سرت تحتضن اجتماعات «العسكرية المشتركة» لبحث آليات وقف النار

ستيفاني ويليامز رئيسة البعثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة (أ.ب)
ستيفاني ويليامز رئيسة البعثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة (أ.ب)
TT

سرت تحتضن اجتماعات «العسكرية المشتركة» لبحث آليات وقف النار

ستيفاني ويليامز رئيسة البعثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة (أ.ب)
ستيفاني ويليامز رئيسة البعثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة (أ.ب)

بعد أن كانت مدينة سرت الليبية تترقب اندلاع حرب وشيكة بين قوات «الجيش الوطني» وحكومة «الوفاق»، استقبلت أمس وفدي اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» الممثلين لطرفي النزاع، بهدف بحث آليات تنفيذ اتفاق وقف دائم لإطلاق النار، واستكمال تشكيل اللجان الفرعية المتخصصة، وفقاً لاتفاقيات جنيف وغدامس. وقد تزامن ذلك مع الإعلان عن اغتيال المحامية الليبية حنان البرعصي، وسط مدينة بنغازي، أمس.
وهذه هي الجولة السادسة للجنة العسكرية المشتركة، والثانية داخلياً لها، وستستمر إلى بعد غد (الجمعة). وفور وصول أعضائها أمس إلى مقرها بمجمع قاعات واغادوغو بسرت، عمت حالة من الفرح سكان المدينة الذين عبروا عن آمالهم في «تخفيف القيود المضروبة على أطراف سرت منذ قرابة 5 أشهر».
وهبطت طائرة فريق حكومة «الوفاق» المشارك في الاجتماعات التي ترعاها البعثة الأممية في ميناء السدرة النفطي برأس لانوف (175 كيلومتراً شرق سرت)، وبعدها توجه إلى سرت براً. وبررت عملية «بركان الغضب» عدم هبوط الطائرة بمطار قاعدة القرضابية بسرت بكونها «محتلة من عصابة مرتزقة (فاغنر) الروسية، كما تنشر فيها منظومات دفاعية وأجهزة تشويش».
وقالت البعثة الأممية، في بيان لها مساء أول من أمس، إن اجتماع اللجنة «يهدف إلى الإسراع في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار» الموقع من قبل فريقيها في 23 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بجنيف، مضيفة «أنها (اللجنة) ستستكمل المباحثات التي بدأت الأسبوع الماضي في غدامس بشأن استكمال تشكيل اللجان الفرعية» التي سيناط بها مراقبة تنفيذ بنود الاتفاق.
وفيما يتعلق بمخاوف القوتين المتنازعتين بشأن الانسحاب المتزامن من سرت، وخروج «المقاتلين الأجانب»، طمأنت ستيفاني ويليامز، المبعوثة الأممية بالإنابة، المتخوفين من تنفيذ ذلك، وقالت إن اللجنة العسكرية المشتركة «هي المنوط بها الإشراف على خروج المقاتلين الأجانب والمرتزقة» من ليبيا، موضحة أنه «سيجري تشكيل قوات شرطية من وزارتي الداخلية في الغرب والشرق لتأمين المنطقة الممتدة من سرت إلى الجفرة». ولفتت إلى أن اللجان الفرعية المنبثقة عن اللجنة العسكرية «ستعمل على نزع السلاح، وضمان عدم خرق التفاهمات» التي تم التوافق حولها في اجتماعات اللجنة بجنيف وغدامس.
ومن جانبه، جدد «الجيش الوطني» تأكيده أنه يدعم الحوارات السياسية القائمة حول نقل السلطة، إذ أبدى اللواء خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش، تفاؤله بأن المسار العسكري سيبدأ خطوات تنفيذية على الأرض، أهمها فتح الطريق الرئيسي مصراتة - سرت، وإعداد الخطة الشاملة لتوزيع القوة الأمنية على الخط البري «مصراتة - الجفرة - سرت»، وتحديد عدد الآليات والأفراد، إضافة إلى توحيد حرس المنشآت.
وقال المحجوب، مساء أول من أمس، إن «الليبيين يتخوفون من تكرار تجربة اتفاق (الصخيرات)، وما أعقبها من تغول الميليشيات المسلحة، وإدارة الصراع عبر تنظيم الإخوان»، لكنه ذهب إلى أن هذه التخوفات تطرقت إليها اللجنة التي عقدت برعاية أممية.
وفي السياق ذاته، رأى سعيد امغيب، عضو مجلس النواب الليبي، أن اجتماع اللجنة العسكرية «أكثر جدوى من الحوار السياسي المنعقد في تونس».
داعياً إلى دعمها إعلامياً وشعبياً، مبرزاً أن «المهتمين بالأمور السياسية يعرفون جيداً أن الأزمة الليبية أمنية، وليست سياسية. واليوم (أمس)، يجتمع ضباط الجيش الليبي شرقاً وغرباً في مدينة سرت، يحدوهم أمل وتفاؤل، معتمدين على رصيد ليس بالقليل من الوطنية، وحب هذا التراب الطاهر، ويضعون مصلحة بلادهم فوق كل المصالح».
وفي غضون ذلك، قالت شعبة الإعلام الحربي التابعة لـ«الجيش الوطني»، أمس، إنه تجرى حالياً دوريات تنشيطية، وإعادة هيكلية لسرايا الكتيبة «276 مشاة» و«اللواء 73 مشاة» بهدف صيانة المعدات، وتعبئة وتجهيز كامل للأفراد، في وقت قالت فيه عملية «بركان الغضب»، أمس، إن صوراً جوية حديثة بالأقمار الصناعية أظهرت خندقاً بطول 43 كيلومتراً في الطريق من جنوب سرت إلى الجفرة.
وفي سياق مختلف، اغتالت أمس مجموعة مسلحة المحامية الناشطة حنان البرعصي، وسط مدينة بنغازي (شرق). وقال أمين الهاشمي، المستشار الإعلامي لوزارة الصحة بحكومة «الوفاق»، إنه «تم اغتيال حنان البرعصي، المعروفة بـ(عزوز برقة)، في شارع 20 ببنغازي».
ونقل الهاشمي عن مصدر من مركز بنغازي الطبي أن البرعصي تم تصفيتها بـأكثر من 19 طلقة رصاص. وراج مقطع فيديو قبل يومين للبرعصي، تتهم فيه قوات أمنية بالاعتداء على ابنتها في بنغازي.
وأدانت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا اغتيال البرعصي من قبل مسلحين خارجين عن القانون، مشيرة إلى أن البرعصي عرفت بتدوينتها وتصريحاتها المناهضة لـ«الفساد، وانتهاكات حقوق الإنسان في شرق البلاد».
وفي غضون ذلك، التقى رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، وفداً من مشايخ وأعيان وحكماء قبيلة العبيدات أمس، لبحث تطورات الأوضاع في البلاد، وجهوده لإنهاء الأزمة الليبية وملف المصالحة الوطنية.



إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
TT

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)

بهدف توحيد الصف اليمني ومساندة الشرعية في بسط نفوذها على التراب الوطني كله، أعلن 22 حزباً ومكوناً سياسياً يمنياً تشكيل تكتل سياسي جديد في البلاد، هدفه استعادة الدولة وتوحيد القوى ضد التمرد، وإنهاء الانقلاب، وحل القضية الجنوبية بوصفها قضيةً رئيسيةً، ووضع إطار خاص لها في الحل النهائي، والحفاظ على النظام الجمهوري في إطار دولة اتحادية.

إعلان التكتل واختيار نائب رئيس حزب «المؤتمر الشعبي» ورئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر رئيساً له، كان حصيلة لقاءات عدة لمختلف الأحزاب والقوى السياسية - قبل مقاطعة المجلس الانتقالي الجنوبي - برعاية «المعهد الوطني الديمقراطي الأميركي»، حيث نصَّ الإعلان على قيام تكتل سياسي وطني طوعي للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، يسعى إلى تحقيق أهدافه الوطنية.

القوى السياسية الموقعة على التكتل اليمني الجديد الداعم للشرعية (إعلام محلي)

ووفق اللائحة التنظيمية للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، ستكون للمجلس قيادة عليا تُسمى «المجلس الأعلى للتكتل» تتبعه الهيئة التنفيذية وسكرتارية المجلس، على أن يكون المقر الرئيسي له في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، وتكون له فروع في بقية المحافظات.

وبحسب اللائحة التنظيمية للتكتل، فإن الأسس والمبادئ التي سيقوم عليها هي الدستور والقوانين النافذة والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة، والعدالة، والمواطنة المتساوية، والتوافق والشراكة، والشفافية، والتسامح.

ونصَّ الباب الثالث من اللائحة التنظيمية على أن «يسعى التكتل إلى الحفاظ على سيادة الجمهورية واستقلالها وسلامة أراضيها، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام، ودعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على كافة التراب الوطني، وتعزيز علاقة اليمن بدول الجوار، ومحيطه العربي والمجتمع الدولي».

وكان المجلس الانتقالي الجنوبي، الشريك في السلطة الشرعية، شارك في اللقاء التأسيسي للتكتل الجديد، لكنه عاد وقاطعه. وأكد المتحدث الرسمي باسمه، سالم ثابت العولقي، أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتابع نشاط التكتل الذي تعمل عليه مجموعة من الأطراف لإعلانه، ويؤكد عدم مشاركته في هذا التكتل أو الأنشطة الخاصة به، وأنه سيوضح لاحقاً موقفه من مخرجات هذا التكتل.

ومن المقرر أن يحل التكتل الجديد محل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تأسس منذ سنوات عدة؛ بهدف دعم الحكومة الشرعية في المعركة مع جماعة الحوثي الانقلابية.

ويختلف التكتل الجديد عن سابقه في عدد القوى والأطراف المكونة له، حيث انضم إليه «المكتب السياسي للمقاومة الوطنية» بقيادة العميد طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وغيرهما من القوى التي لم تكن في إطار التحالف السابق.

ووقَّع على الإعلان كل من حزب «المؤتمر الشعبي العام»، وحزب «التجمع اليمني للإصلاح»، و«الحزب الاشتراكي اليمني»، و«التنظيم الناصري»، و«المكتب السياسي للمقاومة الوطنية»، و«الحراك الجنوبي السلمي»، وحزب «الرشاد اليمني»، وحزب «العدالة والبناء».

كما وقَّع عليه «الائتلاف الوطني الجنوبي»، و«حركة النهضة للتغيير السلمي»، وحزب «التضامن الوطني»، و«الحراك الثوري الجنوبي»، وحزب «التجمع الوحدوي»، و«اتحاد القوى الشعبية»، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وحزب «السلم والتنمية»، وحزب «البعث الاشتراكي»، وحزب «البعث القومي»، وحزب «الشعب الديمقراطي»، و«مجلس شبوة الوطني»، و«الحزب الجمهوري»، وحزب «جبهة التحرير».

وذكرت مصادر قيادية في التكتل اليمني الجديد أن قيادته ستكون بالتناوب بين ممثلي القوى السياسية المُشكِّلة للتكتل، كما ستُشكَّل هيئة تنفيذية من مختلف هذه القوى إلى جانب سكرتارية عامة؛ لمتابعة النشاط اليومي في المقر الرئيسي وفي بقية فروعه في المحافظات، على أن يتم تلافي القصور الذي صاحب عمل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تحوَّل إلى إطار لا يؤثر في أي قرار، ويكتفي بإعلان مواقف في المناسبات فقط.

بن دغر مُطالَب بتقديم نموذج مختلف بعد إخفاق التحالفات اليمنية السابقة (إعلام حكومي)

ووفق مراقبين، فإن نجاح التكتل الجديد سيكون مرهوناً بقدرته على تجاوز مرحلة البيانات وإعلان المواقف، والعمل الفعلي على توحيد مواقف القوى السياسية اليمنية والانفتاح على المعارضين له، وتعزيز سلطة الحكومة الشرعية، ومكافحة الفساد، وتصحيح التقاسم الحزبي للمواقع والوظائف على حساب الكفاءات، والتوصل إلى رؤية موحدة بشأن عملية السلام مع الجماعة الحوثية.