المغرب يسترجع أكثر من 3 مليارات دولار

في إطار الإعفاء عن مهربي الرساميل

محمد بوسعيد، وزير المالية والاقتصاد المغربي («الشرق الأوسط»)
محمد بوسعيد، وزير المالية والاقتصاد المغربي («الشرق الأوسط»)
TT

المغرب يسترجع أكثر من 3 مليارات دولار

محمد بوسعيد، وزير المالية والاقتصاد المغربي («الشرق الأوسط»)
محمد بوسعيد، وزير المالية والاقتصاد المغربي («الشرق الأوسط»)

تلقت السلطات المالية المغربية 19 ألف تصريح بممتلكات في حيازة مغاربة بشكل غير قانوني بالخارج، في إطار عملية الإعفاء التي أطلقتها الحكومة في اتجاه مهربي الأموال خلال سنة 2014.
وقال محمد بوسعيد، وزير المالية والاقتصاد المغربي، إن قيمة الممتلكات التي جرى التصريح بها في إطار هذه العملية التي اختتمت مع نهاية السنة بلغت 27.85 مليار درهم (3.4 مليار دولار)، بينها 8.42 مليار درهم (1.02 مليار دولار) في شكل حسابات مصرفية بالعملة الصعبة، والتي جرى تحويلها إلى حسابات في المصارف المغربية لتسهم في رفع الاحتياطي المغربي من العملات الصعبة، من جهة، وتخفيف أزمة السيولة التي يجتازها النظام المصرفي المغربي ومنح نفس جديد للمصارف المغربية في تمويل الاقتصاد، من جهة أخرى. أما باقي الممتلكات فتتوزع حسب الوزير المغربي بين ممتلكات عقارية بقيمة 9.57 مليار درهم (1.17 مليار درهم) وأصول مالية متنوعة بقيمة 9.87 مليار درهم (1.2 مليار دولار). وقال إن التصريح بهذه الأصول والممتلكات جرى بقيمة الشراء، مع التزام أصحابها بإرجاع الأموال إلى البلاد عند بيعها.
وأوضح بوسعيد، خلال تقديمه لحصيلة العملية أول من أمس بمقر الوزارة في الرباط، أن كل الأموال التي جرى التصريح بها أموال نظيفة، مشيرا إلى أن العملية جرت تحت مراقبة هيئة الاستعلامات المالية المتخصصة في مكافحة غسيل الأموال القذرة وتمويل الإرهاب. وأضاف بوسعيد أن أحد أسباب نجاح العملية هو كونها جرت في إطار السرية التامة حول هوية المصرحين، إذ كلفت الحكومة المصارف المغربية بتلقي التصريحات وتحصيل الضريبة الإبرائية، وتسليم النتائج للمصالح المختصة لدى وزارة المالية من دون أن تكشف لها عن هوية المصرحين. وأشار إلى أن حصيلة الضريبة الإبرائية بلغت 2.3 مليار درهم (280 مليون دولار)، قررت الحكومة توجيهها لدعم صندوق التماسك الاجتماعي الموجه لتعميم التغطية الصحية على ذوي الدخل المحدود ودعم تمدرس أبناء الفقراء ومنح مساعدات مالية للأرامل.
وأشار بوسعيد إلى أن نسبة الضريبة الإبرائية حددت في 10 في المائة بالنسبة للأصول العقارية والمالية و5 في المائة بالنسبة للحسابات المصرفية التي يجري تحويلها إلى حسابات بالعملة لدى المصارف المغربية و2 في المائة بالنسبة للحسابات المصرفية التي يجري تحويلها إلى حسابات بالدرهم لدى المصارف المغربية.
وبالتصريح بالممتلكات وأداء الضريبة الإبرائية يصبح أصحاب هذه الممتلكات في وضعية قانونية تجاه إدارة الضرائب ومكتب الصرف (مكتب تحويل العملات).
تجدر الإشارة إلى أن القانون المغربي يمنع المغاربة المقيمين بالمغرب من تحويل رؤوس أموال إلى الخارج من دون ترخيص من مكتب الصرف، ويعاقب القانون على ذلك بغرامات قد تصل إلى ستة أضعاف المبالغ المهربة، إضافة إلى عقوبات حبسية. غير أن القانون يقر بإمكانية تسوية أوضاع مهربي الأموال عبر التفاوض وإبرام صفقات مع مكتب الصرف. وقال بوسعيد «الآن عملية الإعفاء قد أغلقت، والإدارات المعنية ستشرع في تطبيق القانون. لكننا تركنا الباب مواربا لكل شخص يتقدم بشكل عفوي من أجل التصريح بممتلكاته وتسوية وضعيته. غير أن تلك التسويات التي يقرها القانون ستجري بشروط أقل تساهلا من الشروط التي جرت بها عملية الإعفاء. فهؤلاء المتخلفون غير معذورين لأن الحكومة منحتهم سنة كاملة للاستفادة من العملية ولم يغتنموها». أما الذين يختارون عدم التقدم بشكل عفوي للتصريح بممتلكاتهم فسيطبق عليهم القانون.
وأشار بوسعيد إلى أن العديد من الأشخاص المعنيين بهذه العملية وجدوا أنفسهم في وضعية غير قانونية لأسباب تتفهمها الحكومة، وتتعلق بسياسة الصرف المتشددة التي ينهجها المغرب. وقال إن العديد من التجار الذين يعملون في مجال التصدير والاستيراد يحتاجون إلى التوفر على حسابات بالعملة الصعبة، غير أن ذلك لم يكن متاحا في الماضي بسبب الإجراءات المتشددة لسياسة الصرف لذلك لجأوا إلى نوع من الاحتيال على القانون لتوفير حاجياتهم من العملات عبر فتح حسابات في الخارج، ووصولا إلى توظيف تلك الأموال المهربة في اقتناء ممتلكات وأصول عقارية ومالية.
وأضاف بوسعيد أن المغرب أطلق في السنوات الأخيرة مسلسلا للتحرير التدريجي لسياسة الصرف، وأصبح يسمح بإمكانية الاستثمار الحر في الخارج في حدود 30 مليون درهم (3.7 مليون دولار)، مع اشتراط الحصول على الموافقة القبلية لمكتب الصرف بالنسبة للمبالغ التي تفوق ذلك. ومع العملية الحالية أنجزت خطوة أخرى عبر السماح للتجار ورجال الأعمال بالتوفر على حسابات بالعملة الصعبة مفتوحة لدى المصارف المغربية.
وبخصوص المغاربة المهاجرين الذين فضلوا العودة للمغرب، أشار الوزير إلى أنهم يشكلون حالة خاصة. وقال «هؤلاء اكتسبوا أموالهم في الخارج بطرق شرعية خلال عملهم بالخارج. لكن القانون المغربي يفرض عليهم تحويل جميع أموالهم إلى المغرب في ظرف ثلاثة أشهر من تاريخ عودتهم للإقامة بشكل عادي ودائم في البلاد. بالنسبة لهؤلاء نحن بصدد التصديق على قانون خاص يمدد الأجل المتاح للتصريح بالممتلكات إلى سنة، مع السماح لهم بالاحتفاظ بممتلكاتهم في الخارج وفتح حسابات بالعملة لدى المصارف المغربية». وأضاف أن القانون الخاص بالمهاجرين العائدين في طور التصديق في البرلمان.
من جهته، قال عثمان بنجلون، رئيس اتحاد المصارف المغربية، إن المنظومة البنكية المغربية انخرطت في العملية بروح وطنية، وأسهمت في كل مراحلها، بما في ذلك إعداد القانون والمراسيم التطبيقية والإجراءات المصاحبة والتواصل مع المعنيين ومع المصارف الأجنبية. كما أوضح محمد الكتاني، رئيس مجموعة «التجاري وفا بنك» المصرفية، أن البنوك المغربية أسهمت بالمجان في إنجاح العملية ولم تتلق أي عمولات مقابل التصريحات وفتح الحسابات بالعملة لصالح المستفيدين.



انخفاض التضخم بأكبر اقتصادات اليورو يعزز الدعوات لخفض الفائدة

أعلام أوروبية ترفرف أمام مقر المصرف المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام أوروبية ترفرف أمام مقر المصرف المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
TT

انخفاض التضخم بأكبر اقتصادات اليورو يعزز الدعوات لخفض الفائدة

أعلام أوروبية ترفرف أمام مقر المصرف المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام أوروبية ترفرف أمام مقر المصرف المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

شهد اثنان من أكبر اقتصادات منطقة اليورو، فرنسا وإسبانيا، انخفاضاً أكبر من المتوقع في معدلات التضخم، بينما استمر ضعف سوق العمل في ألمانيا هذا الشهر؛ مما يعزز الحجة القوية للمصرف المركزي الأوروبي لخفض تكاليف الاقتراض بشكل أكبر الشهر المقبل.

واستمر اقتصاد منطقة اليورو في التباطؤ طوال معظم العام، وتراجعت الضغوط التضخمية بشكل أكبر مما كان متوقعاً في الأشهر الأخيرة؛ مما غذّى النقاش حول تأخر «المركزي الأوروبي» في دعم الاقتصاد المتعثر، وفق «رويترز».

ورفض «المركزي الأوروبي» الدعوات إلى تسريع تخفيف السياسة النقدية، مستنداً إلى أن نمو الأجور وتضخم خدمات معينة لا يزالان مرتفعين بشكل غير مريح. ومع ذلك، فإن قراءات التضخم الأضعف من المتوقع في فرنسا وإسبانيا، الجمعة، تحدت هذه السردية.

فقد تراجع التضخم في فرنسا إلى 1.5 في المائة في سبتمبر (أيلول) مقارنة بـ2.2 في المائة، وهو أقل من التوقعات التي كانت تشير إلى 2 في المائة، بينما انخفض التضخم في إسبانيا إلى 1.7 في المائة من 2.4 في المائة، متجاوزاً أيضاً التوقعات التي كانت تشير إلى 1.9 في المائة، في ظل تباطؤ نمو أسعار الخدمات وانخفاض أسعار الطاقة.

كما تحدت بيانات منفصلة حول توقعات الأسعار تردد «المركزي الأوروبي»، حيث أظهرت أن المستهلكين خفضوا توقعاتهم لنمو الأسعار للأشهر الـ12 المقبلة إلى أدنى مستوى لها منذ سبتمبر 2021. بالإضافة إلى ذلك، شهد مؤشر الثقة الرئيسي في منطقة اليورو تراجعاً أكثر مما كان متوقعاً، الجمعة، مع تباطؤ أيضاً في توقعات الأسعار.

في هذا السياق، أعلن «المركزي الأوروبي» أن توقعات المستهلكين لمعدل التضخم في منطقة العملة الأوروبية الموحدة قد تراجعت خلال شهر أغسطس (آب) الماضي؛ مما يعزز فرص خفض أسعار الفائدة مجدداً الشهر المقبل. وأشار المصرف في تقريره إلى أن الاستطلاع الشهري لآراء المستهلكين أظهر أن التوقعات بارتفاع الأسعار بلغت 2.7 في المائة خلال الأشهر الـ12 المقبلة، مقارنة بـ2.8 في المائة في الاستطلاع الذي أُجري في يوليو (تموز)، وهو أدنى مستوى لتوقعات التضخم منذ سبتمبر من العام الماضي.

كما تراجع المؤشر الذي يقيس توقعات المستهلكين بشأن التضخم على مدى ثلاث سنوات من 2.4 في المائة إلى 2.3 في المائة. وذكرت وكالة «بلومبرغ» أن توقعات المستهلكين بشأن حركة الأسعار المستقبلية تلعب دوراً محورياً في تحريك التضخم، في وقت لا يزال فيه صناع السياسة في المصرف يبحثون عن مزيد من الأدلة للوصول إلى هدف التضخم المحدد بنسبة 2 في المائة في وقت لاحق من العام المقبل.

وأظهر الاستطلاع أيضاً أن المستهلكين أصبحوا أقل تشاؤماً بشكل طفيف بشأن الأوضاع الاقتصادية، حيث توقعوا انكماشاً اقتصادياً بنسبة 0.9 في المائة خلال الأشهر الـ12 المقبلة، مقارنة بـ1 في المائة في الاستطلاع السابق. كما توقَّع المستهلكون تراجع معدل البطالة خلال الفترة نفسها إلى 10.4 في المائة مقابل 10.6 في المائة في الاستطلاع الذي أُجري في يوليو الماضي.

وتشير هذه الأرقام إلى أن التضخم في منطقة اليورو قد ينخفض إلى ما دون هدف «المركزي الأوروبي» البالغ 2 في المائة هذا الشهر؛ مما يغذي التوقعات بأن المصرف سيعمل على تسريع تخفيف السياسة النقدية. وبالفعل، زاد المستثمرون رهاناتهم، الجمعة، على خفض آخر لأسعار الفائدة في 17 أكتوبر (تشرين الأول)، حيث ارتفعت الاحتمالات إلى نحو 75 في المائة مقارنة بنحو 25 في المائة فقط في الأسبوع الماضي.

وكان «المركزي الأوروبي» قد خفض أسعار الفائدة في يونيو (حزيران) وسبتمبر، وكان صناع السياسات يرون أن خفض أسعار الفائدة في 17 أكتوبر أمر غير مرجح حتى ظهور سلسلة من البيانات المخيبة للآمال مؤخراً، حيث توقعت توقعات المصرف أن يعود التضخم إلى هدفه البالغ 2 في المائة على أساس دائم في أواخر العام المقبل فقط.

لكن مصادر قريبة من النقاش أكدت أن خفض أسعار الفائدة يجب أن يكون على الطاولة الآن، وأن «الحمائم» (الداعون إلى تخفيف السياسة) ستحثّ على ذلك خوفاً من أن الاقتصاد يتباطأ بسرعة كبيرة وأن التضخم قد ينخفض أكثر من المستهدف بشكل أكثر استدامة.

في المقابل، قال صناع السياسة الأكثر تحفظاً، أو «الصقور»، إن التخفيضات الفصلية أكثر ملاءمة، حيث إن البيانات الصلبة حول الأجور والتوظيف والنمو تُصدر كل ثلاثة أشهر، كما هو الحال مع التوقعات الجديدة لـ«المركزي الأوروبي».

هناك أيضاً قضية تتعلق بأن التضخم من المرجح أن يرتفع بحلول نهاية العام، وأن التخفيض السريع لأسعار الفائدة في وقت يتسارع فيه التضخم سيكون إشارة سلبية.

وأشار كبير خبراء الاقتصاد في «آي إن جي»، كارستن برزيسكي، إلى أنه «عندما تشير المؤشرات الرائدة مثل مؤشر مديري المشتريات ومؤشر (إيفو) هذا الأسبوع، بالإضافة إلى المؤشرات المتأخرة مثل بيانات سوق العمل الألمانية وبيانات التضخم الفعلية من فرنسا وإسبانيا، إلى ضَعف النمو وتسارع التراجع في التضخم، فإن دعاة خفض الفائدة في المصرف المركزي الأوروبي سيكونون في موقف قوي».

وقد ضغط خبراء الاقتصاد أيضاً على «المركزي الأوروبي»، حيث غيّر بنك «بي إن بي باريبا» وبنك «إتش إس بي سي» توقعاتهما بشأن التحرك في أكتوبر، بينما قال بنكا «دويتشه بنك» و«سوسيتيه جنرال» إن المصرف في حاجة إلى تسريع وتيرة التيسير النقدي.

علاوة على ذلك، أظهرت البيانات الواردة من ألمانيا، أكبر اقتصاد في المنطقة، أن عدد العاطلين عن العمل ارتفع أكثر من المتوقع في سبتمبر؛ مما زاد من المخاوف من أن البلاد قد تكون بالفعل في حالة ركود. وقد انكمش الاقتصاد الألماني في اثنين من الأرباع الثلاثة الأخيرة، وأفاد المصرف المركزي الألماني بأن قراءة سلبية أخرى ممكنة في ظل الركود الصناعي العميق.