكّد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، أمس، أنّ انتهاء العمليات العسكرية في إقليم تيغراي بشمال البلاد بات «قريب المنال». فيما دعا الاتحادُ الأفريقي إلى وقف فوري للقتال.
وهيمنت جبهة تحرير شعب تيغراي على الحياة السياسية في إثيوبيا على مدى ثلاثة عقود قبل وصول آبي إلى السلطة في 2018 على خلفية مظاهرات مناهضة للحكومة آنذاك، على الرغم من أن المتحدرين من تيغراي لا يشكّلون إلا 6% من سكان البلاد البالغ عددهم مائة مليون.
وفي عهد آبي، اشتكى قادة تيغراي من استهدافهم من دون وجه حق في إطار إجراءات قانونية تستهدف الفساد وإزاحتهم من المناصب العليا واستخدامهم الواسع ككبش فداء في المشكلات التي تواجه البلاد. وارتفعت حدة التوتر عندما أجرت تيغراي انتخاباتها بشكل أحادي في سبتمبر (أيلول)، بعدما قررت أديس أبابا تأجيل الاقتراع الوطني جرّاء فيروس «كورونا» المستجد.
ورأت أديس أبابا أن حكومة تيغراي غير شرعية، ما دفع بالأخيرة لسحب اعترافها بإدارة آبي. وقطعت الحكومة الفيدرالية التمويل عن المنطقة ما عدّته جبهة تحرير شعب تيغراي «عملاً حربياً».



انتخابات غانا: المعارضة تقلب الطاولة في وجه الحزب الحاكم

أنصار مرشح المعارضة جون دراماني ماهاما يحتفلون بانتصاره في انتخابات الرئاسة في أكرا (أ.ب)
أنصار مرشح المعارضة جون دراماني ماهاما يحتفلون بانتصاره في انتخابات الرئاسة في أكرا (أ.ب)
TT

انتخابات غانا: المعارضة تقلب الطاولة في وجه الحزب الحاكم

أنصار مرشح المعارضة جون دراماني ماهاما يحتفلون بانتصاره في انتخابات الرئاسة في أكرا (أ.ب)
أنصار مرشح المعارضة جون دراماني ماهاما يحتفلون بانتصاره في انتخابات الرئاسة في أكرا (أ.ب)

قلب حزب المعارضة الأول في غانا الطاولة على الحزب الحاكم، وفاز بالانتخابات الرئاسية التي نظمت، السبت، لتؤكد غانا أنها استثناء ديمقراطي في منطقة غرب أفريقيا؛ حيث تنتشر في محيطها القريب الانقلابات العسكرية، ولا تكاد تمر انتخابات دون أزمة أمنية وأعمال عنف.

لكن البلد الأفريقي الغني بالذهب والكاكاو، ظل وفياً لتقاليد ديمقراطية بدأت مع التعددية الحزبية مطلع تسعينيات القرن الماضي، ومكنته من تحقيق التغيير بشكل متكرر، وبشكل هادئ وسلمي، وتنظيم انتخابات تنافسية وشفافة بالمقارنة مع ما هو معهود في أفريقيا.

المرشح الرئاسي لحزب «المؤتمر الوطني الديمقراطي» جون دراماني ماهاما خلال اقتراعه في مدينة بولي السبت (رويترز)

العودة للقصر

وتشير النتائج الأولية غير الرسمية إلى تقدم زعيم المعارضة ورئيس حزب «المؤتمر الوطني الديمقراطي»، جون دراماني ماهاما، بنسبة وصلت إلى أكثر من 56 في المائة من أصوات الناخبين، وهو ما يضمن له العودة إلى القصر الرئاسي، بعد 8 سنوات من العمل المعارض.

وكان ماهاما قد حكم غانا لولاية رئاسية واحدة امتدت من 2012 حتى 2016، حين خسر الانتخابات الرئاسية أمام الرئيس الحالي نانا أكوفو-أدو، الذي استمر في الحكم ولايتين متتاليتين، مدة كل واحدة منهما 4 سنوات.

وبما أن الدستور يمنع حكم البلاد لأكثر من ولايتين، قرر الرئيس المنتهية ولايته ترشيح ودعم نائبه محمود باوميا، ليخوض السباق مع 11 مرشحاً آخر، ولكنه في الحقيقة كان عليه أن يواجه ماهاما، الخصم القوي وزعيم المعارضة والعارف بدهاليز الحكم.

واستطاع ماهاما أن يستغل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، وارتفاع الأسعار والتضخم والبطالة، ليقنع فئة الشباب والناخبين الجدد بالتصويت له وقلب الطاولة على الحزب الحاكم.

المرشح الرئاسي الجديد للحزب الوطني محمودو بوميا رفقة الرئيس نانا أكوفو أدو خلال تجمع انتخابي في غانا الثلاثاء الماضي (رويترز)

المرشح المسلم

محمودو باوميا خاض الانتخابات من موقعه كنائب لرئيس البلاد، وعينُه على منصب الرئيس، وهو خبير اقتصادي يبلغ من العمر 61 عاماً، خريج جامعة أوكسفورد.

باوميا الذي ينحدرُ من الأقلية المسلمة، كان قريباً من أن يصبح أول رئيس مسلم لدولة غانا، وهي نقطة كانت حاضرة في النقاش الانتخابي داخل البلاد، ولكنها لم تكن حاسمة في النتيجة النهائية.

ويشير الخبراء إلى أن باوميا تضرر كثيراً من الأزمة الاقتصادية الحادة التي تضرب غانا، وكان يراه الناخبون ذلك الخبير الاقتصادي الذي عجز كنائب للرئيس عن إيجاد حلول للأزمة.

رغم كل الانتقادات التي واجهها باوميا خلال الحملة الانتخابية، فإنه دافع بشراسة عن سياسات حزبه، وقال إنه رغم الأزمة الاقتصادية الخانقة، فإن البلاد أصبحت على «أعتاب تحول اقتصادي عميق».

ومع ظهور النتائج الأولية للانتخابات، لم يتأخر باوميا في الاعتراف بالهزيمة، والاتصال هاتفياً بخصمه وتهنئته بالفوز، وعقد مؤتمراً صحافياً بعد ساعات من إغلاق مكاتب التصويت، قال فيه: «لقد اتصلت للتو بفخامة جون ماهاما لتهنئته كرئيس منتخب لجمهورية غانا».

تحديات كبيرة

ورغم أجواء الاحتفالات التي عمت غانا، وخروج أنصار ماهاما للشوارع، فإن حالة من الترقب الحذر تسود البلاد، فالرئيس الجديد «القديم» وإن كان يعود إلى القصر الرئاسي وهو يعرفه، فإن الغانيين يتذكرون الأزمات التي عاشتها البلاد خلال 4 سنوات من حكمه.

يتذكرون أزمة التيار الكهربائي الخانقة التي ضربت البلاد خلال حكم ماهاما، حتى إن الشارع والصحافة المحلية أطلقت عليه لقب «رجل انقطاع الكهرباء».

حاول ماهاما أن يصرف النقاش عن ماضيه في الحكم، وركز على انتقاد السياسات الاقتصادية «الفاشلة» للحزب الحاكم، مع وعود بحل قضايا جوهرية مثل قضية التنقيب الأهلي عن الذهب بطريقة غير قانونية، وهو ملف شائك ومعقد في بلد يصنف كأكبر منتج للذهب في أفريقيا.

يحتدم النقاش في غانا حول قطاع التنقيب الأهلي عن الذهب، وأضراره على الاقتصاد والبيئة والأمن، في الوقت الذي كان الحزب الحاكم يقترح «دعم» المنقبين الأهليين لتحويل أنشطتهم إلى «مناجم صغيرة»، مع إلزامهم باحترام البيئة وعدم استخدام مواد كيماوية سامة.

أما ماهاما، فتعهد خلال الحملة الانتخابية بتنظيم صارم للتنقيب الأهلي عن الذهب، والتوقف الفوري عن منح أي تراخيص جديدة للمنقبين، وهي وعود يتوقع المراقبون أن تفتح عليه أبواباً هو في غنى عنها؛ بسبب اعتماد قطاعات واسعة من السكان على نشاط التنقيب عن الذهب.

وبذلك يخاطر ماهاما بالدخول في مواجهة مع أصحاب المناجم الصغيرة، الذين كثيراً ما يتهمون الحكومات المتعاقبة بالانشغال بالتضييق عليهم، في حين تكون عاجزة عن مواجهة الشركات العالمية التي تستغل مناجم الذهب الكبيرة في البلاد.

معركة البرلمان

ومن أجل الوفاء بالكثير من وعوده، خاصة لتنظيم قطاع التنقيب الأهلي عن الذهب، يحتاج ماهاما إلى أغلبية مريحة في البرلمان، الذي جرى التصويت عليه، يوم السبت، بالتزامن مع انتخابات الرئاسة.

وتشير أغلب التوقعات إلى أن المعارضة في طريقها لتحقيق أغلبية «مريحة ومفاجئة»، خاصة بعد أن تراجعت نسبة الحزب الحاكم في انتخابات الرئاسة إلى أقل من 41 في المائة.

وخلال السنوات الأربع الأخيرة، كان الحزب الحاكم يتمتع بأغلبية بسيطة جداً، من أعضاء البرلمان البالغ عددهم 275 نائباً، ما أدخله في أزمات سياسية عاصفة، خاصة حين فتح النقاش حول قوانين مثيرة كقانون الحرية المثلية.